جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي
(Jassim Al-saffar)
الحوار المتمدن-العدد: 5488 - 2017 / 4 / 11 - 02:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عند كل منعطف من منعطفات الاحداث في سوريا نختلف نحن اليساريون العراقيون في تقييم الحدث وفي الموقف منه، فمنا من يرى ان اولويات الموقف يجب ان تكمن في تأييد المعارضة السورية، تحت مسمى اخر هو "الشعب السوري"، ضد الدكتاتورية البعثية المتمثلة في نظام الرئيس بشار الاسد.
ومنا من يرى غير ذلك، وليس عكسه، اي ترتيب الاولويات بحيث يكون على رأسها القضاء على داعش اولا ثم الانتقال لاعادة تنظيم الدولة السورية بعد فتح الطريق امام الشعب السوري لتحقيق اختياراته في وضع انتقالي يتم ترتيب تفاصيله مع المعارضة بكل اصنافها، عدا داعش والنصرة وواجهاتهما وحلفائهما.
وكما يقال "الشيطان يكمن في التفاصيل" فلكل من الاتجاهين، او وجهتي النظر، مواقفه من الموضوعات الاخرى المتعلقة، والمتحكمة احيانا، بالاحداث في سوريا، تمتد، بالضرورة، لتساهم في صياغة الموقف من القوى الدولية والاقليمية والمحلية وفقا لدورها في الاحداث، خاصة وان لكل من النظام السوري والمعارضة المسلحة حلفاء وممولين وداعمين على المستويات العالمية والاقليمية والمحلية.
النظرة الواقعية تفرض علينا حقيقة ان من بين القوى المسلحة في المعارضة السورية لا يملك قدرة الحسم في حالة انهيار النظام الا داعش والنصرة وحلفائهما، وهما مهما بلغا من القوة والجبروت لا يمكن ان يصنفا على انهما يمثلان طموح الشعب السوري، وهما بعيدان كل البعد عن ان يضمنا حكما ديمقراطيا في سوريا ان افترضنا وصول المعارضة المسلحة الى السلطة.
اما النظام السوري، فهو اليوم بشبكة علاقاته وتحالفاته الدولية والاقليمية، بات القوة الحقيقية الوحيدة التي يعول عليها الشعب السوري في دحر قوى الظلام والعبودية والارهاب، والحفاظ على وحدة واستقلالية الدولة السورية، لذا فليس من العقل التفريط اليوم بهذا الواقع والعمل على تقويضه من اجل مستقبل تدميري وعدمي.
ان شعارات الديمقراطية الزائفة والنظال اللفظي من اجل اسقاط حكم البعث الدكتاتوري هي دعوة لتغيير النظام القائم في سوريا، مهما كانت مساوئه، لصالح نظام حكم تكفيري اكثر دكتاتورية ودموية وبطشا، يلون الارض بلون الدم والسماء بلون راياته السوداء.
ويبدو ان غابريل غارسيا ماركيز كان قد شخص هذه العدمية عند البعض ليكتب في (مائة عام من العزلة): "انك لشدة كرهك العسكريين، ولطول ما حاربتهم، ولكثرة ما فكرت بهم، اصبحت تشبههم. وليس هنالك مثل اعلى يستحق كل هذه السفالة".
#جاسم_ألصفار (هاشتاغ)
Jassim_Al-saffar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟