|
داعش يثرب.. أم الدواعش كلهم
حسين ديبان
الحوار المتمدن-العدد: 5487 - 2017 / 4 / 10 - 19:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حين رحب أهل يثرب باللاجئين اليهم من مكة لم يكن يدر في بالهم ولا في كوابيسهم ولا حتى في خيالهم أن الضيوف الضعفاء الذين لجأوا اليهم واستضافوهم خير استضافة وأكرموهم خير اكرام سينقلبون على أهل الدار وعلى من استضافهم وآواهم ليسيطروا على بيوتهم وخيراتهم وقبل ذلك يجعلوا من ديارهم مقرا لانطلاق غزواتهم وغاراتهم وعدوانهم على القوافل والأقوام والقبائل الأخرى حول يثرب وقتل أهلها وسلب أموالهم وسبي نسائهم تحت يافطة الدين الجديد دين الرحمة والمغفرة والمودة!
كان الحد الأدنى من هذا الخيال يتناقض مع كل ما اعتاد العرب عليه من أعراف وتقاليد في حدود احترامها الدنيا، فلا عربي يغدر بضيفه وينهبه ويسرقه، لا بل أن العرب هناك اعتادوا من ضمن ما اعتادوا عليه من أعراف وتقاليد أن يموتوا دفاعا عن الداخل اليهم وعن ضيفهم واعتادوا أكثر من ذلك أن يقدموا ضيوفهم على عوائلهم وأطفالهم في المأكل والمشرب والمنام، فكيف الحال والحديث هنا عن ضيوف طعنوا مضيفيهم ومن حماهم وآواهم في ظهورهم وقلوبهم وهو ما فعله تماما وأكثر منه "النبي الجديد" محمد وصحبه في يثرب (المدينة).
يعتبر المسلمون مثلا وبكل صفاقة وبجاحة أن سبب نحر ذكور بني قريظة وتهجير بقية القوم بعد نهب ممتلكاتهم هو طعنهم لاتفاق أبرموه مع "اللاجىء" محمد، ومع أن لا سبب في الدنيا يبرر نحر إنسان حتى في مبادىء عصابات القتل والإجرام وليس في من يقدمون أنفسهم على أنهم دينا جديدا للرحمة والغفران فأن إصرار المسلمين حتى اليوم على ترديد هذا السبب يتسم بالصلف والعنجهية والتعالي ويصل ببساطة الى حدود الوقاحة الشديدة.
من الطبيعي والمفروض أن صاحب الدار ومالكها وليس محمد وصبيانه الذين لم يتعدى عددهم بضع نفرات طالما كان سيدهم بلا قوة ومال ونفوذ خلال ثلاثة عشر عاما من عمر دينه الجديد في حين أصبحوا بالمئات بعد ذلك ليغدوا آلافا مؤلفة بعد أن حقق لهم محمدا كل ما تطمح النفس البشرية في جانبها الأكثر سوءا ودموية لتحقيقه.. من المثير للقرف والادانة والاستنكار أن يفرض من سيطر بمنطق القوة والغدر للتو شروطا واجبة التنفيذ في كل زمان ومكان على أصحاب الدار.. حتى أعتى العصابات عدوانية تخجل من طرح هذا التعسف والاجرام والعمل به.
أيضا، في عصرنا الحالي فإن أهالي مدينة الرقة السورية وغيرها من المناطق والأرياف التي سيطر عليها دواعش عصرنا الحالي لم يخطر ببالهم أن من جاء مدعيا نصرتهم على ما أسموه عدوان "نصيري" و"رافضي" مدعوم أمريكيا وغربيا و"صليبيا"، سيكون هو قاتلهم ومستبيح أعراضهم وبيوتهم وناهب أموالهم وأرزاقهم، ومع كل ما فعله دواعش البغدادي إلا انهم ولحسن حظ السوريين كانوا أخف وطأة وأقل رعبا وأرأف حالا من دواعش محمد الذين قدموا الى يثرب لاجئين "مهاجرين" فمن جهة فإن هناك فرقا كبيرا بين من أتى ناصرا وبين من أتى لاجئا، كما أن هناك فرقا كميا ونوعيا لصالح دواعش محمد في الجرائم المرتكبة.
إن كل جريمة ارتكبها دواعش اليوم هي جريمة بكل المقاييس سواء كانت جريمة منع أو حظر أو جلد أو قطع أيدي أو قتل أو حرق ولكن اذا ما قارناها مع ما ارتكبه دواعش محمد وامكانيات القتل المتاحة لكل منهما، فإن دواعش البغدادي رحماء ولطفاء وطيبون جدا، فلم يؤمر البغدادي بنحر كل ذكور الرقة مثلا مع انه حاول ذلك مع بعض رجال احدى القبائل في منطقة أخرى، حين أن كل الأفعال الإجرامية الباقية التي ارتكبها البغدادي ودواعشه قد ارتكبها محمد ودواعشه بصورة أفظع، فمن نحر كل ذكور بني قريظة البالغين "كل من ظهر شعر عانته" حسب نظرية البلوغ والتطور عند محمد الى إعدام العجوز أم قرفة بطريقة تظل كل طرق داعش في القتل أمامها بسيطة ومتواضعة، الى قتل عصماء بنت مروان، الى طريقة زواج محمد نفسه من صفية بنت حيي بن أخطب بعد قتل كل أهلها، الى كيفية توزيع الأموال "الغنائم" و"الجواري" و"الغلمان"، الى قتل الأسرى كما فعل سيف الله المسلول في كل أسراه.
أذكر هذه الجرائم فقط لأنها أصبحت على كل لسان في عصر ثورة المعلومات التي اختصرت كل الوقت والجهد في الوصول الى تلك الأفعال والجرائم الشنيعة بكبسة واحدة وهي وللمفارقة العجيبة والمؤلمة متوفرة في الكتب الإسلامية (كتب السيرة والحديث) التى قام المسلمون والمؤسسات الإسلامية بتنزيلها على شبكة الانترنت في ذات الوقت الذي لا يكف عوام المسلمين عن القول أن كل تلك القصص والجرائم التي يرويها البعض على أن محمدا كان بطلها ومرتكبها هي مجرد اختلاقات لا أساس لها من الصحة هدفها تشويه صورة نبيهم.. نبي الرحمة والحق.
إن كان بغدادي اليوم ودواعشه قد لاقى ترحيبا وتهليلا من السوريين حين ظهروا في سوريا قبل أن يتعرفوا على حقيقتهم الاجرامية فان نسبة لا بأس بها أيضا من المسلمين ترفض البغدادي وجرائمه ويعتبرون أن لا علاقة له بالاسلام وأنه يشوه الاسلام، لكن هل يوجد مسلم واحد يستطيع أن يقول مثلا أن محمدا لا يمثل الاسلام وأن ما فعله كان جرائم وموبقات وأفعال شنيعة.. ان محمد هو سيدهم جميعا وحبيبهم، لا بل أنهم يريدون فرضه على أنه سيد البشر جميعاً.
حتماً، فإن النسخة الأخيرة من داعش "نسخة البغدادي" لم تكن لتكون موجودة اليوم لو لم تكن هناك نسخة يثربية محمدية أولى وأصلية تعتبر ملهما ومعلما لها، ويعتبر زعيمها قدوة "حسنه" لها ولمجاهديها.. على هديه يسيرون، وبه يؤمنون، ومن أفعاله ونصوصه ينهلون.
الى اللقاء
#حسين_ديبان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نعم أنا طائفي ان كانت هذه هي الطائفية
-
سوريا..متى ستلتحق الأقليات بقطار الثورة؟
-
تحويل أوراق عصابة دمشق الى مفتينا الناتو
-
جريمة قتل القذافي
-
زوجات بن لادن..أمهات المؤمنين الجدد
-
سوريا..لا حل إلا باسقاط النظام
-
وحشية النظام السوري..لاتظلموا اسرائيل رجاءا
-
سلام على ليل سوريا وصبحها
-
وداعا عدلي أبادير...وداعا أيها الفرعوني الأصيل
-
فلسطيني سوري..لكنه مسلم وهابي! شكرا محمد المنجد
-
بيوت للبيع في الجنة!..
-
دفاعا عن فيصل القاسم...
-
دعم الارهاب في مملكة بني وهَاب
-
فضائح اسلامية...من تايلند مع أطيب التحيات!!..
-
مُحمَد مرتداً !!..
-
الإجرام باق مادام الإظلام باق!!..
-
نعم للاحتلال...ألف لا للإستقلال!!
-
سوريا...قصة موت غير معلن
-
غزوة بمها!!
-
سماحة الإسلام المجهرية !!
المزيد.....
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|