|
الاقتصاد السياسي للعنف
ناجح العبيدي
اقتصادي وإعلامي مقيم في برلين
(Nagih Al-obaid)
الحوار المتمدن-العدد: 5486 - 2017 / 4 / 9 - 15:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الاقتصاد السياسي للعنف
ما هو الفرق بين احتجاجات ساحة التحرير في بغداد وما دُعي سابقا بساحة "العزة والكرامة" في الرمادي؟ بالتأكيد هناك اختلافات وأوجه شبه كثيرة ولكن يوجد فارق ملفت للنظر: يأتي المحتجون إلى ساحة التحرير عادة كل جمعة، بينما تحوّل احتجاج الرمادي في أواخر عام 2012 بسرعة فائقة إلى اعتصام مفتوح ودائم قبل أن يتم فضّه بالقوة. هذا يعني أيضا بأن معظم المشاركين في تظاهرات ساحة التحرير المنتظمة على مدى سنوات يدبرون قوتهم وقوت عوائلهم خلال أيام العمل العادية ويتفرغون للتعبير عن غضبهم في عطلة نهاية الأسبوع ، بينما كان الآلاف في ساحة "العزة والكرامة" متفرغين للتظاهر يوميا وقادرين على ترك أعمالهم ومصادر دخلهم من نهاية عام 2012 وحتى آخر يوم من عام 2013، وربما لفترة أطول لولا قيام القوات العراقية باقتحام ساحة الخيام التي نُصبت وسط الطريق الدولي الرابط بين العراق والأردن. صحيح أن التيار الصدري حاول أيضا تحويل احتجاجات ساحة التحرير في بغداد إلى اعتصام دائم لإحراج الحكومة وربما لأهداف أبعد من ذلك، ولكن النجاح في ذلك لا يتوقف على "الحماس الثوري" للأتباع وإنما أيضا على تقديم حوافر اقتصادية وضمان التمويل الداخلي والخارجي لمثل هذا الأنشطة التي أثبتت "فعاليتها" في العراق وسوريا ولبنان ومصر وغيرها. ويبدو أن التمويل لم يكن يُمثل مشكلة للجهات التي وقفت وراء ساحة "العزة والكرامة" لأن مظاهر البذخ كانت واضحة منذ البداية من خلال إقامة الولائم والذبائح لرفع معنويات المشاركين والحضور الدائم لعربات النقل التلفزيوني المباشر التي كانت تزود على مدار الساعة قنوات تلفزيونية تخصصت في تغطية ما يحدث في الساحة. وكل ذلك يُكلّف بالطبع عشرات الآلاف من الدولارات يوميا. يوضح هذا المثال البسيط الأهمية القصوى لكشف مصادر التمويل الداخلية والخارجية لحركات التمرد والجماعات المسلحة والميليشيات والأحزاب السياسية التي تلجأ للعنف كوسيلة للتغيير. فبدون فهم الجانب الاقتصادي والمالي يصعب تفسير نشوء هذه الجماعات وتطورها وإمكانياتها في تجنيد الأتباع وقدرتها على الاستمرارية. وعلى الرغم من أن مظاهر "الثراء" و"الترف" تبدو واضحة للعيان على فصائل معارضة مسلحة كثيرة في الشرق الأوسط، لم تلق مصادر التمويل اهتماما كبيرا. ومن الواضح أيضا أن تجفيف مصادر تمويل العنف لا يقل أهمية عن مكافحته سياسيا وأمنيا واستخباراتيا. وينطبق ذلك بشكل خاص على ظاهرة الإرهاب ومنظماته المعروفة مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدول الإسلامية/داعش. تتطلق معظم الدراسات الرصينة التي بحثت القاعدة الاقتصادية لحركات التمرد وللحروب الأهلية التي عصفت ببلدان نامية عديدة من نظرية الريع. وبحسب كارل ماركس فإن الريع هو مصدر خاص للدخل يرتبط بالملكية الخاصة للأموال غير المنقولة وخاصة العقارات والأرض التي تتميز بكونها محدودة طبيعيا، ما يعني أن مستلم الريع لا يؤدي "عملا انتاجيا". غير أن العلوم السياسية الحديثة قامت بتطوير هذا المفهوم وتعميمه على الموارد الطبيعية التي لا تخضع للمنافسة العادية وإنما يمكن احتكارها والتحكم بأسعارها كما هو حال النفط والغاز والمعادن الثمينة الأمر الذي يتيح جني أرباح "سهلة" وعالية نسبيا. وتبين تجربة العراق أن هذه الموارد الطبيعية تشكل دافعا قويا لتأجيج الصراعات والحروب الأهلية وفي نفس الوقت مصدرا لا ينضب لتغذيتها بالجنود والسلاح وبالحوافز الاقتصادية اللازمة لإطالة أمدها. وكلما تكون الدولة غنية بالموارد الطبيعية وفي نفس الوقت ضعيفة أو فاشلة وغير قادرة على فرض مبدأ احتكار وسائل القوة، يزداد خطر اندلاع حروب داخلية. ولعل تحليل مصادر تمويل تنظيم داعش الذي دخل التاريخ باعتباره التنظيم الإرهابي الأكثر ثراءً في العالم يُقدم بعض الاستنتاجات التي تنطبق أيضا على حركات تمرد مسلحة أخرى. في دراسة حديثة أعدها المركز العالمي لدراسات التطرف (ICSR) بالتعاون مع المجموعة الأمريكية المعروفة للتدقيق المالي ومراجعة الحسابات أرنست أند يونغ (Ernst & Yong) قُدرت إيردات بيت مال دولة الخلافة المزعومة بمبلغ يتراوح بين نحو مليار وقرابة ملياري دولار في عام 2014، أي في فترة عز قوة "دولة" أبو بكر البغدادي. بحسب هذه الدراسة التي استندت إلى كشوفات مالية لداعش والتي تُبين أيضا حرص التنظيم على توثيق أبواب الإيراد والصرف بدقة "تحسدها" عليها بعض الحكومات، يعود أكثر من نصف الإيرادات في هذا العام إلى النهب والسلب ومصادرة الأموال (أي الغنائم بمفهوم الفقه الإسلامي) والغرامات التعسفية. بينما جاء تهريب النفط في المرتبة الثانية مساهما بنحو 25% من إجمالي الإيرادات. وفي حين أُعتبرت التبرعات القادمة من الخارج خلال هذه الفترة غير مهمة، تشير الدراسة إلى الدور المتعاظم للضرائب والرسوم في تمويل ميزانية داعش. غير أن هذا البند ليس له علاقة بالضرائب المتعارف عليها، وإنما هي أقرب إلى الأتاوات التعسفية التي اعتاد التنظيم فرضها على التجار ورجال الأعمال وسائقي الشاحنات وعلى المنافذ الحدودية. كما قدّر معدو الدراسة قيمة الفديات في عام 2014 مقابل الإفراج عن المختطفين بمبلغ لا يزيد على 40 مليون دولار مشيرين إلى صعوبة الحصول على بيانات دقيقة. ويبدو هذا الرقم متواضعا بالمقارنة مع معلومات النائبة الايزيدية فيان دخيل التي صرحت في شباط/فبراير 2017 بأن حكومة إقليم كردستان دفعت فديات تصل الى 40 ألف دولار مقابل تحرير الأسيرة الواحدة من آلاف الايزيديات اللواتي قام التنظيم باستعبادهن في صيف 2014. وبغض النظر عن تصنيف الدراسة لإيرادات التنظيم، يمكن القول بأن الريع بمفهومه الواسع لا ينطبق على تهريب النفط فقط وإنما أيضا على "الغنائم" والإتاوات والجمارك والفديات وتهريب الآثار لأن جميع هذه العوائد تأتي دون جهد يُذكر ولا تشترط عملا انتاجيا بالمعني المعروف، وإنما تشترك في كونها ثمرةً لاحتكار القوة في المناطق الخاضعة كليا أو جزئيا لسيطرة التنظيم الإرهابي. غير أن الدراسة التي صدرت بعنوان "الخلافة في انحدار" في أواخر شباط/فبراير عام 2017 ، تشير أيضا إلى انهيار ميزانية داعش إلى النصف تقريبا في عام 2016 ضمن اتجاه تنازلي يرجح استمراره في هذا العام أيضا في ظل الهزائم الكبيرة التي مني بها التنظيم في العراق وسوريا. كما تلاحظ الدراسة تراجعا كبيرا في دور الأموال المنهوبة والمصادرة ضمن تطور يمكن وصفه بالطبيعي لأن اقتصاد "الغنائم" يؤدي عاجلا أم آجلا إلى تلاشي قاعدته المادية. لكن هذا الانكماش في الموارد المالية للتنظيم الإرهابي لا يدعو للإفراط في التفاؤل لأن تكاليف الاعتداءات الإرهابية ليست باهظة كثيرا. على سبيل المثال لا يتطلب تنفيذ اعتداء بسيارة مفخخة إنفاق أكثر من بضعة آلاف من الدولارات، بينما يتسبب بخسائر بشرية ومادية هائلة. من جهة أخرى تُبين التجربة بأن التنظيمات الإرهابية والحركات المتمردة لا تعطي أهمية فائقة للجانب المالي فحسب، وإنما تبدي أيضا قدرة على التأقلم وتسعى لتنويع مصادر دخلها وتلجأ أحيانا لأساليب غير مألوفة. ومن الملفت للنظر في هذا السياق هو ما نشره معهد أوروبي للأبحاث الأمنية عن مشاركة داعش في المضاربات المالية بالعملة الافتراضية "بيتكوين" التي تتسم تعاملاتها بالسرية. صحيح أن داعش تفوق على الجميع في درجة وحشيته ولجوئه لأساليب موغلة في القدم لحشد الموارد المالية، إلا أن هناك أيضا أوجه شبه لا يمكن نكرانها مع حركات متمردة أو معارضة أخرى داخل العراق وخارجه في مؤشر على أن هذه الحركات تستفيد من خبرة بعضها البعض الآخر. فقبل ما دُعي بصولة الفرسان ضد التيار الصدري في البصرة عام 2008 انتشرت مثلا تقارير عن فرض ميليشيا جيش المهدي حينها لـ"ضرائب" أو بالأحرى أتاوات مقابل "تخليص" السلع المستوردة في ميناء البصرة وعلى مبيعات البنزين في محطات تعبئة الوقود. ويمكن أن يصبح بيع نفط إقليم كردستان بعيدا عن القنوات الرسمية مصدرا لتمويل صراعات عنيفة بين الإقليم والحكومة المحلية، بل وحتى لاحتراب داخلي بين القوى الكردية نفسها. بيد أن الدراسة المذكورة تشير بوضوح أيضا إلى أن داعش يتمتع حتى الآن بنوع من "الاستقلال" المالي. ففي حين يُرجح معدو الدراسة حصول التنظيم في مراحله المبكرة على دعم وتبرعات من دول الخليج، يؤكد هؤلاء بأنهم لم يعثروا خلال الفترة 2014 حتى 2016على أدلة تُثبت حيازته لمصادر دخل خارجية. هنا بالذات يكمن فرق جوهري مع معظم حركات التمرد الأخرى في المنطقة والتي تعتمد بدرجة كبيرة على التمويل الخارجي في ظاهرة لوحظت بشكل خاص في العقد الثاني من الألفية الجديدة. تزامن تزايد أهمية مصادر التمويل الخارجية للعنف مع تحول الريع النفطي إلى ظاهرة عابرة للحدود بدرجة لم تعرفها العقود السابقة. وجاء هذا التطور على خلفية تأثير عاملين جديدين مترابطين، هما القفزات الكبيرة في أسعار النفط واندلاع موجة اضطرابات سياسية واجتماعية عنيفة في إطار ما سُمي بثورات الربيع العربي. في بداية عام 2008 كسر سعر البرميل لأول مرة حاجز 100 دولار وباستثناء فترات محدودة حافظ السعر عمليا على مستواه العالي حتى منتصف عام 2014. خلال هذه الفترة راكمت عدة دول خليجية احتياطيات هائلة من البترودولار لم تكن قادرة على التصرف بها بعقلانية. وبحسب بيانات منظمة الأوبك كانت السعودية المستفيد الأكبر عندما جنت خلال الفترة الممتدة بين 2010 و2014 قرابة ترليون ونصف الترليون دولار من تصدير النفط ومشتقاته. في المقابل حققت إيران إيرادات زادت عن 400 مليارات دولار رغم العقوبات المفروضة عليها حينها. وبفضل صادرات النفط والغاز حصلت دولة قطر الصغيرة على عائدات تُقدر بنحو 600 مليار دولار خلال هذه الأعوام الخمسة. غير أن هذا التراكم المالي لم يصبح أداة فعالة لتوسيع النفوذ الإقليمي وسلاحا فتاكا لإثارة الاضطرابات العنيفة وتدمير بلدان بكاملها إلا بامتزاجه مع أيدولوجية دينية ومذهبية متطرفة ومع سلطة مطلقة تملك حرية التصرف فيه دون رقيب. في ظل هذه الظروف تخوض الدول النفطية وفي مقدمتها السعودية وإيران وقطر والامارات العربية المتحدة سباقا محموما لاستخدام البترودولار في تمويل الميليشيات والحركات المتمردة والأحزاب والمنظمات والشخصيات الموالية في سوريا والعراق ولبنان واليمن وليبيا وغيرها. وتندرج تحت هذه العناوين ما يتبعها من قنوات تلفزيونية وصحف و"معاهد علمية" وخبراء ومحللين يروجون لوجهات نظر معينة ومدفوعة الثمن مسبقا. وكلما طالت فترة "الثورات" والانتفاضات، يصبح العامل المالي حاسما في التحكم في العلاقة داخل هذه التنظيمات. من هنا استخدم الباحث عصام الخفاجي مصطلح "ترييع الثورات" في معرض تقييمه لما يحدث في سوريا منذ عام 2011. ويضيف الخفاجي في أحد مقالته بأن الريع المحلي والعابر للحدود "حوّل قادة الحركات المسلحة إلى أرباب عمل يدفعون رواتب شهرية ثابتة ومكافآت ويعظمَون ثرواتهم بانتزاع الإتاوات ممن يخضعون لهم مقابل حمايتهم". ومع استمرار الحروب الأهلية ومجيء قادة سياسيين وميدانيين ومقاتلين أكثر شراسة تختفي فئة الحزبيين أو "الثوريين المحترفين" وتحل محلها ظاهرة الارتزاق السافر حيث لم تعد العلاقات الأيدولوجية والفكرية حاسمة في اختيار الحلفاء وإنما يُغير القياديون والأتباع ولاءاتهم وتحالفاتهم بحسب المبالغ المدفوعة. ويلاحظ ذلك في سوريا بشكل خاص حيث نجح طرفا الصراع في تجنيد عشرات الآلاف من المرتزقة الأجانب. بل ولا يتردد أمراء الحرب في استغلال ورقة المساعدات الإنسانية لتمويل جهادهم أو كفاحهم من خلال مصادرة جزء من سلع الإغاثة وبيعها في السوق وفرض إتاوات على المنظمات الإنسانية والعاملين فيها. وهو سوق مزدهر بكل المقاييس على خلفية الأرقام الهائلة التي تخصصها الجهات المانحة لمساعدة اللاجئين. قبل أيام قليلة قرر مؤتمر الجهات المانحة في بروكسل تخصيص 6 مليارات لصالح اللاجئين السوريين. ومن الصعب معرفة المساعدات التي ستصل المحتاجين حقا وتلك التي ستتحول إلى وقود للحرب الأهلية. من جانب آخر اكتشفت الفصائل الإسلامية المتشددة منذ سنوات مزايا المساعدات الإنسانية وأسست منظمات "خيرية" هدفها الفعلي جمع التبرعات لتمويل العنف المستشري في المنطقة. السؤال الذي يطرح بنفسه بقوة الآن: هل سيؤدي انهيار أسعار النفط الى أقل من النصف والمستمر عمليا منذ نحو ثلاثة أعوام إلى انحسار ظاهرة الريع العابر للحدود وبالتالي إلى تراجع دور العامل الخارجي في تمويل الفصائل المسلحة؟ من المؤكد أن سخاء الدول النفطية بدأ بالتناقص ووجدت معظم هذه الدول نفسها مضطرة لمراجعة التبديد الهائل للموارد المالية في حروب أهلية يصعب التنبؤ بنتائجها. لكن الصراع الإقليمي الحاد لا يُرجح توقف عمليات التمويل والدعم للمليشيات وحركات التمرد المختلفة. ومع أهمية فضح عمليات شراء الذمم وتشجيع العنف والتحرك لإدانة الدول التي تقف وراء ذلك، يبقى إيقافها هدفا بعيدا المنال طالما أن هناك جهات ومنظمات وشخصيات داخل البلدان المبتلية بالصراعات مستعدة لتقبل هذه "المساعدات" وللتصرف وفق إرادة الممولين. من هنا تكتسب الإجراءات الوطنية لتجفيف مصادر تمويل العنف داخل هذه البلدان ومنها العراق أهمية قصوى. ويتوقف ذلك إلى حد بعيد على مدى النجاح في ثلاثة مجالات مترابطة فيما بينها وهي: مكافحة الفساد وتشديد الرقابة على التحويلات والمدفوعات المالية وتطبيق نظام ضريبي حديث وكفوء. من دون شك تشكل قنوات الفساد الذي ينخر في جسد الدولة العراقية مصدرا هاما لتمويل الجماعات والميليشيات المسلحة. وكثيرا ما يتم ذلك عن طريق الصفقات المشبوهة التي تُوظف لصرف المال العام في مشاريع وهمية، بينما يذهب المال في الواقع لصالح منظمات وشركات ومقاولين ورجال أعمال على علاقة بالجماعات المسلحة. لقد أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في مناسبات عديدة بأن "الفساد لا يقل خطورة عن الإرهاب"، لكن هذا التشخيص الصحيح لم يُترجم حتى الآن إلى نجاحات ملموسة على الأرض، إذ لا تعاني مكافحة الفساد في العراق من سوء الإدارة وغياب الشفافية وتورط قوى متنفذة في الدولة في عمليات الاختلاس والرشوة فحسب وإنما أيضا من انتشار الاتهامات الكيدية والأخبار المضللة والملفقة عن صفقات فساد مزعومة هدفها في حقيقة الأمر هو خلط الأوراق والتغطية على الفاسدين الحقيقيين وإرباك جهود محاربة الفساد. من جهة أخرى تصطدم جهود مكافحة الفساد وكذلك محاولات تجفيف المنابع المالية للعنف والإرهاب بالصعوبات الكبيرة في الرقابة على التحويلات المالية وانتشار التعامل بالمدفوعات نقدا بعيدا عن النظام المصرفي. وكل ذلك يؤكد أهمية قيام المصرف المركزي والبنوك الأهلية بتسيط الضوء على التعاملات المشبوهة واتخاذ إجراءات فعالة للحد من عمليات غسيل الأموال. كما يمكن للنظام الضريبي أن يصبح سلاحا قويا في محاربة الفساد والجريمة المنظمة والعمليات المشبوهة لتمويل العنف، وهذا ما تثبته تجارب الدول المتقدمة. من البديهي أن المرتشين والمختلسين والمستفيدين من الصفقات المشبوهة لا يصرحون بدخلهم هذا خوفا من الفضيحة والملاحقة القانونية. ولكنهم من خلال ذلك يرتكبون جريمة التهرب الضريبي عن سابق عمد وإصرار. وإذا كانت عملية إثبات جريمة الفساد أمام المحكمة تعتبر صعبة قانونيا، فإنه يكفي أن يخفي الشخص المعني عن السلطات المالية استلامه مبالغ معينة (حتى لو كانت شرعية) لكي تتحقق أركان جريمة التهرب الضريبي. ولهذا أثبت النظام الضريبي فعاليته في معاقبة مرتكبي جرائم أخرى. ويمكن الإشارة هنا الى أمثلة دخلت التاريخ ومنها رجل العصابات الأمريكي الشهير آل كابوني الذي لم يدخل السجن في ثلاثينيات القرن الماضي على جرائم القتل العديدة التي ارتكبها وإنما بتهمة التهرب الضريبي. لكن خطط تحديث النظام الضريبي في العراق بعد 2003 بقيت للأسف حبرا على ورق. وإضافة إلى ملاحقة الفاسدين والمتورطين في تمويل العنف يمكن للنظام الضريبي المتطور ولتفعيل جريمة التهرب الضريبي في نفس الوقت أن يساهما أيضا في حشد موارد مالية إضافية وفي تقليص ظاهرة الدولة الريعية المصدر الأول للعنف في المنطقة.
د. ناجح العبيدي
#ناجح_العبيدي (هاشتاغ)
Nagih_Al-obaid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا يفوز الإسلام السياسي في العراق؟
-
تشظي المشهد السياسي العراقي: المشكلة والحل!
-
ماركس ’’العملاق’’ وماركس ’’الشاب’’
-
’’حرب الأرحام’’ تمتد إلى أوروبا!
-
تركيا وأوروبا: توتر عابر أم نُذر مواجهة جديدة؟
-
التيار الصدري ولعبة الحسابات الخفية!
-
أردوغان يُكشر عن ’’أنيابه’’!
-
اطلبوا الإصلاح ولو في مصر!
-
ترامب: معركة شرسة مع الإعلام!
-
انقلاب شباط: الثورة تُنجب حفاري قبرها!
-
مدافع ترامب الرقمية!
-
سور ترامب ‘‘العظيم‘‘!
-
ترامب: إعلان الحرب على العولمة!
-
الألمان ‘‘الكسالى‘‘ واليونانيون ‘‘المُجدون‘‘!
-
بيتكوين: عملة جديدة تتحدى الدولار؟
-
السعودية: العمالة الأجنبية كبش فداء الأزمة المالية!
-
ألمانيا تحلم بوراثة -التاج- التايلندي!
-
10 أسباب للاحتفاء بجائزة أمير قطر لمكافحة الفساد!
-
جائزة نوبل بين اليهود والمسلمين
-
البرلمان العراقي يُكشر عن أنيابه: على من سيأتي الدور بعد زيب
...
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|