|
هل هناك شيوعية بدون الماركسية اللينينية؟
عبدالحميد برتو
باحث
(Abdul Hamid Barto)
الحوار المتمدن-العدد: 5485 - 2017 / 4 / 8 - 23:27
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
طرح الأخ صباح الشاهر قبل أيام سؤالاً على صفحته في أحد وسائل التواصل الإجتماعي، هذا نصه: "سؤال في الصميم. هل يحق لجماعة تتخلى علانية عن الماركسية ـ اللينينية، أن تسمي نفسها شيوعية؟".
رأيت جدية معينة في السؤال من خلال موضوعه الذي بات يُطرح في أوساط عديدة. وبحق أقول لا أعرف أهداف السؤال، أو على الأقل لا أعرف، على وجه الدقة، الجهة التي يقصدها الأخ صباح، ولكن ربما أخمنها. وفي كل الأحوال السؤال يقوم على أساس مهم وواقعي، خاصة بعد أن باتت جميع الطروحات المحرمة التي سبقت إنهيار الإتحاد السوفيتي باتت تؤخذ بحساسية أقل عند أوساط واسعة من الشيوعيين أنفسهم، وعادت بعض الإتجاهات الفكرية والأشخاص، الأحياء منهم والأموات، الى صفوف الجامعة الفكرية الأعم، دون الكثير من الجهد، حيث لم تعد هناك جهة تتمتع بصفة المركز، أو تلك التي تملك قدرة للـ"هيمنة" أو التوجيه، أو ذات إعتبار مميز ما، خاصة على الصعيد الأممي.
شعرت من واجبي أن أقول ما أعتقده بهذا الصدد متأملاً مساهمات تغني الموضوع المطروح، وبما يناسب طبيعة وسائل التواصل الإجتماعي، كتبت معلقاً ما نصه: "طبعاً لا. وإذا كان ذلك الموقف معلناً فهو في كل الأحوال جيد، ومن حق أصحابه، أعني التخلي، ويعملون خيراً بذلك، لأنهم يزيلون حالات التيه والإرتباك، وتكون المسألة أكثر وضوحاً، وأعتقد أن الذين يؤمنون بالماركسية ـ اللينينية بحق سيكون في غاية السعادة. طبعاً هذا التقدير خارج المعنى في قلب الشاعر. تحياتي". (الجملة الأخيرة كانت هاجساً ومن أجل أن يظل النقاش في إطاره المفيد للجميع وللأهداف المتوخاة). ولابد من الإشارة الى أن الصديق الذي سبقني في التعليق إستخدم عبارة ماركة مسجلة، ربما يقصد الماركسية أو ما يُعرف بالشيوعية العلمية أيضاً، وبكل إحترام أقول لم أفهم ملاحظته، وفسرتها على النحو التالي، ربما صاحب الصحفة يفهم ما تنطوي عليه عبارة: "ماركة مسجلة" الواردة في تعليقه.
وتواصلت الملاحظات من بقية الأصدقاء بين هذه الضفة وتلك، وهذا دليل إضافي على أهمية الموضوع، وكونه يتناول قضية راهنة. ومن جانبي أرى أن المسألة لا تتعلق بالحزب الشيوعي العراقي أو أي حزب شيوعي آخر أكثر من تعلقها بالماركسية ـ اللينينية نفسها كمدرسة فكرية لها قانونياتها الخاصة بها، وهي واضحة فيما تضم وما لا تضم في إطارها العام النظري، وحتى التنظيمي أيضاً.
جاء في تعليق الأخ علاء اللامي: "الشيوعية ومشتقاتها كالمشاعية وجدت قبل ماركس ولينين ويمكن بالتالي أن تكون هناك شيوعية أو مشاعية قرمطية و بلانكية و انراكية. ...الخ. اما اذا كان المقصود بكلمة شيوعية، الشيوعية السوفيتية أو الشيوعية الماركسية اللينينية فأعتقد أن الأمر لا يخلو من التناقض والاحتيال ويشبه حال مَنْ يستعمل ماركة مسجلة خاصة بصوبات علاء الدين لبيع البطيخ والشلغم:) تحياتي."
طبعاً كنت أتوسم بالأخ علاء إهتماماً أكبر بصدد السؤال نفسه، ولا أعلق على بعض كلمات تعقيبه، وأتركها له ولبقية الأصدقاء.
يُمثل تنوع التعقيبات شيئاً جميلاً، خاصة وإن الحالة في بلدنا تتطلب جهوداً كبيرة، ولا سيما على صعيد الفكر، وليس التعصب لهذا الرأي أو ذاك، وإنما التحري عن كل ما هو نافع. وقبل أن أنتقل الى ذكر تصوري حول سؤال الصديق صباح، أسعدتني مشاركة العزيز على السوداني الذي نحت عبارة "بلاد ما بين القهرين"، وربما منطلقه الغاضب ينطلق من وضع ما بين القهرين.
الماركسية ،كما أرى، خلاصة وحصيلة لكل منجزات فكر وخبرة المراحل التي سبقتها، وتضمنت تحليلاً للظواهر والمراحل الإجتماعية ـ الإقتصادية، ووضعت برامج عمل للتغيير أيضاً، وهي ليست نبتة غريبة أو غربية حسب، إنما هي كونية الطابع مصادراً وأهدافاً، كما هي ليست نظرية ثابتة وغير قابلة للتطور والنمو. ولكن حين الحديث عن مصطلح محدد الأركان والمضمون يصبح الأمر أكثر وضوحاً، وليس قابلاً للخلط سواء كان الخلط مقصوداً أو غير مقصود. والحديث هنا عن حدود معنى المصطلح (موضوع هذا التعقب) لا علاقة له بكون الشيوعية جيدة أو غير جيدة، قديمة أم جديدة.
من جانب آخر اللينينية هي تطبق الماركسية وفق ظروف وتجربة روسيا، وإضافات لينين في الأساس تتعلق بما يمكن أن نسميه وسائل نيل الطبقة العاملة وحزبها السياسي للسلطة. طبعاً بهذا لا أتجاهل مساهمات لينين النظرية على الصعيد الفلسفي، وعلى سبيل المثال كتابه: (المادية والمذهب النقدي التجريبي).
إذا تخلى أي حزب شيوعي أو قوة شيوعية عن الأمور التالية على سبيل المثال لا الحصر: فهم التاريخ على أساس الصراع الطبقي، والعمل على فرض سلطة الطبقة العاملة وتطبيق برنامجها (دكتاتورية البروليتاريا)، والإمبريالية هي العدو الرئيس فهي في هذه الحالة من المفترض أن تميّز حالها عن الشيوعية.
ومن جانب آخر فوجود بعض الملامح العامة ذات الصبغة المشاعية أو الإشتراكية في مراحل تاريخية معينة، فهذا لا يدخلها ضمن ما إصطلح عليه بالماركسية ـ اللينينية لأن الحديث يدور حول حالة قائمة ولها خصائصها.
إن أغلب الإنشقاقات في الحركة الشيوعية والعمالية العالمية التي وصفت بالتحريفية وغيرها، خرجت على بعض التطبقات، وفي الغالب ضمن الشؤون ذات الطبيعة السياسية العملية ـ (التروتسكية) مثلاً، هذا بإستثناء التنازل عن دكتاتورية البرولتاريا، لأنه تنازل عن برنامج الطبقة العاملة في أوجه الحياة كافة.
إن الماركسية مدرسة فكرية وسياسية متكاملة تتضمن الفلسفة (المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية) والإشتراكية والشيوعية العلمية، وقانونيات النمو الإجتماعي والثورة الإشتراكية وغيرها.
ما الهدف من توسيع مصطلح الماركسية ـ اللينينية ليضم أطرافاً لا تحمل الملامح والصفات والأهداف والوسائل العامة لها؟ ما أقوله لا علاقة له بالمدح أو القدح أو الإشادة أو الماركات المسجلة، كما جرت الإشارة، إنما يتعلق بتحديد ملامح ومضمون مصطلح محدد.
إما موضوعات النقد السياسي أو غيره الموجهة للأحزاب الشيوعية فهي أمور تدور حول شؤون أخرى، والحالة ليست جديدة في داخل الأحزاب الشيوعية نفسها ومن خارجها. وهذه الحالات لا تدخل في إطار: ماذا تعني الماركسية؟ وهل هناك أحزاب شيوعة من دونها؟ ولا تدخل في الموضوع المطروح بعض التجارب الفاشلة أيضاً. وربما ترجع تلك التطورات أحياناً في جزء منها الى أسباب تنظيمية، والى الإبتعاد النسبي أو الكلي عن النظرية نفسها، من بين العوامل الهامة لفشل التجربة الإشتراكية في بعض دول شرق أوروبا من الممكن الإشارة الى تحوّل عضوية الحزب الى موظفين، وهذا عامل يؤثر في الحياة العملية في بعض الحالات أكثر من القوانين النظرية العامة نفسها، على الأقل في الصورة التي ترتسم في وعي جزء من الطبقة العاملة وحلفائها وعامة المجتمع، وهنا تجدر الإشارة الى قول لينين الذي يفيد بأن بعض العوامل الجزئية قد تفعل فعل القوانين العامة.
#عبدالحميد_برتو (هاشتاغ)
Abdul_Hamid_Barto#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شخصية الفرد العراقي
-
خواطر حول أيام دامية
-
تحررت مدينة هيت ولكن متى تدور نواعيرها؟
-
عملية سياسية مندحرة ولكنها مستمرة
-
موجعة ذكرى الشهداء
-
ثورة 14 تموز
-
الفقراء يتضامون ... ويتبرعون أيضاً
-
31 آذار يوم مجيد لكل كادحي العراق
-
وداعاً أبا نصير؛ المناضل عبد السلام الناصري ...
-
ألف مبروك لكل من يهمه الأمر!
-
الوطنية الحقة وحروب التدخل (5)
-
الوطنية الحقة وحروب التدخل (4)
-
الوطنية الحقة وحروب التدخل (3)
-
الوطنية الحقة وحروب التدخل (2)
-
الوطنية الحقة وحروب التدخل (1)
-
حملة التضامن مع إبراهيم البهرزي
-
التصدي للفكر الظلامي المتعدد الأقطاب (3)
-
التصدي للفكر الظلامي المتعدد الأقطاب (2)
-
التصدي للفكر الظلامي المتعدد الأقطاب (1)
-
نظرة الى دراسة إستطلاعية
المزيد.....
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
المزيد.....
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|