|
عرض لكتاب - التنصير الأمريكي في بلاد الشام -1834 – 1914 -
ثائر دوري
الحوار المتمدن-العدد: 1438 - 2006 / 1 / 22 - 11:42
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
من الحقائق الخاطئة الراسخة في أذهان الكثيرين أن الدور الأمريكي في الوطن العربي بدأ بعد الحرب العالمية الثانية بعدما ورثت الإمبرطوريات الكبرى و خاصة عقب حرب السويس و هزيمة فرنسا و بريطانيا العظمى و حلول أمريكا مكانهما . لكن الحقائق التاريخية تشير إلى أن الوجود الأمريكي في الوطن العربي أقدم من ذلك بكثير . في المغرب العربي فصّل الأستاذ نصر شمالي بمقالة عنوانها ((قرنان منذ أول حرب أميركية ضدّ العرب))*! له تاريخ هذا الوجود . فيقول : (( ..لقد ظهرت السفن التجارية والحربية الأميركية في منطقتنا العربية أواخر القرن الثامن عشر، في نطاق مزاحمة بريطانيا على احتكارها لتجارة الأفيون في الصين...)) و يتابع : ((.......عقدت الحكومة الأميركية معاهدة مع حاكم مراكش عام 1786 تعهّد بموجبها إعفاء التجار الأميركيين من دفع رسوم الترانزيت لقاء عشرة آلاف دولار مقطوعة يتقاضاها سنوياً ! وفي عام 1796 وقّعت معاهدة مماثلة مع حاكم طرابلس الغرب، وفي عام 1797 مع حاكم تونس...)) و يتابع : (( ....في السنوات 1801 – 1805 ، شن الأميركيون الحرب ضدّ ليبيا أولاً، فحاصر الأسطول طرابلس، بينما انطلق الدبلوماسيان الأميركيان، القنصل إيتون في تونس والقنصل كارتكارت في طرابلس، يعدّان بنشاط محموم انقلاباً ضدّ حكومة ليبيا مترافقاً مع تدخّل عسكري بحري. وكان ذلك يتم بمعرفة وإشراف الرئيس جيفرسون، وبتعليمات وزير الحربية بيكيرينغ صنيعة تجار الأفيون زمرة بوسطن !..)) و بعد ذلك عاد الأمريكيون إلى طنجة : (( .......دفع الأميركيون بسفنهم الى ميناء طنجة، وبدأ حصار لا سابق له في زمن السلم، شمل الجزء الشمالي/الشرقي من ساحل الأطلسي والجزء الجنوبي/الغربي من ساحل المتوسط، وفي تشرين الأول/أكتوبر 1804 وجّه قائد الأسطول الأميركي رسالة مقتضبة الى الحاكم المراكشي تتضمن سؤالاً واحداً: " هل يرغب السلطان بالسلام أم بالحرب؟ " فاضطر الحاكم الى التوقيع على معاهدة مماثلة للليبية !........)) و بعدها إلى الجزائر : (( ......وبينما الأميركيون يهمون بالتوجه الى الجزائر نشبت الحرب الثانية بينهم وبين الإنكليز ( 1812-1814 ) وجعلتهم يؤجلون الهجوم على الجزائر، لكنهم عادوا الى خطتهم عام 1815 ، أي فور توقيع معاهدة الصلح مع لندن، فاتجهت سفينتان حربيتان الى سواحل الجزائر ( بحجة مطاردة القراصنة كالعادة ) رافعة أعلاماً بريطانية لتضليل الجزائريين، فنجحت الخدعة ودمر الأسطول الجزائري، ثم راحت المدافع الأميركية تقصف مدينة الجزائر قصفاً ماحقاً، بينما أرسل الى حاكمها إنذار بتوقيع معاهدة من الطراز إياه، لكن الجزائر صمدت حتى عام 1816 ، فاستدعيت سفن إضافية مسلحة بمدافع بعيدة المدى، فطلب حاكم الجزائر وثيقة أميركية تفيد أنه اضطر لقبول الاتفاقية تحت قصف المدافع، فأعطاه المبعوث الأميركي شيلر ما أراد، وأبرمت الاتفاقية الرابعة في 23/11/1816 !....)) هذا في المغرب أما في المشرق فما زالت الصفحة غامضة نوعاً ما ، و لاسيما أن هذا الوجود لم يظهر بشكله السياسي الصريح و العسكري إلا بعد الحرب العالمية الثانية أما قبل ذلك فقد اتخذ الطابع الثقافي و التبشيري الديني . لكن هذه الحلقات ، الثقافية ، و التبشيرية ، ليست معزولة عن السياسية و العسكرية بل هي مقدمة لها . و يصح تشبيه الدور الذي لعبه المبشرون الدينيون و الدعاة الثقافيون ، يصح تشبيه دورهم بالدور الذي تلعبه المدفعية الثقيلة في الحروب البرية ، فهي تقوم بدور القصف التمهيدي لتدمير ما يمكن تدميره من دفاعات العدو أو إضعافها ، و تدمير روحه المعنوية و بعدها تتقدم الجحافل البرية . يورد الكتاب الذي بين أيدينا و عنوانه (( التنصير الأمريكي في بلاد الشام 1834 – 1914 )) للباحث د. عبد الرزاق عبد الرزاق عيسى صادر عن مكتبة مدبولي – 2005 و هو عبارة عن رسالة دكتوراة . يورد التفاصيل الدقيقة للدور الأمريكي التبشيري و الثقافي في بلاد الشام خلال القرن التاسع عشر . لم يكن في بلاد الشام قبل مجيء البعثة التبشيرية الأمريكية طائفة بروتستانتية لكن نتيجة لعملهم المتواصل أنشأوا طائفة من العدم و من بلاد الشام انتشروا باتجاه العراق و مصر و الخليج العربي . يقول الكاتب : (( في سبيل التوسل لأعمال التبشير استخدمت الإرسالية الأمريكية كافة الوسائل بدءاً من التعليم و حتى الصحافة و الكتب و الجمعيات ، مروراً بأعمال التطبيب و الأعمال الإجتماعية الأخرى )) إن المستهدفين بالتبشير هم المسلمون و المسيحيون الشرقيون ، لذلك فقد جوبه نشاط الإرسالية بمقاومة عنيفة خاصة في أوساط المسيحيين الشرقيين و الكاثوليك الذين انحصر نشاط البعثة التبشيري في أوساطهم في البداية قبل أن ينتقل لأوساط الطوائف الإسلامية . يقول الكاتب إن تاريخ الإرسالية في الشام ارتبط بتأسيس المجلس الأمريكي لأمناء الإرساليات الخارجية عام 1810 م في بوسطن ، و بعدها أسس المجلس ثلاث إرساليات متميزة ، واحدة لاستنبول ، و الثانية لفارس ، و الثالثة لبلاد الشام . و المجلس السابق هو عبارة عن خليط من رجال الدين و التجار . و هذا يتماشى مع تاريخ أمريكا حيث اندمج التاجر مع رجل الدين مع المحارب . ابتدأ التجهيز لإرسالية بلاد الشام عام /1819م/ حيث كلف بها المبشر بليني فسك و ليفي بارسنز و كانت الوجهة فلسطين للأسباب الدينية المعروفة . و بذلك افتتح الأمريكان تبشيرهم في العالم العربي . اختار المجلس مالطة الخاضعة للحكم البريطاني كمحطة أولى لهذه الإرسالية فأسسوا بها مطبعتهم عام /1822م/ و منها خرج المبشران ليفي بارسنز و بليني فيسك برحلة استكشافة نحو الشاطيء الشرقي للبحر المتوسط ، فوقع اختيارهما على بيروت لكن الإرسالية لم تنقل مقرها إلى بيروت إلا في العام /1833م/.و يعتبر عام /1834م/ هو بداية النشاط الفعلي للإرسالية في بيروت فنقلت المطبعة من مالطا إلى بيروت ،التي أصبحت المركز الرئيسي لهم في كل الشام ،و عندما أسسوا كنيسة صغيرة في ذلك العام كان عدد أفرادها أربعة أشخاص فقط. تفردت الإرسالية الأمريكية بتركيزها على الطباعة و التعليم باللغة العربية كأدوات للتبشير . و بلغ اهتمامها باللغة العربية أن حرصت على إقامة قداسين بها ، أحدهما في التاسعة صباحاً و الآخر في الثالثة و النصف بعد الظهر . و خلال السنوات التالية سيقتصر الكسب على تنصير شخص هنا و آخر هناك . كان تقدم التنصير الأمريكي بطيئاً،و ذلك بسبب الحرب التي شنتها عليهم الكنائس الوطنية الشرقية و الكاثوليكية . لكنه كان ثابتاً في تقدمه و توج جهدهم بإنشاء أول كنيسة انجيلية عام /1848م/ و عقد أول سنودس للكنائس الإنجيلية عام /1884 م/ في كنيسة بيروت و هذا يعني نشأة طائفة بروتستانتية من العدم و ذلك على حساب الطوائف المسيحية الأخرى بشكل أساسي . كما أنشأوا محطة أخرى في القدس التي زارها فسك و باسنز عام/ 1819م/ و غادراها بعد شهور ليعودا إليها ثانية عام /1823م/ بزيارة استكشافية . و منذ عام /1834م/ بدأ المبشر الأمريكي نيكولايسون بإقامة مركز تبشيري في القدس و حتى عام/1839م/ لم يكن في بلاد الشام سوى محطتي بيروت و القدس . و بعدها بدأت المحطات بالازدياد فأنشأت محطة عبية في جبل لبنان عام /1843م/ و في صيدا عام /1851م/ التي تكونت بجهودها أبرشية في عام /1883م/ . و ركز العمل التبشيري على فتح المدارس ففي كل مكان ينشأون به محطة و كنيسة كانوا يفتحون مدرسة . كما اهتموا بالطباعة منذ وجودهم في مالطا فتعلموا اللغة العربية واعتمدت سياسة الإرسالية الأمريكية على استخدام أهل البلاد في نشر دعوتهم . أحسن المبشرون استخدام نظام التعليم الأمريكي لإيجاد موطئ قدم لهم في المشرق العربي . فاهتموا بنشر التعليم الابتدائي فبلغ عدد مدارس الإرسالية الأمريكية عام/ 1846 – 1847م/ / 528/ مدرسة . فركزوا على التعليم الابتدائي في البداية لأنه يزيد من علاقاتهم المحلية و ارتباطهم بأهالي الأطفال الصغار ، وهو ما يساعدهم في عملهم التبشيري ، كما أنه يتيح لهم غرس العديد من أفكارهم الدينية في أذهان هؤلاء الأطفال ، فهم أشبه بتربة خصبة صالحة لتلقي كل ما يلقى إليها على ما يذهب إليه مؤلف الكتاب . كما اهتمت الإرسالية بتعليم البنات و السبب هو دور المرأة في بث الأفكار في أطفالها و زوجها .و قد عملت مدارس الإرسالية الأمريكية على نشر الكتب التعليمية باللغة العربية بالتعاون مع المؤلفين العرب المرتبطين بها أمثال بطرس البستاني و ناصيف اليازجي ،و هما اسمان سيترددان كثيراً في الكتاب كأهم من قاموا بالتعاون مع المدارس التبشيرية الأمريكية . بدأ التعليم الأمريكي باللغة العربية من أجل مراعاة الشعور القومي و لتحقيق أهداف سياسية لا تخفى على أحد في دولة يحكمها العنصر التركي . لكن بعد أن حققت المدارس أهدافها و ثبتت مواقعها تحول التعليم إلى اللغة الإنكليزية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر . و يلاحظ مؤلف الكتاب أن التعليم و إن اكتسى صبغة علمانية حديثة إلا أنه ظل مرتبطاً بالتعليم الديني و خاصة تدريس تعاليم التوراة . و كذلك كانوا يدرسون الكتاب المقدس بغض النظر عن ديانة الطلاب و مذاهبهم . بعد ذلك انتقل التعليم مرحلة جديدة و هي إنشاء المدارس العليا و الكليات الجامعية . فأنشأت المدرسة العليا الأمريكية للبنات في بيروت عام/ 1834 م/ و نظام التعليم فيها أيضاً كان ديني و مدني . و هناك المدرسة العليا للبنين في بيروت و أنشأت أواخر عام /1835م/ . و مدرسة عبية في جبل لبنان . و مدرسة طرابلس للبنات . و مدارس صيدا العليا الأمريكية و مدرسة الفنون الأمريكية . و أهم من كل ذلك الكلية الإنجيلية السورية التي تحولت فيما بعد إلى الجامعة الأمريكية . لم تكن هذه الكلية كلية علمية فقط بل كانت دينية أيضاً و لعبت دوراً أساسياً في موضوع التبشير على ما يذكر المؤلف . و يتضح ذلك أثناء الأزمات التي حدثت حيث ظهر الوجه الديني الصريح للكلية و القائمين عليها ، مثل إجبار الطلبة المسلمين على دخول الكنيسة و حضور دروس التوراة و الإنجيل . و مثل أزمة عام /1882م/ و التي سببها خطاب أدون لويس الأستاذ بالكلية خلال حفل تخرج في صيف / 1882 م/ و كان عن نظرية دارون في التطور . و قد عرضها عرضاً علمياً غير مقيد نفسه بآراء رجال الدين المعارضة لهذه النظرية فاستنكر زملاء د. لويس ما جاء على لسانه و اتهموه بالكفر و الإلحاد و أثاروا حملة شعواء ضده انتهت بإعفائه بناء على موافقة مجلس الأمناء في أمريكا فأضرب الطلاب احتجاجاً على ذلك فلم ترضخ الكلية بل فصلت الطلاب المضربين و الأساتذة المتضامنين مع د. لويس . و هناك أزمة أخرى حدثت عام/ 1908م / فبعد شكاوى من الطلاب على إجبار الجامعة لهم على الدخول إلى الكنيسة و عدم السماح لها بقراءة كتبهم الدينية و صرف نصف وقتهم على التعاليم البروتستانتية تدخلت الإدارة العثمانية لدى إدارة الكلية و أصدرت أمراً بإعفاء الطلاب غير المسيحيين من حضور أوقات العبادة و الكتاب المقدس . فاحتالت إدارة الكلية و اعتبرت الأمر خاصا بنفس عام المشكلة فقط . و عندما تقدم 128 طالباً عريضة للإدارة طالبين عدم إجبارهم على حضور دروس التوراة و الإنجيل و عدم حضور الصلوات في الكنيسة . أعادت لجنة الأمناء التأكيد على أن حضور الصلوات و دراسة الكتاب المقدس إجبارية للجميع . و أعلن رئيس الطلية هورد بلس أن هذه المدرسة أنشأت بأموال المسيحيين و غرضها بث التعاليم المسيحية ، و تعليم الواجبات البروتستانتية و من يمتنع عن قراءة هذه التعاليم أو يتقاعس عن أداء هذه الواجبات فليس له عندنا حاجة و ليذهب خارج مدرستنا . و لعل ما قاله مؤسس هذه الكلية و رئيسها الأول يلخص الهدف من إنشاء الكلية الإنجيلية السورية و يلقي الضوء على الدور الذي لعبته خلال تاريخها إذ يقول : ((......إن الجامعة توفر مناخاً نفسياً لا يستطيع واحد الإفلات من تأثيره ، و الطالب لا يعي التغييرات الحاصلة دائما في داخله ، و ثمرة هذه البذرة قد لا تأتي إلا بعد مدة طويلة في مغادرة الطالب للكلية ..)) لذلك يحاول الكاتب أن يرصد في الفصل ما قبل الأخير التأثير الفكري للإرسالية الأمريكية في بلاد الشام ، فيلاحظ أنها نجحت في تخريج أجيال من المرتبطين بها مثل أحمد فارس الشدياق و ناصيف اليازجي و بطرس البستاني و غير هم ممن لعبوا دوراً سياسياً و ثقافياً و اجتماعياً محورياً في تاريخ بلاد الشام . فمن طباعة الكتب باللغة العربية إلى الترجمة و التأليف .و من المفيد أن نذكر هنا أن من أوائل الكتب التي تمت ترجمتها على يد بطرس البستاني رواية روبنسن كوروز . كما أن هناك رواية "ابن حور" التي تشيد بمرؤوة اليهود و عزة نفسهم و وداعتهم بينما تصور المصريين أهل خبث و دهاء . فالمصريون ظلموا اليهود بخروجهم . و كذلك ترجمة كتاب (( أصداء التوراة)) الذي يتناول الاكتشافات الأثرية في فلسطين من منظور توراتي بحت . هذا عدا عن العديد من الكتب الدينية . حتى وصل الأمر إلى ترجمة الترانيم الغربية و تشجيع الموسيقيين المحليين على محاكاتها بالتأليف !! هذا دون أن نغفل وجود ترجمات في الطب و الكيمياء و العلوم الأخرى . و لعل أهم عمل قامت به الإرسالية هو ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة العربية فهذا العمل استفز الطوائف المسيحية الأخرى فأصدر البابا في روما عام 1897 " أنه لا يجوز للكاثوليكي أن يطالع مثل هذه النسخ – يقصد الترجمة الأمريكية – أو يتخذها للتدريس في المكاتب ما لم ير توقيع الرؤوساء الشرعيين عليها . تكونت لجنة ترجمة الكتاب المقدس عام 1847 و اختار عالي سميث كلاً من ناصيف اليازجي و بطرس البستاني لمساعدته على الترجمة . و تابع العمل الشيخ يوسف الإسبر ، و هو أزهري ، مع د. فانديك بعد وفاة عالى سميث . لقد امتد نشاط الإرسالية إلى الصحافة و من أمثلة ذلك مجموعة فوائد صدرت عام/ 1851م/ و هي أول مجلة تصدر في الشام و استمرت حتى عام/ 1855م/ و هناك أخبار نشرة الإنجيل/ 1863/, كوكب الصبح المنير/ 1871/،و النشرة الشهرية/ 1866م / ، و النشرة الأسبوعية / 1871م / و هذه الأخيرة ثارت على صفحاتها نقاشات كثيرة حول دور المرأة في المجتمع و حول نظرية التطور كما أنها استعملت الأسماء التوراتية للأماكن . و نشرت قصص توراتية و قصص تدعو لإعادة بني اسرائيل إلى وطنهم المزعوم . و من المجلات العلمية المتخصصة مجلة " الطبيب " و صاحب امتيازها هو المبشر د. جورج بوست . و في /1884 م / أسند د.جورج إدارتها إلى الشيخ ابراهيم اليازجي و الدكتورين بشارة زلزل و خليل سعادة . و أعلنت المجموعة الجديدة أنها ستحول المجلة من طبية متخصصة إلى مجلة تهم كل فئات المجتمع . و هناك المجلة الشهيرة (( المقتطف )) التي أسسها يعقوب صروف و فارس نمر و صدر العدد الأول منها في أول أيار عام / 1876 م / . و اعتبرت الناطقة بلسان الإرسالية في مصر و هي مجلة علمية شهرية صناعية . و إضافة إلى عرض المقتطف للمواضيع العلمية عملت على التفريق بين العرب و العثمانيين الآخرين و ركزت على أعلام الحضارة الغربية دون العربية و الإسلامية و حاولت نشر العامية دون الفصحى ، على ما يقول مؤلف الكتاب . و بعد هجرة صاحبي المقتطف إلى مصر صارا بوقين للإنكليز فاستخدمهما كرومر في محاربة الأهرام التي كانت أقرب للفرنسيين . فنشر فارس نمر و يعقوب صروف و شاهين مكاريوس "المقطم" التي أصبحت أهم وسيلة دعائية للإنكليز . لقد لعبت الصحافة المرتبطة بالإرسالية الأمريكية دوراً هاماً بإيجاد تيار قومي عربي معاد للأتراك و للرابطة العثمانية . ثم يتابع الكاتب رصد كافة التأثيرات الأمريكية في الجمعيات سواء الخيرية أم الأدبية وصولاً إلى الجمعيات السرية السياسية ،مثل جمعية بيروت السرية ، التي تأسست على يد أشخاص تعلموا في مدارس الإرسالية و ضالعين في كافة نشاطاتها مثل يعقوب صروف و فارس نمر و شاهين مكاريوس و ابراهيم اليازجي و كان بينهم وليم فانديك و أسسوا هذه الجمعية عام 1875 و كانوا يجتمعون في بناية " كولدج هول " في حرم الجامعة الأمريكية ببيروت و هدفهم فصل سوريا و لبنان عن الدولة العثمانية خلفت هذه الجمعية ثلاث منشورات فقط بسبب سريتها . فدعا الأول لوقف الاستبداد التركي و اتحاد كافة الطوائف في الشام ،و الثاني هاجم العثمانيين صراحة . و الثالث الذي يعتبر أول برنامج سياسي فقد دعا إلى منح سورية الاستقلال متحدة مع جبل لبنان و الاعتراف باللغة العربية لغة رسمية في البلاد ، و رفع الرقابة و القيود التي تحد حرية التعبير و نشر التعليم ، و استخدام القوات المجندة من أهل البلاد في المهام العسكرية الداخلية فقط . و لا يفوتنا أن نذكر النشاط في مجال المرأة و إنشاء جمعية "باكورة سوريا"عام/880 م/ برئاسة مريم مكاريوس زوجة د. شاهين مكاريوس و نالت الرخصة عام / 1889م / و عملت على نشر طرق التفكير الغربية بين النساء ... يلقي هذا الكتاب بعض الضوء على الدور الأمريكي الخطير الذي لعبه الأمريكان في الحقلين الديني و الثقافي في بلاد الشام قبل أن يبدأ حضورهم العسكري و السياسي المباشر بعد الحرب العالمية الثانية . و لا شك أننا ما زلنا حاجة لمزيد من الجهد لمراجعة الدور الأمريكي منذ منتصف القرن التاسع عشر . فما جرى على الجبهتين الدينية و التعليمية و الثقافية كان مقدمة للاجتياح السياسي ثم العسكري . ((قرنان منذ أول حرب أميركية ضدّ العرب)) – نصر شمالي
#ثائر_دوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوجوه المتعددة للمثقف الكولونيالي في رواية (( موسم الهجرة إ
...
-
الفقراء فئران تجارب أغنياء الحضارة المعاصرة !!
-
في العالم المعاصر الصحة تعني المرض
-
جحيم بغداد اليومي
-
الإعلام بين السل و انفلونزا الطيور
-
صدام الهويات المصطنع
-
العالم يتمرد
-
لشو الحكي خلص الكلام
-
من مطبعة نابليون إلى انتخابات رايس
-
تقديس الداعين إلى نموذج الحضارة الغربي على طول الخط
-
بوش قصف لويزيانا بالقنابل
-
تل عفر تصحح مسار التاريخ بعد مائة عام
-
البحث الأمريكي عن إسلاميين معتدلين
-
احتلال عقول النخب
-
الصغائر و الكبائر عند عمرو موسى
-
عصر الظواهر التلفزيونية
-
كم هو عدد مساعدي الزرقاوي ؟
-
الإحتلال هو اكبر اعتداء على الحرية الفردية و هو مصدر كل الدك
...
-
قمة الأغنياء : القضاء على الفقر أم على الفقراء ؟
-
خرافة الحرية التي تعم العالم
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|