|
لغز الدكتورعارف دليلة
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 1438 - 2006 / 1 / 22 - 12:07
المحور:
حقوق الانسان
استثنى العفو الصادر مؤخرا بإطلاق سراح خمسة من سجناء ما عرف بربيع دمشق البروفيسور عارف دليلة، وبقي في زنزانته بانتظار "الفرج"، والإفراج. وتوحّد النظام السوري، بذلك مع معارضته الديمقراطية جداً، في لغز الألغاز في الموقف من الدكتور دليلة في واحدة من صدف الزمان العجيبة اتجاه أحد أقطاب الربيع الموءود بعدم إضفاء أي "اعتبار سياسي" عليه، ولم يشمله بالعفو الصادر عن مشاهير السجناء السياسيين في سوريا. وحين لفّت عريضة ما سمي بـ "الإعلان الديمقراطي"، وسميناه "تجنيا" بإعلان قندهار الذي يهلل له مروجوه على أنه فتح الزمان الوحيد، ودارت " سرا" على بعض من أولئك السجناء داخل السجن، مرت، "خلسة"، بجانب زنزانة شيخ السجناء السوريين البروفيسور دليلة، وغضت الطرف عن وجوده في السجن، متجاهلة إياه، تماما، كما فعل "فرمان الإعفاء"، وأكملت العريضة الديمقراطية "الوطنية"، فيما بعد سبيلها النضالي والوطني إلى رموزالمعارضة السورية في الخارج بكل أطيافهم من فلول المتمركسين، وشيوخ الأصوليين، وبقايا القومجيين الأبطال، لتتحفنا بإعلانها الوطني الفريد، والهام.
ولقد جاء هذا العفو، وبرغم كل ما يقال، على خلفية انعقاد المؤتمر العام لاتحاد المحامين العرب في دمشق، ودرءا لأي إحراج قد يسببه وجود هؤلاء في السجن، أكثر مما هو امتثال لحاجة ملحة لتحقيق نوع من الانفراج، وتنفيس الاحتقان داخليا، في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها سوريا، بما يعزز من صمودها، ومقاومتها، فعلا، وليس خطابيا، وبلاغيا. لأنه من التناقض الفاقع أن يبقى هؤلاء السجناء رهن الاعتقال، في الوقت الذي سيدعو فيه المحامون العرب الأشاوس "حماة الحريات الإنسانية"، إلى ترديد، والتأكيد على لازمات الديمقراطية، والحرية، وحقوق الإنسان التي فقدت أي معنى، وبريق لها في ظل إمعان أنظمة الاستبداد في انتهاك أبسط المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وزج الأحرار في السجون، والمعتقلات وترك الفاسدين والمافيات أحرارا طلقاء، ينعمون بما كسبت أيديهم من خيرات الأوطان. ولقد أدت هذه الخطوة غير المكتملة، إلى إفراغ تلك البادرة من محتواها الإنساني والتسامحي الرمزي في تجاوز الماضي الأليم، بكل منغصاته، والتأسيس على حاضر جديد خال من كل عيوب، وانتكاسات، ونواقص المرحلة الآفلة. وقد قال البعض بأن ليس لهذه الخطوة أي بعد، أو مدلول سياسي، برغم أهميتها وتوقيتها الدقيق، وكأنما لسان حال "المصدر المسؤول" يقول أن السياسة لا تجتمع مطلقا مع الفعل الطيب الجميل والأخلاق، وأن لا تنازل أبدا، ولا امتثال نهائيا لأية رغبة شعبية ومهما كانت بسيطة، برغم حجم الاستحقاقات الكبيرة التي تتراكم يوما بعد آخر.
وشخصيا، أتفق، برغم الاحتفالية الطاغية ووهج الخطاب الملتهب، مع كل ما جاء في كلمة السيد سامح عاشور، رئيس اتحاد المحامين العرب، في كلمته التي أعادتنا لأجواء حقبة ناصر، العرّاب الروحي الأول للاستبداد الذي ساد، ولذاك الخطاب الحماسي الذي يأسر الألباب، ويلهب المشاعر، ولاسيما لجملة المبادئ العامة التي تتعلق بالمواقف الوطنية والشريفة الأصيلة من العدوان والاحتلال والاستعمار، ومع التركيز الأهم على الجانب الأبرز، وهو أن العبيد لا يدافعون، ولا يجيدون القتال، ولكي تكون الأوطان حرة وتنتصر على الأعداء، فيجب أن يكون أبناؤها أحرارا أولا. فـ "العبد لا يكر" كما ردد ذاك الجاهلي عنترة بن شداد منذ، خمسة عشر قرنا بالتمام والكمال. وحين يشير السيد عاشور لهذا، فهو حتما، ليس مشبوها، وليس متآمرا، ولن يشكك أحد بمواقفه المؤيدة لسورية قلبا وقالبا، ونحن، معه في هذا أيضا، جملة وتفصيلا. وحين يذكّر، ويدعو صراحة لإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، ومن ضمنهم الدكتور عارف دليلة لأسباب إنسانية، ووطنية بالمقام الأول، فهو وبلا شك لأنه يحب سورية، وستكون هذه دعوة أخرى، وحتما ليست أخيرة، ومن جانب محايد، لإقفال هذا الملف الأسود نهائيا. فعارف دليلة ليس لصاً، ولا سارقاً، ولا قاتلاً، وخروجه من السجن لن يشكل أي انتهاك للقانون أو تهديدا للأمن، ولن يضعف الوطن، على الإطلاق بوجود هذا الكم الكبير من الفاسدين خارج السجن.
كم تمنى معظم السوريين أن تكون تلك الخطوة سياسية فعلا، وجوهرا، وذات دلائل وأبعاد إصلاحية جدية، تعقبها أخريات لا مجرد خبر آخر مزعج يوتّر الأعصاب، ويكظم الغيظ، ويولد الإحباط. خطوة تنبئ بعهد جديد من التسامح والانفتاح يشمل عموم السجناء، وبمختلف الأطياف، أم هل ستبقى البحبوحة والسعادة والانشراح، وكالعادة، حراما، و محظورة في بلاد الشام؟ وكم كانت العائلة الكريمة لسجين الرأي الكبير، وأبناؤه سيحفلون به، ويفرحون، ويصفقون لهكذا قرار، بعد التئام الشمل، وعودة رب الأسرة إلى أرض الديار، بعد أن مرت السنون وطال الغياب؟ ولكانت هذه الخطوة، لو حصلت، ستثلج، حتما، صدور جميع المحبين، والخائفين القلقين على سوريا من تبعات الإعصار، وليس السيد عاشور أولهم، أو آخرهم، على أية حال.
وسنرى عند ذاك إن كانت العريضة "الديمقراطية"، برموزها العرضحالجيين الأبرار، ستنفصل هذه المرة عن "رؤية" النظام، وستدلف على بيت البروفيسور دليلة، ليس للتوقيع، ولا سمح الله، ولكن لمجرد تهنئة، بعودة سالمة، وميمونة، للأهل والأحباب.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكم النسوان
-
نحو استراتيجية أمنية جديدة
-
سيمفونية في البرلمان
-
يوم المزبلة الوطني
-
خدام في المنطقة الحمراء
-
بأية فضيحة عدت يا عيد
-
سامحكم الله أيها الرفاق
-
مقالب خدّام
-
نكتة الموسم الشامية
-
حرب المزابل والنفايات السياسية
-
المنشق السوري الكبير
-
تعقيبا على تعقيب
-
مرايا السوريين
-
البرلمان العربي: سراب السراب
-
شجرة الحرية
-
الحجاج نويل
-
الأجندة العربية والأجندة الأمريكية
-
صلوات لاستسقاء الديمقراطية
-
نقطة نظام
-
عندما تطفئ الشموع
المزيد.....
-
بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
-
مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا
...
-
إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
-
مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى
...
-
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
-
مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري
...
-
لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
-
مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر
...
-
لندن.. اعتقال نتنياهو ودعم إسرائيل
-
اعتقالات واقتحامات بالضفة ومستوطنون يهاجمون بلدة تل الرميدة
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|