أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي مقلد - دماء على كرسي الخلافة – 2















المزيد.....

دماء على كرسي الخلافة – 2


علي مقلد

الحوار المتمدن-العدد: 5475 - 2017 / 3 / 29 - 17:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



في البداية ، أكرر ما قلته سابقا ، بأن نقد ونقض التاريخ الإسلامي ، ليس بالضرورة محاولة للإنقاص من رموزه وشخوصه ، بل محاولة لإنقاذ رقابنا نحن وأبنائنا من سطوته وأفكاره التي لا تزال متغلغلة في أذهان البعض ، هؤلاء الذين راحوا يقطعون الرقاب ويسفكون الدماء ويستحلون الأعراض والأموال ، بغير حق ظلما وعدوانا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ،وأنهم بذلك يتقربون لله ، ويعيدون للدين مجده ، وعندما تجادلهم يقولون هكذا فعل أبناء خير القرون ،وأن صلاح حاضر الأمة لا يصلح إلا بما صلح عليه أولها ، ويتناسون غفلة وعمدا أن الأمم لا تؤسس على الدماء وإلا تكون همجية وحشية مهما ارتدت من ثياب محلاة بالشعارات المزيفة ،والعبارات المنمقة .
لذلك لن تجفف منابع التطرف والإرهاب ، وكلما قطعت أذناب فرقة إرهابية ظهرت غيرها ، ما لم يتم القضاء على فكرة قدسية منصب الخليفة ،وأن يعرف المسلمون أن "كرسي الخلافة " كان ابنا لزمانه ومكانه ،واستعارته من موضعه الزماني والمكاني ،معناه إهدار لكل ما توصلت إليه البشرية طيلة القرون الماضية من علم وتحضر وسياسة ،ولعل الشيخ الجليل علي عبد الرازق قد حسم من الناحية الشرعية قضية الخلافة وأنها ليست من أصول الدين في كتابه العبقري الخالد "الإسلام وأصول الحكم" لكن طيور الظلام حاربته في عصره ،وقضت على فكرته التي لو ذاعت بين الناس لوفرت الكثير من الدماء ،تلك الدماء لا شك يتحملها أولئك المنغلقون الذين حاربوا ولا يزالون يحاربون كل فكرة تؤسس لمنهج جديد في التعاطي مع القضايا الملتبسة في التاريخ الإسلامي ،هم قتلة وإن لم يحملوا سيفا أو بندقية ،هم قتلة بصمتهم وجهلهم ورجعيتهم ،وبيع ضمائرهم ... يقول عبد الرازق : “والخلافة ليست في شيءٍ من الخطط الدينيّة، كلا ولا القضاء ولا غيرهما من وظائف الحكم ومراكز الدولة، وإنّما تلك كلّها خطط سياسيّة صرفة، لا شأن للدين، فهو لم يعرفها ولم ينكرها، ولا أمر بها ولا نهى عنها، وإنّما تركها لنا، لنرجع فيها إلى أحكام العقل، وتجارب الأمم، وقواعد سياسيّة، ويضيف الشيخ عبد الرازق "كما أنّ تدبير الجيوش الإسلاميّة، وعمارة المدن والثغور، ونظام الدواوين لا شأن للدين بها، وإنّما يرجع الأمر فيها إلى العقل والتجريب، أو إلى قواعد الحروب، أو هندسة المباني وآراء العارفين.” ويتابع : “لا شيء في الدين يمنع المسلمين أن يسابقوا الأمم الأخرى، في علوم الاجتماع والسياسة كلّها، وأنّ يهدموا ذلك النظام العتيق الذي ذلوا له واستكانوا إليه، وان يبنوا قواعد ملكهم، ونظام حكومتهم، على أحدث ما أنتجت العقول البشريّة، وأمتن ما دلّت تجارب الأمم على أنّه خير أصول الحكم"
ونعود لقصة "الخلافة الإسلامية" ونحن هنا لا نسرد التاريخ ولكننا نقرأ مشاهده المؤثرة ،التي لا تزال تنضح بالدم ،ولعل مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه ،هو النقطة الجوهرية والمفصلية التي نتجرع توابعها حتى الآن ،فالرجل الذي انتخبته الهيئة المكونة من ستة أفراد بناءا على وصية الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ، وبعد مشاورات قام بها عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ، قابل خلاله كبار الصحابة ،وانتهى الأمر بأن بويع بن عفان أول خليفة من فرع بني أمية ،لكن من ينظر لطريقة الشورى والبيعة لعثمان يجد أنها تمت بطريقة بعيدة عن كونها طريقة دينية ومخالفة لاختيار سابقيه أبو بكر وعمر مما يدحض كون الأمر شأن ديني ، فأبو بكر أوصى لعمر الذي أوصى بدوره بعدما أيقن أنه راحل لا محالة بعد ستة طعنات من خنجر ذي نصلين عاجله به أبا لؤلؤة الفارسي ، لستة أشخاص وكذلك اختار الاسم المرجح بنفسه .. كل ذلك يؤكد أنه لا توجد طريقة بعينها لولاية السلطة في الإسلام بقدر ما هي شأن دنيوي يختاره البشر وفق مقتضيات الحال ومتطلبات الواقع.



يجئ عثمان للحكم بأفكار جديدة تؤكد أن الرعيل الأول قبل اندلاع الفتن كان يعرف مغزى الحكم وأنه شأن دنيوي ، فعثمان الذي أشار وفق روايات تاريخية متعددة على عمر بفكرة إنشاء الدواوين وكتابة التأريخ والذي عرف فيما بعد بالتأريخ الهجري ، وهو أيضا من اقترح أن يكون شهر محرم هو بداية السنة ،وكلها أفكار وليدة عقل بشري حاول من خلاله عثمان وهو مستشار لعمر أن يحذو حذو الأمم المتحضرة المجاورة ، ولم ينظر أحد إلى أن ما يقوله عثمان أو يفعله عمر باعتباره بدعة يقذف صاحبها في النار، هكذا بدأ عثمان حكمه بأفكار جديدة وظل في الحكم اثني عشر عاماً، تم خلالها ضم عدد من البلدان بحيث توسعت الإمبراطورية الإسلامية في أيام خلافته فضم أرمينية وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وأنشأ أسطول بحري لغزو قبرص ،وكل هذا ليس بعيدا عما كانت تفعله كل الإمبراطوريات في ذلك الوقت .. لكن زيادة الرخاء جراء غزو البلاد المجاورة ،بقدر ما أنعش خزائن المسلمين وظهرت القصور والبساتين في الحواضر الإسلامية لكبار الصحابة والتابعين ، بقدر ما أحيا في بعضهم عصبيتهم القبلية ،وبدأ بعضهم يرتدون إلى أصولهم ونزاعاتهم القديمة ،كما أن ظهور جيل ثان لم يتغمده قوة الإيمان بالفكرة في سياقها البعيد عن السلطة والغزو والصراع ،ساهم كل ذلك في زيادة تلك النعرات يوما بعد يوم ،كما أن الخليفة عثمان بدأ – من وجهة نظر معارضيه - أنه يحيد عن الطريق المستقيم في الحكم ،وأنه يجامل أهل الثقة من أقاربه ،ويفضلهم على أهل الخبرة ، وضج كثيرون ، واستغل آخرون الغضب ونفخوا في نيران الفتنة ،حتى جاء "يوم الدار"

في ذلك اليوم امتلأت المدينة بغبار الفتن ،وحاول بعض الصحابة تهدئة القادمين من الأمصار تارة وأن يسمع لهم الخليفة تارة وكادت مساع الصلح تنجح ،وكادت غرابيب الشر تغادر "المدينة المنورة" وكاد المتظاهرون الذين حاصروا دار الخلافة أن ينفضوا إلى ديارهم بعد أن خطب فيهم علي بن أبي طالب بكلام رقيق أزال عنهم غشاوة العصبية ،لكن في داخل بيت الخلافة ، كان الأمويون يحرضون الخليفة على عدم الرضوخ لأوامر الثائرين عليه ،وفي تلك اللحظات العصيبة يكلف عثمان مستشاره عثمان بن الحكم الأموي للخروج للناس ،فيخرج ذلك الأموي ليؤسس لفقه جديد في السلطة حيث يقول "كأنكم قد اجتمعتم لنهب ،وجئتم تريدون أن تنزعوا عنا ملكنا من أيدينا ... ارجعوا إلى منازلكم فإنا والله ما نحن بمغلوبين على ما في أيدينا" ... هكذا أراد بني أمية أن يحولوا الخلافة إلى أسرة ملكية حاكمة كما فعلوها فيما بعد على يد معاوية بن أبي سفيان.
بالطبع لم ينته الأمر حتى هاجم الثائرون دار الخلافة ،ثم هجموا على عثمان بن عفان فقتلوه، وهو يقرأ في المصحف ... ومن هنا انفجر شلال الدم ،ليلطخ كرسي الخلافة ،ويبدأ المسلمون رحلة مأساوية من قطع الرقاب وذبح الأعناق ، وسفك الدماء المحرمة ،بحثا عن "الخلافة المفقودة" .... في المقال القادم نفتح جرح "الفتنة الكبرى" للوقوف على أصل حكاية داعش ، ومنبتها ،وحقيقتها ، ومن سار قبلها وسيسير بعدها على طريق الدماء



#علي_مقلد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دماء علي كرسي الخلافة - 1


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي مقلد - دماء على كرسي الخلافة – 2