أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زهير الخويلدي - فلسفة الحياة اللاّفلسفية














المزيد.....

فلسفة الحياة اللاّفلسفية


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 5475 - 2017 / 3 / 29 - 02:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



" كل سبل الحياة الفلسفية هي أنماط حياة طباع متعددة حددها العقل والعادة وكلها منعطفة نحو ملذات الحياة ونحو تحقيق الكينونة"1
في البدء تبدو الفلسفة philosophie على خلاف تام مع الحياة، فهي تمكن المرء من الانتماء إلى دائرة التفكير وترتبط بحب الحكمة وتحتل مكانة بارزة في نطاق المعرفة وتشتغل على الاستدلال البرهاني، في حين ظل المرء يتحرك ضمن غريزة الحياة وينتج تصورا للعالم وينمي مقدرة ذاتية للتصرف وفق جملة من التوجيهات الحياتية ويرهن التقدم الاجتماعي بالمعرفة العلمية ضمن رؤية علمانية للوجود تعتمد على الإنسانوية ومبادئ الأنوار وتناهض الدين. ترتبط الفلسفة بمحب الحكمة الذي يظل في مرتبة وسطى بين الجاهل الذي يعتقد في المعرفة والحكيم الذي يمتلك علم المطلق ويدرك الغايات النهائية والعلل القصوى.
كما يمكن التمييز بين الحياة البديهية التي تمثل ميدان عمل رغبات الجسد وتحقق الحاجات المادية والمصالح الدنيوية والحياة الفكرية التي تتغذى من استعمال العقل والتدرب على طرح الأسئلة وتتحول إلى مغامرة فكرية ورحلة وجودية تبحث من خلالها عن المعنى والقيمة وتراجع البديهيات وتحرك السواكن. من هذا المنطلق يدخل الفيلسوف في صراع مع الحياة البديهية ويصمم على الذهاب نحو الحقيقة والمعنى بالإعراض عن الجزئي والارتفاع إلى المطلق والتجاوز نحو القيمة ويترتب عن ذلك نفورا ومعارك. وبالتالي "يزداد صراع الفيلسوف البطولي حدة بظهور عدو آخر ويبدو حقا أن العالم كله يتحدد لينكر على الفيلسوف حقه في التفكير الحر...ولم يسمح للفيلسوف بالتفكير الحر إلا في فترات قصيرة فحسب... وموقف الفيلسوف لم يكن آمنا يوما فإنه لا يستطيع أن يطمئن لاستقلاله وإنما يبقى دائما هدفا للنفور"2
أما الحياة vie في معناها البيولوجي فهي مجموعة من الأنشطة التي يتميز بها الكائن الحي عن المادة الجامدة وتتمثل في وظائف التغذي والحركة والإنتاج والنمو وتقترن بالدوافع والبواعث والنوازع والغرائز وتتصف بالديمومة والأسلوب والبرنامج والنسق وتقتضي من الكائنات التسلح بالأمل والعمل والإرادة والعزم والزيادة في الرغبة وتفترض التخلص من الألم والحاجة والعوز وجلب المنفعة وابتغاء الأحسن.
هكذا تكون الحياة بطبعها المادي غير فكرية وبلا روح وتكون الفلسفة بحسها الإشكالي وروحها الثائرة معاندة لكل بداهة ومداهمة لكل عادة ويكون التدرب على الحياة أبعد غاية يمكن أن يسعى الفيلسوف اليها.
لكن من حيث المبدأ نجد الفلسفة التي تمثل شكلا من التراث الفكري بصفة خاصة تهتم بتدبير أنماط الحياة وتتحول الحياة عند البعض الآخر إلى منبهات على التفلسف والدافع الأبرز على التفكير وإرادة الاقتدار. كما تتحول الفلسفة إلى مجال من المعرفة المختصة التي تهتم بتوجيه جملة من المناهج والتقنيات بغية الإقامة في العالم وخدمة تصور معين للحياة وتساعد الناس على استخدام عقولهم في اتجاه نيل سعاداتهم.
جملة القول أن" الفلسفة تقوم إذن على تجربة للوجود الإنساني في أشد حالات امتلائه ، وهذه التجربة تتكامل فيها حياة الإنسان العقلية والوجدانية والإرادية"3 فهل سيظل موقف الفيلسوف مناهضا للسائد؟ألم يقل فلاديمير يانكلفيتش:" طالما أننا نبحث عن "ماهو نفسه هذا"، فلن نكون قد عثرنا عليه لأننا لما نزل نبحث عنه، وما أن نجده حتى لا نعود نمتلكه، لأنه بحصر المعنى ما يمكن لقاؤه، لأنه ليس وجودا... لقد أضعنا بالإجمال ما لم نجده على الإطلاق، أو بالأحرى لا، لقد أضعناه عند العثور عليه"4 ؟

الإحالات والمراجع:
[1] فريدريك نيتشه ، إنسان مفرط في إنسانيته، كتاب العقول الحرة، ترجمة محمد الناجي، طبعة أفريقيا الشرق، الجزء الثاني، طبعة 2001. شذرة 86، ص 148.
[2] نيقولاي برديائف ، العزلة والمجتمع، ترجمة فؤاد كامل، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد، العراق، طبعة ثانية، 1986، ص25.
[3] نيقولاي برديائف ، العزلة والمجتمع، مرجع مذكور، ص30.
[4] فلاديمير يانكلفيتش، فلسفة أولى، ترجمة سعاد حرب، مؤسسة مجد، بيروت، طبعة أولى، 2004، ص144

المراجع والمصادر:
فريدريك نيتشه ، إنسان مفرط في إنسانيته، كتاب العقول الحرة، ترجمة محمد الناجي، طبعة أفريقيا الشرق، الجزء الثاني، طبعة 2001. شذرة 86، ص 148.
نيقولاي برديائف ، العزلة والمجتمع، ترجمة فؤاد كامل، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد، العراق، طبعة ثانية، 1986،
فلاديمير يانكلفيتش، فلسفة أولى، ترجمة سعاد حرب، مؤسسة مجد، بيروت،لبنان، طبعة أولى، 2004،

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخارج التجارب التعاونية من الأزمة الإقتصادية
- بنية الواقع الافتراضي ومعايير الموضوعية العلمية
- ثقافة الذكاء بين اللغوي والإرادي
- وسائطية التربية بين إعداد الفرد وتنمية المجتمع
- ينبغي أن يحطم العلم في البداية الرأي
- راديكالية التدمير وإستراتجية التجذير
- رحلة الفيلسوف من تحرير الحقيقة الى تحقيق الحرية
- تجذير الممارسة النضالية ضرورة نقابية
- أزمة الوعي الديني بين ملجأ الهروب وتضامن الالتزام
- الوعود الثورية للحدث الشعبي 14 جانفي
- غياب المصلحة من التفاوت وضرورة الدفاع عن المساواة
- إعادة تشكيل الفضاء الفلسفي السياسي
- تاريخية تفوق الغرب وراهنية الاستئناف
- النظر الداخلي إلى الذات بين لوك وريكور
- فن الإصغاء إلى الذات وتنمية الاهتمام بالعالم
- النزعة اللاّمادية ونقد الأفكار المجردة عند جورج بركلي
- حال الحرية في اليوم العالمي لحقوق الإنسان
- حضور الفلسفة في الزمن التاريخي
- العالم يودع أمميته برحيل كاسترو المضاد لعولمته
- تحيين المشروع الفلسفي عند طيب تيزيني وسط عنف التحولات المجتم ...


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زهير الخويلدي - فلسفة الحياة اللاّفلسفية