|
الأصوليون بين حياتهم اليومية ومعتقداتهم
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5474 - 2017 / 3 / 28 - 12:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الأصولى المريض بالسكرهل يبحث عن آية تشفيه أم عن الأنسولين؟ وإذا تعطلتْ سيارته فهل يبحث عن آية إصلاحها أم عن ميكانيكى؟ يـدّعى الأصوليون المؤمنون بالديانة العبرية بشعبها الثلاث (اليهودية/ المسيحية/ الإسلام) أنّ كتبهم هى المرجعية الأساسية لمجمل حياتهم، وأنه يجب تطبيق ماورد فيها من نصوص، خاصة فيما يتعلق بالتشريعات التى تحكم علاقة المواطن بوطنه. وبينما هم يكتبون ذلك فى كتبهم ومقالاتهم، ويـُـروّجون له فى الميديا المرئية والمسموعة، فإنّ سلوكهم اليومى على أرض الواقع، يـُــكذب مزاعهم، فإذا كانوا يتمسكون بحكاية (التشريعات) والرغبة المحمومة لعودة عقارب الزمان إلى الخلف والتخلف، بمراعاة أنّ نصوص كتبهم لاتتوافق مع معطيات العصرالحديث، ورغم ذلك يستخدمون الفضائيات، التى هى أحد انجازات علم الفضاء، فهل يستطيع أى أصولى من أى شعبة، الإشارة إلى نص (مقدس) عن كيفية التوصل إلى (مجال اتصال البشرعبرقارات الكرة الأرضية)؟ ويستخدمون الطائرات ولكن هل توقف أحدٌ منهم أمام اكتشاف (قانون الجاذبية) الذى بفضله ساعد العلم التطبيقى على أنْ يرتفع خام الحديد أوالألمونيوم فوق الأرض (ويتجاوزها) ويطيرمُـحلــّـقــًـا فى الفضاء؟ وهل يستطيع أى أصولى من أية شعبة الإشارة إلى نص (مقدس) ورد فيه كيف تـمّ اكتشاف الأمصال والعقاقيرالطبية التى قضتْ على أمراض: السل، الجدرى، شلل الأطفال، التيفود؟ أوكيف تـمّ اكتشاف (دواء الأنسولين) الذى أنقذ الملايين من (مرضى السكر)؟ وإذا تعطــّـلتْ سيارة الأصولى، فهل يبحث عن نص فى كتابه (المقدس: التوراة/ الأناجيل/ القرآن) أم يبحث عن ميكانيكى سيارات؟ ولأنّ الأصوليين فى شـُـعب الديانية العبرية الثلاث متشابهون، فإنّ الأصوليين المسيحيين فى القرن التاسع عشر، اعترضوا على استخدام مخدرالكلورفورم (البنج) الذى تـمّ اكتشافه عام1847واستخدمه بعض الأطباء فى تخديرالمرأة أثناء (الولادة القيصرية) وكانت ذريعة الأصوليين آية فى التوراة ((بالوجع تلدين أولادًا)) (تكوين:3/16) وهذا الاعتراض الكهنوتى لم يستمر، فهل يستطيع أى حاخام أوقسيس أوشيخ أنْ يمنع زوجته أوابنته من استخدام البنج عند الولادة القيصرية؟ وكذلك قاوم الكهنوت المسيحى استخدام (مانعات الصواعق) حيث كان الكثير من البشريتعرّضون للقتل أوالإصابة بسبب البرق والرعد الشديديْن، لأنّ (هذه المخترعات ضد إرادة الله) ولكن هذا الكهنوت اضطرأنْ ينحنى للواقع بعد أنْ دمّرتْ صاعقة أحد الأديرة، بينما لم تمس أحد بيوت الدعارة بأى سوء، لأنّ سكانه استخدموا (مانعة صواعق) (الإسلام والعلم- برويزعلى بهائى- ترجمة محمود خيال- المجلس الأعلى للثقافة- عام2005- ص76) وهل يستطيع أى أصولى من أى شـُـعبة إدعاء أنّ (علم التشريح) لايجب تطبيقه على البشر؟ لقد تصدى الكهنوت الدينى (طوال العصورالوسطى) لهذا العلم باعتبارأنّ التشريح ((عبث فى جسد إنسان ولايجب العبث فيما خلقه الله)) فهل يستطيع أى عقل حرإنكاردورالعالم (هارفى) مكتشف الدورة الدموية؟ وعن التعصب للمعتقدات الدينية الراسخة فى عقول المتشبثين بالنصوص الدينية، فإنّ الجامعات الإسبانية استمرّت فى حظرتدريس الدورة الدموية حتى نهاية القرن الثامن عشر، وحظرالتشريح من أى تعليم طبى. وحتى التلقيح ضد مرض الجدرى أثارعاصفة من الاعتراضات من جانب الكهنوت الدينى، لدرجة أنّ أحد القساوسة الانجيليين نشرموعظة قال فيها إنّ قروح أيوب ترجع إلى أنّ الشيطان هوالسبب. ولم ينهزم الكهنوت إلاّبعد أنْ وافقتْ الامبرالطورة كاترين عام1768 على تلقيحها هى وابنها ضد مرض الجدرى. فكان تعليق الفيلسوف البريطانى برتراند رسل ((إنّ الضررالذى ألحقه اللاهوت لايتلخص (فقط) فى خلق نوازع القسوة، بل أيضًـا فى إضفاء الشرعية على التظاهربالأخلاق وإضفاء مايبدوأنه قداسة على ممارسات ترجع إلى عصورأكثرجهلا وبربرية)) (الدين والعلم- ترجمة رمسيس عوض- كتاب الهلال- فبراير1997- ص103) وكتب عالم الفلك كارل ساجان أنه يجرى صنع كمبيوترقادرعل إصلاح أعطابه بنفسه. فقد حلــّـت شرائح السليكون محل كمبيوترات كاملة. ونستطيع اليوم أنْ نضع كل إمكانيات جهاز راديوعلى طرف دبوس، وهوما سيـُـحدث ثورة فى الأجهزة المنزلية، وأجهزة تـُـزرع تحت الجلد لتنظيم ضربات القلب (رومانسية العلم – ترجمة د. أيمن توفيق- مكتبة الأسرة- عام2010- ص218، 219) وبينما العالم يسيرإلى الأمام، فإنّ الأصوليين مع السيرإلى الخلف، وذكرالبرفيسورمحمد عبدالسلام الحاصل على نوبل فى الفيزياء أنّ ((العلم أضعف مايكون فى البلاد الإسلامية)) وأنّ البلاد الإسلامية (كلها) فيها 300ر3عالم، بينما فى إسرائيل100ر6عالم. وفى مقارنة بين العرب وإسرائيل فى الانتاج العلمى، فإنّ انتاج العرب يساوى 1%(فقط) من إنتاج إسرائيل (رومانسية العلم- مصدرسابق- من ص92- 94) وعن الفرق بين المستوى العلمى فى باكستان (الإسلامية) ومقارنته بالمستوى العلمى فى الهند (العلمانية) والبروباجندا حول (البرنامج النووى الباكستانى) فإنّ الوقود اللازم لتشغيل المفاعل أمدته به كندا، عكس الهند حيث الاعتماد على العلماء الهنود لتشغيل المفاعل. وبدأ تدهورالتعليم فى عهد الجنرال ضياء الحق، لدرجة منح20درجة إضافية للمتقدمين لكليات الهندسة لمن يحفظ القرآن. إلى أنْ وصل الأمرإلى (مرحلة أسلمة التعليم) بينما يوجد فى الهند12مؤسسة متخصصة فى علوم الفيزياء والهندسة، إضافة إلى مركز(بهابها) للبحوث الذرية. وأنّ معهد التكنولوجيا بمدينة (كانبور) يزيد بكثيرعن إجمالى كل المؤسسات الباكستانية. ووصل الانهيارفى حكومة الجنرال ضياء الحق (العسكرية/ الإسلامية) لدرجة أنّ حملة الدكتوراه (فى المواد العلمية) عليهم الإجابة أمام اللجنة عن: 1- ما أسماء زوجات الرسول؟ 2- اتل دعاء القنوت 3- اتل أسماء الله الحسنى..إلخ. وفى المؤتمرات (العلمية) العديدة تحت عنوان (المعجزات العلمية فى القرآن والسنة) كانت تدورحول وجود معجزات، مثل التأكيد على أّنّ النظريات الحديثة مثل الفيزياء تستند إلى القرآن، وأهمية إدانة (العلم الغربى) وفى أحد المؤتمرات (العلمية) كان من بين الموضوعات المطروحة للمناقشة: التركيب الكيمائى للجن وعلاقته بسورة النحل فى القرآن..إلخ (برويزعلى- مصدرسابق- ص284) ¬¬ 000 هامش: كارل ساجان (1934-1996) عالم أمريكى. من أبرزالمساهمين فى علم الفلك والفيزياء الفلكية. قام بتقديم برنامج تليفزيونى بعنوان (الكون) وفيه شـَـرَحَ علم الفلك. من كتبه (تأملات عن تطورذكاء الإنسان) (وبلايين وبلايين) و(كوكب الأرض نقطة باهتة) إلخ. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حجاب المرأة بين انتشاره وإلغائه
-
مغزى أنْ ينضم السيف والعمامة ضد الفن
-
لماذا التضليل فى تفسير القرآن ؟
-
لماذا وافق الوحى عمربن الخطاب كثيرًا ؟
-
لماذا قال نبى الإسلام ((الجنة تحت ظلال السيوف))؟
-
اختلاف كتابة القرآن عن الكتالة الحديثة
-
كيف يكون الأصولى من التنويريين؟
-
لماذا ألقى الإسلام على ما كان فى الجاهلية؟
-
لماذا طالب ادوارد سعيد بتحسين شروط التبعية؟
-
مغزى تشابه الأساطير والأديان
-
أزهريون يكفرون زميلا لهم
-
إصرارالأصوليين على رفض حق الاختلاف
-
هل يمكن كسر قيود الطاعة بعد تغلغلها ؟
-
قرار أتاتورك الذى هزّ الثوابت
-
خديعة يناير2011
-
النظام وحزب الضلمة الشهير(بحزب النور)
-
مغزى تضامن الكاب والعمامة لمصادرة الفن
-
لماذا حرق مسلمون موحدون الكعبة ؟
-
لماذا اختلف الفقهاء والمفسرون فى فهم القرآن
-
الأصوليون وتحجر العقول
المزيد.....
-
قائد -قسد- مظلوم عبدي: رؤيتنا لسوريا دولة لامركزية وعلمانية
...
-
من مؤيد إلى ناقد قاس.. كاتب يهودي يكشف كيف غيرت معاناة الفلس
...
-
الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|