أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - الأرنبُ الصغير … يا وزير التعليم!














المزيد.....

الأرنبُ الصغير … يا وزير التعليم!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5473 - 2017 / 3 / 27 - 00:37
المحور: حقوق الانسان
    


=================

“فَرِحَتِ الأرَانِبُ وَرَقَصَتْ وَغَنَّتْ لِأنَّهَا تَخَلَّصتْ مِنَ الأسَّدِ. وَعَاشَتْ فِي سَلامٍ وأَمَانٍ.” كانت هذه قطعة إملاء لطيفة بعنوان: "الأرنبُ الصَّغِير"، كتبها طفلٌ في سِنيّ عمره الأولى بإحدى مدارس مصر التابعة لوزارة التربية والتعليم. كَتبَها التلميذُ الطفلُ بتنضيد جميع الحروف، تمامًا كما هي ظاهرة بالمقال. ولأمانة النقل لم يخطئ، إن كان يُعدٌّ خطأً، إلا في وضع "سكون" على حرف التاء في كلمة "فَرِحَتْ الأرانبُ"، تلك التي استبدلتُها أنا بالكسرة: "فَرِحَتِ الأرانبُ"، (لعدم التقاء ساكنين). فيما عدا هذه التفصيلة المعقدة على طفل، لم يخطأ التلميذُ أي خطأ لا في الإملاء ولا في النحو والصرف. كما ترون، طفلٌ واعدٌ أمسك بزمام اللغة العربية على نحو أرقى إجادةً ووعيًا من كثير من خريجي الجامعات المصرية، حتى من أبناء الكليات الأدبية. بارك الُله في الطفل الجميل وفي وعيه المبكّر، وبارك في أسرته التي دون شكّ كانت وراء ذلك الإحساس الجميل بأجرومية اللغة العربية الصعبة. لكن هناك عنصرًا آخر غير الأسرة يتدخل في تعليم الطفل. "المعلّم”. لا شكّ أن هناك معلّمًا جميلا أو معلّمة جميلة وراء هذا الوعي اللغوي. ولكنْ... وآهٍ من "لكن"، تلك التي تختبئ وراءها الكوارثُ دائمًا. لكنّ للأسف " يتعاقبُ المعلمون ويختلفون". هذ الطفلُ أنشأه معلمٌ ذكيٌّ أو معلّمة ذكية في العام الماضي، فتكوّنت تلك الإجادةُ اللغوية المبكّرة. لكن معلّمة هذا العام جاءت لتُفسد ما صنعته معلّمةُ العام الماضي.
بالقلم الأحمر الغليظ، شطبت المعلمةُ (المُصحِّحَةُ المِصَحْصَحَةُ المثقفةُ بتاعة المدارس )، شطبت على كلمة (تَخَلَّصت) التي كتبها الطفل على نحو الأصح والمُشكّل المُنضّد، وكتبت فوقها بكل جسارة وجرأة وثقة عجيبة بالنفس، وبذات القلم الأحمر الغليط: "تخلاصت"!!!! ثم خصمت درجةً من درجاته زورًا وظلمًا، وأعطته 10/9 !!!!! وكأنما أنقصتِ المعلمةُ تلميذَها درجةً من عشرة مقابل خطأها هي، لا خطأه هو!!!
الحكاية أخطرُ من درجة تزيدُ أو تنقص. الحكاية أن هذا التلميذَ سوف ترتبك موازينُه. لأن المعلم بالنسبة للتلميذ الصغير، له قيمةٌ تقترب من القداسة والتنزيه عن الخطأ. أذكر وأنا طفلة صغيرة، أنني كنتُ أنظر إلى معلّماتي كأنهن أنصافُ آلهة. ربّاتٌ إغريقيات من جبال الأولمب. كنتُ مؤمنة أنهنّ جمعن المعارفَ والعلومَ والفنونَ جميعَها في رؤوسهن. لا يُخطئن كما نخطئ نحن البشر العاديين. حتى أنني أذكر صدمتي المروّعة حين دخلتُ الفصلَ يومًا بعد الفُسحة ولمحتُ "ساندوتش" في يد ميس سميحة!!! هل تأكلُ المعلماتُ مثلما نأكل؟! هل يجُعن كما نجوع؟! كيف تجوعُ الآلهة وتأكل؟! دعكَ من سذاجتي كطفلة إذا ما قورنت بأطفال اليوم الأكثر منّا فهمًا والأقل خيالا وشاعرية ربما. لكن الحتميَّ أن اهتزاز تلك الصورة المُنزّهة الافتراضية عن المعلّم في ذهن التلميذ، وسقوط الهالة القدسية عن رأس أستاذه، يُربك، دون شك معايير الصغير ويجعله يفقد الثقة في العالم من حوله. إن كانت المعلمةُ لا تعرف، فمن ذاك الذي يعرف؟! إن كانت المعلمةُ تخطئ، فمن عساه لا يُخطئ؟!
تلك المعلمةُ المسكينة هي نِتاج منظومة التعليم الفاشلة منذ عقود طوال في بلادنا. وكذلك لأن حساباتٍ هزليةً جعلت كليات التربية التي تُخرج لنا المعلمين، ليست من كليات القمّة! وهي الأولى أن تكون! المعلّمُ أهمُّ من الطبيب ومن المهندس. لأنه هو الذي يعلّم من سيغدو طبيبًا ومهندسًا وقاضيًا ومحاميًا وسفيرًا وعالِمًا ورئيس دولة وملكًا وسلطانًا. فكيف تكون تلك الكلية بمجموع هزيل في الثانوية العامة؟!
التعليم في مصر كارثيٌّ يا معالي وزير التعليم. حِملك ثقيل كما كتبتُ لك في عمودي بالمصري اليوم يوم توليّك ذلك المنصب العسِر. عليك أن تُصلح ما أفسده من سبقوك. إليك رسالة كتبها أحدُ أبناء ذلك التعليم للإعلامية إسعاد يونس وأرسلتها لنا، نحن أصدقاءها، لكي نحلّ شفرتها معًا. اقرأ معي ماذا كتب:
((مساء الخير يا أوسازة، انا مصمم الأسياء حمادة بون سيواريه، كنت عايز أظهر مع حضرتشك في البرنامج، برنامج كمة كمة كمة، انا عملت استعراض أسياء في دبي!!!!!!! و عمل ضجة كوية جدا، بصمم أسياء و فساتشين كمة، و چِيَب و مناطيل أسطورة يعني، هه؟، أجيلك امتي؟؟؟؟؟"
يا سيادة وزير التربية والتعليم، فضلا، حاول أن تنقذَ هذا "الأرنب الصغير" قبل أن يتحوّل، بفضل تلك المعلمة ومثيلاتِها إلى: “سلحفاة".



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمهاتٌ على أوراق الأدباء
- مَن يكره عيدَ الأم؟
- مصحفٌ من يد دميانة
- محمد عبد الوهاب طاووس الشرق
- تحية احترام للبابا تواضروس
- عزيزي ربنا …. ممكن أعرف عنوانك؟
- أطرقُ باب بيتٍ لا يعرفُ الحَزَن
- المعاصي سرُّ الغلاء .... يقول الإمام
- إنهم يصنعون المستقبل في الإمارات
- المرأةُ العفريت … المرأةُ الصقر
- المعاصي سرُّ الغلاء
- لستُ متسامحة دينيًّا
- رسالة إلى شيخ الأزهر من مصري مسيحي (5)
- الأقباط ليسوا بحاجة إلى بيوتنا بل إلى بلادهم
- فيس بوك من دون زجاج
- امنعوا بناتكم من التعلّم!
- رسالة إلى شيخ الأزهر من مصري مسيحي (6/6)
- إنهم يصنعون المستقبل
- تكفير داعش مسألة أمن قومي
- رسالة إلى شيخ الأزهر من مصري مسيحي (4)


المزيد.....




- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...
- ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها ...
- العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - الأرنبُ الصغير … يا وزير التعليم!