أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عايدة الجوهري - التمرُّد على الله














المزيد.....

التمرُّد على الله


عايدة الجوهري

الحوار المتمدن-العدد: 5472 - 2017 / 3 / 26 - 21:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بالتعريف، المقاتل الجهادي، المعلن أو الصّامت، الإرهابي، هو من قرّر استعمال القوّة في سبيل تغيير مجريات الأحداث، وإجبار الأفراد والمجتمعات على الخضوع لنواميس وتعليمات وأوامر يعدّها إلهية، وتُشترى بدم البشر، وغير قابلة للنقض، بيد أنّ استعمال العنف لصناعة المتغيّرات، يُعدّ وفق المنطق الديني ذاته تمرّدًا على الله، على الرغم من وجود نصوص دينيّة تسوّغه وتشرّعه، مخالفةً بذلك مسلّماتها ذاتها. تلك المسلَمات التي تقوم على الإيمان المطلق بمشيئة الله النافذة، وقدرته الشاملة، فهو، ووفق لائحة أسماء الله الحسنى، تُختصَر مواصفاته بـ «المهيمن»، «المميت»، «الباعث»، «المحيي»، «الجبار»، «المانع»، «الباسط»، «القابض»، «الضار»، «النافع»، «الخافض»، «الرافع»، «الوهاب»، «الرزاق»، إلخ... وكلّها ملكات وقدرات تدخل في دائرة الفعل La Praxis، ودائرة التحكّم العلويّ الشّامل.
وعلى النقيض من ذلك، يُؤمن المجاهدون في سبيل الله بحقّهم في إعادة تشكيل الخلق وفق نظرتهم الممثلنة، أي التدخّل في الصيرورة التاريخية باعتبارها شرّيرة، وهم يعتبرون أنّ الإرادة الإلهية تتدخّل لتبارك هذا العنف ومفاعيله، ولتشكيل ظروف وأسباب استعماله، وكأنّ ما جرى ويجري من أحداث، ويدور من وقائع، يعدّونها موبقات، تخرج عن سيطرة الله، ونفوذه، وجبروته. وفي هذا الافتراض الذي ينقض المسلّمات، يكمن التباس الخطاب الديني اللاتاريخي وغموضه، وعلى وجه الخصوص الخطاب الديني التاريخي، المسوِّغ لاستعمال العنف.
إنّهم من حيث لا يدرون، يسلكون مسلكَ المتمرّدين العلمانيين، الذين لا يعوّلون على التدخّل الإلهي، لتسوية مشاكل الإنسان، ولا يرون الوجود خاضعًا لنظام غيبي، بل محكومًا بالبشر، ويريدون وضع حدّ للشرّ وتمظهراته وارتداداته في التاريخ، يورّطون يأسهم في التاريخ، لا في الغيب.
وباختياره السّبل العنفية القهرية، يمنح المجاهد نفسه حرية مطلقة لا تليق بالمتديّن الورع، تصل إلى حدود القتل، وتهديم كينونة الآخرين، وكينونة الآخرين، هي في المنطلق الديني، شأن إلهي، لا سلطة للبشر عليها، فكيف يكلّف الله، «العليّ»، «القدير»، «الجبّار»، عبيدَه بالقيام بالمهمّات التي كلّف نفسه بها، ووفقًا لأيّة فرضيّة؟
ومن جهة أخرى، وخلافًا للمقولة الدينية التي تساوي بين عبيد الله ومخلوقاته، لا يساوي القاتل المؤمن بالله بين طبيعته البشرية وطبيعة الآخرين، بين طبيعة بشرية وأخرى. وحدَه هذا الإنكار للمماثلة بين طبيعة بشرية وأخرى، يدفعه إلى القتل، بحيث لا يعترف بالحدّ الذي تبدأ معه الكرامة المشتركة بين البشر جميعًا. إنّه يرفض مماثلة الإنسان للإنسان، يضحّي بالمماثلة ويكرّس المباينة، يحطّم نظام الأشياء، ويجدّ في البحث عن ضحية يضخّم آثامها، ويريدها أن تتضخّم أخطاؤها، كي يبرّر ممارسته القوّة، القوّة التي تفعل في التاريخ، مثلها مثل الإرادة الإلهية، ودون تمييز.
وهكذا يخالف المجاهد باسم الدين، المنطق الديني، وإنّه طالما يسعى إلى تغيير نظام الأشياء، إلى تغيير الصيرورة الاجتماعية، إلى الحلول محلّ المشيئة الإلهية، والفعل في التاريخ، وإلى إحلال التراتبية بين البشر، عوضًا عن المساواة والمماثلة.
إنّهم بأية حال يتمرّدون على الله، وفق رؤيتهم ذاتها لدوره وحجم تأثيره في الوجود والكائنات ومصائرها.
فإلى متى سيستمرّ العبث بحسّ الناس السّليم، ويُخلط الوضعي بالمقدّس، بمنهجية عبثية؟



#عايدة_الجوهري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تكتبين؟
- أسياد وعبيد
- لعنةُ الأنوثة؟ أم لعنةُ الرّجولة؟


المزيد.....




- عكرمة صبري: الأقصى يُستباح من اليهود المتطرفين
- -لست واهمًا.. ما أقوله يحدث-: رئيس الوزراء السابق إيهود أولم ...
- عاجل | مصادر للجزيرة: بدء اقتحامات مستوطنين للمسجد الأقصى في ...
- عطلة لأبناء المكون المسيحي بمناسبة عيد القيامة
- القوى الوطنية والإسلامية في القطاع: أهل غزة يمثلون طليعة الج ...
- قراءة في خطاب قائد الثورة الإسلامية حول المفاوضات النووية
- جماعة الإخوان المسلمين في الأردن تصدر بيانا حول الأحداث الأخ ...
- الأردن يعلن إحباط مخطط -للمساس بالأمن وإثارة الفوضى- وأصابع ...
- ممثل حماس في إيران: يجب إعلان الجهاد العام بالدول الإسلامية ...
- نحو ألفي مستوطن يستبيحون الأقصى وبن غفير يقتحم المسجد الإبرا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عايدة الجوهري - التمرُّد على الله