|
دعوة إلى لقاء الرياضَيْن
احسان طالب
الحوار المتمدن-العدد: 1437 - 2006 / 1 / 21 - 07:06
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
كما تخرج قطرات الماء من صنبور مغلق تتفضل القيادة السورية الجليلة المعظمة صاحبة المن و العطاء ذات الطول بعظيم سماحتها و جلالة قدسيتها بالإفراج عن بعض من مسحوني الرأي الذين قضوا في سجنهم مدة حكمهم الظالمة و أُخرجوا بعفو ٍ سام ٍ بعد أن مكثوا في زنازينهم سنين طوال ما زادت فيهم إلا حبا ً و تقديرا ً للوطن و الناس و التراب و الهواء. كل من تابع شيخ المعارضة السورية رياض الترك و هو يتحدث عبر شاشة التلفاز بوضوح تام و صراحة شديدة ٍ و تلقائية أفصحت عن مكنونات إنسانية و خبرات سياسة تراكمت عبر عقود من حب الوطن و حب الناس و العمل الدائم و المستمر نحو الحرية و الكرامة و الرفاهية، و كل من تابعه أقر بأن ذلك الإنسان يحمل مشروعا ً وطنيا ً سياسيا ً يحده الأمل بتحقيقه طال الزمان أو قصر. رياض سيف مواطن سوري أحب وطنه و قرر أن يقف إلى جانبه مهما كانت التضحيات و مهما تعاظم الثمن، فالتاجر الصناعي الذي حقق مكانة بين شريحة التجار و الصناعيين السوريين و استطاع تأكيد مكانته المرموقة بوصوله إلى سدة العضوية في مجلس الشعب السوري، و عادة ما تكون تلك النهاية حيث يختزل الفكر و العمل و الخبرات في ذلك المجلس لتكريس السلطة القائمة و حمايتها و الدفاع عنها إلا أن الأمر كان مختلفا ً مع رياض سيف فذلك الوهج المادي و المعنوي لم يستطع القضاء أو السيطرة على جموحه نحو الحق و الصواب و تنازل طواعية عن كل المزايا و التسهيلات و الإغراءات التي كان يستطيع الحصول عليها إيمانا ً منه بضرورة تغيير الواقع المأساوي الذي تعيشه سورية و شعبها في ظل الاستبداد و وحشية الفساد يرى رياض الترك مستقبل سورية الزاهر في نظام ديمقراطي تتحقق فيه العدالة الاجتماعية و الرفاهية لكافة أبناء سورية من خلال إطلاق الحريات السياسية و الثقافية و إفساح المجال لكافة مكونات أطياف المجتمع السوري للإسهام و المشاركة في صنع القرارات و القوانين بعد صياغة دستور عصري و حديث يتأسس من خلاله صرح ٌ يحفظ التعددية السياسية الحقيقية و تداول السلطة و الحريات العامة و الخاصة و يتبنى الميثاق العالمي لحقوق الإنسان باعتبارها قيمة عليا تمثلتها الحضارات الموزعة فوق أرجاء المعمورة. بدا رياض سيف بعد خروجه من السجن قويا ً متحمسا ً و مسلحا ً بثقافة و وعي و إدراك لما يدور من حراك سياسي و ثقافي بين أطياف المعارضة في سورية و رؤية واضحة سليمة لحقيقة النظام الحاكم و طبيعة التغيير المطلوب دون الخوض في مشاريع الرتق و الترقيع و التفضل بالإصلاح المحدود الذي ترعاه السلطة. قد يبدو للمتابع أن الرياضَيْن قد نشآ و ترعرعا في بيئة ثقافية و سياسية متباينة تنبؤ باختلاف توجهاتهما و تطلعاتهما إلا أن النظرة المتأنية لفكر الرجلين و رؤيتهما و تطلعاتهما نحو سورية المستقبل المشرق ترى ضرورة العمل المشترك و تضافر الجهود تحت مظلة إعلان دمشق الذي صرح الطرفان عن تبنيهما له و العمل من خلاله نحو التغيير الديمقراطي السلمي. كان أبو جواد (كما يحب أن ينادى) مبتسما ً نشيطا ً و هو يستقبل زواره و المستبشرين بخروجه يتحدث بطلاقة و حيوية عن علاقته و طريقة تعامله مع حراسه في السجن التي أسسها على الصدق ثم تطرق إلى المسائل الاقتصادية من خلال خبرته الطويلة و علاقاته الممتدة بين التجار و الصناعيين من جهة و أصحاب القرار من جهة أخرى. كان الأستاذ أصلان عبد الكريم الشخصية اليسارية الديمقراطية المعروفة بنضالها و شفافيتها و ثقافتها الواسعة موجودا ً إلى جانب رياض سيف و طرح عليه بعض الأسئلة و استمع إلى شرحه لبعض الزلات الاقتصادية الخطيرة التي خبرها من حيث موقعه في العمل الصناعي. عندما أراد الأستاذ أصلان الانصراف نظر رياض سيف في وجهه و أمسك بيمناه مصافحا ً و هو يضع يسراه على كتفه و قال: "إن ما يجمعنا أكثر بكثير جدا ً مما يفرقنا" فردّ أصلان التحية و الابتسامة. إن النضوج الفكري و السياسي لمكونات المعارضة بدا هذه الأيام أمرا ً ماثلا ً للعيان و حقيقة واقعة يسهل تلمسها على الأرض من خلال توافقانها و رؤيتها لضرورة التغيير و أهدافه و مكامن العيب و الخلل و الانهدام داخل قبة النظام و حوله. و ليس صحيحا ً ما يحاول بعض الكتاب المتخفين بعباءة المعارضة إشاعته بالنظر إلى المعارضين على أنهم خيال الظل للسلطة و لا يختلفون عنها في رؤيتها للقضايا الداخلية و الإقليمية و الدولية. لقد حسمت مكونات كثيرة من المعارضة السورية أمرها بعلاقتها بالسلطة و بلورت توجهاتها و تصوراتها للكثير من القضايا السياسية و الفكرية العالقة و ذلك بفضل نضوج الفكر الديمقراطي في أساليبها و منهجياتها و حتى في حوارياتها و سجالها الثقافي. لفت انتباهي و أنا أنصت لأبي جواد تفسيره لانفضاض قسم ممن كان يتعامل معهم قبل دخوله المشرف للسجن بأنه لم يسبق له معاداة أحد أو العمل على إلحاق الضرر بالآخرين و فسر تلك القطيعة بأسباب غير شخصية تعود لعدم معرفتهم الحقيقية بما يسعى إليه و ما يدور حولهم و حجم الخلل و الفساد المستشري. تلك الروح الإنسانية بإعذار المخالفين و المختلفين سمة هامة ينبغي التحلي بها لمن يريد الخوض في غمار العمل الوطني لمستها جلية واضحة لدى رياض الترك أيضا ً. حقا ً هناك الكثير جدا ً جدا ً مما يمكن أن يلتقي عليه الرجلان لتحقيق هدف سام ِ و غاية عليا.
#احسان_طالب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فصل المقاومة عن حزب الله
-
سقوط القناع الدبلوماسي عن النظام الأمني
-
وجهة نظر في المسألة الكوردية السورية
-
الوطنية السورية و الأفلاطونية الفاضلة
-
توبة صدام الصدوق !!
-
جبران ثانية
-
جبران أيها القديس الجميل
-
سوريا في مواجهة الإعصار من يدفع الثمن
-
قناة الجزيرة بين الوهم و تحقيق الوهن
-
آه يا دمشق نزار
-
فيصل القاسم يهزأ من قتل مئة و ثلاثة و أربعين عراقياً
-
جزء من حلقة نقاش حول إعلان دمشق
-
إعلان دمشق موجبات التأييد و دوافع الرفض
-
الأصولية ملاذ آمن للأغلبية العربية!
-
وزير الإعلام السوري و رؤيته السياسية
-
ماذا لو كان ميلس على خطأ
-
رسالة حب إلى الآخر
-
العراق و أهله أولا ً
-
لست وحدك كل النساء
-
معذرة إلى أرواح شهداء الجسر
المزيد.....
-
-كأنه منطقة حرب-.. فيديو شاهد يظهر عمليات الإنقاذ بحادث اصطد
...
-
فيديو يُظهر ما يبدو لحظة اصطدام طائرة الركاب وهليكوبتر وسقوط
...
-
عربات طعام بنكهات أصيلة واستوديو متنقل..كيف جذب هذا الحي في
...
-
السعودية.. فيديو مخالف للآداب العامة يثير تفاعلا والداخلية ت
...
-
ترامب يعلق على الحادث الجوي المروع في واشنطن (فيديو)
-
زيلينسكي يحيي ذكرى الجنود الذين تصدوا للهجوم البلشفي في يناي
...
-
إدانة عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق بوب مينينديز بـ16 تهمة
...
-
لحظة اصطدام مروحية عسكرية أمريكية بطائرة ركاب قرب مطار رونال
...
-
-واتساب- يواجه في روسيا غرامة قدرها 18 مليون روبل
-
-ولادة عذرية- نادرة لسمكة قرش تثير حيرة العلماء
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|