|
الملف النووي الايراني ورهانات الدبلوماسية الروسية
فالح الحمراني
الحوار المتمدن-العدد: 1437 - 2006 / 1 / 21 - 08:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
على خلاف الموقف من القضية العراقية في العهد البائد، فان الغرب يقف اليوم في صف واحد ازاء المشكلة النووية الايرانية.ولم تنفصل اوروبا بما في ذلك المانيا وفرنسا عن الموقف الامريكي، وثمة تفاهم ملموس على اسلوب التحرك. وهناك الكثير من الدوافع التي تجعل الغرب يتوجس من امتلاك ايران الاسلحة النووية، لان هذا التطور سوف يمس مصالحه ويعرض امنه وامن حلفاءه للمخاطر. ولكن هل تكمن الهواجس الامنية وحسب وراء التصعيد في المواجهة مع ايران وحتى التلويح بالعقوبات والقوة العسكرية، ام ان المطلوب" راس النظام الايراني" القائم ككل، باعتباره نظاما لاينسجم والخريطة السياسية الجديدة للعالم وللشرق الاوسط على وجه التحديد. على خلفية ذلك رمت الدبلوماسية الروسية بثقلها من اجل التوصل الى تسوية سياسية لمشكلة البرنامج النووي الايراني بصورة ترضي كافة الاطراف المعنية. وتسعى روسيا من ناحية وقف جماح الغرب في تصعيد المواجهة مع ايران واحالة الملف الايراني لمجلس الامن الدولي وفرض العقوبات على ايران وحتى استخدام القوة العسكرية ضدها، ومن ناحية اخرى توفير اكبر ساحة ممكنة لمضي ايران في ماتراه من حقوقها المشروعة ممارسة الانشطة في المجال النووي الذي تقول انه حصرا للاغراض السلمية. بيد ان للغرب قناعته الاخرى وطريق البحث السلمي قد يغري في المضي نحو طرق الحرب. وغدت روسيا في غضون الايام الاخيرة ساحة هامة لمناقشة سبل التعامل مع ايران واقناعها بالتراجع عن طموحاتها النووية أي كانت اهدافها.ودون شك فان موسكو تدرك ان النجاح بمهمتها سيعود عليها بالكثير من الارباح السياسية والاقتصادية. فروسيا في هذه الحالة ستبدو كدولة كبرى ذات نفوذ على الساحة الدولية، وقادرة على تفريغ الازمات من شحنتها قبل الانفجار، وبذلك ستكون شريكا مطلوبا من الغرب الذي تسعى لنيل اعترافه بها كقوة كبيرة في العالم. وستظهر روسيا ايضا بمظهر الحليف الذي لن يتخلى عن اصدقاءه في وقت المحنة، مما سيجعلها مركز جذب للدول التي ابحث لها عن سند ومؤازر على الساحة العالمية. وكل هذا لاينفصل عن البعد الاقتصادي سواء من مشروع تخصيب اليورانيوم الايراني في اراضيها او مواصلة بناء المحطات الكهروذرية في ايران والدول الاخرى، والبحث عن مشاريع اخرى. الى جانب فان الدبلوماسية الروسية تتعامل مع ايران على انها شريك استراتيجى. ويتعاون الجانبان في اسيا الوسطى وفي حوض بحر قزوين وفيما وراء القوقاز. ولم تتحرك طهران على الساحة السوفياتية بما يلحق الاضرار بمصالح روسيا، وحتى تجنبت التدخل باي شكل من الاشكال في النزاع الشيشاني او الاتصال بالحركة الانفصالية المسلحة التي ترفع الشعار الاسلامي، وتدعم ايران في النزاع حول ناغورني كرباخ حليف روسيا أي ارمينيا في المواجهة مع الدولة المسلمة اذربيجان. ان نجاح الدبلوماسية الروسية في ايصال سفينة الملف النووي الايراني لشاطئ السلام، سيكون نصر لايمكن الاستهانة به للمبادئ التي تروج لها في العلاقات بين الدول. وخاصة في ضوء التطورات في العراق وعلى الساحة السوفياتية وقبلها يوغسلافيا، ان التجاء الغرب للقوة وفرض العقوبات على الدول غير المرغوب بها سوف يحرمها من الكثير من مواقعها واصدقاءها التقليديين. وتضع الدبلوماسية الروسية الرهان على الاقناع والحوار والتفاهم لتسوية كافة المشاكل التي تشغل بال المجتمع الدولي. وترى ان العقوبات والقوة طريق نحو العدم، ويؤدي الى زعزعة الاستقرار الدولي والاقليمي. ودون شك فان القوى التي تراهن على القوة والعقوبات تدرك اهدافها ووسائل تحقيقها. وليس من العبث ظهور مصطلحات مثل "ادارة الازمات" و"التحكم بالفوضي"، وتدرك ايضا ان روسيا تنوي تمرير مصالحها بالطرق السلمية، لكونها لم تعد قوة اقتصادية مؤثرة اوعسكرية تثير الرعب على غرار ما كان عليه الاتحاد السوفياتي السابق.لذلك فان نجاح الدبلوماسية الروسية في الملف الايراني سوف يكون محك لقدرة الدبلوماسية الروسية على حل مشكلة مستعصية وفق اساليبها. وبالتاكيد فان تسوية ازمة البرنامج النووية في هذه الحالة لايعتمد على مهارة الدبلوماسية الروسية وحسب، بل وعلى الاهداف الحقيقية من وراء اثارة الازمة وتصعيدها. وستظهر المداولات والمحادثات المكثفة بين الاطراف المعنية والقرار الذي سيتخذه اجتماع امناء الوكالة الدولية للطاقة النووية، فيما اذا كانت هناك اسباب سياسية ام هواجس امنية وحسب وراء تصعيد الازمة مع ايران. هل المطلوب هو راس النظام الايراني واحلال البديل العلماني والديمقراطي وفقا لرؤية الغرب، ام الاكتفاء بثني ايران عن طموحاتها النووية. وتنم تصريحات المسؤولين الروس عن ادراك موسكو للعبة التي غدت فيها لاعب مهم فيها. ولكنها تتحرك الان وفق النوايا المعلنة. أي ان الهاجس هو هاجس امني، ومن منطلق الحرص على عدم انتهاك معاهدة عدم نشر الاسلحة النووية.وتعرب عن الاستعداد لتقديم خدماتها للجميع لتحقيق الك الاهداف. ان الملف الايراني غدى الامتحان الاول العسير للدبلوماسية الروسية في العام البادئ، بعد ان اعلنت انها احرزت في العام الفائب العديد من النقاط. والسؤال فيما اذا سيتيح الغرب لها تحقيق نجاحات لرصيدها. ومن المرتقب ان ينجلى الامر حتى منتصف فبراير المقبل حينما ستعقد دولة جديدة من المشارات من مع ايران.
#فالح_الحمراني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سيتحسر العرب على شارون؟
-
رحلة تابينبة لجيكور السياب
-
العرب ومجابهة التحدي النووي
-
ليلة انهيار الاتحاد السوفياتي
-
التمرين الكبير نحو الديمقراطية في العراق
-
نجاد وابعاد تصريحاته في القمة الاسلامية
-
تناقضات محاكمة صدام
-
في مفهوم العراق الجديد
-
في مفهوم -العراق الجديد-
-
قراءة في موقف روسيا من سوريا وايران
-
مَن المستهدف بعد الاردن؟
-
الخوف من الماضي او روسيا والتخلي عن ثورة اكتوبر
-
القوائم الانتخابية واصطفاف القوى السياسية في العراق
-
صدام و بينوشية ونهاية الدكتاتورية
-
-روسيا وعقدة - الشقيق الاصغر
-
السياحة في عصر العولمة
-
في ايديولوجية العنف والاغتيال السياسي
-
الوضع العراقي. قراءة في احتمالات تطوره
-
العراقي وخياراته المتاحة
-
ايران في استرانيجية الكرملين الجديدة
المزيد.....
-
فيديو لحافلات تقل مرضى وجرحى فلسطينيين تصل إلى معبر رفح في ط
...
-
قصف روسي لبلدة دوبروبيليا الأوكرانية يخلف جرحى وخسائر مادية
...
-
مقتل عشرة في قرية سورية سكانها علويون والسلطات تبحث عن الجنا
...
-
لمن سيصوت الألمان من أصول عربية خلال الانتخابات المقبلة؟
-
للمرة الأولى منذ 12 عاما.. أسير أردني يلتقي بطفله الوليد من
...
-
مجموعة لاهاي تكتل دولي لمحاسبة إسرائيل
-
حماس: حالة أسرى العدو تثبت قيم وأخلاق المقاومة
-
كاتب تركي: ترامب حوّل -الحلم الأميركي- إلى كابوس
-
الجميع متعبون والمزاج تغير.. الغارديان تلقي الضوء على أزمة ف
...
-
-مشهد مخيف هناك-: مراسل CNN يصف ما سببه تحطم الطائرة بمركز ت
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|