|
شط أبو جفوف ، شط الشامية : نبض للذكريات
ذياب مهدي محسن
الحوار المتمدن-العدد: 5467 - 2017 / 3 / 21 - 18:02
المحور:
سيرة ذاتية
عسنك ياشط عسنك ، تنشف وعبرك كَيش ياشط عسنك يامنك ياكــلها منك ، حارمني شوف هواي ياكـلها منـك حينما يذكرالعراق ، لأبد وأن يذكر بعظمة نهريه دجلة والفرات .. وكما أنه لكل عظيم امرأة ، ولكل ثورة قائد ، أيضاً لكل حالة عشق عراقي ، شاطئ في دجلة الخير ، او الفرات ، أو ضفة نهر أو بحيرة . شط ابو جفوف ، شط الشامية . هو قصة عشقي الأول . هو بيت أسراري الجميلة ، وطفولتي ، وانتظاري . شط بهذا الجمال يجتاز الشامية كعربيد ، بدهلته للخير ، وعلى ضفافه تحتضنه اشجار الصفصاف والغرب وبساتين النخيل ، والعنبر الشتال بانواعه . يجتاز المدينة حاملاً مع حركة مويجاته البطيئة ألف قصة عشق وحب بكل ما فيها من سعادة وألم ، ليقذفها إلى جوف اهوار جنوب المراثي العراقية ، لتختلط مع ملايين من القصص الغرامية هناك في الرجع البعيد اهوارنا السومرية ، مُشكلة معاً على سطح امواجه حكايات حب لا تنتهي . شط ابو جفوف ، شط الشامية : كم ألف الشعراء معلقات في زرقتك حين الصيهود ودهلته الحمراء في خنيابه " فصل الربيع عادة". وفي وصف جماله ، وكم وضع الملحنون مقطوعات موسيقية وغنائية لازالت خالدة من خلاله ، انه الفرات السرمدي . مثله مثل كل الأنهار، خاطبته اللغات ، وكأنه كائن مخاطب. ضفافه وعمقه المائي كلها صفحات كُتب عليها أحاديث المناجاة وعمق الصمت ... الجلوس إلى ضفتيه ، يعمق في الإنسان مساحة الحرية والأتساع ، يفتح أمام الإنسان كل الخيارات ، ويعطيه المدى ، ليسترجع كل الذكريات التي سُجنت في اللاوعي ، قد يضحك ، قد يبكي ، أو قد يصمت ليتوحد معه في انسيابه وحركته التي لا تتوقف . لشط ابو جفوف المخضوضر الآن !؟ تسابيح في ذاكرتي حينما كانت دهلته خير وعطاء وانماء ، تسابيح مثله مثل كل المخلوقات الأرضية ، ولكن لا يفهم تسبيحه إلا العشاق والمحبين ، من لغة عشق الشرق الأسترالي ، أتيت بذاكرتي إليك أيها الشط الساحر . حاملاً معي كل حكايا الحب ، ومفردات العشق والغرام الفراتي ، التي حكيتها إلى حبيبتي وعشقي الأول مابين النجف والسماوة نبض ذكريات حبي وعشقي .كم كانت منبهرت بمعانيها الجميلة ، وخافت أن أكون بائعاً للهوى ونحن في ريعان الصبا ، كعادة العراقيين ؟. فكنت ياشط ابوجفوف أنت الشاهد على صدق مشاعري . وكنت أنت المستشار لحبنا وعشقنا . وكنت أيها الفرات العظيم محراب العشق الذي كنت أصلي إليه مع حبيبتي كلما هاجت بنا الأشواق ، كنا نهرب إليك ، لنحكي لك بصمت قصة حب قد بدأت تُرسم على أمواجك ، نسألك ونحن ننظر إليك بعيون ملؤها الأمل ، نسألك هل قصة حبنا ستخلد على أمواجك كأجمل قصة حب عرفتها البشرية ؟ كنا نسمع تسابيحك ومباركتك لنا ، وكنا نفهم كل لغات العشق التي كنت تتقنها ، نستلهم منها المفردات الجميلة التي روت حديقة حبنا الغض . وكم خانتنا الكلمات عندما كنا نجلس أنا وحبيبتي على صخرة قبعت على ضفتك تحت صفصافة هرمة ، التي فصلت بستان النخل عن الماء. وكم كنت منقذنا وملهمنا بعد صمتنا الطقوسي وتأملنا للونك وعمقك ، وسحرك ومداك ، عندها كانت تتدافع المعاني الرائعة من قلبينا ، وكأننا كنا نقرأها كلمة ، كلمة ، سطرت على أمواجك المتهادية . وبدون شعور كنا نتعانق ، وتأخذنا القبلات التي كانت تنسينا وجودنا المادي ، لنتحول الى عالم الروح ، نسبح على زرقتك حينما تصفو ، كنت تحملنا أيها الفرات ، ليطول بنا العناق ، وتطول بنا القبلات ، حتى نسمع هديرمحرك زورق أو مواطير تحمل أثقالها على سطحك الممتد . فنعود من جديد الى عالم المادة ، لنودعك على أمل اللقاء القريب . ياشط ابو جفوف ياشط الشامية : كنت عراب حبنا وعشقنا ، وكنت شاهداً على فراقنا . كم قالوا وكتبوا أن الزواج هو مقبرة للحب ، لكنك عَمّدت حبنا بطول البقاء . شاءت الأقدار أن نودعك ، وكان وداعنا لك وفي دواخلنا لقاء أنذاك . عدت الى العراق لكني اصطحبت معي هذه المرة ذكريات من استراليا . وأمني النفس ان ارجع لأعيش في مدينة عنوانها النجف مأهولة بالعشق والفكر والصلوات . وأتذكر حينما تتصل بي حبيبتي تسألني : " ألا يوجد في مدينتكم الجميلة ( بيرث ) فراتاً وعلى ضفته تقبع صخرة في ظل صفصافة لنجلس إليها كما أعتدنا مع شط ابو جفوف ، شط الفرات "!؟. استولى على الصمت ، وأغمضت عيناي مسترجعاً صورة شط الشامية ، نهر الفرات ودجلة الخير ، الذي تغنى به الشعراء يوما ما ... سألتني مجددا : " حينما تأتي لنذهب لزيارته " ؟ ، فهي تعشق الأنهار لأنها أبنة الرافدين ارض مابين النهرين العراق العظيم . ورحت اسرح في خيالي ، وافترضت لقائي بها ، وتعانقنا ورحنا مسرعين لزيارة شط ابو جفوف ، شط الشامية . صُدمت من هول ما رأت ، نهر تحول الى جدول صغير ، مياهه من مجاري مدينة الشامية . سقطت من عينيها دمعتين ، وسألتني ... " أتدري لماذا جف نهركم هذا "، أجبتها لا أدري ... قالت لي وهي تشد على يدي : لأن قصص حبكم وعشقكم قد جفت ، وما عاد يحمل الفرات إلا الحزن والألم . فجفت عروقه . عشرون عاماً عشتها في غربتي ، ولازلت وفيّ للعراق ، اذكره كل لحظة وكل يوم ، وفي كل مناسبة له مليون أمنيه اريدها واريدها لكنها أماني ؟؟ وهل ينسى العاشق عراب حبه الفرات.... قرنفلاتي
#ذياب_مهدي_محسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عزف جديد من قبل هؤلاء:عن القوى المدنية وتهمة الإلحاد ...!؟
-
هل سينتصر التيار الصدري وتنسيقة مع التيار المدني من اجل العر
...
-
شط ابو جفوف نهر الفرات ، شط الشامية والحلوة الريفية
-
قبس من منتزه جمال عبد الناصر ، حي السعد ، النجف
-
نهر الشامية يحتظن عاشقه ابو البيان ....
-
من سيرة سوق الكبير النجفي - ن ؛ ياعشكنا - انها مدونة عن عشق
...
-
الى شبيهتها ؛ لبرايجيت باردو، في براك النجف ... مع اطيب الأم
...
-
مؤتمر العشائر الآخير مهزلة ليكون بديلا عن الدستور والشرعية ا
...
-
صدى الريح المذعوة
-
الموسيقى ؛ الغناء والرقص ، فن صناعة الحياة للأطفال ...
-
- وهواي ذهابا وآيابا للنجف ..؟؟OMوال - أنا
-
قراءة للصورة وتماثلها تاريخيا نص وسنة ..!!؟؟
-
بأس الأنصاب ، سيف للأرهاب
-
خلاسية نجفية داغستانية في فضوة المشراك - النجف - ، تتبختر عل
...
-
مناغاة الوجد والأشجان ، بين مهند الياسري وذياب آل غلآم ....
-
سمراء - البراك - ذات الأنف الأكنز ....
-
القصيدة الشعبية الفراتية بالنكهة البدوية ، هادي العكايشي ...
-
هذا عكد سيد نور الياسري ؛ شارع موسكو النجفي ... ( 1 )
-
وجاء محمد لقمان الخواجه من اقصى الذاكرة يسعى ...
-
الدواعش يكرزون حب في ضريح الحسين ويطوفون بحضرة الأمام علي ..
...
المزيد.....
-
كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسيك وموسكو تعلن التصدي لها
-
واقعة مثيرة للجدل داخل مستشفى في مصر.. ومسؤول يعلق
-
زاخاروفا: الهجوم على محطة زابوروجيه عمل إرهابي كشف خطورة نظا
...
-
حماس: موافقة واشنطن على صفقة أسلحة جديدة لإسرائيل تؤكد أنها
...
-
خبير عسكري أوكراني يحذر من سقوط مدينة هامة بيد الجيش الروسي
...
-
مقتل 5 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على الضفة
-
احتجاز مواطن أمريكي في موسكو لاعتدائه على شرطي
-
إيلون ماسك يصف -الغارديان- بأنها -قمامة- وسائل الإعلام
-
الجيش الإسرائيلي يعلق على مقتل التوأم في غزة
-
مغامرة نظام كييف في كورسك بدأت فعليا في التحول إلى كارثة محق
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|