أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سعيد زارا - -كل ما أعرفه هو أنني لست ماركسيا-















المزيد.....

-كل ما أعرفه هو أنني لست ماركسيا-


سعيد زارا

الحوار المتمدن-العدد: 5464 - 2017 / 3 / 18 - 08:30
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



في الرابع عشر مارس من سنة 1883 خسرت الطبقة العاملة و الإنسانية جمعاء أعظم الشيوعيين و قد رفض أن يأتي إلى الشيوعية من باب العاطفة بل فتح بابها و كشف أسرار الانتقال إليها بالعلم رغم انه كان مرهف الأحاسيس مفعما بالمشاعر الإنسانية, ماركس الذي قال عنه رفيقه انجلز انه كان رجل علم , "فمثلما اكتشف داروين قانون تطور الطبيعة العضوية, اكتشف ماركس قانون تطور التاريخ البشري". لم ينحز إلى الفقراء و عموم الكادحين متعاطفا بل كشف بضوء الديالكتيك , الذي لا يأبه لأية مشاعر إنسانية , دور البروليتاريا في تحرير البشرية من قيود الاستغلال و براثن الفردانية و قد سلحها بأحدث العلوم و المعارف لتكسب معركتها ضد عدوها البورجوازي.

كارل ماركس كشف مصفوفة من القوانين بل القانون العام الذي يحكم حركة كل أشكال المادة و تهيؤاتها و عرف كل مفاصل النظام الرأسمالي و كشف زيف عدالته في توزيع الثروات و قد شرح و بين بما لا يقبل الشك ما عجز عنه كل الاشتراكيين ليسلط الضوء على فائض القيمة و كيف يسرق الرأسمالي العامل" الحر". و رأى الإنتاج الرأسمالي يتركز في احتكارات قبل أن يشعر بذلك ذهاقنة اقتصاده و اللذين سلموا بالمنافسة "الحرة" قانونا طبيعيا له .

كثيرة هي إسهامات و اكتشافات ماركس في تنوير درب الإنسانية إلى الرقي و التقدم , بل كشف التاريخ أن الماركسية هي البوصلة الوحيدة, إن استعملت بعناية, التي تشير إلى طريق الخلاص في عتمة الإيديولوجيات و ظلمة الخرافات و متاهات (labyrinthes) نفاق البورجوازية الوضيعة, و رغم ذلك لم تنج من التشويه و التحريف و العداء حتى من طرف دعاتها اللذين لم يتركوا بابا لم يدخلوه لنخر هذا الفكر الشامخ و العظيم.

كانت عبارة ماركس الشهيرة "كل ما اعرفه, هو أنني, لست ماركسيا" إحدى المداخل التي اعتمدها أعداء الماركسية و دعاتها لتشويهها و تحريفها. فقد راح أعداء الماركسية يستشهدون بالعبارة إياها و هم يفصلونها عن سياقها التاريخي ليقولوا للعالم أن ماركس يرفض أن تكون إسهاماته و اكتشافاته العلمية مرجعية لنفسه فلماذا يقبل أن تكون الماركسية مرجعية للآخرين, و هم يرغبون في أن لا تصل البروليتاريا إليها و تهتدي بها.

أما دعاة الماركسية فإنهم يشهرون العبارة إياها كلما أرادوا "تطوير" الماركسية و "تشذيبها" كما يحلوا لهم ليبرروا انحرافهم و ضلالتهم. و منهم من ذهب بعيدا كألتوسير و قد عارض أفكار ماركس بعضها ببعض و قد استعار مفهوم القطيعة الابستمولوجية من غاستون باشلار ليقول بان هناك أفكارا لماركس الشاب و أفكارا لماركس الناضج و ما بينهما قطيعة معرفية و لكأن ماركس لا يقبل النقد الذاتي لمسار أفكاره و التي أكد التاريخ انسجامها و تناسقها الجميل. و منهم من يردد العبارة ليقول إن ماركس لم يكن "مطلقا" بل كان نسبيا و هي الأحجية التي يرددونها للتشكيك في اكتشافات ماركس العلمية, فعلا إن الشيء ليس هو الشيء ذاته في ذات اللحظة أي أن المادة في تغير دائم و هذه حقيقة مطلقة يؤكدها ماركس , و لكن إن سلمنا بان هذه الحقيقة هي نسبية فذلك يعني أن المادة يمكن أن تكف عن التغير الدائم و يبقى الشيء هو هو على حاله. هذا تضليل فظيع .

لكن ما حقيقة هذه العبارة الشهيرة التي تتخلل كتابات كل من هب و دب لتشويه ماركسية ماركس ؟؟؟

للعبارة سياق تاريخي محدد يقصد دعاة الماركسية و أعدائها عدم الإدلاء به و فصله عنها , فبسياقها و أحداثها تأخذ معنى غير الذي يروجه أعداء الماركسية.

قد لا يتضح سياق العبارة و مغزاها في رسالة انجلز إلى برينشتاين بتاريخ 2 نونبر 1882 , إلا أن رسالته إلى كونراد شميدت يوم 5 غشت 1890 توضح معنى العبارة و أحداثها و سياقها التاريخي. فقد كتب انجلز يقول: ""(...) علما أن هذا الرجل (بول بارث) لم يفهم بعد أن الشروط المادية للعيش هي السبب الرئيس, و هذا لا يمنع المناخ الإيديولوجي أن يؤثر بدوره عليها , غير أن تأثيره هو ثانوي, هذا الرجل لم يستطع أن يفهم بشكل من الأشكال المادة التي يكتب بصدد. و مع ذلك , اكرر, أن معلوماته ليست من مصادر مباشرة, ة موريتز ( كاتب انتقد بارث),انه صديق خطير. الفهم المادي للتاريخ له الآن أصدقاء كثر و من بين هؤلاء أولئك اللذين به يتذرعون لكي لا يدرسوا التاريخ. ماركس قال, في أواخر 1870, و هو يشير إلى "الماركسيين" الفرنسيين : "كل ما اعرفه , هو أنني لست ماركسيا"."

اذن لم يتجرد ماركس من ماركسيته بل رفض "ماركسية" الفرنسيين اللذين يتذرعون بالفهم المادي للتاريخ حتى لا يدرسوا التاريخ و هو ما يفيد انه كل من يدعي الماركسية ليس بماركسي. ماركس رفض "ماركسية" الفرنسيين و إن كانوا اصد قاءا و "مناصرين" للفهم المادي للتاريخ فالنوايا الحسنة لا تكفي. لان الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة.

كانت العبارة الشهيرة يافطة أيضا للهجوم على الاتحاد السوفياتي, فلم تسلم الاشتراكية, التي صممها لينين و التي قاد بناءها ستالين, من هجوم بعض دعاة الماركسية و هم يدبجون عداءهم لأول دولة دكتاتورية البروليتاريا في العالم بعبارة ماركس الشهيرة ليعلنوا أن الحمر , البلاشفة, قد صنموا ماركس لأنهم كما يدعون أن تجربتهم مليئة بالأخطاء. فعلا للحمر أخطاء فذلك بديهي و راجع لطبيعة البناء الاشتراكي المعقد لأنه من لا يمارس لا يخطئ, إلا أن ذلك لا يحجب حقيقة ساطعة أن الاشتراكية التي قادها ستالين كانت تحيى بالماركسية, و لولا روحها تلك لما استطاعت الاتحاد السوفياتي أن تخرج أقوى دولة في العالم في اقل من ثلاثة عقود, و لما استطاعت شعوب الاتحاد السوفياتي أن تهزم النازية, و لو كتب لماركس أن يعيش لقال: "أنا شيوعي بولشفيك".

انهار المشروع اللينيني لأنه تم التخلي عن دولة دكتاتورية البروليتاريا التي استبدلت بدولة الشعب كله. و هو ما يعني أن انهيار الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي هو دليل آخر على صحة الماركسية التيا ترى في الاشتراكية فترة انتقالية تتكلف فيها دولة دكتاتورية البروليتاريا بمحو الطبقات.


الماركسية ليست اختيارا, إنها قدر الطبقة العاملة لكي تستأنف الإنسانية رحلتها التقدمية , و إن رفضت قدرها هذا ستنحط بالبشرية إلى البربرية و الوحشية.



#سعيد_زارا (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مات ستالين ذبلت الاشتراكية
- ثروة -الأمم- الاستهلاكية
- -صنع في أمريكا- بين ترغيب اوباما و تهديد ترامب.
- حول شيوعيي البورجوازية الوضيعة
- ضباع البورجوازية الوضيعة الروسية تغرق في الفاشية
- رأسمالية بدون رأسماليين !!! حوار مع الرفيقة نجاة طلحة
- من هناك نبدأ و من ثمة المنعطف.
- حول ملخص كارل كافيرو لرأس المال
- رأسمالية بدون إنتاج بضاعي !!! حوار مع الرفيق حسقيل قوجمان.
- ماذا نفعل ب-رأس المال- ما بعد الرأسمالية؟2
- ماذا نفعل ب-رأس المال- ما بعد الرأسمالية؟
- ما بين الشعبين الفلسطيني و السوري, ثبتت خيانة -الشيوعيين-.
- على هامش الدولار(البيتكوين bitcoin )
- لم تعد -دول الرأسمال-...رأسمالية 2
- لم تعد -دول الرأسمال- ... رأسمالية
- إضاءات حول المانيفيستو الشيوعي اليوم 1
- البند 11 من اعلان رامبوييه
- البورجوازية الوضيعة تسرق انتصار قوى الاشتراكية على النازية
- مراسم دفن الرأسمالية.
- الاقتصاد الاستهلاكي و فائض القيمة 4


المزيد.....




- مساواة “السما?” (SMAG) و”السمي?” (SMIG) لا تزال حبراً على ور ...
- الدعارة [في معجم النسوية النقدي [*]
- نضال مستمر من أجل تحقيق التغيير المنشود
- مسيرة احتجاجية باتجاه منزل نتنياهو للمطالبة بوقف الحرب وعودة ...
- اعادة الاسلاميين الى جحورهم هو الرد على اغتيال الشيوعيين وال ...
- نصب تذكاري في كاراكاس تخليدا لانتصار الجيش الأحمر السوفييتي ...
- رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، يسائل ...
- إضراب عاملات وعمال شركة “سينماتيكس” (SINMATEX) للخياطة في بر ...
- -14 مليون بطل ووسام خالد-.. كيف كرّم السوفييت أبطالهم؟
- المزارعون في جنوب أفريقيا: بين أقصى اليسار الأفريقي وأقصى ال ...


المزيد.....

- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي
- نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم ... / بندر نوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سعيد زارا - -كل ما أعرفه هو أنني لست ماركسيا-