|
المعلومات وتأثيرها في صحة القرارات!؟
سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)
الحوار المتمدن-العدد: 5464 - 2017 / 3 / 18 - 08:24
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
المعلومات وتأثيرها في صحة القرارات!؟ (محاولة للفهم من واقع تجربة شخصية بسيطة!) ********************************* إن القرارات الخاطئة في حياتنا الخاصة او العامة ، تنتج في الغالب عن أمرين : (1) إما ان تكون نتيجة طريقة تفكير وتقدير خاطئة أو بطيئة في موقف يتطلب السرعة والحسم وعدم التردد ، أي أننا لا نعرف كيف نفكر ونقدر ونقرر في الاحوال المختلفة وهو ما يسمى الخطأ في التفكير وفي التقدير والحساب، واحيانا يكون الامر يتطلب قرارا سريعا وحاسما حيث الوضع لا يحتمل انتظار وتأخير ، قد يكون قرار موت او حياة ، فوز او خسارة !، فالزمن والسرعة هنا جزء من القرار السليم ! . (2) أو أن القرار الخاطئ هنا ليس ناتجا عن تسرع او بطء ولا عن خطأ في طريقة التفكير والتقدير والحساب بل نتيجة نقص أو خطأ في المعلومات، أي أن عملية التقدير والحساب سليمة ولكن تمت بمعلومات ناقصة او مشوهة او كاذبة أو مضللة!. فهذان السببان هما من أهم الاسباب المؤدية الى صناعة قرار خاطئ على مستوى الافراد والجماعات والمؤسسات ، فضلا عن العوامل النفسية التي تطيش بالعقل وتربك اتزانه وتحرمه من التفكير السديد والتقدير الموضوعي الرشيد ، كالخوف الشديد الى حد الجزع او الطمع الشديد الى حد الهلع فكلاهما يطيشان بميزان العقل ويجعلانه يفقد اتزانه وبالتالي ،حتى مع توفر المعلومات، نجد الذهن يفكر ويقدر الأمور بطريقة طائشة متأثرة كثيرا بالعواطف والمشاعر والانفعالات !. ما جعلني أكتب عن هذا الموضوع هو تجربة شخصية مصغرة حدثت معي مساء اليوم ، ظهر لي فيها جليا أهمية أثر المعلومات على صحة القرارات ، فأنا عندما وصلت الى محطة قطار الاسلاك الكهربائية (الترام) التي أنطلق منها عادة بالقطار نحو مركز المدينة (شفيلد) وجدت على لوحة الاعلانات الرقمية في هذه المحطة ان القطار القادم سيصل بعد 8 دقائق ، لهذا قررت بسرعة ان استفيد من هذه الدقائق الثماني الثمينة في المشي نحو المحطة التالية كنوع من الرياضة البدنية كما افعل احيانا حين تكون هناك وفرة في الوقت قبل وصول القطار حيث تبعد تلك المحطة التالية عن المحطة التي أقف عندها بما يقارب مسافة 6 دقائق تقريبا من المشي على ابعد تقدير ، وهكذا وعلى اساس هذه المعلومات اجريت الحسابات ثم اتخذت قراري بالمشي الى المحطة التالية كي استقل القطار الذي سيصل الى هناك بعد 10 دقائق تقريبا من الآن او بعد دقيقتين من وصولي الى هناك ، حسب الحسابات التي بنيت عليها قراري هذا ، ولكن الذي حدث هو امر مغاير ، فالقطار وصل مبكرا بينما انا كنت في منتصف الطريق نحو المحطة التالية ورأيته مر بجواري وأنا انظر اليه في شيء من الشعور بالحسرة المصحوب بشيء من السخرية ! ، لقد أخذت بالأسباب المنضبطة بالحساب وبالمعلومات المعتادة وحسبت انني قد حسبتها جيدا و اتخذت قرارا صحيحا !! ، ولكن هل قراري ذاك كان خاطئا !!؟ أم هو قرار صحيح بني على معلومات وحسابات صحيحة حسب المعتاد !!؟ ، لكن الذي أضل قراري هنا هو اعتقادي ان القطار سيأتي بعد 8 دقائق حسب المعلومات الرسمية الظاهرة على لوحة الاعلانات الرقمية لكنه جاء قبل نصف تلك المدة بينما انا في طريقي نحو المحطة التالية ! ، اذن فطريقة اتخاذي لقراري كانت سليمة ولكن المعلومة لم تكن دقيقة لذلك لم يتحقق لي مرادي واضطررت الانتظار اكثر من دقيقتين في المحطة التالية بعكس الحسابات والتوقعات! ، ليس بسببي بل بسبب جهة اخرى خارج نطاق ارادتي ! ، ولو كنت اعلم الغيب لكنت علمت ان هذا القطار سيأتي قبل الوقت المذكور على لوحة الاعلانات ولكنت عندئذ اتخذت قرارا بالبقاء في هذه المحطة لأن الوقت لا يكفيني مشيا للوصول للمحطة التالية ولكنني لا اعلم الغيب! ، والغيب هنا بمعنى (ما هو غائب عني!) ليس الأمور الغيبية (الميتافيزيقيا) انما الغيب الزماني والمكاني الغائب عن حسي وذهني في تلك اللحظة ، بمعنى غياب الكثير من المعلومات عني في تلك اللحظة منها أن القطار سيأتي مبكرا ، ولو توفرت لدي هذه المعلومة لربما كنت اتخذ القرار الصائب المفيد ! . هذا مجرد مثل بسيط يبين طبيعة اتخاذ القرارات من بين عدة خيارات مطروحة على الذهن في حياتنا، فقراراتنا قد تتم بطريقة عقلية سليمة وحكيمة ولكنها تكون مبنية على معلومات غير دقيقة او ربما معلومات ناقصة او غير كافية ، او قد تكون مجرد معلومات باطلة وخاطئة لا تعكس حقيقة الواقع ! ، أو معلومات متغيرة بسبب حدوث ظرف طارئ أدى الى تبدل في المعلومات المعتادة ! ، وقد تكون المعلومات المتوفرة لدينا سليمة ووفيرة وكافية ولكن تكون طريقة اتخاذنا للقرار ، أي طريقة التفكير والتقدير والحساب والاستنتاج ، طريقة قاصرة وضعيفة أو خاطئة وغير عقلانية كأن يكون لدي العلم بأن القطار سيصل الى محطتي مبكرا ولكنني أرجح انني اذا اسرعت الخطى للمحطة التالية سأصل اليها قبل وصول القطار فأتفاجأ بأن القطار جاء ومر بجواري وسبقني اليها فأزيد من سرعتي من درجة الهرولة و السعي الى درجة الركض والجري محاولا اللحاق به لكنني رغم ذلك أصل في اللحظة التي يغادر هو فيها تلك المحطة!، وبهذا فضلا عن الجهد الذي سأخسره بسبب الركض وزيادة سرعتي دون تحقيق المراد ، وهو اللحاق بالقطار ، سأخسر المزيد من الوقت! ، وكل ذلك بسبب حسابات وقرارات خاطئة غير دقيقة ! ، ولو انتظرت القطار في المحطة الاولى لكان ذلك افضل لي واجدى وأنفع من حيث الاقتصاد في توفير الجهد والوقت وتحقيق المراد ! ، هل هذا صحيح برأيكم!؟. *********** سليم الرقعي
#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)
Salim_Ragi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اصناف الناس في التعلق بالزمن!؟
-
تمتع بصوت نهيق الحمير!!
-
فتاة الحي الثاني!؟
-
بين الكسب المعز والكسب المذل!؟
-
العيب في النخب اولا لا في الشعب !؟
-
عن الطرب العراقي الحزين!؟
-
سر الفشل والنجاح في الحياة!؟
-
لقاء مع مواطن عربي منتهي الصلاحية!؟
-
من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر !؟
-
الديموقراطية الواقعية لا تعني حكم الشعب !؟
-
المال والسلطان في مجتمع السوق الحرة!؟
-
التباس في زمن الارهاب!؟
-
المايسترو والجني الاخرس!؟
-
اللذة الضائعة !؟
-
المستذئب !؟
-
موقفي من السلفيين والإخوان المسلمين!؟
-
مفاجأة من العيار الثقيل!؟ (تجربة أدبية!)
-
صبابة!؟ شعر
-
ظاهرة انتقال امراض النظام الشمولي لمعارضيه!؟
-
صعود القبلية والطائفية وجمود الدولة الوطنية المدنية!؟
المزيد.....
-
تعود إلى عام 1532.. نسخة نادرة من كتاب لمكيافيلّي إلى المزاد
...
-
قهوة مجانية للزبائن رائجة على -تيك توك- لكن بشرط.. ما هو؟
-
وزيرة سويدية تعاني من -رهاب الموز-.. فوبيا غير مألوفة تشعل ا
...
-
مراسلنا: تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيرو
...
-
الرئيس الأمريكي: -أنا زوج جو بايدن.. وهذا المنصب الذي أفتخر
...
-
مسيرة إسرائيلية تستهدف صيادين على شاطئ صور اللبنانية
-
شاهد.. صاروخ -إسكندر- الروسي يدمر مقاتلة أوكرانية في مطارها
...
-
-نوفوستي-: سفير إيطاليا لدى دمشق يباشر أعماله بعد انقطاع دام
...
-
ميركل: زيلينسكي جعلني -كبش فداء-
-
الجيش السوداني يسيطر على مدينة سنجة الاستراتيجية في سنار
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|