أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - موفق الطاهر - اللجوء إلى الوطن 4














المزيد.....

اللجوء إلى الوطن 4


موفق الطاهر

الحوار المتمدن-العدد: 1435 - 2006 / 1 / 19 - 10:15
المحور: الصحافة والاعلام
    


أنفلونزا الطيور ورقم الطوارئ (130)

تطورت وسائل الاتصالات بحيث لا يمكن اليوم أن يظمّ المسؤول رأسه من الشعب ويقول أن لا شيء يحدث، وما تسمعونه مجرد هراء! فقد شبع الشعب العراقي في حكم الرئيس المخلوع من سماع أن لا أزمة في العراق، وأن هناك مؤامرة تحاك ضد الشعب ولابد للعراقيون أن يصمدوا بوجه الأعداء ويحبطوا مؤامراتهم ضده...! في إحدى سنوات الحرب الطاحنة بين العراق وإيران، كانت هناك أزمة في سوق البطاطا، ولم يعد من السهولة أيجاد البطاطا في السوق، وإن وجدتها فسعرها مرتفع بشكل لا يحتمله المواطن البسيط... فكتبت الصحف المحلية عن ذلك وبجرأة لم يعهد العراقي سماعها من الصحف المحلية. ولكن ظهر مسؤولين في وزارة التجارة وأنكروا تلك الأزمة، مع أنها لا أتصور بذات شأن حتى يحاول المسؤولون التخفي عنها، وإخفاء رأسهم بالأرض منها... ولكن كان جميع مسؤولي الدولة يحاول أن يصور للقائد الضرورة بأن العراق لا زال بخير، برغم حربه الطاحنة والخسائر البشرية والمادية الرهيبة الناتجة عنها. بل كان من الممكن أن يحاسب المسؤول لو أنه أوصل مثل هذا الخبر إلى أسماع جنابه الكسيف!
ولكن ذلك العهد قد ولى إلى غير رجعة، وأصبح اليوم الأعلام يتجول بكل حرية في أرض العراق كلها. ويكتب الصحفي ما يشاء، وتنطلق حناجر المراسلين الصحفيين للفضائيات التي أصبحت بالعشرات، تنقل الكذب والصحيح، وتنقل أخبار الإرهابيين وأخبار المسؤولين بكل تفاصيلها! وأصبحت مئات الصحف ومثلها الفضائيات تنقل أية أزمة يعانيها المواطن والفرد العراقي مهما صغر حجمها! وما على المسؤولين إلا أن يتحزموا ويخرجوا لمواجهة تلك الأزمة ويتصدوا لها! هذا ما أعرفه عن العالم المتحضر طبعاً. ولكن المسؤولون العراقيون لازالوا على التربية البعثية وعاداتها الغبية بالهروب من كل أزمة تواجه المجتمع والدولة، ويحاولون جاهدين كي يكذبوها ويبتعدوا عنها؛ مثل أزمة أنفلونزا الطيور.
أنفلونزا الطيور أصبحت وباءاً خطيراً يواجهه العالم أجمع، وأصبح اليوم لزاماً على كل دول العالم أن تتعاون على مواجهة هذا الخطر والقضاء عليه. هذا شأن العالم المتحضر طبعاً. وبما أن العراق لا يدخل هذا العالم إلا بعد ظهور المهدي المنتظر! فهو المخلص الوحيد لكل أزمات العالم، وأزمات الشرق الأوسط، وأزمة النفط والبنزين والغاز...! ولكن، لأكن منصفاً فقد واجهت الدولة هذا الخطر القادم من وراء الحدود وكانت تصرح ليلاً ونهاراً عبر التلفزيون والصحف الرئيسية في العراق، بأنه لو ظهرت أية حالة غريبة لوفاة إحدى الدواجن فعليهم أن يتصلوا ببعض الأرقام التي كانوا يصرحون بها دائماً...
في ذلك اليوم كنا نودع شقيقتي التي سترجع إلى غربتها في لندن هاربة من كل أنواع الفساد الذي لحق بالنفس العراقية للأسف! ولا تعرف كيف تواجه ذلك الفساد وتحاربه، أو تحاول إصلاحه؟! فخرجنا في الصباح الباكر نودعها عند الباب... جاء عمي وقال لقد رأيت طائرين قد نفقا ووقعا على قارعة الطريق ها هنا! وبعد أن أنطلقت الجي إم سي رحت أعاين بنفسي الواقعة وأتأكد منها، وما عليّ إذن إلا أن أواجه الواجب الوطني وأتصل بالدوائر المعنية. لم يكن لديّ رقم الهاتف ذاك الذي كان يعلن التلفزيون عنه، فأتصلت بأبن عمي، وهو مدير إحدى المستشفيات في بغداد، ولابد أن يكون لديه أحد الأرقام التي يسعفنا بها. فأخبرني أنه سيتولى تلك المهمة عني وسيتصل بالمسؤولين. فأغلقت الهاتف مطمأناً بأني قد تركت الخبر عند أمناء على صحة البلد وأبنائه.
رجعت في ظهيرة ذلك اليوم إلى البيت لأجد أخي الكبير وهو يتصل بهذا وذاك ويتكلم مع محدثه بعصبية وحدّة! تبين أنه بعد أن يئس أبن عمنا الدكتور بالأتصال بأي من تلك الأرقام، لجأ أخيراً للأتصال بالرقم 130. أقسم ذلك الرجل بأنه حاول لأكثر من ساعة ونصف مع أحد مساعديه للأتصال بذلك الرقم (130) فلم يجبه أحد. وكان متنكراً لهذا فكيف تعلن وزارة الداخلية طوال اليوم عن ذلك الرقم؟ وكيف تنفق الملايين من الدولارات على إعلاناتها في جميع الفضائيات على ذلك الرقم وهي لم تخصص الخطوط اللازمة والكافية للإجابة عليه!؟
ولكن لأرجع إلى أخي فقد أتصل بهذا الرقم وذاك وكل يحوله إلى رقم يجهله، فيكتبه، ويتصل به. إلى أن يئس هو الآخر من محاولاته المضنية كي يجد ذلك المسؤول عن هذه القضية، قضية أنفلونزا الطيور! فقال لأحدهم: يا أخي أبتعد عن منصبك ووظيفتك الآن، وتصرف كأنك مواطن سمعت بحالة خطيرة في بلدتك من الممكن أن تفتك بإبنك أو أخوك أو أنت شخصياً...! فقاطعه ذلك الموظف بعصبية، وكان جوابه واضحاً على أنه من المنتمين إلى التيار الصدري، أو غيره من التيارات البائسة في العراق: "يا أخي فال الله ولا فالك!"
أغلق أخي سماعة الهاتف وأتصل بإحدى أكبر الصحف في العراق ليطلعهم على هذا الأمر. وما كان من الموظفين في تلك الجريدة إلا أن يسلكوا مسلك أي موظف في الدولة، ويحوله هذا إلى ذاك... ولكن أنتهت المكالمة أخيراً بوعد من أحدهم على أن يكون خير، وبأنه سيوصل هذا إلى رئاسة التحرير إن شاء الله! أغلق أخي سماعة الهاتف، ولم يشعر بالاطمئنان طبعاً، ولم يشعر أيضاً ببعض الرضا على أنه قد حاول جهده... في اليوم التالي ذهب أخي إلى عمله المسائي... يحدثنا هو، بأنه قد جاءه أحد زملائه في العمل بأكبر الصحف تلك ضاحكاً ويسأل أخي بأن يقرأ ما كتبته تلك الصحيفة: "ذكر مصدر مسؤول في وزارة الصحة بأن العراق خال من أنفلونزا الطيور، وبأن الأجهزة المسؤولة قد أستنفرت كل طاقاتها لمواجهة أية حالة إصابة!"
وللحديث بقية...



#موفق_الطاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللجوء إلى الوطن 3
- اللجوء إلى الوطن 2
- خـــط الهـــاتـف - قصة قصيرة
- المحكمة الجنائية العراقية وسجون (مونوبولي) التابعة لها
- فتــوى تحرّم الفســـاد الأداري!
- ماذا لو قال العراقيون لا للدستور العراقي؟
- الفرق بين منظمة إيـتـا الإنفصالية وبين هيئة علماء المسلمين
- من سينصف الطوائف الصغيرة في العراق؟


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - موفق الطاهر - اللجوء إلى الوطن 4