سعيدي المولودي
الحوار المتمدن-العدد: 5463 - 2017 / 3 / 17 - 09:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(سفر الخروج)
قال الرب: ليكن ظلام على أرض المغرب، خمس سنوات طباقا،حيث لا أخ يرى أخاه، والفقراء يمضون للقعر،ولا يكون نور في المساكن والمسالك القريبة والبعيدة.
فكان صراخ عظيم في البلاد.
وكان اليوم السابع من شهر أكتوبر 2016، خرج الشعب ليدلي بأحزانه، وتأخذ الديموقراطية الملتوية لونها الرمادي، وقال الجميع: طوبى لهذه البراري المشحونة بالمخالب، ونامت الأسارير في كوخ الطمأنينة الزائفة، وهتف الجميع: هذه الثمرات الانتخابية التي أمر بها الرب وجاءت بها خنادق الاقتراع.
في اليوم العاشر من أكتوبر 2016. صباح مشرق يظلل أكواب النهار، هبت نسماتُ بُشْرى باردة كالموج، كان أمرُ الرب. قال المليك لعبد الإله:أنت الرئيس والقاضي علينا، الينبوع الوحيد. أمام قدميك كل التراب. ليكن تراب الأرض أغلبيتك، الضياء الباقي.فاخرج إلى مناكبها، إنا نُلبِسك تَكْشِيطَة الظفر والنصر.فصدح عبد الإله بالابتهاج، وغمرته سعادة خاصة يتأبط أغصانها.
خرج عبد الإله منذ ذلك الأوان، يضرب بعصاه التِّلاع، والبراري. ولم يخرج الماء.فارتعد الشعب الذي في السواد، وظل يصرخ أمام عيون الملأ:( ماذا أفعل بهذا الشعب)، بهذه الأحزاب الغائمة، بهذه النشوة المنذورة؟ وعصا الله في يدي.
طال الوقت، شهورا، وضاقت الأرض بالصبر المستعار، وارتدت الفصول، واهتزت أفنان الديموقراطية وسيلها المفتوح، وذهبت براءة الطريق أدراج الريح. ورأى عبد الإله في مايرى العابر: طوفانا يجرف جسر الطفولات، والموائد الخالدة، والرعود والوعود والبروق والمياه من تحت الأنقاض تطارده. أفرد جناحيه،في الأرض، يمشي مشية الطاووس، ولم يعد يحتار، ويقول: أنا المسؤول، دماء هذا الشعب في رقبتي، وثياب التاريخ الممزقة، وسيرة الغرباء، أنا القادم على أجنحة النسور:لتكن لي هذه الأرض شهوتي، المسكن الواحد، تابوت الشهادة. وأنا جنتي في صدري أحملها حيثما ذهبت، ولست إلا واحدا من الأموات.وإرادة الشعب من إرادتي..
(ورأى الرب ذلك غير حسن).
ويوم الخامس عشر من شهر مارس 2017.كانت خيوط من ضباب غريب تسير ببطء تتوغل في صهوة السماء، والريح خلف الجبال تعوي، وعاليا بدأت الأحلام تتناثر كالحطام، ودُعِيَ عبد الإله من وسط الزحام.
قال المليك: خمسة شهور ويزيد بأيامها ولياليها، مضت كقبض السراب، ولم تضع قدميك على الطريق. انتظرَ الشعبُ في كل الجهات، كنتَ ثقيل اليدين واللسان. فاخرج منذ اليوم لا تصدح بالديموقراطية باطلا، نحن الشهود على هزيمتك. فلا تصنع لي عملا بعد اليوم. اخرج فأنا لا أعود أرى وجهك، وليكن لي خادم ثان من سلالتك الحزبية.أنت تهت َكثيرا ولا شيء يدور كما كان.
تهلل وجه البلاد ذلك المساء.
( ورأى الرب ذلك حسنا)
#سعيدي_المولودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟