أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبد الستار نورعلي - رسالة في النقد الشاعر عماد الدين موسى بين الرومانسية والتحديث















المزيد.....

رسالة في النقد الشاعر عماد الدين موسى بين الرومانسية والتحديث


عبد الستار نورعلي
شاعر وكاتب وناقد ومترجم

(Abdulsattar Noorali)


الحوار المتمدن-العدد: 1435 - 2006 / 1 / 19 - 08:38
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


عزيزي الشاعر عمادالدين موسى

تحية

وصلتني رسالتك منذ وقت واطلعت على موقعك وقرأت قصائدك ولي ملاحظاتي أرجو أن تستقبلها بسعة صدر وامعان في فكر وقبول حسن وصبر .

من قبل....

لقد أحسست بشاعريتك التي بحاجة الى انضاج أمرع وجهد انفع وتعب أنجع ومتابعة أوسع في عالم الشعر والشعراء اكثر فاكثر وانت في بداية الطريق ، فالطريق طويل لايستطيع أحد مهما توغل فيه أن يقول قد وصلت، فالآخرون هم القادرون على الحكم والقول.

قصائدك جميلة بسيطة سهلة يغلب عليه سلطان الايقاع والوزن، وهو ما يوحي بأنك تقرأ اكثر في الشعر الموزون وتقبل عليه وتميل اليه ولذا يبرز عليك التأثر بايقاعه والسير في أوزانه ومحاولة الالتزام بالقافية الواحدة ، وهذا ما يلمسه القارئ في تكرار حروف الروي في العديد من المقاطع مع أنك بقيت في اطار شعر التفعيلة دون العمودي. هذا ليس عيباً ولا خللاً يحتسب على الشاعر ، وانما استخدامه تفرضه الحاجة الشعورية والسياقية للقصيدة ومضمونها وتجربتها وهو ما يضفي جمالية نغمية على القصيدة والصورة فتؤثر في المتلقي وتكون مقبولة. وفي الغالب يكون ذلك قيداً يؤدي الى فضفاض في الأسلوب وأقحام في اللغة واللوحة التخييلية وترهلها الصوري والتعبيري وحشو القصيدة بالفائض من الألفاظ في سياق مكتمل الصورة مما يسلب من جمالية الاداء الشعري والمضمون المقصود تأثيره في المتلقي ، وهو ما يؤدي الى تخلخل القصيدة واتساقها العضوي الحسي واكتمال وحدتها وانسجامها الانسياقي . لكنه حين يقرر الشاعر أن يدخل خارطة الشعر الموزون يفترض به أن يسير في اطارها وعالمها الشكلي الموسيقي الايقاعي والمضموني المقتضيين للحالة الشعورية الدافعة الى الولوج فيها.

يقيني أن موضوعاتك الدائرة في عالم الرومانسية هي التي حكمت على القصائد ان تقع في رياح الايقاع والوزن والقافية. موضوعاتك تدور مضموناً وشكلاً وخيالاً وصورة في فضاءات الرومانسية وخصوصاً ارهاصات العشق الغزلي وعالم الأنثى. وهذا ما قربك من الشعر الرومانسي العربي وأدائه اللغوي التعبيري وصوره وأخيلته ، و اسلوبه المباشر في ايصال المشاعر والاحاسيس والتجربة بغالبيتها كما كان في اربعينات وخمسينات القرن العشرين، وكذلك السياحة في فضاءاتها متأثراً بأجوائها وخيالاتها وأساليبها التعبيرية المموسقة بالوزن الخليلي، فها أنت تقول في قصيدة (وطن المرايا):

ونظرت في عينيك قبل وداعنا
قمر المدينة كم تبدل
كل الشوارع نحونا تمشي
وتمشي
الليل بعدك صار اطولْ
أنا كم أحبك
صار حبك
فوق عنق القلب منجل

رغم جمالية الصورة ورقة المشاعر والتعبير عنها باسلوب رقيق شفاف وبتحبب قريب من النفس الا أن التعبير يقترب كثيراً مما ذكرت آنفاً. بينما الشعر المعاصر التحديثي الراهن يحاول جاهداً تجاوز تلك الفضاءات وحتى ما بعدها من التحديث في الشعر العربي شكلاً ومضموناً، والثورة على الايقاع والوزن والمسير المصمم في طريق ما يسمى قصيدة النثر والتجديد فيها بالشكل والمضمون والتمرد حتى على اللغة لخلق اداء مجازي لغوي جديد يتجاوز كل ما مر من بلاغات تقليدية وبلاغات تجاوزية مع تحديث الشعر في اربعينات وخمسينات وستينات القرن الماضي والخروج من الصور التقليدية المستهلكة. ووحدة المضمون والصورة بما يسمى الوحدة الموضوعية هي احدى هذه السمات التي يتمسك بها بصرامة شعراء التحديث.

رومانسية قصائدك يلمحها المتلقي حتى في العناوين من مثل (فتاة الينبوع) (من أعشاب العزلة) (حياتي زورق مثقوب). إن ما أقوله لا يقلل من صورك الشعرية الجميلة السهلة الشفافة واسلوبك الرقيق مثل:

لها خفة الموج
إن عبرت
وإن أغمضت قلبها
أطفأ الليل أنواره
بعدها

وما أراه أن كلمة (بعدها) فائضة عن سياق الصورة ويمكن حذفها دون أن تؤثر عليها ، فتكتمل الصورة بالباقي مما قيل قبلها ، لأن القارئ يستطيع أن يفهم بدونها أن الاطفاء حصل بعد أن أغمضت عينيها. وهذا ما يقال حول وجوب اختزال الصورة الشعرية وتشذيبها من الزوائد والفائض وترك المتلقي يحس هو بالتالي منها وبالمشاعر المتدفقة خلف اللوحة التخيلية المرسومة بالاحاسيس والألفاظ . يجب أن نترك له التخمين في ظلال التخيل الذاتي والعيش والغوص في اجواء القصيدة مع تجربة الشاعر في كل ما يصوره ويفكر فيه.

ومن الصور الجميلة المتماسكة في قصيدة (العروس) :

واتلو على غيمة
سوف تمطر
رفقاً بأشيائها

ولكن لماذا (اتلو) والكلمة توحي لنا بالقراءة المتأنية فهي من التلاوة ؟ وأنا ارى أنه لوكان (أنادي على غيمة...) لكان أقرب الى دقة الأداء التعبيري عن المعنى , والنداء يوحي هنا بالبعد بعد الغيمة عن الأرض والمخاطبة بصوت عال ليصل الى المنادى.
وفي قصيدة (من أعشاب العزلة) تقول في المقطع الآتي:

عينها / قلبها
أنا لاأكتب
بل أكون امرأة
تتسلل الى وحدتيك
كل قصيدة

و(أكون) التي ذكرها الشاعر هي مشددة الواو من (التكوين) . لكن في السطر الرابع ما المقصود بوحدتيك؟ وفي ظني أن لو قلت:

بل أكون امرأة
تتسلل في كل قصيدة

لكان ذلك ربما اقرب الى الايحاء بالصورة المرتجاة فتكوين المرأة هنا هو خلقك لها في قصيدتك لتقف حية كياناً لا صورة بالكلمات، هذا ما فهمته من المقطع وعليه فإن (وحدتيك) لم استطع استلام اشارتها غير المعنى الذي تريده كما فهمته أنا كمتلق وقارئ.

قصيدة ( خرجت من الحب) نلمس فيها التوالي في الترتيب الصوري والتوحد في التدفق الحسي و مسحة من التحديث مثل المقطع التالي :

قلبي يضج بأحلامه المستحيلة
إني غريب العصافير
كل الحدائق ضيقة
وأنا لي هبوبي

فهذه الصورة تقترب من التحديث في استخدام اللوحة الشعرية المجازية في الوصول الى تقريب المعنى من قلب المتلقي وخياله دون مباشرة بصورة تقليدية مستهلكة الأداء. وعلى الشاعر أن يعمل جهده للخروج من ثوب التقليدي والصورة الروتينية والأداء الأسلوبي المترهل.

قصيدة (تراتيل لغرفة هناك) جميلة متصلة الايقاع والاحاسيس ومتدفقة الصور من خلال وحدة المشاعر ووحدة المضمون. فالخيال فيها محاولة لخلق صور تخرج عن التقليدي وتقترب من التحديث ، بالرغم من تسلل الرومانسية في بعض مقاطعها والتي تدل على أسرها لعالمك الشعري، وهذا كما أسلفت ليس عيباً بل أحياناً مطلوب لترطيب جو القصيدة ومشاعر المتلقي، فنحن لا نستطيع العيش دون الرومانسية في هذا العالم المضطرب المتلاطم المخيف المليء بالشر والظلم والاضطهاد والارهاب والتدمير للنفس البشرية وجمالياتها الروحية والمشاعرية. شيء من الرومانسية ضرورة . وقد بدأت تبرز أصوات شعرية تدعو الى العودة الى عالمها الجميل السحري بحيث شرع البعض يكتب فيها وبها مع الحفاظ على التحديث والتجديد. وهناك مواقع على الانترنيت بدأت تتخصص في هذا الاتجاه وسط معمعة الرمز والغموض والسقوط في اللاشيء واللامعنى من خلال الألاعيب والألغاز اللغوية غير المفهومة والخالية من أية معايشة حسية تجاربية حقيقية. وقد أعجبني من القصيدة المذكورة هذا المقطع الجميل:

سلام ...
على طفلة تنتظرني هناك:
"تعال حبيبي
وسرح جدائل شعري
على كتفيك.."
سلام لمريولها المدرسي
يلوح فوق حبال الغسيل
مساء السفر .

سلام ...
على كوكب غافل عن غيابي
على شبحي حين يمضي
حنيناً
الى غرفتي.

على الباب
حين يفتح دون أياد
ليعبر ظلي

على ساعة في الجدار
تحن لنظرة عيني

على شمعة تنتظر
يد من يشعل الحب فيها

في البيت الأخير لو قلت (يداً تشعلُ الحب فيها) لكان وقع الصورة أشد مضاضة ونصلاً في شعاب القلب.
لقد عشت وقتاً جميلاً مع شعرك ، وأشد على أناملك الرقيقة التي خطت هذه الصور الجميلة، وعليك أن تغوص في الشعر المحدث أعمق لنقرأ لك أجمل ونراك أنضج .

أشد على يديك.

عبد الستار نورعلي
السويد

في الرابع من كانون الثاني 2006


* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *




عزيزي المبدع عماد الدين موسى ،

سلام

اطلعت على موقعك الجديد وقرأت قصائدك الجديدة (أخطأت شارع الحلم) (كمن يسير في جنازته) (وحيداً كجبل هجرته الطيور) ، الحق وجدت تطوراً ملحوظاً وارتقاءاً بالصورة الشعرية وتكثيفاً ناجحاً للصورة ورسمها بتمكن. وبالتأكيد فإن شعرك سيتطور أكثر مع الزمن والتجربة والاطلاع. أنت شاعر باحساس رقيق عال ممسكاً باللوحة ورسمها باقتدار . إن امسكت بخيوط الخلق باصرار المبدع الباحث عن الجديد الخلاق وسط سيل من المبدعين فإنك ستكون حتماً يوماً قادماً في مملكة الشعر السحرية الصعبة المراس والاقتحام . لكن المبدع القادر الموهوب المصمم يتمكن من اقتحام هذا العالم ليتبوأ مقعده.
اتمنى لك كل نجاح وتقدم وتألق طالما أنت صخرة جلدة تحاول جاهدة أن تلقي جذورها في أرض الابداع الشاسع في المحيط الرائع.

وساواصل قراءة ما كتبت وتكتب، وسأكتب حتماً عنك لأني التقيت بشاعر.

مع تمنياتي

عبد الستار نورعلي

13- 1- 2006

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* عماد الدين موسى شاعر سوري، ولد عام 1981 . ينشر في الصحف والدوريات المحلية والعربية. شارك في العديد من الامسيات والمهرجانات الشعرية. نال عدة شهادات تقديرية وجوائز شعرية.



#عبد_الستار_نورعلي (هاشتاغ)       Abdulsattar_Noorali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انقذوا الدكتور عبد الإله الصائغ
- المقابر
- اكتمْ على القلبِ الغضب
- ليلة أشرق عنترة بن شداد العبسي
- هو الذي لم ير كل شيء
- نعيم عبد مهلهل والكلام المباح والعالم المستباح وأوروبا الملا ...
- ماذا وراء الكشف عما يجري في سجن الجادرية في بغداد ؟
- رسالة الى الأيل المضمخ بعطر العنفوان -الى الشاعر هوشنك أوسي
- المسألة الكبرى
- مكابدات الشهيد سالم*
- عروس الأرض - الى روح الشهيدة الذبيحة ابنة الخمسة عشر عاماً
- الوحدة
- الجسر
- تلك الأحلام نداولها
- الباحث عن الثورة المقتولة
- قصيدتان للشاعر السويدي كريستيان لوندبرغ
- رحلة في شوارع اسكلستونا
- بين يدي البحر
- التنين
- انجرار - للشاعر السويدي روبرت أولفده


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبد الستار نورعلي - رسالة في النقد الشاعر عماد الدين موسى بين الرومانسية والتحديث