أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - غسان المفلح - الفكر المحتجز















المزيد.....

الفكر المحتجز


غسان المفلح

الحوار المتمدن-العدد: 1435 - 2006 / 1 / 19 - 10:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


1- بين إصلاح السلطة وإصلاح المجتمع

كان الفكر العربي حتى ثمانينيات القرن العشرين محتجزا بين السلطة والمجتمع فإنه الآن بات محتجزا بين إصلاح السلطة وبين إصلاح المجتمع, لأن الإصلاح بات مقولة السلطة من جهة ومطلب المجتمع, لأن السلطة أرادته أن يكون سقفا مطلبيا لمجتمعاتها وهل تغيرت السلطة حتى تتغير مطالب المجتمع؟ وبذلك يتحرر الفكر من فكي الكماشة هذه؟

المجتمعات العربية كانت مغيبة قبل الانفراج الأمريكي, الانفراج الأمريكي هو من جعل الإصلاح مقولة من مقولات السلطة في البلدان العربية - بدون إشارات تعجب-. الانفراج الأمريكي العولمي هو الذي يشن الهجوم على نظم بالية شخصا نية نهابة بطريقة لا يحدها حدا لا مؤسساتيا ولا قيميا. وكي تلاقي هذا القادم من خلف المحيطات جعلت الإصلاح مقولتها واحتجازا للفكر والمجتمع بالآن معا, حتى بات الفكر العربي يلعب بالساحة التي حددتها نفس السلطات السياسية الفاسدة على كافة الصعد.

القضية هنا ليست فعلا مؤامراتيا بل هي إرادة سلطة في مجتمعات منكوبة أصلا بنفس السلطات التي هدفها الأوحد والوحيد هو استمرارها وديمومتها العلائقية والشخصانية حتى بالمعنى التوريثي للكلمة ــ ما شاء الله كلهم أسلاف لخلفاء وخلفاء لأسلاف.

الإصلاح: مفهوم قاربه الفكر السياسي العربي حديثا وفق المنظور المطروح أعلاه , وهذا في الواقع ما نريد مناقشته هنا أكثر مما نريد مناقشة ما فعلته السلطات العربية وما تفعله وما ستفعله لاحقا .

إن الإصلاح هو حالة بناء في نهاية الأمر بناء على شيء قائم , كأن تصلح فردا ـ تعالجه جسديا مثلا ـ قيميا وأخلاقيا حتى يستقيم الجسد أو الأخلاق ويصبح فردا ذو قيم أخلاقية. لكن الأمر مختلفا عندما يتم الحديث عن دول ومجتمعات وسلطات هي ذاتها لم تحمل معها سوى إرادة الفساد, وكي نتحدث بلغة البسطاء نضرب مثلا:

في الدول الغربية عندما يمارس وزيرا ما الفساد لايتم إصلاحه وهو على رأس السلطة في وزارته بل يتم تنحيته ومحاكمته أمام القانون والقضاء . إن الأمر بسيط ولا يحتاج لتعقيد وتنظير, ونحن العرب من سنحاكم ومن سنصلح ومن سيحاكم من

ومن هو القاضي أصلا؟؟؟ وفق منظور الإصلاح المطروح بقوة على أجندة الفكر العربي, حتى تتضح منظورات الفكر عليه أن يحدد الأفق الأرحب لمنظور حركيته.

الإصلاح الاجتماعي والسياسي هي دينامية سلطوية بالدرجة الأولى كي لا نمارس التورية على أنفسنا, المجتمعات الحديثة هي في الدرجة الأولى إرادة سلطة ومجتمع لأنها مجتمعات استقرت على مجتمع حر ويمتلك إرادته وليست إرادة السلطة فيه مفصولة عن دينامية الحركة المجتمعية, بينما لدينا إرادة سلطوية تحتجز المجتمع وتريده دوما بلا إرادة, وهنا المفارقة, هل هكذا مجتمع يستطيع أن يصلح سلطة تحتجزه؟؟

لهذا نقول أن في مجتمع مثل مجتمعاتنا الإصلاح هو إرادة سلطة بالدرجة الأولى والأخيرة وسأعطي مثالا رغم كثرة الأمثلة عندنا: إن الانفتاح التدريجي التي شهدته دول الخليج الصغيرة هو إرادة ملكية وأميرية بحكم أن الانفراج الغربي عموما والأمريكي خصوصا والضاغط قديم نسبيا وفيما عدا التجربة البحرينية , فتلك المجتمعات لم تكن ضاغطة على سلطاتها من أجل هذا الانفتاح التدريجي.

الإصلاح هنا كمفهوم إجرائي ليس مصادرا من حقل التداول السياسي عند القوى والفعاليات السياسية والمدنية, فلهذا الحقل لعبته اليومية المتغيرة دوما ولكن الخطير بالأمر هو أن يصبح هذا الحقل هو لغة الفكر وأفقه بحيث نصل إلى نتيجة ليست

محمودة: أن تصلح السلطة نفسها وتبقى الضحية/ المجتمع/ محتجزا مرة أخرى, ولكن هذه المرة باسم الإصلاح وهذا هو الفكر المحتجز.

الإصلاح بأي أفق وبأي منظور؟

الإصلاح برأينا هو دخول مجتمعاتنا إلى العصر الذي تعيشه, إلى الآن الذي يحيطها وهي بعيدة عنه, إلى تاريخية هذا العصر وبلغته ومفاهيمه وأدواته الحضارية ووفق معاييره - ليست حالة استلاب وإنما هي الخروج من خانات النماذج المثالية للفكر السياسي العربي - والتي تشكل الملاط الجمعي لكافة تياراته, نحن لازلنا لا نستطع الحديث عن الفكر العربي بالمعنى الجمعي للعبارة: هل هو الفكر الإسلامي أم الإسلاموي, هل هو الفكر اليساري أم الفكر القومي أم الفكر الليبرالي؟.

هذه المعايير والأدوات الحضارية هي التي يجب أن تشكل هذا الملاط الجمعي.

هنا برأيي المساحة الحقيقية للفكر الإصلاحي والتي يجب أن تكون حقله المفاهيمي وأفق يطل عليه, ما يحدث في مصر الآن يؤكد أن شعوبنا مثلها مثل باقي شعوب الأرض تريد حريتها وكرامتها الفردية والجمعية, فالسلطة السياسية مثلها مثل أي مؤسسة أخرى في الدول الحديثة لا يجب أن تكون حكرا على عائلة أو عشيرة أو طائفة أو شخص. إنها يجب أن تكون من روحية مجتمعها, على هذا الفكر أن لا يفسح المجال للسلطة أن تصلح نفسها مرة أخرى على حساب المجتمع وعليه أن يلاقي ما يجري في العالم بوصفه طرفا ولا يترك الأمر للسلطة أن تدير لوحدها دفة هذه القناة التواصلية مع العالم ومتغيراته حتى لو خرج هذا الفكر عن لآته وثوابته, فقوة الفكر لا في تعاليه وحسب بل في تجريبيته أيضا والتي هي الامتحان الحقيقي لجدية هذا الفكر ورصانته.

وكلنا يتذكر وعلى الفكر ألا ينسى محنته الدائمة أبدا ,كلنا نتذكر كيف رعت هذه السلطات نفسها القائمة الآن كل الحركات الإسلاموية الأصولي المتطرف منها وغير المتطرف, والآن هذه السلطات باتت تسمي هذه الحركات بالحركات الإرهابية.

وكما هي الحالة هذه فإن السلطات العربية تحاول التعامل مع الإصلاح بنفس الطريقة التكتيكية وللأسف من يغلق عليها هذه التكتيكات هم الأمريكان بشكل خاص والضغوطات الغربية الحكومي منها وغير الحكومي بشكل عام, ولكن الخطاب العربي عموما لا يريد التعامل مع هذه الواقعة وإن يرى المرء رؤية هذا الخطاب لها.

2- إصلاح السلطة.

هل يحتاج الأمر منا لتنظير حول مفهوم السلطة عموما والسلطة في الدولة المعاصرة خصوصا, أظن أن المجال لا يتسع هنا لهذا الأمر ولكن سأنطلق من زاوية واحدة في الحديث عن هذا الأمر.

لم تعد السلطة الحديثة أو المعاصرة سلطة مرئية بالنسبة لمواطنها فهي قد اختفت من التداول المجسد سواء بالأشخاص أم في أجهزة الدولة. بل هي باتت مبثوثة في طيات النص القانوني والقيمي واللغوي, فالمواطن الغربي لا يخف من ضابط استخبارات ولا يخف من وزير ولا يضطر لاستخدام لغة منافقة حتى, بل هو يعي أن هذا الشخص يمثل القانون فقط كما يمثله هذا المواطن نفسه دون أن يساوره أدنى شك بعكس هذا الأمر.

وفق هذه المقدمة السريعة يصبح من الصعب لابل من المستحيل أن تستطيع السلطات العربية إصلاح نفسها وفق هذا المنظور فهي عاشت وتعيش على اللاقانون الذي وفرته لها حالة الطوارئ المنتشرة في كل البلدان العربية تقريبا.

ففسادها واستمرارها مبني على شخصا نية الحضور المجسد للسلطة واللامحاسبة التي يوفرها غياب القانون بحجة مبررات قوانين الطوارئ والأحكام العرفية, ما تحتاجه الحالة اللاقانونية من وجه سري وشخصي للممارسة السلطوية وأكثر ما تجد ذلك في فرض حالة الطوارئ لأنها تشبه تماما حالة الحرب.

فهل تستطيع هذه السلطات العمل بخلاف هذا القانون اللاقانوني؟.

كما أن القوانين المعاصرة والتي تتيح حرية الرأي والكلمة لا تناسب السلطات العربية وهذا الأمر أكثر من معروف لدى القاصي والداني. لهذا كيف تستطيع حرية الكلمة الوصول إلى مصادر المعلومات وهذا الأمر هو أخطر أمر على هذه السلطات.

إذن كيف تصلح هذه السلطات أدائها؟ تخرج علينا بنغمة الإصلاح الإداري ـ؟؟

أظن هذا هو الطريق المسدود بعينه ولا يمكن أن تصلح نفسها إلا إذا امتلكت خيارا أخلاقيا وقانونيا بتجاوز ذاتها أو تحت الضغط كما يحدث في مصر وبشكل فاقع ولازال السيد مبارك يريد أن يأخذ معه كرسي الرئاسة إلى حيث سنة الكون في بشره.

وللحديث بقية ...



#غسان_المفلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصفقة المستحلية .. الرئيس الضائع بين مؤسسة أبيه والمتغيرات ...
- القضية الكردية في سوريا على هامش تصريحات رياض الترك والردود ...
- الإسلام ثقافة ومعتقدا ولكنه ليس حلا ..الوضع السوري أنموذج لل ...
- الملف النووي الإيراني ما الذي يجري في العراق؟
- حوار المعارضة وتناقضات النظام السوري !!افتقاد الشرعية
- هوامش على حديث السيد خدام
- الوطنية مفهوما غربيا والوطنية السورية نموذجا
- رستم غزالة من قرفة إلى عنجر !!سلاسل من ذهب ووسائد من ريش نعا ...
- مقابلة خدام على المعارضة السورية التريث والحذر..الفصل بين ال ...
- إلى أعضاء مجلس الشعب السوري ..نقطة نظام
- الانتخابات العراقية والمأزق الشرق أوسطي ..قراءة تحليلية في خ ...
- القضية الكردية قضية تقنية وتأجيل الإصلاح الداخلي قضية وطنية ...
- الطائفية اللبنانية دعم للاستبداد السوري
- صفقة سورية مع أمريكا رهان القوميين العرب !!
- إستعادة الجولان أم هروبا من ميليس ..عادة ليست جديدة.
- ماذا يريد السيد الرئيس مبارك من سوريا ..؟ نفوذ عربي أم توريث ...
- الديمقراطية الدولية ..من الرابح؟
- حصان طروادة بين الأيديولوجيا والسياسة ..
- جند الشام حقيقة أم تضليل؟ النظام السوري لازال يرتجل..
- مرة أخرى القضية الكردية في سوريا ..الغاية الحوار .. اسمحوا ل ...


المزيد.....




- الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
- من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل ...
- التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي ...
- هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
- مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
- إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام ...
- الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية ...
- الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - غسان المفلح - الفكر المحتجز