|
الشباب المغربي و العمل السياسي
محمد الزيري
الحوار المتمدن-العدد: 1435 - 2006 / 1 / 19 - 07:02
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
تجمع مختلف الدراسات التي اتجهت إلى ألإحاطة بموضوع الشباب على وجود مجموعة من القضايا الطبيعية السياسية والثقافية التي لها حضور إشكالي في صيرورة الحياة الاجتماعية هدا الحضور الذي تكمن عناصره على امتداد التنشئة الاجتماعية ودلك لما يخضع له الشباب في تربيته وتكوينه من مؤثرات متعددة ترتبط بمؤسسات شكلية متنوعة في وظائفها وأهدافها مع ما تتسم به هده الأخيرة من مظاهر التعقد والتناقض وانعكاسها على الهوية في أبعادها الذاتية والمجتمعية. وان أول شيء يجب ملاحظته هو آن وضعية الشباب ببلادنا ومعاناته ومشاكله تشكل قاسم مشترك مع معاناة ومشاكل الكادحين ويمكن القول بشكل عام أن السياسة المطبقة تجاه الشباب ظلت محكومة بمنطقين أساسين هما: 1 : منطق لإهمال والتهميش ّ 2 : منطق التضييق والقمع الذي امتد إلى كل الفعاليات وتخصيص الحديث عن الشباب المغربي له ما يبرره من الأسباب وهي: * كونه يشكل البنية الرئيسية في الهرم الاجتماعي المغربي * وكونه يحتاج إلى استكمال دراسته لكي ينتقل من مؤسسات التعليم إلى مؤسسات العمل الإنتاج وتوظيف الطاقات التي يحملها معه. * وكون له دور حيوي في الصراع الاجتماعي والسياسي والثقافي في بلادنا. لكن انعكست السياسة الطبقية على مختلف الطبقات الكادحة ونالت الأوساط الشبيبة حصتها بحيث وضعت ضمن مخططاتها مسالة مركزية وهي إبعاد الشباب عن الصراع الدائري في المجتمع متورطة بدلك مع المخطط الإمبريالي الذي كان هو الأخر ينفد سياسة تخريبية في أوساط الشباب في مختل بقاع العالم لواجهة تنامي الوعي الوطني والثوري لدىالفئة الشبيبية لقد انتهج الحكم سياسة خاصة تمثلت في إبعاد الشباب عن أي حركة تقدمية وتضيق الخناق عليه اجتماعيا ثقافيا سياسيا لجعله إلى حالة اليأس والإحباط واللامبالاة وتشجيع التيارات الظلامية وإشاعة النمط المغربي بكل قيمه وسلوكه لوضع الشباب في حالة استلاب دائم والهدف طبعا هو أن لا يبقى الشباب متنور في فكره وتوري بطبعه وقد تطور مخطط الحكم وحقق الكثير مما يصبوا إليه بالخصوص في أواخر التسعينات حين تعمقت التبعية على جميع المستويات وكانت النتيجة هي تراجع الشباب عن أي عمل له صلة بما هو سياسي آو جمعوي فأصبح الشغل الشاغل للشباب تقليد الغربي ليس في فكره وإنما في سلبياته وتزداد كارثة السياسة الطبقية وانعكاساتها على الشباب أذ اشرنا أن أكثر من 5 ملاين مغربي عاطل عن العمل والأغلبية من الشباب. وفي ظل هده الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المجتمع المغربي تبقى كل الأسلحة متوفرة لدى الدولة في التحكم وفق هواها في مصير الشباب فبغض النظر عن القمع المباشر وغير المباشر يبقى سهلا أن نؤثر على دهنه وتفكير الشباب وتكريس مشاركته السلبية في الصراع الاجتماعي أما برفضه السبي وابتعاده عن الانخراط في معركة الشعب من اجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وإما باستمالته واستقطابه إلى حضنها واستعماله وتوظيفه كما أن بعض الأحزاب السياسة المحسوبة على الصف التقدمي تتأرجح بين تبني ومساندة النظالات الشبيبية وبين التنصل منها كي لا تفسد لها العلاقة القائمة بينها وبين الحاكمين وهكذا فان هده القوى لا تتوارى في العمل على احتواء وتغليب أي حركة احتجاجية واذا ما تجاوزتها فإنها لا تتأخر في التنصل والتبرؤ منها ولكي لا تكون هده القوى مجبرة على إعلان الموقف لمسار أية حركة احتجاجية فإنها عملت على احتواء مختلف التنظيمات (نقابات وجمعيات) والسطو بمختلف الإشكال على مراكز القرار مشكلة بدلك قيادات تابعة لها تجرها نحو إعلان الولاء والهدنة أو على العكس تقود معارك من غير أفق تحت ضغط الحسابات السياسية الضيقة ويقتصر عملها من اجل الشباب في الحملات الانتخابية أو كورقة ضغط على شكل رد فعل أثناء دحرها من طرف سياسة الحكم لتكون بدلك إشكالية التاطير متداخلة الأبعاد من جهة تمارس الدولة تأثير واضحا على الشباب بسبب إمكانياتها وسيطرتها على وسائل التنشئة الاجتماعية والفكرية والثقافية وتسخيرها وفق رؤيتها للمجتمع وقيمها ومن جهة أخرى لا تأخذ القوى التقدمية مسالة التاطير ما خد الجد ويبقى التعامل معها في اعتباره أداة تحركه وقت ما شاءت وتبقى السمة العامة لتعاطي هده القوى مع الشباب هي الوصاية والبيروقراطية والحذر من مبادراته وادا عاينا واقع التنظيمات التي تعنى بشؤون الشباب وقضياه سواء في شقها النقابي أو الجمعوي لسوف يتضح لنا أن تأطير الشباب مسالة مهمة وصعبة تحتاج إلى جهد كبير لمواجهة الظروف الموضوعية والذاتية. و في انسداد الأفق أمام الشباب، ولد مجموعة من الانحرافات و الظواهر الاجتماعية الخطيرة على الشباب نفسه و على المجتمع أيضا. و هكذا انتشرت الجريمة بما فيها المنظمة. وانتشار تعاطي المخدرات بشكل فاحش، و بحماية من السلطة بل وتبت تورط بعض المسئولين في الاتجار بأرواح الشباب و التستر على كبار المجرمين، وهناك أيضا الانحلال الخلقي الذي تباركه الدولة بمختلف الوسائل. إن استفحال الأمراض الاجتماعية في المجتمع هو نتيجة للازمة الاقتصادية و للاختيارات اللاشعبية من جهة، و من جهة نتيجة للتأزم المؤسسات التعليمية و الإطارات الجمعوية التي يمكن أن تلعب دورا تثقيفيا و تربويا لو قوبلت بأسلوب غير أسلوب القمع و الإهمال. إلا أن الطبقة الحاكمة و من منظورها ألترقيعي تعمل دائما على تكيف ألازمة و إدارتها، فهي لا ترغب إطلاقا في القضاء عليها بقدر ما ترى فيها وسيلة حقيقية للاتقاء شر هذا الشباب لإبعاده عن الانخراط في نظال الشعب من اجل الديموقراطية الشاملة. إن وضعية التهميش و القهر الاجتماعي و السياسي التي يعيشها الشاب المغربي تحتم علينا دعوة كل المنظمات و الجمعيات و النقابات، التي تعمل و مازال في عروقها شيئ من التقدمية الحقة و تؤمن بالنظال الحق، إلى بلورة برنامج نظالي تنخرط فيه أوسع الجماهير الشبابية و تساهم فيه كل الفعاليات في إطار وحدوي ينبذ كل مظاهر التشتت و التشرذم، وينضبط للسلوك الديموقراطي في الحوار و العلاقات ، و هذا البرنامج لن يتحقق إلا بإبداع أساليب نضالية جديدة تضمن المشاركة الواسعة للشباب و تخرج العديد من الطاقات من واقع التهميش و الفراغ بكل مضاعفاته إلى ساحات الفعل من اجل تحقيق و ضمان : * حق الشغل للشباب بكل فئاته للمساهمة في الاقتصاد الوطني * حق الشباب في تعليم بكل مستوياته في شروط ايجابية * حق المشاركة الفاعلة في الحياة العامة للبلاد و رفع كل أشكال الوصاية و القيود المفروضة عليه * إنشاء المرافق الثقافية والترفيهية والاجتماعية بكل ما يستلزم من إمكانيات و تجهيزات إلغاء جميع المذكرات التي استهدفت العمل الجمعوي الجاد و مساعدته ماديا و معنويا. وعلى الشباب أن يتحلى بروح من المبادرة و نبذ الاتكالية و القدرة على الصمود و الشجاعة و تجنب التطرف و الانتهازية، وعليه أن يكون في مستوى ممارسة حقوقه ووجوده كمواطن كامل المواطنة مسترشدا بكل القيم التقدمية و الديمقراطية و التضامنية، والعمل على تغير العلاقات الاجتماعية التي تعيق تحرره و تقدمه و المطلوب من الشباب أيضا البحت عن استقراره الاجتماعي ووسائل هذا الاستقرار و شروطه تتم عبر النظال المستميت في جميع حقول الصراع ضد كل القوى التي تكبح التحرر و الانعتاق الاجتماعي هذه القوى التي تحاول فرض اختياراتها بشتى الوسائل. بقلم: محمد الزيري
#محمد_الزيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|