|
العنف ضد المرأة في العراق .. واقع وحلول .
حامد حمودي عباس
الحوار المتمدن-العدد: 5450 - 2017 / 3 / 4 - 21:50
المحور:
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2017 - أثر النزاعات المسلحة والحروب على المرأة
ضمن دراسة جرى اعدادها من قبل اللجنة الوطنية للسياسات السكانية في العراق ( INPC ) بعنوان ( العنف ضد المرأة في العراق .. الاشكالات والخيارات ) ، ورد الاتي : ( هناك ارتفاع في نسبة العنف الواقع على المرأة باشكاله المختلفة ، الى الحد الذي اصبح معه مشكلة معترفاً بها ، تواجهها اكثر من خمس النساء العراقيات ) .. وبهدف توفير مسوغات تسويق هذه الحقيقة المريرة ، تذهب الدراسة الى ان ( 23% ) من النساء المتزوجات من الفئة العمرية 15 – 45 سنة تتعرض للعنف باشكاله النفسية والجسدية واللفظية ، و( 10%) من النساء تتعرض للعنف الجنسي ، في حين تتعرض ( 40% ) منهن الى السيطرة والتحكم من قبل الزوج .. ( هذه الاخيرة أشك في دقتها ، باعتبار ان الواقع يقول بوجود نسبة اكبر بكثير من هذه النسبة من النساء يتعرضن الى السيطرة والتحكم ) . ان التوجه صوب سياسة التحليل المنطقي لحقائق كهذه ، يضع امامنا فرصة سانحة لمعرفة مقدار الحيف الذي تتلقاه المرأة ، جراء تفعيل عوامل التجهيل والإفقار ، وغياب ملامح التعليم بمستوياته المختلفة بين صفوف النساء .. يقابله خضوع الرجال ، وبنسب كبيرة لمفاهيم رجعية ، يغذيها الفكر الديني السلفي وبدرجات متفاوتة ، حيث تزداد مساحة الافكار النمطية حول المرأة حتى بين صفوف الشباب ، رغم توفر وسائل التواصل الاجتماعي ، والصيغ الحديثة الاخرى للمعرفة . لقد اصبح من خلال عملية استكشاف بسيطة ، لمرافعات محاكم الاحوال الشخصية ، وفي اية محافظة من محافظات العراق ، معرفة حجم الكارثة الاجتماعية والمتمثلة بارتفاع مخيف لنسب الطلاق .. والاكثر مدعاة للخوف ، هو ان اغلب حالات التفريق بين الازواج ، تعود في حقائقها ، غير المعلنة ، الى رغبة الزوج بالتغيير ، ما دام يمتلك القدرة على توفير المهر المؤجل ، والتنازل عن اثاث لا يتعدى سعره حدوداً تمنعه من الاقدام على التخلص من زوجة اصبحت بنظره ( عتيقة ) .. أو أن الزوجة تكون قد بلغت بها حدود التحمل لجملة من عوامل العنف الجسدي والنفسي ، وغيرها من انواع العنف ، درجاتها القصوى ، فتلجأ الى اتخاذ سبل تعتقد بانها كفيلة باقناع زوجها بالتفريق ، فتحدث مشاكل اسرية لا اول لها ولا آخر ، تنتهي غالباً بالطلاق . انني لا اجد ما يمنعني عن الاعتقاد ، بان جميع ما تتلقاه المرأة من صور الظلم ، واضحة كانت او متخفية ، مصدرها تصرفات الزوج او الاب او الاخ ، مهما صغرت ، تعتبر عنف سيؤدي في نتائجه الى خراب مدمر في نفس وجسد وعقل المرأة . وبهذا الخصوص ، ومن خلال تقرير اعده مركز ( سيسفاير العالمي ) ، وتمت الاشارة له من قبل عبد جعفر على موقع الحزب الشيوعي العراقي في عام 2016 ، فان ( الكثير من النشطاء ، يوافق على ان العنف الاسري قد زادت وتيرته خلال السنوات الاخيرة بسبب الارتباط بالصراع الدائر ، وما يزيد الطين بلة ، ان الموجة الاخيرة من التهجير والصعوبات الاقتصادية المصاحبة لها ، قد فاقمت من تعرض النساء المهجرات لخطر العنف ) .. وبحسب التقرير ذاته ، فان ما يعمق ظاهرة تعنيف النساء ، هو ان ( العنف الاسري ينظر اليه باعتباره مسألة خاصة وشخصية في العراق ) ، وهذا ما يفسر عدم وجود قانون للعقوبات يحمي المرأة من العنف . وفي ظل الظروف الاستثنائية الحالية ، ومع تفاقم مظاهر العنف ضد النساء ، تنعدم مراكز الايواء الخاصة بالنساء المشردات مع اطفالهن ، والهاربات من بؤر التعنيف والانتقام ، مع غياب الجهات الرسمية لحمايتهن من الاعتداء والملاحقة .. وبذلك تبقى المرأة اسيرة طائعة عليها ان تتقبل جميع نتائج عصيانها او اعتراضها على سوط جلاد . لقد افرزت الحروب المتتالية منذ عقود ، جحافل من الارامل .. والآلاف من الاطفال القاصرين ومثلهم من البنات القاصرات ، الامر الذي اشاع امكانية الزواج المبكر ، وهشاشة بناء الهيكل العام للأواصر الاجتماعية ، وبالشكل الذي ادى بالضرورة الى تداعي القيم الاسرية السليمة .. وقد كانت المرأة وعند جميع الظروف والأزمان ، هي المصد الاول لتداعيات عدم الاستقرار ، وغياب عنصر الأمن الاجتماعي وبكل صنوفه . قطعاً فان حلولاً جاهزة او قريبة لا يمكن تصورها لاخراج المرأة من واقعها المليء بالمنغصات وعدم الاستقرار ، وليس من نافل القول ، والحالة هذه ، الا ان نركن مضطرين ، الى منظمات المجتمع المدني والقوى المخلصة لقضايا الوطن ، ومنها قضايا النساء ، ان تتحرك وبقوة ، لتسليح المرأة بما يجعلها واعية بحقوقها المشروعة ، وتشجيعها على الوقوف وبحزم ، ضد اي ذريعة لاستغفالها وايقاع الاذى عليها وعلى ابنائها . أخيراً .. فاننا اليوم ، احوج ما نكون الى تشريعات مكثفة لحماية النساء .. بعيداً عن الرؤى المتخلفة من اجل خلق محيط يؤمن فيه الفرد العراقي بحرية النساء ، ومساواتهن في كل الميادين .
#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطفولة في العراق .. الى أين ؟
-
وسقط الضمير .. ( مسرحية من فصل واحد ) .
-
خرسانة الدم
-
قول في حقوق المرأة .
-
النظام الوطني الديمقراطي ، غير الشمولي في العراق ، هو الحل .
-
إيحاءات سياسية
-
التحالف الغربي مع العرب ، ضد الاتحاد السوفييتي في حرب افغانس
...
-
ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و
...
-
ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و
...
-
ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و
...
-
أنا ، والشرق العربي ، والصين الشعبية
-
تمرد يتعدى الخطوط الحمر
-
ورقة من بقايا الذاكرة ..
-
غزة .. والانتصارات الكاذبة .
-
القضاء السوداني ، وشبهات إقامة الحد .
-
من وهج البحث عن الراحة
-
الثقافة النخبوية ، وحقوق المرأة .
-
ويبقى النفط العربي .. هو المصير
-
أفواه ... ودخان
-
النهاية المحزنة اقتربت .. فهل ثمة من يسمع ؟؟
المزيد.....
-
مراوح قارب تسحق ذراع شاب أثناء غطسه في البحر.. والسائق معتذر
...
-
ترامب يعلن مواصلته عقد تجمعات بأماكن مفتوحة بعد محاولة اغتيا
...
-
ألمانيا.. ازدياد شعبية الحزب المعارض لإمدادات الأسلحة إلى ال
...
-
-سرايا القدس- تعلن السيطرة على طائرة استطلاع إسرائيلية في خا
...
-
فرنسا لا تستبعد ضلوع طرف أجنبي في أعمال تخريب شبكة القطارات
...
-
أستراليا تحظر استخراج اليورانيوم من أحد أكبر المناجم في العا
...
-
صحيفة أمريكية: نتنياهو بين نارين بعد طلب واضح من قادة الديمق
...
-
إسرائيل تقدم للإدارة الأمريكية مقترحا معدلا لصفقة التبادل وو
...
-
نعيم قاسم: أعيش أفضل حياة لن أتخلى عنها وحسن نصر الله أسعد إ
...
-
سلسلة انفجارات تدوي في مدينة دنيبر الأوكرانية
المزيد.....
-
الاقتصاد السياسي للجندر خلال النزاع في سوريا: تعدد تجارب الن
...
/ خلود سابا
-
البروليتاريا النسائية وقضايا تحررها وانعتاقها!
/ عبد السلام أديب
-
الاغتصاب كجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية
/ هيثم مناع
-
المرأة الفلسطينية ودورها في المسار الوطني الديمقراطي
/ غازي الصوراني
-
القانون الدولي والعنف الجنسي ضد النساء في الحروب
/ سامية صديقي
-
الآثار الاجتماعية والنفسية للنزاعات المسلحة على المرأة
/ دعد موسى
-
كاسترو , المرأة والثورة .
/ مريم نجمه
المزيد.....
|