|
العلمانيه مركب النجاة
اثير حداد
الحوار المتمدن-العدد: 5449 - 2017 / 3 / 3 - 21:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
العلمانيه مركب النجاة . اثير حداد في خضم الصراعات الحادة في العراق الى درجة يمكن وصف الوضع بان الكل ضد الكل، والخشية من اندلاع ثورة الجياع التي ستاكل الاخضر واليابس، ان اندلعت، وستعيد العراق مرة اخرى الى بدايات الدولة، لان من يشغل باله رغيف الخبز لا يمكن ان يفكر بعقلانيه و واقعيه براغماتيه، فجّل همه هو اشباع بطنه. ولكن ما الذي جعل الوضع العراقي يصل الى هذه الدرجة من التوتر الشديد، وانطلاق الخشيه من " كومونة بغداد " ؟. وانطلاق الاصوات التحذير من انتقال عدوى الحالة السوريه الى العراق بحيث يصبح الكل ضد الكل بالاسلحه وتصبح القوى اكثر من 20 فصيل مسلح جلها، وربما بتحفض غالبيتها فقد بوصله مستلزمات بناء او اعدة بناء الدوله وليس السلطه، بالاضافة الى قوى دوليه تلعب بالساحة السوريه بما يخدم مصالحها اولا، والخشية من ان تتحول سوريا الى فيتنام عصر العولمه، بعد ان كانت الحرب الفيتناميه نتاج عصر الحرب البارده. وكي لا اطيل عليك عزيزي القارء في التوصيف ونفقد سوية بوصلة الهدف المحدد في العنوان ( العلمانيه)، دعني احدد سبب هذا الحال المزري الذي نعيشه يوميا ونخشى على مستقبل اطفالنا. هذه الخشيه لا تنطلق من سوداويه بل واقعيه جدا لان التاريخ يعلمنا ذلك. من اوصلنا الى حافة الهاويه هو دولة المكونات، دولة هذا الّي حسب عددي السكاني وهذا الَك حسب عددك السكاني، دولة يعترف دستورها بانها دينيه. والدولة الدينيه لا يمكن الا ان تكون طائفيه، في واقع يختلف فيه الجميع مع الجميع حتى في الاذان، وحتى في البسمله، فتتقاسم الطوائف حسب عددها السكاني المكاسب، في مفهوم لا يبتعد كثيرا عن تقاسم الغنائم في الغزو العشائري، مفهوم بعيد جدا عن مفهوم الدوله و الوطن . وبعد تقاسم المغانم من قبل المكونات الاقوى والاكثر عددا لا يتبقى شي لايام الاحاد او السبت وضاقت مساحة الانهر للصابئة. لعقود مضت جرى القتال في اوربا حول " من يحق له دخول الجنه"، وقدموا ملاين الضحايا في القتال حول هذا الفهم، ثم جرت حربين عالميتين بسبب العرق الارقى الذي يحق له استرقاق بقيه الشعوب وابادة الاخر. لكن الفكر النقدي انتصر فيها حين اعلن ان الاباء والاجداد كانوا على خطأ، فاممت ممتلكات الكنيسه وابعدت عن التدخل في السياسه واطلاق الفتوى، اي فصل الدين عن السياسه اولا ومن ثم تطور الوعي الى دولة المواطنه في الدولة العلمانيه. والدولة العلمانيه لا تعني اطلاقا الدولة الكافره، كما يدعي حراس المقدس عندنا. لا بل ان الدولة العلمانيه هي وطن جميع الاديان دون استثناء، وتحترم فيها معتقدات الافراد دون تدخل من قمة السلطة السياسيه، ولا يحق للسلطة الدينيه تشريع قوانين تفرض على الجميع كما ولا يحق لها ان تتدخل في الحياة السياسيه ولا يمكن لها ان ان تجلس بقرب السلطة السياسيه لتقديم الاستشاره. وان ابدت رايها فانه يمثل احد الاراء داخل المجتمع وليس الراي الواجب الطاعة والتنفيذ. ضمن هذا الواقع، دولة العلمانيه، اعيد للدين مكانته الصحيحه في كونه علاقة الانسان الفرد مع الهته وليس علاقه جماعيه. فحسب الفهم الديني، للديانات الابراهيميه، فان الله خلق كل شيئ ومن ضمنه العقل ، فكيف يمكن فهم تكفير العقل او بتعبير ادق فعل العقل اي التفكيرعلما ان الله هو خالقه. و مرة اخرى عبر التاريخ نجد ان رجال الدين يقدمون انفسهم على انهم وكلاء الله على الارض ولديهم مفاتيح الجنه يدخلون من يشاؤون ويحرمون منها المغضوب عليهم. فقدمت الكنيسه في اوربا صكوك الغفران وقدم رجل الدين الشيعي في الحرب العراقيه الايرانيه مفهوم العبور الى الجنه للصبيه عبر المرور من تحت القران، وقدم السني فتوى ذبح المرتد والذمي كطريق لدخول الجنه. هذه الفتاوي مكنت رجل الدين من خلق سلطه روحيه على عقول و افئده تابعيه حولتهم الى قنابل بشريه قابله للانفجار مع اول انفعال عاطفي. التعليم في الدولة العلمانيه حيادي بين الاديان والمذاهب، فهو لا يقدم فهمه الديني او الطائفي على انه المفضل لدى الله، بل يقدم مواد مقارنة الاديان. و يحاجج اعداء العلمانيه على ان العلمانيه تقدم نظرية التطور لدارون على انها نظريه بديله للدين ويختمون محاججاتهم بـ " هل تقبل ان يكون ابوك قرد ههههه ". وكان الامر موضوع ارادي او اختياري للوالدين. بينما في الواقع فان ما يقدم من نقد علمي لنظرية التطور من قبل مواطني وعلماء اكثر وارقى بكثير من النقد التفكيكي من قبل حراس المعبد المقدس. اما على صعيد الاحوال الشخصيه فالفرد حر في ان يختار ما يريد من المذاهب لتحديد شروط الزواج والميراث. الا ان ذلك لا يتعدى كونه علاقه ثنائيه لا يمتلك سلطة قانونيه للتنفيذ بل ربما تراضي ان صح التعبير. والدوله في هذا المجال تشرع قوانين موحده لجميع ابناء الوطن لا يختلف فيه العقد بين مواطن و مواطن اخر. تبقى لدينا سؤال مهم قبل ان ننهي هذه المقاله وهو : هل يمكن ان توجد دوله علمانيه خارج اطار الدولة الديموقراطيه ؟ الجواب على ذلك كلا. في دولة الاستبداد تفرض الذي جربناه لعقود كانت السلطة السياسيه تفرض تصوراتها و مفاهيمها على التعليم. وفي دراسة التاريخ كان يقدم موضوع دخول الاسلام الى المناطق من غير الجزيره على انه فتوحات، مع انه فرض على سكان تلك المناطق دفع الجزيه والذميه وبرر ذلك بانه حمايه لهم . اما عن تدريس مادة الدين فقد تم على اساس تدريس الدين الاسلامي وحسب طائفة السلطه و مفهومه. اذن العلمانيه خارج الديموقراطيه كالسمكة خارج الماء .
#اثير_حداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوميات رب عائله
-
الشعبويه، التعبير السياسي لبرامج - تلفزيون الواقع -
-
الشعبويه، التعبير السياسي عن برنامج الواقع التلفزيوني
-
لّو !
-
أ كان نظام البعث علمانيا ام سنيا ؟
-
اكان الربيع العربي احباطا !
-
من المسيطرعلى السوق العالميه للنفط الان ؟ العرض ام الطلب ؟
-
اسلحة الدمار الشامل العراقيه موجوده لكن الفطرسة الامريكية لم
...
-
الوعي عندما يُغيّب
-
الطائفية ...... لا تبني وطنا .
-
الظاهرة التكفيرية ... اهي ظاهرة جديده ؟
-
من داعش الى الخلافة الاسلاميه
-
الارهاب، نتاج معادات المعرفه ! 1
-
النفط - دم الشيطان -
-
- المقتل - والقاتل ليس شمر بن ذي الجوشن الكلابي ..!
-
اسعار النفط الخام عالميا , الاكثر تقلبا من بين اسعار السلع .
...
-
اسعار النفط الخام عالميا , الاكثر تقلبا من بين اسعار السلع .
...
-
اسعار النفط الخام عالميا , الاكثر تقلبا من بين اسعار السلع .
...
-
اسعار النفط الخام عالميا , الاكثر تقلبا من بين اسعار السلع .
...
-
اسعار النفط الخام عالميا , الاكثر تقلبا من بين اسعار السلع .
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|