|
الوجه امريكا والعجيزة اسرائيل
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5446 - 2017 / 2 / 28 - 20:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الوجه أمريكا والعجيزة إسرائيل تميم منصور ليس صدفة وجود هذا التلاحم السياسي والفكري بين أمريكا و إسرائيل ، وقد كانت بداية هذا التلاحم الذي جمعهما في سياسة عدوانية واحدة ، ثوابتها المشتركة العنصرية وقهر الشعوب ، ونهب ثرواتها بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 . نتيجة هذا العدوان أيقنت أمريكا أن الامبراطوريتان الاستعماريتان التقليديتان بريطانيا وفرنسا أصبحتا عاجزتين عن الاستمرار بالتحكم بمصير الشعوب ، وأنه قد تم تفريغ قُدراتهما ونفوذهما ، خاصة في الشرق الأوسط ، بعد قيام عدة ثورات بدعم من الاتحاد السوفياتي والكتلة الشيوعية ، لقد أرادت أمريكا من إسرائيل أن تكون مخلب القط الذي تستخدمه ضد الأنظمة الثورية في المنطقة . زاد قلق أمريكا والى جانبها إسرائيل بعد قيام الاتحاد السوفياتي بدعم مصر التي قادها في حينه الضباط الأحرار ، فقدم العتاد الحربي وساعد في تنظيم جيوش الدول العربية الثورية ، إضافة الى الدعم الاقتصادي الذي جاء بديلاً للهيمنة الامبريالية والامتيازات الأجنبية ، نذكر من هذه الدول إضافة الى مصر سوريا ، العراق ، الجزائر ، ليبيا ، السودان ، واليمن . ادعت أمريكا وقتها أن من واجبها المحافظة على المصالح الامبريالية والصهيونية في المنطقة بدعم من إسرائيل ، خاصة مصادر الطاقة ، وقناة السويس ، والأنظمة الحليفة لها ، كالأردن والسعودية ودول الخليج ونظام الشاه في ايران . اعتبرت أمريكا نفسها بأنها وريثة لبريطانيا التي اصبحت دولة من الدرجة الثانية بالنسبة لامريكا وقوة الاتحاد السوفياتي ، كانت المهمة الرئيسية للسياسة الامريكية في المنطقة هي محاربة التغلغل الشيوعي كما اسمته ، فاعلن عما اسمته مشروع ايزنهاور لسد الفراغ الذي تركته بريطانيا بعد ان سحبت قواتها من منطقة قناة السويس ، ومن الأردن والعراق . لم تجد أمريكا حليفاً افضل من إسرائيل ، إضافة الى دعمها المتواصل لشاه ايران ولتركيا حليفة الامبريالية التقليدية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى اليوم . وضعت أمريكا أسس التعاون مع إسرائيل ، حتى أصبح استراتيجي ، وجزء لا يتجزأ من سياسة البيت الأبيض الخارجية ، هذه السياسة لم تتغير مع تغير وتبديل الرؤساء الذين تولوا الحكم في البيت الأبيض . كان من السهل إيجاد القواسم المشتركة مع الحركة الصهيونية ، السقف السياسي لإسرائيل ، بصفتها منظمة عالمية عنصرية كولونيالية ، وقد نضجت هذه الأسس حتى أصبحت ثوابت راسخة لا تزال قائمة حتى اليوم ، وعندما دخل الرئيس الأمريكي الحالي ترامب البيت الأبيض ، دخل معها ووجدها أمامه ، من هذه الثوابت الراسخة التي لم تتغير منذ العدوان الثلاثي. تبني مبدأ التمييز العنصري ، السبب ان الشعبين في أمريكا وفي إسرائيل غرباء ودخلاء على البلاد التي يعيشون فوق ترابها . فالشعب في أمريكا خليط من الأمم والشعوب المختلفة ، هاجر من اوطانه الاصلية قبل مئات السنين ، هؤلاء المهاجرين لايختلفون في أهدافهم ومهماتهم عن المهاجرين اليهود الذي قدموا الى فلسطين بهدف الاستيطان وعرفوا باسم الهجرة الأولى عام 1882 ، القاسم المشترك إقامة وطن جديد او كيان سياسي على حساب شعب آخر ، الشعب الآخر في أمريكا هم قبائل الهنود الحمر ، سكان البلاد الأصليين ، والشعب الآخر في فلسطين هم العرب الفلسطينيون سكان البلاد الأصليين . في أمريكا تمكن المهاجرون من إقامة نظام سياسي بعد تطورات وتقلبات كثيرة أهمها ، جلب اعداد كبيرة من العبيد لخدمتهم ، ونشوب الحرب الأهلية المعروفة ، لم ينجح الدستور الأمريكي ومواده التي تنص على منع العبودية ورفض التمييز العنصري ، إلا انه بقي حبراً على ورق ، نظرياً رفض الكثيرون من الامريكيان الالتزام بها حتى اليوم ، ولا زالت تبعات هذه التربية العنصرية مترسخة في نفوس الكثير من الامريكان ، فمن جهة لا زالوا يحلمون بالعنصرية والعبودية ويطبقونها في بعض الأحيان ، ومن جهة ثانية فإن نظرتهم للشعوب خارج الولايات المتحدة نظرة فوقية ـ فلم يتأخروا في ارتكاب المجازر اذا اقتضت الضرورة ، واذا توفرت الأسباب التي تتيح لهم الاحتلال والتوسع ، فالحضارة الامريكية مهما تطورت ، تبقى عاجزة عن مسح وشطب الجرائم الامريكية بحق الشعب الفيتنامي ، والشعب العراقي ، والشعب الافغاني والشعب الياباني والقائمة طويلة . هذه الصورة تنعكس على الوضع في إسرائيل ، فغالبية سكان إسرائيل دخلاء على هذه البلاد ، وقد استوطنوها تحت غطاء سلطات الانتداب البريطاني بشكل أساسي ، وبمساعدة قوى امبريالية عالمية وبدعم مالي من المنظمة الصهيونية ، لقد رافق تثبيت الاستيطان طرد سكان الأصليين ، وهم الفلسطينيون ، فالإسلوب الذي استخدمه البيض في أمريكا ، استخدمته الصهيونية بعد أن أقامت عصابات وتنظيمات إرهابية ، كانت مهمتها قتل وترحيل غالبية السكان المحليين . اكتمل التشابه وتطابقت الاعمال التي قام بها البيض والاعمال التي قام بها الإسرائيليون بعد إقامة كياناتهم السياسية ، الكيانيين اتبعا سياسة التمييز القومي ضد السكان المحليين ، فالممارسات التي تقوم بها المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة ضد المواطنين العرب ، وضد المواطنين في المناطق المحتلة ، ما هي الا امتداد للممارسات العنصرية التي عانى ولا يزال يعاني منها الملونون في الولايات المتحدة ، من حيث الملاحقة ، والتمييز في العمل داخل المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة ، الملونون والمواطنون العرب يعانون من سياسة التمييز أمام المؤسسات القضائية ، فالأسود في أمريكا كالمواطن العربي يشعر دائماً بأنه ملاحق ويتواجد في خانة الشك والتهمة - وما حدث في قرية أم الحيران في النقب لهو أكبر دليل على ذلك ، كانت أصابع شرطة " روني الشيخ " العنصرية رخوة على الزناد وكانت التهمة المزيفة جاهزة ضد الضحية " يعقوب القيعان " - هذا ما تفعله شرطة البيض ضد الملونين داخل الولايات المتحدة . من بين الثوابت العنصرية المشتركة بين نظام الحكم في أمريكا ومثله في إسرائيل رفضهما الشبه المطلق لدخول مهاجرين جدد اليهما ، بالنسبة للولايات المتحدة فان ترامب سارع بإغلاق الحدود ، خاصة بوجه المسلمين ، وفي وجه المهاجرين من أمريكا الجنوبية ، أما إسرائيل ، فإنها أكثر عنصرية ، فإنها حتى الآن تمنع سكان البلاد الأصليين من دخول وطنهم ، كما أنها تمنع التواصل بين شرائح المجتمع الفلسطيني ، ان سياستها هذه أدت الى تفريق شمل آلاف العائلات الفلسطينية ، بسبب قيامها بإصدار ما عرف بقانون منع جمل الشمل بين أبناء الاسرة الواحدة . من بين الثوابت المشتركة بالعنصرية أيضاً ، ثقافة إقامة جداران الفصل العنصري ، فإسرائيل محاطة من جميع الجهات تقريباً بهذه الجدران ، أكثرها عنصرية ، الجدار الذي أقامه الاحتلال داخل الضفة الغربية ، فهذا الجدار ضاعف من تبعات الاحتلال ، لقد التقى النظامين العنصريين أمام هذه الظاهرة ، فقد سارع الرئيس الأمريكي الجديد الذي ينضح بالعنصرية ويتمرغ بوحلها ، الى الإعلان عن إقامة جدار فصل عنصري مع المكسيك وهذا يعكس نظرة هذا الاهوج الى غيره من بني البشر . هناك قواسم مشتركة بين سياسة كل من إسرائيل وامريكا ، مثل دعم العصابات الإرهابية لاستغلالها في محاربة المقاومة ، خاصة في سوريا وايران ، كما ان اتباع سياسة الاغتيالات والتجسس واحتضان الأنظمة الرجعية والمستبدة من الأولويات التي لا تتخلى عنها كل من إسرائيل وامريكا .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ريفلين وقفزة القط الشرير
-
بلدية البيض في القدس
-
بالأمية والغيبيات تُحكم الشعوب والبلدان
-
وحدها الشعوب العربية قادرة على الزام امريكا بالتغيير
-
وماذا بعد الاستقالات ؟؟؟
-
الاعلام الإسرائيلي يُسقط نتنياهو بحفرة الشبهات
-
حُلم عثمنة تركيا تبدد تحت وقع الإرهاب الاردوغاني
-
الأصابع المرفوعة في السجلات المختومة بالقبلة الامريكية
-
جدل عقيم وحمى الاتهامات
-
الربيع العربي أدخل اسرائيل العصر الذهبي
-
صفق أنت فلسطيني
-
فيدل كاسترو البصمة التي أوجعت امريكا
-
بين فكي كماشة بلفور والتقسيم يعيش الشعب الفلسطيني
-
لا يفتح الطريق المسدود امام الفلسطينيين الا الشعب الفلسطيني
-
مقاييس التكريم محاطة بالجماجم
-
بين الهيئة العربية العليا والقائمة المشتركة
-
موعد مع الغدر في ليلة المجزرة
-
عروبة الحرم القدسي الشريف ليس رهينة لقرارات اليونسكو وغيرها
...
-
حقائق التاريخ تدين الوزير - بينيت -
-
حمامة بيرس للسلام في قفص التساؤلات
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|