|
صدمة اليمين الاسرائيلي
جهاد الرنتيسي
الحوار المتمدن-العدد: 1433 - 2006 / 1 / 17 - 08:11
المحور:
القضية الفلسطينية
تكاد السلطة الوطنية الفلسطينية ان تقطع شوطا من محاولة تاثيث لحظات التحول التي تمر بها المنطقة بالحد الادني من الايقاع الذي داهمته حالة الفلتان والفوضي الامنية في الضفة والقطاع ، وتراكمات السياسة الاسرائيلية ، واختلال المعادلات الدولية ، وهي تتجه بثبات نحو اجراء الانتخابات التشريعية . ففي المنعطف الراهن تتجاوز ضرورات التوجه لصناديق الاقتراع ترتيب البيت الفلسطيني. وقد ينطوي هذا التجاوز علي بحث عن اجابات للاسئلة الصعبة التي لازمت القضية الفلسطينية منذ نشوئها ـ وزاد الحاحها علي مدي السنوات الخمس الماضية ـ وفي مقدمتها سؤال الشطب السياسي الذي يضخمه وصول عملية السلام الي طريق مسدود . فمن خلال فرض الامر الواقع علي الارض لانهاء حلم قيام الدولة المستقلة ، وتقويض السلطة الوطنية باعتبارها المنجز التاريخي للنضال الوطني ، وتهميش القيادة الفلسطينية بالاجراءات احادية الجانب وفر ارييل شارون خلال وجوده علي سدة الحكم المدخل الملائم لتفكيك الكيانية السياسية الفلسطينية ،واعادة الفلسطينيين الي ما دون المربع الاول . وترك غض الطرف الاميركي عن الممارسات الاسرائيلية انطباعا بقبول القطب الكوني الوحيد للسياسة التي اتبعها شارون . وبذلك بدت الانتخابات اقرب الي محاولة للافلات من الزمن الاسرائيلي ، واعادة الاعتبار للعامل الدولي ، اضافة الي توفير المناخ الملائم لاستعادة الاجماع الوطني اللازم للتعاطي مع صعوبات المرحلة . ويعطي الشوط الذي قطعه الفلسطينيون بتثبيت موعد الاستحقاق النيابي ، وانتزاع حق التصويت في القدس الشرقية هامشا اوسع للمناورة ، وتحديد اتجاه البوصلة ، ولكنه لا يعني باي حال من الاحوال الخروج من دائرة ترتيبات الحل النهائي التي حددها شارون ، واضفي عليها رحيله المفاجئ عن الساحة السياسية مزيدا من الغموض . والوصول الي وضع فلسطيني متماسك للحد الذي يتيح اداء سياسيا مختلفا لا يعني تقريب التصور الاسرائيلي للحل النهائي من تصورات الحد الادني في الخيال السياسي الفلسطيني . فهناك قناعة راسخة لدي الاطراف الاكثر اعتدالا في القيادة الفلسطينية بان شارون لم يكن في يوم من الايام الزعيم الاسرائيلي الذي يحقق السلام حتي لو استمر في رئاسة الحكومة الانتقالية ، وتمكن من تشكيل حكومة اخري. ولا يوجد ما يوحي بخروج السياسة الاسرائيلية خلال الاعوام المقبلة عن المسارات التي حددها شارون . فالشواهد المثيرة للاهتمام عند الولوج الي الوضع الداخلي الاسرائيلي ترجح التفسيرات التي تضع انقسام اليمين في سياق الارتباك الذي اصاب القراءات التقليدية للمشروع الصهيوني لدي اصطدامها مع الواقع الذي اهملته وعبر عن نفسه بما بات يعرف بالمشكلة الديموغرافية . والحلول المطروحة اسرائيليا لحل هذه المشكلة تدور في فلك الحفاظ على دولة الاغلبية اليهودية واكبر مساحة ممكنة من الاراضي الفلسطينية . ويقود تلازم ادراك المشكلة مع غياب الاستعداد لتقديم الحد الادني للجانب الفلسطيني الي استغلال القوة لفرض الاملاءات . وبالتالي ستبقي الضفة الغربية وقطاع غزة في تفكير اليمين الاسرائيلي خلال المرحلة المقبلة الساحة الخلفية لاسرائيل وان اطلق عليها اسم الدولة . ولانه دون الحد الادني الفلسطيني ، ولعجزه عن توفير الامن للاسرائيليين لن يتجاوز مشروع "الحل المؤقت" غائم الملامح الذي يخلفه شارون لورثته السياسيين المحطة التي تتيح لقوي اليمين الاسرائيلي اعادة النظر في جدوى المشروع. وفي المقابل اظهرت الظروف التي رافقت مغادرة شارون الحلبة السياسية خطا نظرية " الزمن الدائري " التي تتعامل مع المشهد الاسرائيلي باعتباره كتله جامدة تتماثل رموزها وان ظهر بعض التباين في طروحاتها. فقد فشلت محاولات توحيد اليمين من خلال اعادة اللحمة بين تكتل الليكود وحزب كاديما حاضنة مشروع شارون . ويكرس هذا الفشل حقيقة ان التكتل والحزب اللذين شكلهما شارون في ظروف تاريخية مختلفة لا يلتقيان في اللحظة التي تملي تقديم تنازلات صعبة للخروج من حالة التيه السياسي وان اقتصرت نظرة المحللين السياسيين العرب علي البعد العدواني في شخصية المؤسس . ولم يخل الامر من سباق بين الليكود والعمل لاقتسام تركة شارون من خلال استقطاب كوادر كاديما الممكن استقطابها . ومؤشرات استطلاعات الراي التي رجحت كاديما بعد سلسلة العمليات الجراحية التي اجريت لشارون تؤكد ثبات رغبة الشارع الاسرائيلي في التوصل الى حل مع الفلسطينيين . واثبت تناوب الليكود والعمل علي الحكم عبثية الاحتفاظ بالخطاب الايديولوجي الفضفاض لدي الوصول الي السلطة . فالخطاب السياسي الذي يمكن استخدامه في المعارضة لا يصلح للحكم الذي يحتاج الي خطاب براغماتي يتناسب مع المعطيات الدولية والاقليمية . وتتضارب مؤشرات قدرة حزب وسطي علي البقاء في الخارطة السياسية الاسرائيلية مع تراجع حصة شينوي في الكنيست والخلافات المتاججة في صفوفه. وفي احيان كثيرة تتهرب احزاب اليمين الاسرائيلي من التعاطي مع المسالة الفلسطينية برفع شعارات ذات طابع اجتماعي . وعلاوة علي وضع هذه التفاصيل في عين الاعتبار يتطلب تجنب صدمات المرحلة المقبلة توقع المفاجآت التي يمكن ان تاتي بها شخصية مثل اولمرت الذي تصاعد مؤشر يمينيته الي حدوده القصوي عندما كان رئيسا لبلدية القدس واتخذ مواقف اكثر ليونة فيما بعد . ولن تكون الساحة الاسرائيلية خالية لاولمرت الذي يعتقد بانه كان صاحب تاثير علي شارون في السنوات الاخيرة . فهناك ثلاثة اقطاب تتجاذب التاثير في المشهد السياسي الاسرائيلي وسيكون لتجاذبها حضوره في لدي التعاطي مع الملف الفلسطيني.
#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسائل خدام الثلاث
-
زلزال البيت الفتحاوي
-
اغتيال تويني ...خلط جديد لاوراق قديمة
-
تشوهات التحول الديمقراطي
-
شهوة القتل
-
التقرير الذي هز المنطقة
-
الانتحار اللغز
-
حوار الدائرة المغلقة
-
تراكمات العجز
-
قواعد جديدة للعبة قديمة
-
جدران الوهم
-
تفسير احادي....لخطوة احاديه
-
منصة التغيير
-
عمان..مرآة العراقيين ..ونافذتهم علي العالم
-
الانسحاب المصيده
المزيد.....
-
إلهام شاهين تعيش الطفولة مع -آخر العنقود- في عائلتها
-
الشرع يوضح موعد أول انتخابات رئاسية في سوريا ورده على من طال
...
-
فرنسا تستعد لمحاكمة طبيب متهم بالاعتداء جنسياً على أطفال تحت
...
-
الحكم على جندي بريطاني سابق بالسجن 14 عامًا بتهمة تسريب معلو
...
-
بوتين يقيل نائب وزير العدل من منصبه
-
سموتريتش: لا يمكن إنهاء المعركة قبل تدمير حماس بالكامل واتفا
...
-
حاكم المصرف المركزي: هكذا تبخر 21 مليار دولار في سوريا!
-
ترامب: حققنا تقدما كبيرا في مسألة حل الصراع بين روسيا وأوكرا
...
-
القضاء المصري يقضي بسجن بريطاني 3 سنوات
-
روسيا.. تطهير أكثر من 350 كيلومترا من سواحل البحر الأسود بعد
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|