أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - دموع بنات الشطرة














المزيد.....


دموع بنات الشطرة


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 5445 - 2017 / 2 / 27 - 19:49
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


دموع بنات الشطرة

نعيم عبد مهلهل

بتاريخ 28 / 12 / 1962حَلتْ في مدينة الشطرة 50 كم شمالي الناصرية مأساة لم تشهد لها المدينة مثيلاً حتى عندما عاشت وقائع التصدي للجيش الانكليزي الزاحف صوب بغداد قادما من البصرة في اوائل القرن العشرين وكان من اشهرها معركة باهيزة ، عندما غرقت السيارة الباص الفولفو الخشبية والتي ثبتَ في مقدمتها السائق سطورا من الخط الكوفي أمام السائق كتب عليها( لا تخف دركا ولا تخشى) وعبارة أخرى ( السياقة فن وذوق وأخلاق ) والعبارتين هما بخط الفنان صباح السهل الذي تم اعدامه في تسعينات القرن الماضي بوشاية او تقرير او تسجيل يتندر يهاجم على رئيس الدولة.
غرقت السيارة الفولفو وهي تحمل اكثر من خمسين تلميذة ومعلماتهن في مدرسة العفة الابتدائية ، اثناء عبورها على جسر البطاط الخشبي في ضواحي مدينة سوق الشيوخ والنتيجة أن أثنين واربعون ضحية واغلبهن من التلميذات ، وكان ذلك اليوم المأساوي يوما لا ينسى في تأريخ المدينة شاع حزنه في جميع العراق ويُقال أن الزعيم عبد الكريم قاسم لم يخفيَّ دموعه واخذ منه مرافقه الخاص منديله وقد امتلئ بالدموع وهو يقرأ نعيَّ لطفولةِ الشطرة الغريقة التي طبعت على المانشيتات السوداء الصفحات الاولى لصحف العراق.
يوم جاءنا معلم رسم من اهالي الشطرة كتعيين جديد ، تعودنا على يوم سنوي نقيمه كقداس لأحياء هذه الفاجعة فلقد كانت ابنة اخيه معهم ، وفي أول عام لاستذكار فاجعة ( غرق تايتانيك الشطرة ) كُلفتْ أنا بألقاء قصيدة كتبها الشاعر الرائع خالد الشطري وهو يرثي ولده ( علي ) الذي كان بين الضحايا ، وما زلت الى اليوم اتذكر دمعتي التي لامست ضفاف الاهوار وهي تشدو معي نشيد الشاعر لولده ومنها :
اخواك ياطفلي الحبيب تساءلا حرس العيون وانا اترجم حسهم
رفقا بأمك ياعلي تبدلت قد عذبتني بالسؤال تقول لي
ممزقة الشفتين تنهش صدرها وتروح تزهق للسماء وتنتهي
فلتلعب الايام ما وصلت بشواظ نارك يا محط رجائي
كنت أشعر حينها أن كلمات القصيدة تذهب سارحة الى المكان الغير بعيد من قريتنا والذي ( ركست ) فيه الباص الخشبي وسط الجسر فسكنت في قاع الالم بروح الشطرة كحزن الآخر لتيتانك مصغرة شغلت المدينة بمراثي النواح في اجمل صوره حين تزفُ المدينة شهداء الفرات في عرس من نحيب بكت فيه حتى التلال الاثرية في اكد وتلو وقباب السادة الياسرين الذين يطوقون المدينة بالقماش الاخضر من بنية السادة آل بو حمد وحتى قبر السيد العباس ابو كله .
وهكذا كل عام في مثل هذا اليوم تستعيد الأهوار مع تايتانيك الباص الخشبي حزن موت طفولة الشطرة ، فتسكن ذاكرة القصب دمعة الغرق وتنتشر في سماء المكان سحابة من صدى نواح أم كانت الغريقة هي وحيدتها ، وعلى ليل الشموع التي كان يجلبها معلم الرسم الشطري كل عام تهطل حكايات الغرق وتفاصيل أخر لحظة في حياة الطفولة التي ربما غرقت معها دمى ومتاع من بيض مسلوق وكباب ( طاوة ) وباقات بصل أخضر وكراث ودفاتر انشاء وحساب وحقيبة معلمة فيها أشياء خاصة ( دفتر الخطة ، وفلم احمر شفاه ، وقائمة الكهرباء ، وكتاب رسمي بالعلاوة السنوية )
تايتانيك واحزان بنات الشطرة قداس الأهوار السنوي تقيمه كاتدرائيات وجوامع ومعابد مدرستنا المبنية من قصب البردي ، وحيث يشاركنا برد كان البكاء تسير اغنية الحنين وهي ترتدي حذاء الورد تحت الارصفة الشعرية بين جهة الحنين والبكاء التي تسكن قلب الشاعر خالد الشطري الذي ينسب اليه كتابة قصيدة انا وليلى ، فينمو عشب المودة ويصبع الصمت وجوه المعدان وقد صاروا يحسبون لموعد هذا الحزن الشطري يوما بعد يوم.....!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا بكى دريد البطة ؟
- فقراء أور والخبز الكرواطة
- عافية ( حسين نعمة )
- معدان الوردة الهولندية
- كتاب التوراة في قضاء قلعة صالح
- أساطير الطور الصُبيّْ
- عندما يبوح حمام الدوح
- ماري المسيحية وشبوط المعيدي
- أطفال الأهوار والقاص المصري
- هل نحن عبيدكم أيها التيوس..؟
- المداعبة الايروتيكية والسياسة
- عندما يهاجمكَ القرد
- شوبنكن الالمانية ( أمازيغ وصابئة وايزيدين )
- حِينَ يُباعُ الشَرفُ بالترفْ
- يوم جعلنا الورد جنكيزخان
- القيامة عند الملكة فكتوريا ومعدان الجبايش
- خلطة سحرية لعشاء النمور
- ماركو بولو المندائي
- رسالة الى حسين نعمة
- الصوفيون ووكالة ناسا الفضائية


المزيد.....




- أول تعليق من نتنياهو على الغارات ضد الحوثيين
- الإشعاعات النووية تلوث مساحة كبيرة.. موقع إخباري يؤكد حدوث ه ...
- 53 قتيلا ومفقودا في قصف إسرائيلي على منزل يؤوي نازحين في غزة ...
- مسؤول روسي: موسكو لا ترى ضرورة لزيارة جديدة لغروسي لمحطة كور ...
- -نيويورك تايمز-: شركاء واشنطن يوسعون التجارة مع روسيا ولا يس ...
- بينها -مقبرة الميركافا-.. الجيش اللبناني يعلن انسحاب إسرائيل ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط وإصابة اثنين آخرين في معارك ...
- الكويت.. خادمة فلبينية تقتل طفلا بطريقة وحشية تقشعر لها الأب ...
- 76 عامًا ولا يزال النص العظيم ملهمًا
- جلس على كرسي الرئيس.. تيكتوكر سوري يثير الجدل بصورة له في ال ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - دموع بنات الشطرة