سعد اميدي
الحوار المتمدن-العدد: 5445 - 2017 / 2 / 27 - 12:50
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
((قد فطن عمر بن الخطاب لهذه السخرية من العقل البشري وقال مخاطباً الحجر (إني أعلم أنك حجرٌ لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله يقّبلك لم فعلت ).)).
عندما تكونت المجتمعات الإنسانية كان إله كل مجموعة يقطن بينهم، سواء أكان طوطماً أو صنماً أو شجرة. وبظهور آلهة السماء واختراع الإنسان الملاحم التي تُكرّم تلك الآلهة، اتخذ الإنسان في الأرض معلماً في مكان معين يمثل بيت الآلهة أ مكان نزول الآلهة من السماء. وصار الناس من المناطق المجاورة يحجون لتلك المواقع. فمثلاً في الهند، وقبل ألفين سنة قبل الميلاد، نسج المجتمع الهندي أسطورة حول نهرهم العظيم، نهر جانكيز Ganges فحواها أن النهر خُلق في السماء ثم أنزلته الآلهة إلى الأرض ليطهر بمائه النقي ذنوب البشر. ومنذ ذلك التاريخ السحيق ظل الهندوس من كل أنحاء الهند يحجون سنوياً إلى ذلك النه وينغمسون في مائه ليطهروا أنفسهم من الذنوب. وما زال هذا الحج يحدث سنويا ويحج في المتوسط حوالي مليون هندوسي في كل موسم.
وقبائل المايا في أمريكا الجنوبية كانت لهم حضارة عظيمة قبل الميلاد وبنوا معابد ضخمة في الصخور لآلهتهم وكانوا يحجون إليها كل عام. وفي إنكلترا توجد بقايا معبد في سهل سالسبري يُدعى (إستون هنج) Stonehenge أقامته قبائل قديمة قبل حوالي خمسة آلاف عام وكانوا يحجون إليه ليعظموا الشمس. وعرب ما قبل الإسلام بنوا عدة كعبات للحج، أكبرها وأشهرها كانت الكعبة التي بمكة. وكانت القبائل العربية تحج كل عام إلى تلك الكعبة ووضعت كل قبيلة صنمها حول الكعبة لتحج إليه. وكانوا يطوفون حول الكعبة سبع مرات ويرددون التلبية (لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك لبيك). وكانوا يهرولون بين الصفا والمروة، وكانوا يرمون الجمرات على كمية من الحجارة يسمونه الرجمة، يرصونها فوق بعضها البعض تشبيهاً أو تمثيلاً لقبور أسلافهم، ويرمون الحجارة الصغيره عليها تعظيماً لها. ثم بعد انتهاء موسم الحج كانوا يقصون شعورهم تعظيماً لأصنامهم. ثم يذبحون القرابين ويولمون وتكون الوليمة مفتوحة لكل من ورد مكة. وقد كان الحج إلى مكة في شهر ذي الحجة منذ أقدم العصور، وقد ورد شهر ذي الحجة في المسند منذ أيام ممالك اليمن القديمة.
وجاء الإسلام واحتضن الحج بكل مقوماته وجعله منسكاً إسلامياً من مناسك وشعائر الله. وزيادة في الوثنية جعل الإسلام تقبيل الحجر الأسود بالكعبة شعيرة لا يتم الحج بدونها. فالإسلام الذي جاء لينهي تقبيل الأصنام فرض على المسلمين تقبيل الحجر الأسود الذي تآكل وتفتت من كثرة تقبيل المسلمين له، وما هو إلا حجر عادي من نيزك وقع من الفضاء.
المصادر ( د.كامل النجار ، عبدالرزاق جبران،ريتشارد دوكنز)
#سعد_اميدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟