أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2017 - أثر النزاعات المسلحة والحروب على المرأة - العين تغريد حكمت - أثر النزاعات والحروب على المرأة من منظور تشريعي















المزيد.....


أثر النزاعات والحروب على المرأة من منظور تشريعي


العين تغريد حكمت

الحوار المتمدن-العدد: 5442 - 2017 / 2 / 24 - 12:31
المحور: ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2017 - أثر النزاعات المسلحة والحروب على المرأة
    


رغم المصاعب الشديدة التي عانت منها المرأة العربية خلال الحروب، لا نزال بعيدين في المنطقة العربية عن الأخذ بالمبادئ والحلول التي تضمنها التشريعات الدولية والقرار رقم 1325. ويمثل هذا الواقع مفارقة مؤلمة إذا أخذنا بعين الاعتبار ان منطقتنا هي من اكثر مناطق العالم تعرضاً للنزاعات المسلحة واشدها حساسية وافتقاراً للاستقرار بين هذه المناطق. فقد شهدت المنطقة العربية تطورات كثيرة في الوضع السياسي في السنوات العشرين الأخيرة وتفاقمت الحروب والنزاعات الداخلية والاستعمارات الجديدة منها بصورة خاصة بما في ذلك احتلال الكويت، والحرب الأهلية في الجزائر، والنزاعات في السودان، والحرب على العراق، وحرب اليمنيين، والحروب على لبنان وسوريا، واستمرار الحرب والاحتلال على الفلسطينيين. ومع تطور التكنولوجيا والآلات الحربية، فإن الضرر الاقتصادي والبشري يزداد فداحة، وبالتالي تتفاقم معاناة المرأة بشكل خاص. وفي الحروب تصعب المطالبة بالتغيير وإعمال حقوق المرأة إذ يحظى الوضع العام ومصير البلد بالأولوية.

ان قضية المرأة في النزاعات المسلحة والحروب لم تحظ بعد بالاهتمام الكافي في بلادنا من حيث البحث والتحليل وجمع البيانات وذلك لزيادة الوعي والمعرفة بأثر هذه المنازعات والحروب على حياة المرأة، فنحن الآن بأشد الحاجة إلى تطبيق المبادئ التي تضمنتها القرارات الدولية الرامية إلى حماية المرأة في النزاعات المسلحة.

وتتعرض النساء للجرائم والعنف بدرجات أكبر خلال الحروب وبعدها، ونادراً ما تأخذ العمليات الإغاثية والمساعدات الدولية واقع المرأة اليومي بعين الاعتبار، كما أن المساهمات القليلة للحكومات في تقديم المساعدات وتنفيذ البرامج نادراً ما يراعى فيها البعد النوعي في التخطيط والتنفيذ، وبالتالي لا بد من التنبه إلى واقع المرأة في ظل الحروب عن طريق إجراء دراسات ميدانية للنظر في احتياجات المرأة وإعداد البرامج الملائمة في مجال معالجة آثار الحروب والنزاعات المنعكسة عليها. أما حماية المرأة وضمان حقوقها في أيام الحرب فتبدأ في أيام السلم عن طريق تغيير القوانين المحلية، ورفع تحفظ الحكومات عن الاتفاقيات الدولية، ودمج مفهوم المساواة بين الجنسين في طريقة عمل المؤسسات الحكومية، وإعداد البرامج الكفيلة بتغيير الصور النمطية للمرأة وتبديل الأفكار حول قيمة المرأة كإنسان.

وتؤدي الحروب كما هو معلوم إلى تناقص الحريات العامة والخاصة بدافع درء الخطر المحدق بالمجتمع فتمنع بعض الحقوق مثل حق التعبير وحرية الصحافة، ويتم تحويل موارد البلد إلى تعزيز ميزانيات الدفاع والجيش بدلاً من استثمارها في مؤسسات وبرامج التنمية والتوعية بحقوق المرأة ومشاريع الحد من الفقر والبطالة. ويختلف التأثر بالحروب من إنسان إلى آخر بحسب الجنس والعمر والطبقة الاجتماعية ومكان الإقامة وغيرها من العوامل التي قد تكون أيضاً متشابكة ومترابطة.

وفي مقابل الآثار السلبية للحروب والنزاعات على الإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص، تحمل الحروب بعض الإيجابيات من ناحية مشاركة المرأة وتمكينها وتمرسها في العمل العام والعمل السياسي. وبسبب الظروف غير الاعتيادية للحروب والنزاعات، كما تتوسع أطر مشاركة المرأة ويسمح بالعديد مما كان في الايام العادية يعتبر تخطيا لدور المرأة الاجتماعي المعروف. ومن الملاحظ ازدياد مشاركة المرأة في العمل الاجتماعي والعمل العام إبان الصراعات المصيرية.

وتتمثل الآثار الاقتصادية للحروب في ازدياد معدلات الفقر بشكل كبير، ويكون تأثر المرأة بذلك أقوى من تأثر الرجل، حيث تؤدي خسارة الزوج المعيل في معظم الأحوال إلى قيام الزوجة بدور المعيل للعائلة، وبطبيعة الحال، يزداد عدد النساء المعيلات بصورة واسعة في مناطق النزاعات وأوقات الحروب. وتؤدي خسارة الممتلكات إلى مزيد من الفقر والصعوبات التي تواجه العائلة ككل، كما تؤثر خسارة المنزل بشكل أساسي على المرأة، الزوجة، والأم. فالمنزل ما زال المكان الأساسي للمرأة في المجتمعات العربية وهو الحاضن للعائلة. ويؤثر وجود الألغام والقنابل غير المنفجرة إلى حرمان المزارعين، وبوجه خاص النساء اللواتي يعملن في الزراعة، من إمكانية استغلال الأرض وتأمين مصدر العيش.

ويتصف واقع النساء في العراق اليوم، بالإضافة إلى المعاناة من جراء الدمار والقتل والفقر والبطالة التي هي من معالم الحروب بشكل عام، ببعض المعطيات والمعادلات الخاصة بالواقع العراقي الحالي. وتتلخص هذه الأمور في النقاط التالية: القتل العبثي بالصدفة، والاعتداءات من قبل جنود الاحتلال، والاعتداءات من قبل الجهات المسلحة داخلياً التي تتخذ من المعايير الخلقية والدينية ذريعة لقتل النساء والاعتداء عليهن.

وفي لبنان، لعبت المرأة اللبنانية والفلسطينية دوراً بارزاً في دعم المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الاسرائيلي عن طريق الصمود اليومي وفي صفوف المقاومة. لكن دور المرأة في هذه الصراعات نادراً ما تم توثيقه أو توظيفه لفرض تغييرات قانونية لصالح المرأة.

وكانت الميزة الأساسية للحرب التي دارت في الجزائر في التسعينات بأنها حرب مورست على أجساد النساء، وما زالت آثار هذه الحرب إلى اليوم موضوعاً صعب المعالجة، فحالة الخوف والقلق التي خلقت أضحت ملازمة لتحركات النساء.

أما في فلسطين، فإن آثار الحرب متشابكة ومترابطة بسبب طول المعاناة التي دامت اكثر من 58 عاماً. ومن مظاهر الاحتلال الإسرائيلي التي تؤثر بشكل قوي على واقع النساء في فلسطين عمليات العقاب الجماعي التي تمارسها قوات الاحتلال على الفلسطينيين، كما أن الجدار الفاصل الذي ما زلت اسرائيل تبنيه لتفرق بين الفلسطينيين وتقطع اوصال الوطن هو بمثابة تنفيذ استراتيجية عنصرية خطرة جداً. وتؤثر سياسة التفريق هذه بشكل أساسي على المرأة التي تلعب دوراً أساسياً في تعزيز الروابط بين العائلت وخلق شبكات التعاون من أجل ضمان الاستمرارية.

وقد حدّد النظام الأساسي لمنظمة العفو الدولية الأنواع الإحدى عشر التالية باعتبارها أفعالاً ترقى إلى حد الجرائم ضد الإنسانية، وهي القتل العمد، والإبادة، والاستعباد، والترحيل أو النقل القسري للسكان، والسجن أو غير ذلك من ضروب الحرمان الصارم من الحرية البدنية على نحو ينتهك القواعد الأساسية للقانون الدولي، والتعذيب، والاغتصاب والاستعباد الجنسي والإرغام على ممارسة الدعارة والحمل القسري والتعقيم القسري أو أي شكل من اشكال العنف الجنسي ذات الخطورة المماثلة.

لا بد من التأكيد على أن المشاكل والاحتياجات الخاصة بالمرأة أثناء المنازعات المسلحة تتطلب مشاركة النساء أو اللاجئات أنفسهن في إعداد ووضع الأنشطة الخاصة بالحماية والمساعدة لأن المشاركة ذاتها تعزز الحماية.

يتطلب ضمان حماية ومساعدة أفضل للنساء المتأثرات من النزاعات المسلحة فهم القوانين والتشريعات التي توفر لهن الحماية. فالقانون الدولي وخاصة القانون الدولي الإنساني وقانون اللاجئين وقانون حقوق الإنسان؛ جميعها قوانين تعالج احتياجات النساء في زمن الحرب على نحو ملائم. ويكمن التحدي في التطبيق الفعلي للقانون القائم مع كفالة الامتثال للقواعد القائمة. أما وعلى مستوى العمليات فيمكن اتخاذ تدابير عديدة لرفع درجة الحماية القانونية الممنوحة للنساء في حالات النزاع المسلح. وتشمل هذه التدابير تحسين التعريف بالقانون الإنساني لدى كافة أطراف النزاع المسلح، ومراقبة وتشجيع احترام القانون والتركيز على الحماية العامة والخاصة التي يمنحها القانون للنساء.

ويعد مؤتمر بيجين المنعقد في 4 – 15 أيلول/سبتمبر 1995 من أهم المؤتمرات الدولية والعربية التي عقدت بشأن المرأة منذ المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة، وقد سبق مؤتمر بيجين تحرك واسع على الصعيد الدولي وعلى صعيد المناطق المختلفة من العالم ومنها المنطقة العربية، بالإضافة إلى التحرك على صعيد المجتمع الأهلي بجمعياته النسائية والحقوقية. وقد أبدى مؤتمر بيجين اهتماماً خاصاً بواقع المرأة في مناطق النزاعات المسلحة من خلال تكريس بند من بنود منهاج عمل بيجين للمرأة والنزاع المسلح، نظراً إلى ازدياد بقع النزاع في بلدان العالم.

وتبع مؤتمر بيجين انعقاد منتدى المرأة العربية والنزاعات المسلحة في بيروت في 7 – 9 آذار/مارس 2004) والذي أشار في بيانه الختامي إلى أن المرأة العربية هي الأكثر تضرراً من عواقب الاحتلالات والحروب والنزاعات المسلحة، وأوصى المنتدى الدول والحكومات بوضع البرامج الخاصة لدعم المرأة في مقاومة الاحتلال ومساعدتها مادياً ومعنوياً على الصمود، ورفع الوعي الاجتماعي حول الآثار المدمرة للنزاعات المسلحة والحروب والاحتلالات على المرأة والطفل والأسرة، وتعزيز الخدمات الضرورية لمساندة المرأة ذات الاحتياجات الخاصة الناشئة عن الاحتلال والنزاعات المسلحة، وسن التشريعات التي تضمن للمرأة مشاركتها في الحياة العامة.

ثم عقد المؤتمر الإقليمي العربي عشر سنوات بعد بيجين: دعوة إلى السلام في بيروت في 8-10 تموز/يوليو 2004) والذي صدر عنه إعلان بيروت للمرأة العربية حيث أكد المشاركون أن المساواة والتنمية لا يتحققان في انعدام السلام، وأن العقبة الأساسية أمام المرأة تتمثل في الاحتلال والاستيطان والتهديد، وطالبوا الحكومات العربية بإزالة العقبات السياسية والأمنية التي تعوق تقدم المجتمع والمرأة، ووضع استراتيجيات لتمكين المرأة، وزيادة الميزانيات والموارد البشرية المخصصة للبرامج المعنية بالمرأة، وتخصيص حصة للمرأة في المؤسسات الرسمية والتشريعية لضمان زيادة مشاركتها في العمل السياسي، وإدارج مفهوم المساواة بين الجنسين في السياسات التنموية، وإيلاء الاهتمام اللازم لتعليم الفتاة والمرأة، والعمل على إزالة الصور والأفكار التي تنطوي على تمييز ضد المرأة وتكرس الصورة النمطية السلبية عنها من الكتب والمواد الإعلامية، وتأهيل المرأة وتدريبها لتولي المناصب القيادية، وتغيير القوانين المجحفة بحق المرأة.

ومن التشريعات الجديرة بالذكر القرار رقم 1325 (2000) والذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته المنعقدة في 31 تشرين الأول/اكتوبر 2011، والذي تناول البنود التالية فيما يتعلق بحماية حقوق المرأة في النزاع المسلح والتي تنص على أن:

• يطلب إلى جميع الأطراف في الصراع المسلح ان تحترم احتراما كاملا القانون الدولي المنطبق على حقوق النساء والفتيات وحمايتهن وخاصة باعتبارهن مدنيات، ولا سيما الالتزامات المنطبقة على هذه الاطراف بموجب اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولها الإضافي لعام 1977، واتفاقية اللاجئين لعام 1951، وبروتوكولها لعام 1967، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1977، وبروتوكولها الاختياري لعام 1999، واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل لعام 1989، وبروتوكوليها الاختياريين المؤرخين 25 أيار 2000، وأن تضع في الاعتبار الأحكام ذات الصلة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

• يدعى جميع الأطراف في الصراعات المسلحة إلى أن تتخذ تدابير خاصة تحمي الفتيات والنساء من العنف القائم على أساس الجنس في حالات الصراع المسلح، لا سيما الاغتصاب والأشكال الأخرى للإيذاء الجنسي.

• يشدد على مسؤولية جميع الدول عن وضع نهاية للإفلات من العقاب ومقاضاة المسؤولين عن الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، بما في ذلك تلك المتعلقة ببما تتعرض له النساء والفتيات من عنف جنسي وغيره من أشكال العنف، ويؤكد في هذا الصدد، ضرورة استثناء تلك الجرائم من أحكام العفو والتشريعات ذات الصلة حيث أمكن.

• يطلب إلى جميع اطراف الصراعات المسلحة أن تحترم الطابع المدني والإنساني لمخيمات ومستوطنات اللاجئين، وأن تراعي الاحتياجات الخاصة للمرأة والفتاة بما في ذلك لدى تصميم تلك المخيمات والمستوطنات، ويشير إلى قراريه 1208 (1998) المؤرخ 18 تشرين الثاني 1998، و 1296 المؤرخ 19 نيسان 2000.

• يشجع جميع المشاركين في وضع خطط نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج على مراعاة الاحتياجات المختلفة للمقاتلين السابقين إناثاً وذكوراً وعلى مراعاة احتياجات معاليهم.

• يؤكد استعداد مجلس الأمن كلما اتخذت تدابير بموجب المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة للنظر في الآثار المحتملة لتلك التدابير على السكان المدنيين، مع مراعاة الاحتياجات الخاصة للمرأة والفتاة، وذلك للنظر في منح الاستثناءات المناسبة.

وتبنى مجلس الأمن مؤخراً قرارا جديدا (2122) يدرج المرأة بشكل كامل في محادثات السلام والعدالة الانتقالية حيث اعلن في الثامن عشر من أكتوبر 2013 ضرورة وضع القيادات النسائية في مركز اتخاذ القرارات من اجل حل الصراعات وتعزيز السلام، حيث يمكن هذا القرار المرأة بصورة أقوى في المشاركة في حل النزاعات ويضع المسؤولية على عاتق مجلس الأمن والمنظمات الاقليمية والدول الاعضاء التابعة للأمم المتحدة من اجل تفكيك وكسر الحواجز وخلق المساحات من اجل مشاركة النساء. ويمهد هذا القرار الطريق لخطى أكثر منهجية لتنفيذ الالتزامات بشأن المرأة والسلام والامن بشكل ملموس وتلك التدابير تشمل: تطوير ونشر الخبرة الفنية للبعثات ودعم محادثات السلام وتحسين الوصول إلى معلومات وتحليلها في الوقت المناسب في موضوعات التي تتعلق بمشاركة المرأة في حل النزاعات واشراك المرأة في محادثات السلام . ويقر ذلك القرار بأثر الصراعات التي تحدث على النساء بسبب عدم المساواة في حقوق المواطنة مثل عدم حصول المرأة على الخدمات الأساسية وعدم قدرتها على امتلاك الأراضي و عدم الحصول على وثائق تحديد الهوية بعد انتهاء الصراعات، وبذلك سيحدث ذلك القرار تطورات غير مسبوقة وغير متوقعة . ويتناول ايضا ذلك القرار حقوق النساء اللاتي حملن نتيجة لجرائم اغتصاب ومن ذلك قام المجتمع الدولي بالإعتراف بضرورة ضمان وصول المساعدات الانسانية ومن ضمن تلك المساعدات الخدمات الصحية (الإنجابية والجنسية) بما في ذلك حالات الحمل الناتج عن الاغتصاب. كما تم اعتماد القرار رقم 1325 حول المرأة والسلام والأمن بالإجماع من قبل مجلس الامن في 31 أكتوبر/تشرين اﻷول من عام 2000. وهذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها مجلس الأمن بمواجهة التأثير الغير المتناسب والفريد من نوعه للنزاعات المسلحة على المرأة، وكذلك اﻻعنراف بمدى تجاهل مساهمات المرأة في حل النزاعات وبناء السلام. كما شدد القرار على أهمية مشاركة المرأة على قدم المساواة وبشكل كامل كعنصر فاعل في إحلال السلام والأمن. القرار 1325 هو قرار ملزم للأمم المتحدة وجميع الدول الأعضاء فيها، كما يشجع الدول الأعضاء على إعداد خطة عمل وطنية (NAP) خاصة بها لتفعيله على المستوى الوطني.

وفيما يلي بعض النقاط الرئيسية التى يشملها القرار 1325:

• مشاركة المرأة على كافة مستويات صنع القرار: ويشمل مشاركتهن فى المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية، وآليات منع النزاع، ومفاوضات السلام، وعمليات حفظ السلام (كشرطيات وجنديات وعاملات مدنيات)، وكذلك كممثلات للأمين العام للأمم المتحدة.

• حماية النساء والفتيات من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع اﻻجتماعي: ويشمل تدريب العاملين في عمليات حفظ السلام في مجال حقوق المرأة واتخاذ اجراءات فعالة لحمايتهن.

• العمل على منع العنف ضد المرأة من خلال تعزيز حقوق المرأة وأعمال المساءلة وتطبيق القوانين: وأحد أهم النقاط التى يشملها هذا البند هى محاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب – مثل العنف الجنسي – واستثناء جرائم العنف الجنسي دائماً من اتفاقيات العفو العام. كما يشدد على مسؤولية تعزيز حقوق المرأة في إطار القانون العام للدولة.

• تعميم منظور النوع اﻻجتماعى في عمليات حفظ السلام: ويشمل تعيين مستشارين لشؤون النوع اﻻجتماعى فى جميع عمليات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة، وأخذ الاحتياجات الخاصة بالمرأة في الاعتبار دائماً عند رسم السياسات وكذلك السماح بنفاذ المعلومات المتاحة من جانب منظمات المرأة إلى جميع السياسات والبرامج.

ومع ذلك، فإن الأمم المتحدة والدول الأعضاء بها لم يرقوا حتى الآن إلى مستوى هذه الوعود. فهناك فجوات كبيرة في تنفيذ القرار 1325، وبسبب عدوجود نظام مفروض للعقوبات على الدول التي لا تلتزم بتنفيذه، فقد ثبتت صعوبة تحسين الوضع.

وبهدف تعزيز تطبيق ومراقبة القرار رقم 1325 والقرار رقم 1820 الخاص بالعنف الجنسي، تم اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 1889 في 5 أكتوبر/تشرين اﻷول من عام 2009. ويعد هذا القرار فى اﻷساس بمثابة إعادة للتعهدات التى تم اعتمادها بالقرار 1325 ولكنه يركز على مشاركة المرأة خلال مراحل ما بعد النزاع وإعادة البناء. ويشدد القرار على أهمية زيادة عدد العاملات في قوات بناء وحفظ السلام. كما يطالب الأمين العام للأمم المتحدة بوضع مؤشرات دولبة من أجل متابعة وتسجيل تنفيذ القرار رقم 1325.

وعلى صعيدٍ آخر، فإن من الملاحظ أن اتفاقيات جنيف الأربع أوجبت على الدول الموقعة أن تعدل تشريعاتها لمعاقبة مرتكبي جرائم الحرب، لكن المشكلة تكمن في أن بعض الدول اكتفت بنصٍ عام يعتبر انتهاك قواعد القانون الدولي الإنساني جريمة وبعضها الآخر عدّل تشريعاتها وقانونه الجزائي، واحياناً أصدروا تشريعات مصممة لكي تحاكمهم إلا أنها لم تتضمن أو ألغت اتمام هذه المحاكم بقرارات من المراجع العسكرية العليا، فمرت الكثير من الجرائم دون عقاب فعلي، فعلى سبيل المثال المرجع القضائي الرئيسي هو محكمة العدل الدولية والتي لها حق النظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق هذه الوثائق، المشكلة أن اختصاص هذه المحكمة لا يدقق إلا بموافقة ورضا الخصوم كما أن أحكامها لا تنفذ إلا من قبل مجلس الأمن الذي تتحكم في الدول الكبرى التي تمتلك حق الفيتو. وكنا نتمنى أن المحكمة الجنائية الدولية الدائمة ستحل هذه المشكلة ولكن يبدو أنها تتعامل بازدواجية وبقرارات سياسية أكثر من تطبيق القوانين والشرائع الدولية.

ومن الجدير بالذكر أن العنف الجنسي ضد النساء لم يبدأ الالتفات إليه إلا منذ عهد قريب، حيث لم يكن الاغتصاب من بين جرائم الحرب التي نظرت فيها محكمة نورمبرج رغم مدى التأثير القوي للعنف الجنسي في أثناء الحرب العالمية الثانية، واعتبر الاغتصاب ضمن المخالفات الجسيمة لاتفاقيات جنيف الأربعة وأنه لا يستحق العقاب سوى كجريمة ضد الإنسانية وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا، إلا أنه لم يشرع في اتهام المدنيين بأعمال العنف الجنسي في رواندا من قبل المدعي العام الا في عام 1997 اثر جهد دولي مشترك بذلته المنظمات النسائية غير الحكومية.

ختاماً فإن الدروس المستفادة من الماضي لا بد وأن تحدد طريق المستقبل، فإن إنشاء نظام دائم للعدالة الجنائية الدولية ذو قاعدة دائمة ومستمرة يعد أمراً حتمياً، بيد أن هذا النظام لا بد وأن يكون مستقلآ وعادلاً ومؤثراً لكي يتجنب الفجوة التي شهدها الماضي، فضلاً عن أنه لا بد من توفير الحماية الكافية له من أهواء السياسة الواقعية لإنه وإن كان التوفيق بين وجهات النظر من فنون السياسة فهو ليس من العدالة في شيء.



#العين_تغريد_حكمت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا ...
- شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
- استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر ...
- لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ ...
- ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
- قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط ...
- رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج ...
- -حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
- قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
- استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم ...


المزيد.....

- الاقتصاد السياسي للجندر خلال النزاع في سوريا: تعدد تجارب الن ... / خلود سابا
- البروليتاريا النسائية وقضايا تحررها وانعتاقها! / عبد السلام أديب
- الاغتصاب كجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية / هيثم مناع
- المرأة الفلسطينية ودورها في المسار الوطني الديمقراطي / غازي الصوراني
- القانون الدولي والعنف الجنسي ضد النساء في الحروب / سامية صديقي
- الآثار الاجتماعية والنفسية للنزاعات المسلحة على المرأة / دعد موسى
- كاسترو , المرأة والثورة . / مريم نجمه


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2017 - أثر النزاعات المسلحة والحروب على المرأة - العين تغريد حكمت - أثر النزاعات والحروب على المرأة من منظور تشريعي