أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعيد الكحل - الثورات لا تكون دائما بلون الدم ورائحة البارود














المزيد.....

الثورات لا تكون دائما بلون الدم ورائحة البارود


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 1432 - 2006 / 1 / 16 - 10:27
المحور: حقوق الانسان
    


اعتادت حركات التغيير ، على مر التاريخ ، أن تنهج أسلوب العنف والقوة المادية لإحداث طفرات نوعية في مسار الشعوب والأنظمة . وغدا ، بذلك ، مطلب التغيير مشفوعا بثقافة العنف ومقرونا بأسلوب الانقلاب الذي يضع قطيعة نهائية بين نمطين من الحكم أو عهدين من السيادة ( سيادة الفرد مقابل سيادة الشعب ) . ومن ثم بات عنف التغيير قانونا حتميا يحكم كل الحركات والتجارب التي ترفع شعار التغيير . وشاءت الإرادة المغربية ـ إرادة الملك وإرادة قوى الشعب الحية ـ أن تؤسس لتجربة مغايرة في الأسلوب وفي الهدف أيضا . فصار طبيعيا أن تكون التجربة المغربية درسا قيما للشعوب التواقة إلى التغيير دون دماء ولا دمار . إن فرادة التجربة المغربية وغناها تنبع ، ليس فقط من معاندة منطق التغيير بالقوة وتجاوزه بوعي وشجاعة ، بل أساسا من الاحتكام إلى صوت العقل والضمير الوطني الذي تأسست عليه تجربة التوافق بديلا عن تجربة التصارع . فكان هذا مدخلا سليما لم تألفه البشرية في العصر الحديث ، لتكريس ثقافة الإصلاح والتغيير بعيدا عن ثقافة الحقد والانتقام . فالمغرب ، كما جاء في الكتاب الأول من تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة ، عرف ( انبعاث إرادة الانخراط في هذا المسار من داخل النظام نفسه ، الذي قرر إحداث قطائع إيجابية في اتجاه التحديث والدمقرطة ووضع حد لاستعمال العنف في تدبير الخلافات السياسية ) . إن مسار المغرب هذا لم تسلكه 40 تجربة في العالم . كل تلك التجارب اعتمدت العنف ، لكن ليس كلها حققت المصالحة . من هنا ، كما ذكر التقرير ( تتميز التجربة المغربية في موضوع العدالة الانتقالية بإنشائها في ظل نفس النظام من حيث الطبيعة السياسية ، نظام ملكي دستوري يتوفر على قواعد قانونية ومؤسسات حكومية وإدارية ) . طبعا لم ينتظر المغاربة ، كما حدث في التجارب الأخرى ، أن تأتي قوى أجنبية غازية أو داعمة للتي هي في حالة تمرد أو ثورة ، فتجول طول البلاد وعرضها بحثا وتنقيبا عن المقابر الجماعية . لم يكن هذا حال المغرب الذي قرر نظامه السياسي وقواه الحية أن ينخرطا في عملية البحث والتنقيب عن ضحايا سنوات الرصاص والاستبداد السياسي دون توجيه خارجي أو ضغط دولي أو مراقبة من لجان التفتيش الدولية برئاسة خبراء أجانب. لقد كانت إذن إرادة مغربية حرة وحقيقية للنبش عن الماضي وكشف حقيقة الانتهاكات ، ليس بنية الانتقام كما يحدث عادة في سياق التغيير بالقوة والعنف ، ولكن بنية أسمى وأكثر تحضرا ووطنية ؛ إنها نية المصالحة وجبر الضرر . ذاك ما أكد عليه العاهل المغربي الملك محمد السادس ، عند تنصيب أعضاء هيئة الإنصاف والمصالحة ( سنظل حريصين على الطي النهائي لهذا الملف بتعزيز التسوية العادلة غير القضائية وتضميد جراح الماضي وجبر الضرر بمقاربة شمولية جريئة ) . إنها فعلا خطوة جريئة وشجاعة أن تلتقي إرادة النظام وإرادة الشعب في الإصرار على كشف الحقيقة والقطيعة مع التجربة التي أنتجتها . تلكم إذن هي أصالة التجربة المغربية وتفردها . فلم تكن هيئة الإنصاف والمصالحة التي تشكلت بتاريخ 7 يناير 2004 ، أداة أجنبية ، ولا كانت توصياتها إملاء أمميا . لذا ، كان طبيعيا أن تسود ثقافة المصالحة والإنصاف وتثمر قيمة " الصفح الجميل" . إذ لم يحدث أن اعترف نظام حكم بجرائمه ولا قدم اعتذارا أو تعويضا لضحاياه . لكن التجربة المغربية أبدعت القطيعة مع ممارسات النظام السلبية في مجال حقوق الإنسان ضمن إطار النظام نفسه . لهذا لن يكون التعويض الذي تقدمه الدولة لضحايا سنوات الرصاص كافيا مهما ارتفعت مبالغه ، بل ، كما قال مبارك بودرقة رئيس لجنة التحريات في هيئة الإنصاف والمصالحة ، في تصريح لـ"العربية.نت ، أن " اعتراف السلطات بأنها اقترفت الخطأ وقيامها بالكشف عن مصير المفقودين هو أكبر تعويض" . كما أن إعلان الملك عن رغبته في طي صفحة ماضي الانتهاكات الجسيمة هو أكبر ( الضمانات الكفيلة بتحصين بلادنا من تكرار ما جرى واستدراك ما فات ) .إن هذه التجربة المتميزة والمتفردة تضع الجميع أمام مسئولية الانخراط في بناء مغرب الحرية والكرامة والقطع ، في المقابل ، مع ثقافة المواجهة والصدام وخوض " معارك وهمية" تستنزف الطاقات بدل استثمارها . فأعداء الوطن هم الذين يهددون وحدته وأمن مواطنيه . فكما لا أحد يناصر الفاسدين والمرتشين أو يدافع عن "حقهم" في الاغتناء بتخريب اقتصاد الوطن وقيم شعبه ، فكذلك لا أحد من حقه أن يحمي أو يدافع عن الذين يتهددون وحدة الوطن وأمن مواطنيه وأرواحهم وممتلكاتهم . لهذا لا ينبغي وضع الدولة دائما ومطلقا موضع العدو الأبدي الذي يتوجب هدّه ، ولا اعتبار النظام السياسي خصما لدودا لا خيار عن دك حصونه والانتقام من رموزه . لقد تراجع عهد الثورات العنيفة لصالح الثورات الهادئة . ومن شأن ذلك أن يشيع ثقافة البناء والتصالح عوض العداء والتصارع ، لكي لا تتكرر المآسي . كذلك كان حرص هيئة الإنصاف والمصالحة وهو أيضا حرص الملك الذي ركز عليه في خطابه ليوم 06 يناير الجاري ، من أجل ( ترسيخ دعائم المجتمع التضامني الذي يكفل الكرامة والمواطنة المسئولة لكافة أبنائه في تلازم بين ممارسة الحقوق وأداء الواجبات ) .
www.saide.c.la



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحريم تهاني أعياد ميلاد المسيح تحريض على الكراهية وتكريس لها
- إذا ضعفت حجج المرء زاد صياحه
- الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب ...
- هل القادة المسلمون حقا يد واحدة ضد الإرهاب ؟
- العنف ضد المرأة تكريس لثقافة الاستبداد
- يوم تواطأ الحداثيون والإسلاميون على الصمت
- الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب ...
- الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب ...
- الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب ...
- الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب ...
- الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب ...
- منذ متى كان الظواهري رحيما أو حكيما ؟
- رسائل التهديد بالقتل
- التسامح مفهوم دخيل على الثقافة العربية
- هل ستتحول - حماس- إلى نحس على الفلسطينيين ؟
- خرافة إنكار علاقة الإرهاب بالتعليم الديني 3/3
- خرافة إنكار علاقة الإرهاب بالتعليم الديني 3/2
- خرافة إنكار علاقة الإرهاب بالتعليم الديني- 3/1
- إرهابيون وإن غيروا فتاواهم
- مطارحة من صميم المصارحة حوار مع صديق إسلامي 10


المزيد.....




- في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع ...
- سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون ...
- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعيد الكحل - الثورات لا تكون دائما بلون الدم ورائحة البارود