|
عقبات تجابه انتشار إنترنت في البلدان العربية
انترنت العالم العربي
الحوار المتمدن-العدد: 15 - 2001 / 12 / 23 - 16:16
المحور:
تقنية المعلمومات و الكومبيوتر
يفترض أن توفر شبكة إنترنت فرصاً متساوية للتنافس بين كافة دول العالم، ومن المرجح، إذا لم يتحقق هذا الافتراض، أن تؤثر الشبكة العالمية سلباً على اقتصاديات البلدان النامية. يعترض تقدم إنترنت في بلداننا العربية، مشاكل عديد، أهمها حالياً، ضعف مستوى البنية التحتية للاتصالات، ما يحرمنا فرصة التنافس الجدي مع البلدان المتقدمة، إذ كيف ننافسها بدون أن نملك الأدوات اللازمة لذلك؟!
لا بدّ أن تحتاج يوماً، إلى استخدام شبكة إنترنت، لدفع فواتيرك المختلفة، أو التسوق، أو تسليم عرض أولي إلى أحد زبائنك، أو إجراء دردشة مع أحد أصدقائك، أو تنزيل الدرس القادم من المقرر الجديد الذي تأخذه، أو مناقشة عملك اليومي مع زملائك في العمل، من خلال مؤتمر فيديوي. ولا بدّ من أنك ستفاجأ جداً، عند ظهور الرسالة التالية، على شاشة الكمبيوتر: "الشبكة خارجة عن الخدمة بشكل مؤقت. يرجى المحاولة مرة أخرى فيما بعد". ومن المتوقع أن تكون ردّة فعلك الأولى هي الإمساك بالهاتف، والاتصال بالشركة المسؤولة عن خدمة الإنترنت، لمعرفة السبب الذي أدى إلى ظهور هذه الرسالة لديك، آملاً في الحصول على تأكيدات بإعادة توفير هذه الخدمة في القريب العاجل، ومن المفضل أن تعود الخدمة خلال الدقيقة التالية. لكن ما ستسمعه لن يتعدّى الرسالة الموجودة على شاشتك. وستجد نفسك في ذاك اليوم مضطراً لارتداء ملابسك، والذهاب إلى مقر عملك. وستشعر بأنك في حالة غير طبيعية، كمن لم يستطع أن يأخذ حمامه اليومي بسبب انفجار في أنابيب المياه!
وعلى الرغم من الشعور السلبي الذي سينتابك من جراء ما حصل، إلا أن يومك سيبقى جيداً، لأنك ستعتبر نفسك محظوظاً لوجودك في زمن يوفر لك شبكة الإنترنت بشكل دائم، بحيث لا تنقطع الخدمة، ولو بشكل مؤقت، إلا نادراً !
يبدو هذا السيناريو أمراً بعيد الحدوث، كلما ابتعدت شرقاً، عن الولايات المتحدة التي يمثل العام 1968 فيها، بدايات شبكة إنترنت. وقد أثبت موسم الأعياد العام 1999 صحة ما يقوله أنصار شبكة إنترنت منذ زمن طويل، وهو أنها وجدت لتبقى، وأن من الأفضل لجميع الشركات أن تعيد بناء نفسها، لتتمكّن من بيع المنتجات، أو تزويد الخدمات من خلال هذا الوسط الجديد. فقد كان ذلك هو العام الذي رفع فيه بعض زبائن محلات ToysRUs، المتخصصة في بيع ألعاب الأطفال، دعاوى قضائية على هذه الشركة، لأنها لم تتمكّن من تسليمهم هدايا أعياد الميلاد، في الوقت المناسب، بعدها اشتروها عبر موقع الشركة على شبكة ويب. ويتوقع الخبراء أن تكف الشركات التي تقوم بأعمالها على شبكة إنترنت، قريباً، عن تسمية نفسها بشركات إنترنت، لأن هذا الأمر سيصبح عادياً، تماماً مثل شركات الأعمال اليوم التي تستخدم الهواتف، لكنها لا تسمي نفسها "شركات هاتف".
الواقع المر لا يوجد في البلدان العربية، سوى القليل من الخدمات التي يمكن أن نعتبرها موثوقة. ويطمح قرابة مليوني مستخدم لشبكة إنترنت في الوصول بثقة للشبكة، بحيث يمكنهم تنفيذ المهام الأساسية جداً، مثل البريد الإلكتروني والتصفّح، بدون الحاجة إلى الوقوف في طوابير لمدة ساعات، أو المعاناة من بطء، أو انقطاع الاتصالات. وفي الواقع، فإن نسبة 0.7 بالمئة التي تمثل مليوني مستخدم لإنترنت في البلدان العربية، مقارنة بعدد السكان الذي يقدر بحوالي 280 مليون نسمة، تبيّن أن معظم المواطنين لا زالوا يتطلعون للوصول إلى الإنترنت.
لا تتضمن قائمة خدمات إنترنت المتوفرة في المنطقة سوى القليل جداً مما يتوفر عالمياً. وقد أعطتنا شركة سيسكو قائمة شاملة بالخدمات التي يمكن توفيرها في المنطقة عن طريق ما يسمّى "معمارية شبكات العالم الجديد". وهذه القائمة طويلة جداً، إذ أنها تحتوي على خمسة خيارات من أجل الخدمات الأساسية للوصول إلى الإنترنت، و16 خياراً للخدمات الإضافية، و7 خيارات لخدمات الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN)، و12 خياراً لخدمات الصوت والفيديو باستخدام الرزم (packet). ولا تنتهي القائمة عند هذا الحد، لأن الأسواق التي تستهدفها سيسكو، تتراوح من المستهلك العادي إلى المكاتب المنزلية والمكاتب الصغيرة، إلى شركات الأعمال الصغيرة والمتوسطة الحجم، إلى شركات الأعمال الكبيرة، ثم إلى أسواق مزوّدي خدمة الإنترنت. ونجد أعلى سلسلة الحلول، التي توفرها شركة سيسكو، خدمات إنشاء البنية التحتية لنقل البيانات (5 خيارات)، وخدمات ربط التقنيات والبيانات الموروثة بإنترنت (6 خيارات)، وخدمات رفع كفاءة الشبكات إلى الحد الأقصى (5 خيارات).
وأمام هذه الخيارات الرائعة، سألنا الشركة: "هل تعيق هذه القائمة الطويلة من الخيارات، مستخدمين إنترنت في المنطقة، عن التعرف على مستوى الخدمات التي يقدّمها مزودو خدمات إنترنت (ISP)، ومقارنة كلفتها، ليتمكّنوا من تفضيل أحد هؤلاء المزودين على المزودين الآخرين، عندما تتوفر أمامهم الخيارات؟"
أجابنا جارث بريثويت، مدير تطوير الأعمال المتعلقة بمزوّدي الخدمة في شركة سيسكو: "العكس هو الصحيح، لأنه لا يتوفر في المنطقة سوى ما يتعلق بالوصول الأساسي لشبكة إنترنت، وهذا ما يجعل الخيارات هنا قليلة وبسيطة". وتبين فعلاً، أنه يمكن لمزوّدي خدمات إنترنت (ISP) في المنطقة، أن يقدموا أربعاً فقط من خمس خدمات أساسية توفرها شركة سيسكو، للوصول إلى إنترنت، وهي: الوصول بالاتصال الهاتفي لمستخدم واحد، والوصول بالاتصال الهاتفي لعدة مستخدمين، والوصول المخصص. ويعتبر الوصول عبر الحزم العريضة (broadband access) من خلال ADSL، والمودمات الكابلية، من الخدمات التي هي قيد الإعداد، حالياً (ستبدأ شركة اتصالات الإماراتية، قريباً، بتقديم خدمات ADSL، بسرعات تزيد 6 مرات على ما توفره موديمات 56 كيلوبت، المتوفرة حالياً). ولا يوجد حتى الآن، أي مزوّد خدمة (ISP)، يقدّم وصولاً مجانياً للإنترنت، ولا يبدو أن شركات تزويد الخدمة ستقوم بهذا الأمر قريباً!
لماذا؟! أصدق جواب هو أن شبكة إنترنت تعتبر أمراً جديداً، بالنسبة للعديد من مزوّدي الخدمة في المنطقة، وبالنسبة لزبائنهم، أيضاً. فقد بدأت شركة جولفنت الكويتية، وهي أول مزود لخدمات إنترنت في الخليج، خدماتها عام 1994، ثم تبعتها شركة اتصالات الإماراتية، العام 1995، بتقديم خدمات على نطاق أوسع. وتتغنّى جميع شركات تقنية المعلومات في المنطقة بالتجارة الإلكترونية، منذ ذلك الحين. وتعتبر هذه الخدمات في الولايات المتحدة، وفي أوروبا الغربية نسبياً، الدافع الرئيسي وراء زيادة حركة المرور على شبكة إنترنت، وما رافقها من مشاكل، لتأمين بنية تحتية مبنية على الرزم (packet)، أكثر قوة وأمناً وثقة، والتي ستمر من خلالها، حركة المرور هذه. أما في البلدان العربية، فلا تزال التجارة الإلكترونية في بداياتها. ونسرد في ما يلي الخدمات التي تضعها شركة سيسكو تحت عنوان التجارة الإلكترونية، وهي: استضافة مواقع ويب، واستضافة مزوّدات إنترانت، وإدارة وتسليم المحتويات، واستضافة مزوّدات التجارة الإلكترونية، وخدمات تخليص المعاملات التجارية، وخدمات الدفع الإلكتروني، واستضافة الشهادات الأمنية، واستضافة التطبيقات، والمؤتمرات، وخدمات النسخ الاحتياطي. والخدمة الأولى، من بين هذه الخدمات، هي الوحيدة التي يوفرها معظم مزوّدي خدمات إنترنت (ISP) في المنطقة، ولذلك فإن شركة كومترست (Comtrust) فقط، وهي فرع جديد من مؤسسة اتصالات في الإمارات العربية المتحدة، تقوم بإنشاء بنية تحتية بمفتاح عام (Public Key Infrastructure, PKI)، يمكنها أن تضيف بعداً أمنياً، للتعاملات التجارية الفعلية.
تمكّنت شركة اتصالات الإماراتية، خلال خمس سنوات من وجودها في هذه المنطقة، من إنشاء ملايين الصفحات على آلاف مواقع ويب (وحجزت عدداً إضافياً من أسماء النطاقات domain names لهذا الغرض)، لكن معظم هذه المواقع توفر معلومات فقط، ولا توفر أي شكل من أشكال التجارة الإلكترونية. ولا يوجد سوى عدد قليل من الشركات الكبيرة، التي تمارس بعض أوجه التجارة الإلكترونية. ويعني القبول البطيء للتجارة الإلكترونية، عموماً، أننا نستخدم إنترنت في معظم الأوقات، للتراسل عبر البريد الإلكتروني والتصفح فقط. أكبر التحديات التي يواجهها بائعو تجهيزات شبكات الكمبيوتر، والتي تدعى معضلة "الحلقة المفرغة"، أو معضلة "البيضة أم الدجاجة"، هي: صعوبة إلقاء اللوم على مزودي خدمات إنترنت في المنطقة (ISP)، واتهامهم بأنهم لا يوفرون سوى خدمات أساسية بسيطة، لأن هؤلاء سيجيبون بأن الطلب حالياً، على الأنواع المتقدمة من الخدمات، غير موجود، فكيف تريدوننا أن نستثمر فيها؟ ونجد في الوقت ذاته، أن مستخدمي إنترنت، محبطين بسبب تردي مستوى الخدمات التي يقدمها مزودو خدمات إنترنت، ومتذمرين دائماً من كلفتها العالية.
ويفاقم المشكلة في البلدان العربية، كما يقول بريثويت "أن نوعية الكابلات النحاسية الممددة تحت الأرض، هي التي تتحكم بجودة وعرض الحزمة". ويقول يعرب سخنيني، وهو مستشار رئيسي للشبكات في شركة 3Com الشرق الأوسط، "إن البنية التحتية لشبكة الهاتف ذاتها لا تستطيع أن تدعم تقنيات إنترنت المتطورة". فلا يمكن، مثلاً، تحقيق سرعات V.90 في بعض الدول، باستخدام مودمات 56K. ولا يمكن في دول أخرى، حتى الحصول على معدل الإنجاز لمودمات 33K". فلا بد من حفر الخنادق اللازمة لتمديد خطوط إضافية من النحاس أو الألياف الزجاجية، لوصل مناطق جديدة مع بعضها، أو لوصل مستخدمين جدد في مناطق مكتظة، أي المزيد من الاستثمارات، والمزيد من التكاليف، من أجل ربح غير أكيد.
البنية القديمة يقع حالياً، عبء تمديد الكابلات، بشكل رئيسي، على مؤسسات الاتصالات (التي يشار إليها كشبكات ILEC/PTT). ومن بين جميع الدول التي تعمل على بناء شبكات العالم الجديد، فإن الدول العربية ليس لديها سوى مؤسسات الاتصالات ومزوّدو خدمات إنترنت (ISP). وشركات الاتصالات (ILEC/PTT)، هي ذاتها التي تقدم خدمات إنترنت (ISP)، في بعض الدول العربية (الإمارات العربية المتحدة، وعمان، وقطر، واليمن، وسوريا). ونجد في بلدان عربية أخرى أن مؤسسات الاتصالات، هي ذاتها المؤسسات التي "تزوّدنا بالعمود الفقري الوطني والعالمي لشبكة إنترنت"، لكنها تسمح بوجود مزودين مستقلين لخدمات إنترنت (ISP)، يمكنهم "تأمين خدمات أكثر محلية من الناحية الجغرافية". ولا تلعب مؤسسة الاتصالات، السعودية، دور مزود خدمات إنترنت (ISP)، لكنها تبيع خدمات الربط المتبادل بالشبكة، لحوالي 25 مزود خدمة.
من الصعب، للوهلة الأولى، القول أن احتكار خدمات إنترنت من قبل شركة الاتصالات، يؤدي بالضرورة إلى تدني الخدمة. فالأشخاص الذي ينتقدون مؤسسة اتصالات الإماراتية على احتكارها خدمات إنترنت، يعترفون بأنها "تقدّم خدمات جيدة واقتصادية". ويتوفر لدى هذه المؤسسة تقنيات حديثة، مثل DSL والكبلات الأرضية، ولديها 5000 عقدة لكل منهما. ولدى المملكة العربية السعودية حوالي 25 مزوّداً لخدمات إنترنت (ISP)، لكنها تعتمد كلها، على الهيكلية الفنية والتجارية، التي تؤمنها شبكة مؤسسة الاتصالات السعودية ((Saudi Telecom، لكن مستوى خدماتها يقل كثيراً عن ما توفره مؤسسة اتصالات الإماراتية. وعلى الرغم من ذلك، تبيّن جميع المؤشرات أن حالة الاحتكار التي تتمتع بها مؤسسة اتصالات الإماراتية، سوف تنتهي في القريب العاجل.
الدول العربية الوحيدة التي يسمح فيها لمزودي خدمات إنترنت (ISP)، أن تمتلك خطوط اتصال بإنترنت خاصة بها، هي مصر، والأردن، ولبنان، لكنها تعاني من عيوب في وضع البنية التحتية المبنية على الدارات (circuit-based).
يتحدث تقرير لشركة سيسكو بعنوان "العالم الجديد: قطاعات السوق، والتكنولوجيا، والمعماريات")، عن بروز شركات قوية وجديدة في عالم الاتصالات، غير موجودة في المنطقة، تندرج أسماؤها في ما يلي:
· شركات المقاسم الكبلية متعددة الأنظمة (cable multisystem operators أو Cable MSO)، توفر إمكانية تمديد الكابلات، إلى المنازل وشركات الأعمال، وتتضمّن نقل البيانات عبر الكبلات، وخدمات الكبل الهاتفي.
· شركات تبادل المحتويات المحلية المنافسة (competitive local exchange carriers)/ ومزوّدو الوصول المنافس (competitive access providers)، التي تدعي اختصارا (CLEC/CAP) وتنافس شركات الهاتف التقليدية بقوة، في مجال الخدمات المحلية لنقل البيانات والصوت.
· شركات تبادل المحتويات العالمية (inter-exchange carriers, IXC) وهي عبارة عن شبكات الهاتف الحالية الضخمة، مع قواعدها الأساسية في مجال مكالمات المسافات البعيدة. وتملك هذه الشركات بنية تحتية خاصة بها، وتمتد لتشمل أنظمة الهاتف التقليدية، وتأمين خدمات النقل بنظام تبادل الرزم (packet switching)، أيضاً.
· شركات Greenfield IXC، وهي شبكات جديدة للمسافات البعيدة، تزوّدنا بخدمات منافسة للمقاسم الداخلية.
وأجمع جميع الذين تحدثنا معهم حول ضرورة كسر الحلقة-المفرغة، بإلغاء القوانين الناظمة للاحتكار (deregulation). فإذا سمحنا للشركات الجديدة بدخول الأسواق، فإن عرض الحزمة سيصبح رخيصاً وغزيراً. وسيتوفر أمام مزودي خدمات إنترنت (ISP)، خيارات عديدة. وسيصبح بإمكان المستهلكين أن يختاروا بين عدة مزودي خدمات إنترنت (ISP). لكن وجود شركة واحدة مزوّدة للخدمة، يلغي، كما يقول يعرب سخنيني، إمكانية البحث عن شركات أخرى".
الدواء الناجع أكد نيلز هورستبرنك، مدير تسويق المنتجات لمجموعة أنظمة النقل في شركة 3Com الشرق الأوسط، على ضرورة عدم وجود معوقات مصطنعة أمام المنافسة، سواءً بشكل مخفي أو ضمن النطاق المحلي. وتابع قائلاً: "على الصعيد العالمي، لا توجد أي مشكلة في ربط بلدان العالم بشبكة إنترنت، وضخ المعلومات إليها عبر المسافات البعيدة. أما على النطاق المحلي فتتوفر الآن، خيارات فيزيائية متنوعة للاتصال بإنترنت، مثل الكبلات، واللاسلكي، وxDSL". ولكي تتمكن من النجاح والازدهار عند مواجهة تحديات المنافسة، فإن "الجيل القادم من شركات نقل محتويات إنترنت يجب أن يكون قادراً على إيصال الخدمات من خلال بنية تحتية مرنة ونظام جيد للحسابات، كما يجب على هذه الشركات أن تبني سمعة جيدة لها، وأن تركز على جعل خدماتها محلية، بالإضافة إلى قدرتها على إيصال هذه الخدمات عالمياً".
وسرد هورستبرنك تجربته الخاصة كمستخدم نهائي، مع عملية إلغاء القوانين الناظمة للاحتكار، حيث قال "كانت ألمانيا تعاني من الوضع ذاته، حيث كانت شركة الاتصالات المحلية (PTT)، هي المؤسسة الوحيدة التي تعمل كمزود لخدمات الإنترنت، بالإضافة إلى احتكارها لخطوط الهاتف. وقبل عملية إلغاء قوانين الاحتكار، كان تركيب خط هاتف يتطلب منك الانتظار لمدة ثلاثة أو أربعة أسابيع، ثم أصبح مطلوباً من ألمانيا، كعضو في الاتحاد الأوربي، أن تفتح أسواقها عالمياً، وإذا بشركة الاتصالات الألمانية تجد نفسها فجأة، لا تحتكر خدمات الإنترنت".
وأضاف قائلاً "جعلت المنافسة مؤسسة الاتصالات الألمانية، أكثر توجهاً نحو المستخدم. فتجلت خدماتها الجديدة بوضوح في نظام البريد الصوتي، وفي توفير مزايا إضافية على خطوط الهاتف العادية، بل أصبح من الممكن الحصول على خط ISDN بسرعة، وبسعر رخيص نسبياً، وظهرت في الأسواق فور إلغاء قوانين الاحتكار، 30 إلى 40 شركة مزودة لخدمات إنترنت (ISP)، لكن المنافسة لم تخلف في السوق سوى 10 شركات". ويقول هورستبرنك للذين، يخشون هذا العالم الجديد، "إن المملكة المتحدة فتحت أسواقها قبل دول الاتحاد الأوربي الأخرى، لكننا استطعنا مجاراتها في الخبرة، عن طريق التحكم بسرعة وإجراءات عملية إلغاء قوانين الاحتكار". والمطلوب هو دراسة تجربة البلدان التي ألغت الاحتكار، والاستفادة من مزاياها وسلبياتها، لتحقيق النجاح المنشود. ويجب القيام بهذه الخطوة بأسرع يمكن، إذا أن تطبيق اتفاقية الجات يعني، كما يقول سخيني، السماح للشركات الأخرى، دخول المجال ذاته، الذي تعمل فيه شركات الاتصالات المحلية".
الشبكات التقليدية والشبكات الجديدة تتطلب التصادمات التي تحدث أحياناً، والعلاقة المترابطة التي تحدث غالباً، بين البنية التحتية المبنية على الدارات (circuit-based)، والبنية التحتية المبنية على إرسال الرزم (packet-based)، من مشغلي هذه البنى أن يتعلموا بسرعة خبرات بعضهم بعضاً. فعندما تقدم مؤسسة الاتصالات (ILEC/PTT) نفسها خدمات الإنترنت، فمن الأفضل أن تتعلم كيف تقدم هذه الخدمات بسرعة وإتقان، وإلا فإن الشركات المتخصصة في توصيل محتويات إنترنت، سوف تلقنها درساً مؤلماً: "وسوف يكون مزود الخدمة الذي يوفر أقل تكلفة في نقل محتويات إنترنت، المزوّد الأكثر نجاحاً".
يقول بريثويت: "الأرباح هي التي تقود شركات الأعمال. ولن تنفق شركات نقل محتويات إنترنت أموالاً على تحسين خدماتها، إلا إذا كانت ستجني أرباحاً من وراء ذلك. وسيلعب إلغاء قوانين الاحتكار دوراً مهماً في إجبار الشركات المحتكرة على إعادة النظر في وضعها في الأسواق. وعلى مؤسسات الاتصالات (ILEC/PTT) التي تعمل كمزوّد لخدمات إنترنت، أيضاً، أن تبدأ باستيعاب أعمال زبائنها، لتتمكّن من تصميم خدمات إنترنت مناسبة ومفيدة لهم، كما يجب عليها تحديد أسعار مناسبة، للخدمات التي ستقدمها".
وفي ما يلي عينات توضيحية تبيّن طبيعة الخدمات الإضافية: برنامج جدار النار (firewall) قابل للإدارة، ونظام موحد للاتصالات، ونظام محسن للحسابات، وإرسال محتويات إنترنت للأجهزة المتنقلة. وتعتبر بعض هذه المزايا ضرورية جداً، لصناعات معينة تتطلع إلى جلب أعمالها إلى الشبكة.
تتوفر منذ زمن بعيد، خدمة ذائعة الصيت في صناعة تشبيك البيانات، تدعى "التطبيق القاتل" (killer app). وهذه الخدمة منتشرة على نطاق واسع، لتأثيرها المباشر على التكلفة، وتستخدمها جميع شركات تشبيك البيانات، ومنها شركات تعمل في المنطقة العربية، على الرغم من أن هذه الخدمة تعتبر غير شرعية فيها.
لماذا تعتبر هذه الخدمة غير شرعية؟!
السبب هو أن الإمكانات التي يمكن الحصول عليها من الشبكات المبنية على الرزم، يُنظر إليها كتهديدات للخدمات التي تقدمها الشبكات المبنية على الدارات. ومن الواضح بالطبع أننا نتحدّث عن خدمة إرسال الصوت والفيديو عبر خدمات الرزم VoIP. والموقف تجاه هذا الأمر هو دائماً: "منع المتطفلين الجدد من الدخول إلى الأسواق". لكن، ماذا عن المتطفلين المحقونين بدم جديد؟ دعمت إحدى مؤسسات الاتصالات، التي تقدّم خدمات إنترنت أيضاً، بنيتها التحتية المبنية على الدارات، ببنية تحتية مبنية على الرزم، من أجل نقل الصوت (المكالمات الهاتفية). ومن الواضح أن مستخدمي هذه الخدمة لم يكونوا على علم بانخفاض جودة نقل الصوت بهذه الطريقة، كما أنهم لم يكونوا على علم بالتوفير الذي يتراوح بين 42 و84 بالمائة، الذي حققته مؤسسة الاتصالات المذكورة، من خلال إيصال مثل هذه الخدمة التقليدية عبر تقنية VoIP. وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسة الاتصالات التي نتكلم عنها، ليست مقيمة في البلدان العربية، ولم تسمح لنا بالإعلان عن اسمها، لأنها تعتبر أن استخدامها السريع لخدمة VoIP، المحظورة في معظم البلدان العربية، قد منحها أفضلية في المنافسة. وليس من الواضح إذا ما كان التوفير الذي تحققه هذه المؤسسة ينعكس على الزبائن، أم لا!
هل تعتبر مؤسسات الاتصالات، في هذه المنطقة، ناضجة بشكل كاف لتنتقل في مثل هذا الاتجاه؟ نعتقد أنه كلما أسرعت هذه المؤسسات في تطبيق خدمات تشبيك البيانات، كلما استفادت من إمكاناتها بشكل أسرع. وننصح لهذا، بالسماح لخبراء هذه الشبكات بدخول السوق.
اتصالات الإمارات توفر خدمة جديدة لمستخدمي إنترنت أسرع بسبع مرات تعمل مؤسسة اتصالات، المزود الوحيد لخدمات إنترنت في الإمارات، على اختبار استخدام خط المشترك الرقمي (digital subscriber line, DSL)، تمهيداً لوضعه في الخدمة، خلال شهور قليلة. سيوفر استخدام هذا الخط سرعة تصل إلى 384 كيلوبت في الثانية، أي أسرع بحوالي سبع مرات، من المودم المستخدم حالياً، والذي لا تتجاوز سرعته 56 كيلوبت في الثانية.
المقاسم المبنية على الدارات (circuit-based) والمقاسم المبنية على الرزم (packet-based) لا تسمح مقاسم الهاتف التقليدية المبنية على الدارات (circuit-based) بنقل أكثر من مكالمة واحدة عبر الخط الواحد، فإذا كنت تتحدث مع صديقك على الهاتف، فسوف تشغل هذه المكالمة الخط بأكمله، بحيث لا يمكن مرور مكالمة أخرى فيه، إلا بعد أن انتهاء مكالمتك. تعمل مقاسم الهاتف المبنية على الرزم (packet-based) بطريقة مختلفة. فهي تستخدم بروتوكول إنترنت (IP)، لإرسال واستقبال الرسائل، سواء كانت هذه الرسائل نصاً أو صوتاً أو صورة، بعد تقسيمها إلى رزم(packets) ، لكل منها عنوان خاص، بحيث يمكن إعادة تجميعها في طرف الاستقبال. ويعني ذلك أنه يمكن بث أكثر من رسالة واحدة في الوقت ذاته، ضمن الخط الواحد، على عكس الاتصالات الهاتفية التقليدية، التي تحجز فيها مكالمة واحدة، الخط بأكمله.
يجعل نظام "الرزم" المتبع في نقل البيانات من هذه التقنية خياراً أرخص من المكالمات الهاتفية التقليدية، ما دفع العديد من شركات الهاتف العالمية إلى البدء باستبدال نظمها التقليدية، بنظام الرزم الذي يستخدم بروتوكول إنترنت (IP).
ما هي الشبكات الخاصة الافتراضية ؟ يحتاج الموظف في المؤسسات الكبيرة للوصول إلى شبكة مؤسسته، عندما يكون خارج المؤسسته. يوجد طريقتان للولوج إلى شبكة المؤسسة عن بعد، هما طريقة الاتصال المباشر (direct call-in)، التي توصل المستخدمين بالشبكة، عبر خطوط ISDN، أو المودمات العادية، وطريقة الشبكة الخاصة الافتراضية (virtual private network, VPN)، التي تصل المستخدم بشبكة مؤسسته عبر إنترنت، وهي طريقة أقل تكلفة خاصة عندما تتم من مناطق بعيدة جغرافياً.
يتطلب بناء شبكة VPN استثماراً أولياً كبيراً في العتاد. ويمكن تجنّب هذه السلبية، عن طريق الاشتراك بخدمة VPN محلية، يوفرها عادة، مزودو خدمات إنترنت (ISP). لم يبدأ مزودي خدمات إنترنت في المنطقة، في تقديم هذه الخدمة حتى الآن، لكن بعضهم بدأ الإعداد لها.
#انترنت_العالم_العربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منظمة الصحة العالمية: 59% من المؤسسات الطبية في غزة دُمرت
-
من الهلاوس حتى الوفاة .. مضاعفات خطيرة لمخدر الاغتصاب ghb
-
مصر.. تحرك برلماني لإلغاء قرار رفع أسعار المكالمات الهاتفية
...
-
اضطرابات وفصام.. أضرار كارثية للمخدرات على الصحة العقلية وال
...
-
مباراة النصر والقادسية تويتر SSC SPORT1 HD دوري روشن السعودي
...
-
أضراره تصل إلى توقف القلب والموت.. كيف يدمر مخدر الأيس الجسم
...
-
الإجهاد قد يؤدى إلى الإصابة بمرض السكري.. كيف تقلل المخاطر
-
“نزلها وفرح اطفالك” تردد قناة كراميش الجديد على القمر الصناع
...
-
مش بس مخك.. كيف يمتد تأثير المخدرات المدمر لأعضاء الجسم إلى
...
-
قد تكون أول دليل على السرطان.. علامات لو ظهرت على ساقيك لا ت
...
المزيد.....
-
التصدي للاستبداد الرقمي
/ مرزوق الحلالي
-
الغبار الذكي: نظرة عامة كاملة وآثاره المستقبلية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
تقنية النانو والهندسة الإلكترونية
/ زهير الخويلدي
-
تطورات الذكاء الاصطناعي
/ زهير الخويلدي
-
تطور الذكاء الاصطناعي بين الرمزي والعرفاني والعصبي
/ زهير الخويلدي
-
اهلا بالعالم .. من وحي البرمجة
/ ياسر بامطرف
-
مهارات الانترنت
/ حسن هادي الزيادي
-
أدوات وممارسات للأمان الرقمي
/ الاشتراكيون الثوريون
-
الانترنت منظومة عصبية لكوكب الارض
/ هشام محمد الحرك
-
ذاكرة الكمبيوتر
/ معتز عمر
المزيد.....
|