|
هل من حوار ديمقراطي .. مع - الحزب القائد - !! ؟
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 1432 - 2006 / 1 / 16 - 10:26
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
تشير المعطيات المتواترة على المستويين العربي والدولي ، إلى أن النظام السوري ، في تعاطيه مع أزماته الخارجية المتعددة والمعقدة ، قد انتقل إلى مرحلة تشكل إلى حد ما تجاوزاً لمرحلة العزل الدولي التي قادتها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا . ومرد ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى رد النظام " الإيجابي على عدد من المطالب " الدولية " المتعلقة بالعراق ولبنان وفلسطين ولجنة التحقيق الدولية في مقتل " رفيق الحريري " . كما يعود إلى تزايد المخاوف العربية والدولية من مخاطر انزلاق الحالة السورية إلى حرب مدمرة سوف تفضي إلى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط ، وإلى كوارث ومآس خطيرة ، وإلى تهديد إمدادات وأسعار النفط بالمزيد من الصعوبات والإرتفاع ، وانتشار الإرهاب على نطاق واسع . وقد برز ذلك ، بشكل خاص ، دولياً بموقف كل من روسيا الاتحادية والصين ، وموقف كل من مصر والسعودية عربياً وهذا مارفع سقف تعاطي النظام مع أزماته الداخلية ، وأتاح له فتح ملف " الحوار " مع المعارضة وفق معاييره ومفاهيمه وخصوصياته . بدلالالة أسلوبه ، شكلاً وموضوعاً ، في الإعلان عن عزمه على الحوار مع المعارضة . فحسب مانشرته جريدة الحياة الصادرة في لندن منذ أيام على لسان حسن عبد العظيم الأمين العام للإتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي نقلاً عن عبد العظيم المغربي عضو وفد اتحاد المحامين العرب ، الذي قابل الرئيس الأسد والأمين القطري للحزب الحاكم أنهم - أي قادة النظام - " في صدد فتح حوار مع المعارضة بدءاً من الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي " . وقال حسن عبد العظيم " ربما يبدأون معنا . لكننا سنكون ملتزمين التجمع وإعلان دمشق " .. ؟ إن الصيغة المعلن عنها لفتح الحوار مع المعارضة تشي بأن الحوار لن يكون إلاّ سلطوياً وانتقائياً واحتوائياً ، وهو بعيد البراءة وعن المصداقية في فتح حوار ديمقراطي حقيقي لإعادة العافية إلى الحياة السياسية في البلاد . سلطوي لأن الحوار سيجري بين حزب " قائد " وحزب مقود ، بين حزب سلطوي ا ستبدادي وحزب تحت رحمة السلطة ، أي عدم وجود التكافؤ والندية . وانتقائي ، لأنه يتعامل مع القوى والأحزاب المشتركة بتحالفات بمعزل عن تحالفاتها ، ومثل هذا الحوار لن يكون نزيهاً من جهة حزب النظام .. فهو عدا عن أنه يسهل عليه الحوار مع كل فريق على حدة .. فإنه يفتح المجال لتفكيك هذه التحالفات من خلال المناورة والإغراءات والضغوطات . وهو احتوائي لأنه يجري بين أحزاب محظورة محاصرة بالمراقبة والقمع وبين حزب حاكم متكئ على د ستور مفصل على مقاسه ومسلح بحالة الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية والعسكرية .. أي أن آليات السلطة الاستبدادية ، ولو بشكل غير مباشر ، هي أداة الاقناع الرئيسية . وما لم يسبق الحوار إلغاء المادة 8 من الدستور ، وترفع حالة الطوارئ وتلغى الأحكام العرفية ، ومالم يتم الإفراج عن المعتقلين السياسيين وعودة كريمة للمنفيين السياسيين قسراً أو طوعاً ، ويلغى القنون 49 لعام 1980 اللاإنساني، ما لم يتحقق ذلك على الأقل ، لن يكون الحوار المشار إليه ندياً وديمقراطياً ، وهو محكوم بالفشل ويعيد الأمور إلى نقطة الصفر .. إلى المربع الأول . بل يلحق الضرر الكبير بكل الأفرقاء ، حيث يستمر تمزق قوى البلاد السياسية ، في وقت تحتاج فيه إلى أوثق أشكال التحالف للخلاص من الاستبداد ومن موروثاته وآلياته وتداعياته ، ومواجهة أية مخاطر خارجية على الوطن في الحاضر والمستقبل وقد كان على أهل النظام إذا صدقت النوايا لإجراء حوار بناء ، أن تبادر أولاً إلى طرح رؤية متكاملة للحياة السياسية تتلاقى مع طروحات المعارضة وتتفاعل معها إيجابياً ، رؤية مبنية على احترام الآخر وتفهم واحترام هيكلياته الخاصة وبرامجه ، وتتجنب ممارسة أي مسعى احتوائي تفكيكي للقوى والتحالفات القائمة ، وتبرمج توجهاتها الحوارية على هذا الأساس وإذا ما بادر النظام فعلاً للدعوة إلى الحوار مع هذا الفريق أو ذاك من قوى المعارضة ، وقبلت هذه القوى الدعوة تحت سقف النظام ، فإن الدلالات المستجدة في هذا الصدد ، هي أن النظام قد انتزع المبادرة من قوى المعارضة ، وطرح مسألة تجاوز " إعلان دمشق " الذي حدد التعاون مع "" بعثيين " أفراد من حزب البعث الحاكم ، وا ستبعد اللقاء مع النظام كطرف في عملية التغيير الديمقراطي ، وأن الحوار الموعود سيضع منطلق وأسس هذه العملية ، وتصبح حيثيات النظام جدول أعمال أي حوار
ولهذا فإنه من المطلوب أن تبادر المعارضة دون تأخير بالرد المبدئي المقنع على إشارات النظام حول فتح الحوار وأسسه ومساراته وغاياته ، قبل أن ينزلق هذا الفريق أوذاك نحو الرمال التفاوضية المتحركة ، وقبل أن يبلغ النسيان أ شده لدى هذا أو ذاك من رموز المعارضة أن حزبه قد انسحب ذات يوم من التحالف مع النظام احتجاجاً على ورود المادة 8 في الدستور وملحقاتها .. ويقبل بعد ثلاثين عاماً ونيف من المعارضة أن يعود إلى بيت الطاعة تحت سقف الحزب القائد
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يخدم خدام .. ؟
-
شمعة ضوء على درب الحلم
-
لابد للقيد أن ينكسر
-
العودة إلى الوطنية الديمقراطية
-
الحوار المتمدن في عيده الرابع
-
الاستبداد والاحتلال .. والانسان المستباح في العراق
-
الحرية الغائبة بين الذريعة والضرورة .. سوريا للجميع
-
مريم نجمة في - مدارات الكلمة
-
النظام السوري ورهاب الشبهة
-
من هو
-
حتى يدفع الجلاد الثمن
-
جولات ووعود ا ستعراضية
-
سوريا أمام الامتحان الأخير
-
إعلان دمشق .. والاستحقاقات الملحة
-
الخارج والاصلاح السياسي في العالم العربي
-
القاضي ميليس ومعجزة التغيير
-
التحرك السياسي السعودي .. إلى أين .. ؟
-
من المسؤول عن التغيير الديمقراطي في سوريا
-
إفساد - مكافحة الفساد - .. !! من يحاسب من ؟
-
المشهد الألفي ..على جسر الأئمة
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|