محمود عبد الله
أستاذ جامعي وكاتب مصري
(Dr Mahmoud Mohammad Sayed Abdallah)
الحوار المتمدن-العدد: 5437 - 2017 / 2 / 19 - 23:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مجرد رأي: لازم حد يشيل الليلة!
كتب: د. محمود محمد سيد عبدالله
(كلية التربية - جامعة أسيوط)
في 19 فبراير 2015
للأسف، هناك جزء من إرثنا الشعبي في ثقافتنا المصرية العميقة ملخصه "لازم حد يشيل الليلة!"..ولا يقتصر هذا المكون الثقافي على فئة معينة أو شريحة ما من الشعب..ولكنه توغل في كل الفئات وعلى كل المستويات ..حتى صار موجها قويا للرأي العام في البلاد..يستخدمه الحاكم تارة ليبرر فشله وإخفاقه في إدارة شئون البلد واحتواء الجميع تحت مظلة "المواطنة" و"العدالة"التي أضحت حلما بعيد المنال! ..ويستخدمه أيضا الكثير من الإعلاميين (ممن هم بلا ضمير) للتطبيل للحاكم والرقص على نغمته وحشد الناس وتوجيه الرأي العام، بالترغيب تارة..وبالترهيب والتخويف تارة أخرى..وأحيانا بالتخوين ومطالبة الناس بالخروج في مليونيات حاشدة لتفويض من هم في السلطة لإراقة الدماء حتى تعمل "الطاحونة" المتعطلة التي تتعطش لدماء ضحية جديدة حتى تعمل من جديد!
ولطالما أثارت مسألة التفويض هذه كثيرا من السخرية في ظل منظومة العبث والتخبط السياسي الذي ما زلنا نعيش فيه منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير..والتي أطاحت بنظام واحد، وجاءت بآلاف الأنظمة والجماعات والأحزاب والإئتلافات والحركات والمجموعات والتحالفات والنشطاء ...الخ. فمسألة التفويض ليس لها معنى طالما أن الشعب سبق وأن "فوض" الحاكم في إدارة شئون البلاد! ولم نسمع في التاريخ عن حاكم يطلب "تفويضا" لمواجهة الإرهاب طالما أن ذلك من صميم عمله.. فمهمته الأساسية -كما تتجلى في القسم الذي أقسم عليه عند توليه- تتمثل في "الحفاظ على الوطن وسلامة أراضيه"..
مشكلتنا من قديم الأزل هي محاولة الحكام باستمرار إيجاد طرف آخر (أو عدو) وجب محاربته والقضاء عليه حتى يستقر الوطن ويتحقق الأمن القومي..فتارة يسمونه"الجماعات الإسلامية" (كما فعل مبارك في التسعينات)..وتارة يطلقون عليه "الطرف الثالث" أو "اللهو الخفي" (كما فعل طنطاوي ومجلسه العسكري الحاكم آنذاك)..وتارة أخرى يطلقون عليه "الدولة العميقه" (كما فعل مرسي وجماعته)..والآن حدد أكثر وأختزل في كلمتين "الجماعة الإرهابية".. أو "الإرهابية" كما تظهر دائما في المانشتات العريضة التي تظهر الجماعة كمتهم أساسي تشير إليه الأصابع -حتى قبل إجراء أي تحقيق نرسمي في دولة القانون والقضاء العادل الشامخ!..يعني من الآخر كده، لازم تبقى فيه "شماعة" جاهزة لتعليق الفشل عليها..بالبلدي كده: لازم حد يشيل الليلة! زي بالظبط ضابط الشرطة الفاشل الظالم اللي مش عارف يشتغل صح ..وعلشان يرضي رؤساؤه اللي بيضغطوا عليه طول الوقت علشان "يقفل" القضية، يروح واخد الطريق السهل ويجيب أي حد "يشيلوا الليلة"! آه يا أمة ضحكت من جهلها الأمم!
تحياتي
#محمود_عبد_الله (هاشتاغ)
Dr_Mahmoud_Mohammad_Sayed_Abdallah#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟