غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 5436 - 2017 / 2 / 18 - 15:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أينما رحلنا.. نحمل على جبيننا أخطاءنا...
" البارحة وانا اترجم في هيئة مساعدة اللاجئين جاءت فتاة محجبة مع رجل كبير في السن لمساعدته في بعض القضايا الارشادية وهذا عملي اليومي الروتيني لكن استغربت من سؤال الفتاة المحجبة سالتني لماذا اعمل متطوعة هنا ولن احصل على نقود مقابل عمل التطوعي والمفروض طبعا كمتدينة وكمؤمنة بنصوص دينها الحنيف يعلمها الرحمة ومساعدة المحتاج والثواب للعمل الصالح ومساعدة المحتاج لكي يكون ثوابها الجنة وللأسف فهي تعلمت بان الحجاب والصلاة خمس مرات والحج يجعلها تفوز بالجنة مثل ما تعلم الانتحاري الذي يقتل الاطفال بقنبلته ليفوز بحوريات الجنة بينما زميلي الدنماركي الغير مسلم قال انا اعمل متطوع كي ارفع روحي درجات بعد الموت تصوروا المسلمة المحجبة لم تفهم لماذا نساعد المحتاجين بينما الدانمركي الغير مسلم يعلم لماذا يساعد المحتاجين بلا مقابل !!!!!!... فعمل الخير بلا مقابل هو اسمى الاخلاق الانسانية وهذا ما تثبته لنا الايام يوم بعد اليوم بان الدين لا يرفعكم درجات بل الاخلاق ترفعكم في الحياة وبعد الموت هذا ما نتعلمه من ملحد..."
(مـكـارم إبــراهــيــم)
لفت نظري صباح البارحة هذا المقطع الأخير من أحداث وملاحظات يومية, سجلتها الزميلة الرائعة مكارم إبراهيم, والتي تعيش بالسويد من سنوات طويلة. والتي تعطي كثيرا من وقتها بالعمل الاجتماعي (مجانا) بأوساط الجاليات العربية المهجرية وخاصة.. بأوساط اللاجئين.
ما نوهت عنه هنا, أعادني إلى مجموعة ذكرياتي بفرنسا.. وملاحظاتي عن أوساطنا المهجرية المختلفة هنا بفرنسا.. والعديد من سلبياتها وما حملنا معنا من موروثات سلبية وإيجابية.. وغالبا سلبية.. وتقوقعات إثنية وطائفية.. وأنانيات وغيرة ونميمة.. وخاصة سلبيات جمع المال بجميع الوسائل المشروعة.. وغالبا غير المشروعة.. واللف والدوران حول القوانين المالية.. والتهرب من دفع الضرائب.. والتحايل حول المساعدات المالية التي توزع على العائلات... إذ برعت الجاليات العربية والإسلامية باستقطاب هذه المساعدات.. حتى أن هناك دراسة جدية بهذا المجال من وزارتي الصحة والأمور الاجتماعية والمالية, أعطت رقم ثمانمئة مليون أورو, مستوى التحايل على المساعدات الاجتماعية بسنة 2015.. وهناك تقديرات أخرى تجاوزت هذا الرقم إذا أضيفت إليها مجموعة التحايلات على التأمينات الاجتماعية والصحية...
ومع وصول ملايين اللاجئين إلى أوروبا.. ارتفعت هذه الأرقام إلى عدة مليارات, نظرا لانفجار المساعدات المختلفة.. و للحاجات المتزايدة التي فرضتها مساعدة هؤلاء اللاجئين.. من تأمين سكن ومعيشة وعلاج وتعليم... وبالرغم كل ما تقدمه الجمعيات الإنسانية المحلية من مساعدات اجتماعية وتعليمية, ظهرت بين الجاليات نفسها, مجموعات تجتذب (إثنيا) بقصد الربح المحصول أو التوجيه الديني التعصبي, قرب مجموعات معينة هامة من اللاجئين.. حتى تبقى الهيمنة الطائفية ـ الإثنية ـ التعصبية مسيطرة عليهم.. أينما رحلوا... ودون أن ننسى أن غالب عصابات ومافيات تهريب اللاجئين, دون أية ضمانات حياتية, إلى أوروبا, كانت وما زالت من بلاد إسلامية, كليبيا وتركيا, والصومال, وأفغانستان وغيرها وغيرها.. وهناك تقارير جدية مؤكدة أن داعش وحلفاءها, هم من أهم منظمي تهريب اللاجئين, نظرا للمليارات التي تدرها.. وإمكانيات تسلل الإرهابيين بواسطة عمليات التهريب البحرية الخطيرة وغيرها... ورغم التوعيات ضد العمليات الإرهابية التسللية التي اكتشفت.. ما زالت بلدان أوروبية, ورغم الأخطار الموعودة.. ما زالت تستقبل أعدادا (مــحــدودة) ممن يصلون إلى أراضيها... إنسانيا...
وهل يتذكر القراء, أحداث عندما رفضت مجموعات من اللاجئين, على الحدود الصربية الكرواتية, الطرود الطعامية التي توزعها جمعية الصليب الأحمر الدولية.. لأن الطرود تحمل علمها... أي أنها كافرة من بلاد الكفار...
وكلما ساءلت بعض المهاجرين واللاجئين.. لماذا يكذبون على السلطات, فيما يخص المعلومات الإدارية لدى طلبات المساعدات.. وكان الجواب غالبا.. لأن كل ما نسلبه من الكفار.. حــــلال!!!...
كل ما نسلبه ونغزوه من الكفار حلال...
بعدما فتحت بلاد الكفار.. وشعوب الكفار صدورهم وبيوتهم وبلادهم.. لــنــا.. ما زلنا نسميهم كفارا.. ولو ترون أو تقرؤون أخبار المحاكمات والغرامات التي يدان بها مواطنون (كفار) لأنهم ساعدوا لاجئين من غير أوراق ثبوتية, لاجتياز الحدود ودخول الأراضي الفرنسية, وإيوائهم ببيوتهم الحدودية (دائما مجانا) خلاف أبناء عمهم العربان الذين يظلمونهم ويسجنونهم ويسلبون القليل مما يملكون, بالسجون والمعسكرات الليبية والصومالية.. بينما الدول الإسلامية مثل المملكة الوهابية, حارسة مكة والإسلام, وقطر والكويت وعديد من البلاد الخليجية النفطية الغنية.. ترفض استقبال حتى لاجئ واحد.. خلال ستة سنوات من هذه الحرب الغبية الآثمة التي خططوها وحرضوها ضد سوريا وشعبها ودولتها.. وفجروا أكثر من ثلاثة أرباع بنيانها واقتصادها.. وسببوا هجرة أكثر من نصف شعبها...
بينما نحن ما زلنا نقتل بعضنا البعض... مئات الجمعيات الإنسانية (من الكفار) تلملم جراحنا وتقدم لنا كل المساعدات الإنسانية والطبية والمادية, على حساب شعوبها وتبرعات مواطنيها, والذين يتظاهرون بمئات الآلاف للدفاع عن السلام ببلداننا والدفاع عن حقوقنا... بينما نحن ما زلنا ننتظر ليلة القدر... ومن هم منا أحق بالخلافة.. الــســنــة أم الــشــيــعــة؟؟؟... وبأي قــدم ندخل إلى الحمام؟؟؟!!!...
يا بــشــر... لا تتساءلوا إذن لماذا بدأت كل حكومات الأرض تغلق أبوابها بوجوهنا... ولا تسألون أنفسكم.. وبعد أن اعطتكم هذه البلدان وحكوماتها وشعوبها.. كل ما لم تــعــطــكــم بلدان مولدكم.. واسمه حـريـة التحليل والتفكير والاختيار... ما زلتم تتقوقعون وتتقوقعون وتجمدون.. وتتجلببون.. وتتحجبون.. رافضين النور والعقل والحضارة... حاملين جهلكم وجهالتكم.. على طرقات معتمة مسدودة.. بلا نهاية......
صــحــيــح.. نــعــم أينما رحلنا.. نحمل على جبيننا أخــطــاءنــا.. وهـذا لم يتغير ولم يتطور منذ آلاف السنين.. ولن يــتــغــيــر ولن يــتــطــور!!!.................
*************
عـــلـــى الــــهــــامــــش :
ــ وعن بقايا الديمقراطية في لبنان
كنت أظن خلال الخمسين سنة الماضية, أو أكثر بقليل, أن لبنان بعدما سمي استقلاله, والتقسيمات الطائفية والعشائرية والعائلية, والزعامات المحلية الكبيرة والصغيرة التي تهيمن على تقسيماته الإقليمية المصطنعة للمسايرات المحلية العجيبة الغريبة التركيب.. تتبقى فيه ـ خلافا لجميع البلاد العربية والإسلامية ــ التي تحيط بالمنطقة.. تبقى فيه على الأقل 1% من الديمقراطية الظاهرة.. اتفقت جميع العناصر المختلفة التي تعيش على أرض هذا البلد الذي يربى ويرعى ويحضن جميع متناقضات العالم السياسية, ومخابر مخابراتها, ومزروعات مخابر مخابراتها... ولكن هذا الواحد بالمئة.. كل المختلفين المتخالفين يحافظون عليه معتبرينه خليقتهم وملكهم وعلمهم... علما أنه ما أحد منهم ينفذه أو يطبقه.. فيما إذا بدرت بسماء بيروت أو أية مدينة أو قرية لبنانية غيمة عابرة قد تهدد واحد بالمئة مليون من مصالح زعاماتهم التاريخية المحفورة بالحجر.. وما من إله أو نبي أو مصلح إنساني حقيقي.. يحاول تغيير فاصلة واحدة من قانون هذه المصالح العائلية الغير مكتوب...يستطيع تغيير هذه الفاصلة من مكانها.
البارحة تلفزيون "الجديد", ببرنامج ساخر.. كراكوزي متوسط.. كاريكاتوري منقول من البرامج الأوروبية العديدة بهذا المجال.. والذي ينتقد عادة غرائب الحياة اليومية بصالونات الأنتليجنسيا اللبنانية.. أو ما تبقى منها.. حاول انتقادا بسيطا جدا لرئيس مجلس النواب الأبدي السيد نبيه بــري... فــكــاد لبنان أن ينفجر.. وقامت براكين العصبيات... واشتغل تبويس الشوارب.. واشتغلت المفاوضات والمصالحات.. والتطبيش على البطون والصدور.. والتذكير بضرورة المحافظة على المصالح (والكعكات المصالحية المشتركة) لتهدئة الخواطر... وعادت محطة تلفزيون "الجديد"... إلى عادتها النصف طبيعية.. وعاد المتظاهرون الذين يهددون بتكسيرها إلى بيوتهم آمنين مطمئنين... وعاد مئات رجال الأمن والجيش اللبناني.. إلى ثكناتهم.. بعد انتهاء عمليات تبويس الشوارب والمصالحات والاتفاقات المظهرية الظاهرية.. حنى إشــعار آخـــر... أو هزة بركانية مفاجأة أخرى تثيرها دكان مخابرات أجنبية من مئات الدكاكين الموجودة ببيروت.. هذه المدينة الهيتروكليتية الرائعة الصامدة... والتي كنت ألــجــأ إليها ايام شبابي.. كلما احتجت لنفحة من أوكسيجين.... قبل هجرتي النهائية لفرنسا.......
بــــالانــــتــــظــــار...
للقارئات والقراء الأحبة الأكارم.. هـــنـــاك و هـــنـــا.. وبكل مكان بالعالم.. وخاصة للقليل النادر من الأحرار الذين ما زالوا يناضلون ويقاومون ــ على حساب أمنهم وحياتهم ورزقهم ــ من أجل الحريات الإنسانية الطبيعية, وحرية الفكر والتعبير, والسلام بين الشعوب, والعلمانية وحرية المرأة ومساواتها الكاملة مع الرجل.. دون أي استثناء, أو تفسيرات مطاطية... لــهــن و لــهــم كل مودتي ومحبتي وصداقتي وتـــأيـــيـــدي واحترامي ووفائي وولائي.. وأصدق وأطيب تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟