|
ربى ورسولي في خمر المعاني
ميرغنى ابشر
الحوار المتمدن-العدد: 5431 - 2017 / 2 / 13 - 23:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
رايت ربى بعين قلب فقلت من أنت قال أنت فليس للاين منك أين وليس أين بحيث أنت وليس للدهر عنك وهم فيعلم الوهم أين أنت أنت الذي حزت كل أين بنحو لااين أين أنت هذه الرباعية نسبها المحقق دقيق التثبت "لويس ماسينيون" للحسين بن منصور الحلاق وثبتها في ديوانه طبعة 1955م.وقد صدرت له طبعة أخرى في 1981م.وجاءت الرباعية أيضا في كتاب الطواسين للحلاج، الطاسين الخامس طاسين النقطة:ص31 مطبعة مكتبة المثنى بغداد، وهي طبعة معادة لطبعة "ماسينيون" بباريس سنة 1913م. يقول ماسينيون عن هذه الابيات إنها تكون رباعية مشهورة نسبها "ابن عجيبة" للإمام على. كما نسبت مع بعض التغيير لابن عربي ،وقد نالت الابيات الكثير من الشروحات والتعليقات كما ويضيف "بوريس مورافييف" في اكتوبر 1964م في مقدمة الطبعة العربية لكتاب "المعرفة الباطنية" أن ثلاثة أبيات من هذه الابيات جاءت في تعليق يهودي عربي عن نشيد الأناشيد لسليمان الحكيم للمشابهة. ويمهد "مورافييف" بشرح مؤجذ للابيات خلاصته :إن الخلاص يعتمد على نتائج الأبحاث الاستبطانية التي سيجريها الإنسان في أغوار قلبه ليتعرف فيه علي إنيته الحقيقية التي قد نسيها منذ عهد السقطة، ولينطبق عليها. • وننتهي مع مايسينيون بنسبة الابيات للحلاج ومايزت صدر أبيات الحلاج "رايت ربى بعين قلب" في نسبة الرب اليه وبناء القلب مجهولا فقال ربى،وقال قلب وصدر البيت منسوج علي نول القرآن في قوله تعالي "وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا(الفجر:22). يقول بن كثير في تفسيره (" وَجَاءَ رَبّك " يَعْنِي لِفَصْلِ الْقَضَاء بَيْن خَلْقه). ونكتة المقصد لا القرآن ولا الحلاج قالا "الرب" أو "الله" فإبتعد القولان عن الذات الالهية المتعالية في كمالها وابديتها وعطفا القول علي ما ربت النفس ونمت من لسان حال ومقال وضمر،بخلاف بن كثير الذي أقامها(الذات المتعالية) قضاء وحسيب. فالمحاسب والمحاسِب في لطائف آي القرآن هي بذاتها النفس البشرية قال تعالي: (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا "(الإسراء:13،14) وقال" يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (النور:24)." فالرب عند الحلاق يعني ذاته، والرب المحاسِب يوم البعث في لطائف العبارة القرآنية هي الذات الإنسانية المربوبة والمصنوعة ، أي العمل، و ما فعل الإنسان واحدث في حياته. فالحاضر هناك هي ذاتك التي ربيتها ونميتها وليس الرب الخالق المتعالي، إنما الرب المربوب. لذلك قال الحلاق: رايت ربى بعين قلب فقلت من أنت قال أنت وقال تعالي: "وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا" ولم يقل وجاء الرب أوجاء الله. • وحين ننتقل بالحديث عن الرسل وعلاقاتهم بالنفس والنفوس، نجد أن ظهوراتهم فى التاريخ تمثل انبثاقا من هذه النفوس لمقتضى حاجة العصر ، فما كان التاريخ الرسولى غير احتياج مركوز فى النفس، يتموضع فى التاريخ بهمة طلب المجتمع له، فالنبؤة والرسالة صورة فى جبلة النفس، تتحرض للبروز بالارتياض الروحى وهمة النفوس فى طلبها، لتبديل واقعها المأزوم، ليولد من هذه الصورة الفلاسفة والحكماء والأنبياء، وحين نلتفت قليلا للتاريخ لنقبض برهانا يحدثنا عن أزمة المجتمع وهمة المعذبين ودورهما فى ميلاد أنبياء الخلاص، تحضرنا صورة الواقع اليهودى الذى سبق ظهور المسيحية وهو يتطلع إلى منقذ من ظلم الاحتلال السلوقى والرومانى والثيوقراطية اليهودية، ليخرج فى الناس ساعتئذ، ثلاثة أدعياء، يهودا بن ايزقيا فى الجليل وسيمون العبد فى ماوراء الأردن والراعى اثر ونغاز فى يهودا ،يدعون أنهم المسيح المخلص من اضطهاد الاحتلال الرومانى وأعوانه، و بعد أن فشل سيمون العبد فى تحقيق ثورة العبيد وقد كان يوحنا يتوسم فيه المخلص ،سال يوحنا المعمدان يسوع المسيح ((أنت هو الاتى أم ننتظر أخر)) ، من هذا يتضح أن نبى الله يحيى كان يأمل أن ينبثق من بين صفوف المسحوقين من يقود المجتمع اليهودى للخلاص ، وحين تعجز الإنسانية عن حصول كمالها بذاتها يتدخل الغيبى فى التاريخ ،يقول اخوان الصفاء:(قال الحكيم أن مكث الإنسان العاقل فى هذه الدنيا والذى هو تحت الأمر والنهى أما بموجب العقل أو بطريق السمع بأوامر الناموس ونواهيه )ويضيف الإخوان في رسائلهم:( اعلم يا أخي أن الله جل ثناؤه لم علم بان الناس لا يعشون أعمارا طبيعية على التمام ولا يتركون فى الدنيا زمانا طويلا تهذب فيه نفوسهم وتستكمل فضائلهم لطف بهم من اجل ذلك وبعث إليهم الأنبياء)( لذلك فان الله لم يبعث للناس الأنبياء ألا بالتأكيد لما فى نفوسهم)(الرسائل). فرؤية الله في يوم الدينونة تحمل علي المجاز لا علي اليقين، إذ أن تناول المقدس لها لا يشير إطلاقا لوقعها يومئذ. وحملها تأسيسا علي ظاهر القول لامر فيه نظر.فكمال المشهد وقتها بذاتك التي بين جنبيك ولا أخر في المشهد.
#ميرغنى_ابشر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النَّصُّ الإدانة.. رفع الْقُرْآن وَجَنَّة - ميركل -
-
بكاء أرميا
-
الجنون في تاريخه المقدس -اطروحة في منشأ التمدن والعمران-
-
عودة المسيح
-
التأريخ المنسى للحريم أو انتقام -الاله الام-
-
أنتيجونى حِيرة الإنسانيات ! توليفات فرويد وهيغل نموذج
-
دعاء اخر الاولياء
-
بريخت محتالاًَََََََِِ!!.. الجزر الدينى لديالكتيك -التغريب-*
-
أبان يولد من جديد
-
حواشي نقدية على مهرجان البقع الأرجوانية
-
أبان يولد من جديد
-
حواشي نقدية على مهرجان البقع الأرجوانية
-
مؤانسة على النقد المسرحي .. السيماتوراغيا*
-
سفرجلة الأشياء
-
ألانتظار
-
الأسطورة و النبؤة فى سنِّار .. قراءة تبعيْضيِّة لعَصْرِ البُ
...
-
رِدَّة الربيع: قصة أشواق (حنظله) للفراديس
-
مسرحة (رؤيا فوكاى) أوتشظى الذات قراءة نقدية فى مسرحية ((وطن
...
-
التحالف السري الجديد النظام العالمى فى مواجهة النظام العالمى
...
المزيد.....
-
بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة وحشية
-
رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا يعلق على فتوى تعدد الزوجات
...
-
مـامـا جابت بيبي.. حـدث تردد قناة طيور الجنة 2025 نايل وعرب
...
-
بابا الفاتيكان يصر على إدانة الهجوم الاسرائيلي الوحشي على غز
...
-
وفد -إسرائيلي- يصل القاهرة تزامناً مع وجود قادة حماس والجها
...
-
وزيرة داخلية ألمانيا: منفذ هجوم ماغديبورغ له مواقف معادية لل
...
-
استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان
...
-
حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان
...
-
المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
-
حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|