أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - 38 مضمون مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 2/8















المزيد.....

38 مضمون مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 2/8


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 5431 - 2017 / 2 / 13 - 12:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


38
هذه هي الحلقة الثامنة والثلاثون من مختارات من مقالات كتبي الخمسة في نقد الدين، حيث سنكون مع مقالات الكتاب الثاني «لاهوت التنزيه العقيدة الثالثة»، حيث تخصص ثمان حلقات لنشر مضمون مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم، عام 2013. لكن لكونها كانت قد نشرت سأعيد نشرها مضمونا، وليس كمناقشة، وإنما كموضوع مستقل.
الدينيون غالبا ما يحذرون من الشك، ويبررون إن الشك التصاعدي الذي لا يرحم، حسب قناعتهم، سيؤدي بالنتيجة إلى الوسواس، فالشك وطرح السؤال حول المسلمات ومراجعة المقولات الدينية، يعتبرونها من مداخل الشيطان، وهذا ما يجعل مثل هؤلاء يبررون رفضهم لاستخدام العقل في مناقشة قضايا الدين والإيمان. ولا نفهم لماذا كل هذا الخوف من الشك، غافلين عن حقيقة أن الشك هو بداية رحلة البحث عن الحقيقة، فالشك يعني وجود عقل حي غير ميت، ديناميكي غير جامد، باحث دوما عن الحقيقة، واثق من رحمة الله، غير خائف من عذابه، إذا ما هو أخطأ في بحثه لقصور، لا لعناد، إذا كان صاحبه مؤمنا بالله، لأنه يعلم أن الله يحب الباحثين بصدق عن الحقيقة، حتى لو أخطأوها، أكثر بكثير مما يحب المتبعين للحقيقة صدفة، ومن خلال الاتباع الأعمى لما وجدوه وورثوه وشاع في زمانهم، والخوف من عذاب الله بسبب الخطأ غير المتعمد في العقيدة، هو تشكيك برحمة الله وعدله وحكمته، من حيث لا يشعر ولا يقصد الخائف أو المُخوِّف، بل حتى الملحد الذي لا يقتنع بأدلة وجود الله، ولا يعترف بدليليتها، لا عقدة لله تجاهه، بل ربما يحبه، لأنه استخدم عقله، وإن كان قد أوصله إلى إنكار وجود الخالق، أكثر مما يحب الذي جمّد وعطّل وألغى عقله، فآمن عن تقليد واتباع أعمى وتعصب، خاصة إذا كان الملحد أكثر إنسانية من هذا المؤمن. أرجع وأقول إنهم لا يدركون الفرق بين العقل بمعنى القابلية الذهنية لكل فرد على استخدامه لأدوات العقل بشكل صحيح، مما لا يصح على (العقليات) كمنهج ذي قوانين صحيحة النتائج دائما كما الرياضيات، وبين العقل الفلسفي بهذا المعنى. شخصيا أتصور المشكلة هي في المصطلح، الذي يؤدي إلى الخلط بي (العقل) كعلم له قواعده، كما نقول (المنطق)، (الرياضيات)، (الفلسفة)، وبين عقل كل واحد منا أو قابلياته الإدراكية، وهنا أكاد أقول إن هذا الخلط متأت من عدم إدراك الكثيرين أن مفردة العقل بالعربية تمثل مشتركا لفظيا، يستخدم في أكثر من معنى. العيب إذن في اللغة، ولذا يجب استحداث مصطلحات جديدة تميز بين العقلين. فالمعتقدون بمقدس وهمي، يغلقون عقلهم عليه، ويجعلون كبراءهم ممن يسمون علماء الدين يقودونهم كالقطيع، ويفكرون بدلا عنهم، ويملون عليهم، فيطيعون ظنا منهم أن الله الذي يملي عليهم، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. إنهم يدعون أو يتوهمون أن العقل قاصر للغاية في التقييم المجرد، ودليلهم غالبا هو تفاوت الإدراكات والقناعات، فينسبون هذا التفاوت إلى ما يعتبرون خطأ، ألا هو استخدام العقل. ولا يعون إن التفاوت ليس في الثوابت العقلية، أي الضرورات والممتنعات، بل في مجال الممكنات العقلية الخاضعة للنسبية، وللاحتمالات والترجيحات، والتي تخطئ وتصيب، وتكون قابلة للترشيد، عبر التجربة، بينما الضرورات العقلية لا تحتاج إلى تكرار التجربة لمعرفة الصواب من الخطأ، كامتناع التناقض، وامتناع تسلسل العلل إلى ما لا نهاية، وكون الجزء أصغر من الكل، إذ لا يمكن الخطأ فيه، والقضايا الميتافيزيقية الأساسية من هذا النوع، فالحقائق العقلية لا يجري الاختلاف فيها باختلاف مصادر تلقيها من تلك المصادر، بل إنها تبقى هي هي، لمن يدرك أنها حقيقة عقلية، لاسيما إذا كانت بديهية. ثم لإن تاريخ المسلمين – على سبيل مثال ولا يختلف عنه تاريخ اليهود والمسيحيين - حافل بمعارك التفوت في فهم نفس الدين، والتكفير المتبادل، ومن ذلك معارك المفاضلة، التي كانت غالبا دامية وتكفيرية. ويبرر بعض هؤلاء الدينيين الرافضين لدور العقل، والمنكرين له أي دور في فهم قضايا الإيمان واللاإيمان، بأن العقل البشري لا يملك أي عتاد حقيقي يمنعه من التورط في صناعة الخرافة وقبولها. لكنهم يغفلون أو يتغافلون عن حقيقة أن معظم الخرافات هي نتاجات دينية، فالدين أنتج الكثير من الخرافات، وإذا لم يكن ذلك صادرا عن الدين نفسه، فهو ناتج عن تأويلات واستنباطات وتفسيرات علماء الدين، أو الفهم الشعبي للدين، بمعنى أن الدين نفسه كان عاجزا عن وضع ضمانات، تحصنه من حصول كل ذلك، وبما أن العجز يستحيل صدوره عن الله، فيستحيل صدور الدين العاجز عن تحصين نفسه من التأويلات الخاطئة والتخريفات عن الله. وفي كلامي هذا لا أقصد الأديان الوثنية فقط، بل الديانات التوحيدية هي الأخرى أنتجت الكثير من الخرافات والعصبيات وحالات الغلو، فعلاوة على ما فيها من الخرافات واللامعقولات، أضاف رجال الدين المزيد من ذلك عليها، ثم أضاف التدين الشعبي مزيدا آخر، فوق ما اضافه رجال الدين، حاشا للندرة من العقلاء منهم. ويذهب أمثال هؤلاء إلى دعوى أن العقل البشري نفعي مادي بحت، غير مدركين المعنى الفلسفي والمنطقي لمفردة (العقل)، فليس العقل هو النفعي والمادي، إنما هنا يأتي دور العاطفة بمعناها السلبي، والتي يسميها القرآن بالهوى، والأنانيات ونوازع الشر، التي يُعلَّق غسيلها على شماعة الشيطان، أما العقل نفسه فلا يمكن أن يكون ماديا نفعيا، وإلا فيكون مدح القرآن للعقل والتعقل على خطأ. فمثل هؤلاء يقعون – كما مر ذكره - في خلط واضح بين مفهوم العقل، وبين قناعات الناس التي لا تكون دائما ناتجة عن العقل وحده، بل هناك العواطف بجوانبها الإيجابية والسلبية، والمؤثرات الخارجية، والمصالح والأنانيات، والمحدودية الذهنية للإدراك والفهم والاستيعاب، وهذا غير العقل. وفي الحقيقة إن العقل المتحرر أقل عرضة للوقوع في الخطأ من العقل الذي يسجن نفسه في زنزانة النصوص التي يتوهَّم أنها مقدسة وصادرة عن الله، وبالتالي يكون الثاني أشد عجزا عن التقييم السليم والفحص الرصين. والأدلة كثيرة تلك التي تؤكد سقوط أسطورة احتكار الدين لقضية الإيمان، بل إن الدين ساهم كثيرا في تعطيل العقل، وأصبح مصداقا للصدّ عن سبيل الله، ومصداقا للطاغوت المعبود من دون الله، والذي كان سيصل العقل السليم إلى الإيمان به، لو كان حرا، وأكاد أجزم أن معظم الملحدين أو لنقل الكثير منهم، إنما ألحدوا بسبب رفضهم للصورة الدينية عن الله، وأكثرهم، أو لنقل نصفهم، وأقصد النصف النوعي لا النصف الكمي، لو كانت قد عرضت عليهم صورة الله الفلسفية المنزهة لله، لقبلوها، ولما اختاروا الإلحاد، ولو إني أعتقد جازما أن الله يتنزه عن أن تكون له عقدة تجاه الملحدين لقصور عندهم في استيعاب الأدلة على وجوده، خاصة إذا ما تأنسنوا وتألقوا في إنسانيتهم، وكم مثل هؤلاء، والقصور لا يعني أن لهم ذكاءً بمستوى منخفض، حاشا لأذكيائهم، بل لكل إنسان مهما تألق في ذكائه وتوقده الذهني ثمة قصور في بعض ميادين البحث أو المعرفة، فشخصيا على سبيل المثال عندي قصور في استيعاب النظريات الاقتصادية، لذا لا أحشر نفسي في تفاصيلها. إن مثل هؤلاء المدافعين عن الدين يدعون أنه بدون العودة بالعقل إلى وظيفته الأصلية ضمن أُطر ومسلَّمات يُؤمِّنها الوحي، لا يمكن للإنسان أن يدرك الحقائق. وأقول نعم هذا كان سيكون صحيحا تماما، ولكن بعدما يتبين لنا أن ما متوهَّم أو معتقَد أو مدَّعى أنه وحي، هو وحي إلهي حقا، فدعوى الوحي من الممكنات العقلية، وبالتالي الخاضعة لاختبار صدقها، والعقل يكون هنا هو الحاكم، وهذا ما تقوله مدارس علم الكلام العقلية في الإسلام كالمعتزلة والإمامية، فهي في بحث وجود الله لا تعتمد النص بل العقل، فهل هؤلاء بمعايير الإسلام كفرة؟ ثم يقولون إن كتاب الله هو يُحدّد الطريق للاهتداء إلى الحقيقة، لكن هذا لا يكون إلا إذا ثبت لنا أن هناك كتابا مؤلفه الله وناشره جبريل وموزعه النبي، وإلا فأي كتاب هو نتاج بشري، يبقى نسبيا، نتفق معه في بعض منه، ونختلف معه في بعض آخر، بمقدار ما وُفِّق المؤلف لإصابة الصواب، أو بمقدار قدرتنا على الاستيعاب والاقتناع، فكما للقرآن تألقاته الرائعة، فعليه الكثير الكثير من الملاحظات، ولا أريد أن أعبر بغير ذلك، احتراما لمشاعر المؤمنين به كقيمة أخلاقية أحاول جهدي أن ألتزم بها. هم يدعون أنه بدون هذه العودة إلى مصادر الوحي الإلهي المدعى أو المعتقد به، فإننا نظلم العقل وندخله ميادين ليست ميادينه، وحروبا ليست حروبه، ثم بعد ذلك نلومه ونغضب عليه، إذا عاد خائبا منكسرا حزينا. ويعتبرون هذه الحجة كافية لإقناع الآخرين باستحالة أن يكون الإيمان بالله قادرا على الاستغناء عن كتاب منزل من الله، وأن يكتفي فقط بالعقل. بينما الإيمان العقلي، وحسب تجربتي لعمر طويل، تبين لي أنه أنقى وأصفى وأكثر حميمية من الإيمان الديني، وأكثر تنزيها لله عما لا يليق بجماله وجلاله وحكمته وعدله ورحمته، وقبل وبعد كل ذلك أكثر عقلانية، والأهم من ذلك أكثر إنسانية. وهكذا هي تجربة كل الدينيين العقليين الذي انتهى بهم مطاف البحث على وفق المنهج العقلي إلى الإيمان اللاديني، وإن كان أكثرهم لم يجرأوا على أن يفصحوا عما آلوا إليه من خلال إعمال عقلهم، بعد مسيرة طويلة من الإيمان الديني، الذي اتخذ مع نضجهم وتعمقهم منحى عقليا أكثر فأكثر، مما أدى بهم الأمر إلى طرح التساؤلات، والتي حاولوا ربما لسنوات أن يجدوا لها إجابات عقلية عبر المبالغة بالتأويل، حتى اكتشفوا أنهم يمارسون التبرير والهروب من مواجهة الحقيقة، دون أن يشعروا، حتى وصلوا إلى مرحلة انتقال نمو هذه الإدراك من اللاشعور أو الوعي الباطني إلى الشعور أو الوعي الظاهري.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 37 مضمون مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 1/8
- عندما تشكل الانتخابات تهديدا للديمقراطية
- 36 الإيمان بالله مقدمة لنفي الدين
- 35 الدينية واللادينية والإلهية واللاإلهية
- 34 الله: أبوته للإنسان وتجسده فيه وذكورته
- 33 مرة أخرى مع دعوى النبوة للأديان الإبراهيمية
- 32 الأديان الإبراهيمية ودعوى النبوة
- رؤية في سبل الإصلاح الحقيقي والشامل 4/4
- رؤية في سبل الإصلاح الحقيقي والشامل 3/4
- رؤية في سبل الإصلاح الحقيقي والشامل 2/4
- رؤية في سبل الإصلاح الحقيقي والشامل 1/4
- 31 الإيمان العقلي وموقفه من بعض مقولات الأديان
- 30 ثلاثية العقل مقابل ثنائيته عند محمد أرگون
- 29 التشابه بين تجربة سپينوزا وتجربة لاهوت التنزيه 3/3
- 28 التشابه بين تجربة سپينوزا وتجربة لاهوت التنزيه 2/3
- 27 التشابه بين تجربة سپينوزا وتجربة لاهوت التنزيه 1/3
- 26 مع د. إبراهيم الحيدري في النزعة التنويرية في فكر المعتزلة
- 25 مع توفيق الدبوس في مقالته «ابن رشد وما يجري اليوم»
- 24 الحضارة العالمية وفلسفة إخوان الصفا
- 23 عقيدة التنزيه كإيمان فلسفي لاديني


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - 38 مضمون مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 2/8