أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - أساطير الطور الصُبيّْ














المزيد.....


أساطير الطور الصُبيّْ


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 5427 - 2017 / 2 / 9 - 22:33
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


أساطير الطور الصُبيّْ

نعيم عبد مهلهل

(( الآن أسير في شوارع باريس وكأنني أجلس الأن في صريفة الصف في مدرستي .أصافح خيال شيراك وأزور اللوفر ، وأتحسس بنطال رامبو واهدي صبغاً أسوداً لشيب الممثلة برجيت باردو وأرمي لقططها والفقمة سمكاً من هور سوق الشيوخ.. ثم أعود مشيا إلى وطني ولم أحتفل. فيسكنني الحنين الى الآه وأويلاه ..أويلاه .. لأهمس لكل عارضات الأزياء في محلات الشانزليزيه :عذب هذا الطور الصبي من شجن القصب أتى ومن صوت الناعور))
هذه المقدمة القديمة في واحدة من نصوص كتاباتي عن الوجود المندائي في مناطق الاهوار ومدن جنوب سومر حيث كتبت أكثر من مرة عن الطور الصبي ونشأته الأولى في قضاء سوق الشيوخ حيث للصابئة المندائيين محلة كبيرة في ضواحي المدينة وتقع في الطريق الرابط بين مركز القضاء وناحية العكيكة غير بعيد بمرمى النظر عن حافات الاهوار الجنوبية القريبة من كرمة بني سعيد . وحتى أبقيَّ تلك البحة المندائية التي صنعتها حنجرة المندائي ( روحي شعلان ) يوم خاف من سيف متصرف المدينة ناصر باشا السعدون ، ونطق لسان حاله بتلك الأويلاه التي خلقت هذا الطور الساحر الذي سجل بأسمه كأختراع كما سجلت النظرية النسبية بإسم ألبرت أينشتاين .
أبقيها ساكنة في تلك النغمة السومرية التي ترتدي ثوب زهرون العراف المندائي الذي كان يزور قريتنا بزورقه وهو يصحب بصوته نشيده الاولي الفاتن ، الطور الصبي الذي يغنيه بعذوبة تفوق عذوبة المطرب جبار ونيسه وولده المرحوم ستار جبار الذي مات محترقا بمدفئة نفطية في ليل التعتيم في حرب عام 1991 .
لكن حين تحل عطلة الصيف في السبعينيات أفتقد نشوة ذلك الحنين الذي تعلم أصول اداءه شغاتي من زهرون المندائي فصار يمتعنا به كلما مللنا من سهرات الاغنيات المصرية فيكون الطور بوابة الحنين الى جعل نجوم الليل تنشد قداس الحمد الازلي لطبيعة الماء والقصب والالهة النائمة في الأيشنات الاثرية التي تقع على بعد اميال قليلة من قريتنا.
وحتى أبقي تلك الليالي صادحة في مسامع ذكرى شغاتي وريكان ورائحة المكان الجميل كنت أحمل قدمي الى شارع الجمهورية في مدينة الناصرية حيث تقع تسجيلات ( أبو عود ) .
هذا المكان الذي يصدح بالغناء والحنين وتتناوب فيه مدائح الموسيقى بصوت عبد الوهاب والسيدة أم كلثوم وحضيري أبو عزيز وداخل حسن وخضير مفطورة وأسمهان .
هذا المكان كان يشبه بوابة معابد الصدى في ازمنتنا يوم دخلت عالمنا اشرطة البكرة في مسجلات الفيليبس والأكاي والكاسيتات التي جلبتها مسجلات السانيو والسوني وقبلها كانت أسطوانات قامقجي التي تحمل الالحان الخالدة لليهودي صالح الكويتي مموسقة بدهشة حلوة بين طيات سليمة مراد ومنيرة الهوزوز ونرجس شوقي.
كان محل أبو العود محطة لدقائق يستريح فيها كل مار وهو يذهب لشراء حذاء جديدا من شركة باتا أو لينتعش بقدح من شراب الزبيب الذي يتقن صنعه المرحوم الحاج ابو سلام الدوشمجي أو يذهب ليصلح مسجله العاطل عند المرحوم عبد الحر الذي اعتاد بعض الليالي على استضافة المطرب الرائع حسن حياوي لينشد في قارعة الطريق اغنيته الحياوية ( أكل يا عنز والدباغ يولاك ) أو أولئك الذي يذهبون لحلاقة شعرهم عند هاتف الحلاق .
هذه الوقفة القصيرة هي متعة السير في شارع الجمهورية ، حيث يسكنني الحنين الى وجه شغاتي عندما اتسمر امام تسجيلات ابو العود ، واهمس لولده الكبير ( جواد ) ارجوك اسمعنا طورا صبياً .
فنسمع ...
يختفي صوت فريد وفيروز وناظم العزالي ، وحده صوت زهرون وجبار ونيسة وشغاتي يعيدون حلم ليالي هذا الطور فيما القصب ينصت خاشعا مثل كهنة سومريون عادوا للتو من احتفال توديع جلجامش في سفرته الشهيرة.



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يبوح حمام الدوح
- ماري المسيحية وشبوط المعيدي
- أطفال الأهوار والقاص المصري
- هل نحن عبيدكم أيها التيوس..؟
- المداعبة الايروتيكية والسياسة
- عندما يهاجمكَ القرد
- شوبنكن الالمانية ( أمازيغ وصابئة وايزيدين )
- حِينَ يُباعُ الشَرفُ بالترفْ
- يوم جعلنا الورد جنكيزخان
- القيامة عند الملكة فكتوريا ومعدان الجبايش
- خلطة سحرية لعشاء النمور
- ماركو بولو المندائي
- رسالة الى حسين نعمة
- الصوفيون ووكالة ناسا الفضائية
- تريزا المندائية في شارعنا
- مغنيات منفذ طربيل الحدودي
- حمامة في سوق في المنامة
- الاحزمة الناسفة والواح الطين السومرية
- الهايكو المندائي
- كافافيس وجارتنا المندائية


المزيد.....




- السعودية.. الداخلية تعلن القبض على 4 مواطنين و3 من إثيوبيا و ...
- سوريا وسقوط الدومينو.. نحو إسرائيل الكبرى؟
- بعد وساطة تركية مع مصر.. عبد العاطي يعتزم زيارة دمشق ولقاء ا ...
- فيتسو: وقف الغاز الروسي عن أوروبا سيكلفها 120 مليار يورو
- القوات الروسية تتقدم غرب دونيتسك
- الحكومة الأذرية تقول إن -تدخلاً خارجياً- وراء تحطم طائرتها، ...
- محافظ دمشق: هناك أناس يريدون التعايش والسلام ومشكلتنا ليست م ...
- هآرتس: حماس تستعيد قوتها بسرعة وعمليات الجيش الإسرائيلي في غ ...
- الآلاف في بودابست يحصلون على وجبات العيد من محبي هاري كريشنا ...
- فيفا: منتخب مصر بقيادة -العميد- على أعتاب إنجاز تاريخي


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - أساطير الطور الصُبيّْ