الاعزاء في المكتب الأعلامي للتيار الوطني الديمقراطي العراقي
تحية نضالية حارة
تلقينا مشكورة رسالتكم المبعوثة عبر البريد الالكتروني.
رغم انتقادنا للخيار السلمي كما هو مذكور في الاجابة على السؤال الاول و رغم تحفظاتنا الكثيرة على استمالة القوى الاسلامية الى جانبكم الا اننا نرحب بالتعاون والتواصل السياسي والتاكيد على القواسم المشتركة بين الجانبين الا وهو رفض ونبذ الحرب الامبريالية على الشعب العراقي وضرورة انهاء الدكتاتورية في العراق واحداث تغيير سياسي شامل وجذري وبالتالي شق طريق ثالث ثوري وتقدمي لمواجهة التحديات التي تواجه الشعب العراقي.
مع خالص تحياتنا.
ملاحظة / نعتذر على تاخر الاجابة على الاسئلة المطروحة علينا.
نزار عبدلله
سكرتير اللجنة المركزية
20/12/2002
--------------------------------
السؤال الأول : بين خيار التعاون والتعامل مع القوى الإمبريالية الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وخيار التعاون والتعامل مع النظام الشمولي الدكتاتوري في بلادنا يحاول عدد من الشخصيات والجماعات العراقية شق طريق أو خيار ثالث يقوم على ضرورة رفض الحرب على العراق والعمل على إنهاء الدكتاتورية عبر التغيير السلمي .
كيف تنظرون الى هذا الخيار؟ و هل يشكل ضعف النظام المتفاقم بسبب الضغط الغربي عليه عامل قوة لهذا الخيار الثالث ويجعل الخيار الثالث أكثر واقعية ؟
نزار عبدلله: تعاني الشعب العراقي منذ اكثر من عقد بين مطرقة الحكومة الإمبريالية الامريكية وسندان النظام البعثي الدكتاتوري, وهي بأمس الحاجة الى اسقاط السلطة الدكتاتورية الدموية في العراق وانهاء التدخل والعدوان الامريكي عليه ورفع العقوبات المفروضة من قبل الأمم المتحدة على ا لعراق دون قيد او شرط.
انطلاقا من تلك المصلحة أو الحاجة الماسة يجب على القوى السياسية الاشتراكية والتقدمية في العراق الانخراط في تشكيل جبهة السياسية مناوئة لأمريكا, لغطرستها وتهديداتها وعدوانها وفي نفس الوقت القيام بشن حرب شاملة على السلطة الدكتاتورية في العراق وتقويض دعائم القمع والاستبداد الدموي عبر اعداد الجماهير العمالية والكادحة العراقية وتعبئة قواها.
على الرغم من اننا قد اعلنا جهارا ومنذ البدء بكوننا حركة مناوئة لامريكا وقمنا بتوضيح مخاطر التدخل الامريكي والتأكيد على ضرورة التصدي لها ولغطرستها, الا اننا في نفس الوقت لم نتخل عن شعارنا المركزي الا وهو اسقاط النظام البعثي البرجوازي عبر اعداد وتنظيم الجماهير العمالية والكادحة وتعبئة قواهم تهيئة المستلزمات السياسية (التنظيمية والعملية) لتحقيق هذا المهام.
واليوم ونحن على وشك اندلاع فتيل حرب جديدة في العراق نؤكد اكثر من ذي قبل على ضرورة الحفاظ على استقلالية العمل والنشاط السياسي والابتعاد التام عن معسكر اليمين المتطرف المتمثل بأمريكا واعوانها والقطيعة التامة مع النظام البعثي البرجوازي وعملاءها والتمسك بالخيار والخط الثوري حتى النهاية لتحقيق المهمة المركزية المذكورة اعلاه. ان كل ذلك تمثل شرطا سياسيا وجوهرياً لاستغلال الاوضاع السياسية الراهنة وتطوراتها لصالح الشعب العراقي وطموحاتها ومطامحها.
ان التاكيد على اهمية او ضرورة رفض ونبذ الحرب وانهاء الغطرسة والهيمنة الامريكية على العراق تستلزم التأكيد على الشق الثاني والاهم من مهامنا وهي ضرورة شن حرب شاملة وبلا هوادة على الدكتاتورية البعثية في العراق ,حرب يقوم بها الجماهير العمالية والكادحة والقوى السياسية المنتمية اليها غايتها تركيع النظام الدكتاتوري وتقديم صدام ورهطه الملطخة ايديهم بالدماء الى المحاكم الجماهيرية العلنية لنيل جزاءهم العادل.
عليه فاننا لا نؤمن بالخيار السلمي لانهاء مسلسل القمع الدموي في العراق , فالنظام البعثي ليس بأهل لها ومجمل اطروحاتها ليست سوى مناورات لكسب الوقت والالتفاف على المطالب السياسية الاساسية للشعب العراقي والتملص منها. ومهما تزايدت الضغوطات الدولية عليه فانها لاتتوارى عن استخدام اشد الاسلحة فتكا ضد الشعب العراقي ان لزم الامر.
واننا لعلى اعتقاد جازم بأن فرض اصلاحات شكلية او جذرية على النظام الحاكم في العراق لا ولن تتم عبر المساومة او التفاوض والتواصل معها ودخول ما يسمى بتشكيل حكومة وطينة او ماشابه, اطروحات تبغي النطام من ورائها اذلال المعارضة وجني المكاسب والحفاظ على ركائز سلطتها المهزوزة بخاصة عندما يواجه ازمة سياسية خانقة, بل تتم عبر التمسك بالخط الثوري- التصعيدي مع النظام الحاكم بغية تركيعها وتعميق ازمتها بدلا من من مد يد العون والمساعدة لها.
ولاشك بأن تضييق الخناق على النظام البعثي قد تأتي ببعض النتائج المرجوة الا ان ذلك يجب ان تستغل لصالح تنامي دور الشعب العراقي وفرض ارادته واطلاق سراح الحريات السياسية كافة دون القيام بأدنى التنازلات المبدئية او نشر الاوهام بصدد تنازل النظام البعثي سلميا عن السلطة لصالح الشعب العراقي والطبقة العاملة والمسحوقة, اطروحات قد تؤدي في نهاية المطاف ( وقد ادت فعلاً) الى استغلالها من قبل النظام البعثي وامريكا واعوانها في آن معاً وذلك لطمس الحقائق وتشويه سمعة المعارضة الثورية التقدمية و قصم ظهرها.
ان الحيلولة دون اشعال حرب جديدة في العراق ولعب دور فاعل ومؤثر حين اندلاعها او في غضون تطوراتها وتحقيق اصلاحات سياسية وجذرية مثل تاسيس دولة مدنية وعلمانية ، فرض الحرية السياسية غير المشروطة واطلاق الحريات المدنية كافة, وجني المكاسب العمالية او نيل حقوق المواطنة المتساوية ورفع الاضطهاد الطائفي والقومي وكنس بقايا الديكتاتورية والتمييز وغيرها من الاصلاحات السياسية، ان كل ذلك لاتأتي الا كنتيجة ومحصلة لاعداد وتطور وتوطيد انخراط الجماهير العمالية والكادحة في العراق في حلبة الصراع السياسي ولعب دور فاعل في رسم الاحداث تسييرها.
ورغم ماتعاني منه الجماهير العمالية والكادحة من ضعف في الارادة والتصميم, او ما تعاني منه القوى اليسارية (الشيوعية والتقدمية وحتى الوطنية من تشتت وتشرذم, وبالتالي عدم قدرتهم على مواكبة الاحداث في الظرف الراهن او لعب دور فاعل للوقوف بوجهها, الا ان هذا الخيار هو الخيار والبديل الاوحد امامهم وما عليهم سوى تبنيه وتوطيده والالتحام اكثر مما ينبغي مع الجماهير العراقية الثائرة ومع تطلعاتها وطموحاتها.
ان ضعف المعسكر الامبريالي بزعامة امريكا وانقسامها ومأزقها في فرض بديل رجعي سافر او تهرهل عملاءها واعوانها ورجعيتهم وانقسامهم, بالاضافة الى الازمة الاقتصادية العميقة والهيكلية التي تعاني منه الاقتصاد العراقي وعجز البرجوازية واطرافها عن تقديم الحلول المناسبة لها, وطموحات ومطاليب الجماهير العمالية والكادحة المتزايدة في مرحلة مابعد نظام صدام حسين لاحداث تغيير شامل وجذري....الخ, ان كل ذلك تقدم ارضية موضوعية مناسبة لتقدم وتطور وتوسع هذا التيار السياسي المستقل التقدمي والثوري. ولهذا فإن العمل الجدي والدؤوب بغية امتلاكها رؤية سياسية واضحة وتسليحها بمطالب وشعارات عمالية وشعبية واضحة وشفافة كفيل بتحويلها الى سيل عارم وجارف.
واخيراَ فاننا في الوقت الذي نشدد على التمسك بهذا الخيار اعلاه, نبدي استعدادنا التام للتعاون والتواصل مع جميع القوى السياسية التقدمية التي نناضل بلا هوادة ضد السلطة الدكتاتورية في العراق وضد العدوان الامريكي وتدخلاتها اليمينية المتطرفة, انسسجاما مع تاكيدات كونفرسنا الثالث المنعقد في شباط 2002 وقراراتها بشأن انهاء التدخل الامريكي في العراق وضرورة اسقاط النظام البعثي ا لحاكم والحل الثوري للازمة الرأسمالية الهيكلية في العراق.
السؤال الثاني: كيف تنظرون الى قرار الحزب الشيوعي الكردستاني بالمشاركة في مؤتمر المعارضة التقليدية في لندن خلال الشهر الجاري علما بأن الحزب الشيوعي العراقي نفسه وضع تحفظات كثيرة على هذا المؤتمر ورفض المشاركة فيه؟
نزار عبدلله: لاشك بان أهداف ومآرب المؤتمرين في لندن كان, من وجهة نظر أمريكا، إضفاء الشرعية على تهديداتها بشن حرب شاملة على الشعب العراقي، أي كان لخدمة أهداف مغرقة في الرجعية ولها آثار كارثية عليهم. لقد كان مؤتمر لندن التحاقا من قبل المجتمعون فيها بمعسكر اليمين المتطرف بزعامة أمريكا، وهم ابدوا استعدادهم التام للسير في ركابها وخدمة أهدافها وتقديم غطاء شرعي داخلي لحربها وبالتالي الإتيان بحكومة موالية لها.
إن حضور الحزب الشيوعي الكردستاني في تلك المؤتمر وانتخاب سكرتيرها كريم احمد في لجنة متابعتها أيا كان مبرراتها تمثل قفزة أخرى نحو اليمين المتطرف والابتعاد عن اليسار وعن آمال وتطلعات الشعب العراقي. ولهذا فان تلك الخطوة تستحق الشجب والإدانة.
السؤال الثالث : ما هو موقفكم من موضوع نظام الحكم الاتحادي " الفدرالي" في العراق كحل للقضية الكردية؟
نزار عبدلله: بخصوص مطلب الفيدرالية التي رفعها الأحزاب القومية الكردية وأيدتها المجتمعون في لندن في صيغتها السياسية- الشكلية والادارية يجب ملاحظة نقطتين هامتين:
1. إن الشعب الكردي يجب أن يتمتع بحقها في تقرير مصيرها بنفسها، بما فيها حقها في الانفصال وتشكيل دولة خاصة بها.والطريقة الديمقراطية للتعبير عن هذا الحق تتمثل في تنظيم استفتاء شعبي شامل بمشاركة جميع القاطنين في إقليم كردستان لغرض البقاء ضمن العراق او الانفصال وتشكيل دولة مستقلة في تلك الاقليم.
فإذا كان الدولة المركزية في بغداد دولة اشتراكية حيث تتمتع المواطنون في ظلها بالحق المتساوي وحرية إدارة شؤونهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية بأنفسهم عن طريق مجالسهم وتعاونياتهم الجماهيرية والشعبية، أو إذا كان الدولة المركزية دولة ديمقراطية وعلمانية تقر بحقوق المواطنة المتساوية في العراق وتدونه في دستورها، فإننا وفي تلك الحالتين نؤيد، في أي استفتاء تنظم لغرض إنهاء الظلم القومي على الأكراد، البقاء ضمن عراق موحد ديمقراطي تتمتع فيها المواطنين كافة بحقوقهم المتساوية أمام القانون وتتمتع الاقليات القومية بالحقوق الثقافية والإدارية. أن إقرار هذه الحقوق تمهد السبيل وتقدم أرضية مناسبة للتمثل والانصهار القومي وغلبة الهوية الانسانية على الهويات القومية والاثنية والطائفية، وتوطد اكثر فاكثر الاحساس بالانتماء إلى هوية انسانية مشتركة بدلاً من هويات قومية وطائفية زائفة.
2. غير ان الإقرار بالفيدرالية بحد ذاته لا تعني الإقرار بحق الشعب الكردي في تقرير مصيرها بنفسها بل هو في اغلب الاحيان محاولة لتمويهها والتملص منها والالتفاف حولها. ولعل خير مثال على ذلك هو ان المؤتمرين في لندن علاوة على التملص من الحل الشامل والكامل للقضية الكردية ومن الحق المذكور أعلاه لم يقروا حتى بحق الشعب الكردي في اختيار الفيدرالية ضمن استفتاء شعبي تنظم لهذا الغرض.
ومن جهة أخرى ان كان الفيدرالية تعني تمتع الأحزاب الكردية القومية وقياداتها بحفنة من الامتيازات السياسية والإدارية في إقليم كردستان أو في إطار الحكومة المستقبلية في العراق، فان ذلك لا يجمعها أي جامع مع مطلب الشعب الكردي الا وهو إنهاء الظلم والاضطهاد والتمييز القومي والتمتع بحقوقهم المشروعة. فقد تمتع القيادة الفلسطينية وحركة فتح في اطار ما يسمى بعملية السلام بعدة مكاسب إدارية وحكومية وبالحق في الحكم الذاتي و إدارة شؤونهم في بعض مناطق إلا أن ذلك لم يمنع السلطة الإسرائيلية اليمينية من الانقضاض عليه وتشديد وتيرة الاحتلال والاضطهاد القومي.
ولكن ومع تايدنا التام للحل الشامل والحاسم للقضية الكردية في كردستان واقرار حق الشعب الكردي في تقرير مصيرها بنفسها الا اننا لانناهض الخطوات والحلول السياسية التي قد تؤدي الى تخفيف الظلم والاضطهاد القومي وتمهد سبيل حلها الحاسم والنهائي في الامد القريب.