أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين سميسم - بنوك الاخوان















المزيد.....

بنوك الاخوان


حسين سميسم

الحوار المتمدن-العدد: 5425 - 2017 / 2 / 7 - 23:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بنوك الاخوان
المقالة الخامسة
التحق السلفيون مؤخرا بركب البنوك الاسلامية ، واستقطبوا بسرعة تتناسب مع امكانياتهم المالية افضل الكفاءات من اساتذة جامعات ومن فقهاء لدراسة الاقتصاد الاسلامي وتقديم المقترحات لعمل البنوك دون الدخول في مشكلة الربا ، او بالاحرى البدء بشق طريق آخر لايمت شكلا للبنوك الرسمالية التقليدية ، ووضعوا آلية عمل البنوك على المشرحة ورفعوا اسماء المعاملات البنكية وبدولوها بأسماء تناسب المصطلحات الواردة في النصوص القديمة كالمرابحة والمضاربة والعينة والتورق والتأجير بدل القروض والفوائد والوديعة والعائد ، وظلت الاهداف والمقاصد موحدة وهي تحقيق الربح .
اشترك في عملية اعادة التسمية مجموعة من السلفيين ممن اشترك بالحركة السياسية خلف حركة الاخوان المسلمين المتسلفة ، حيث تواجد الكثيرون من الاخوان في دول الخليج خلال الحقبة الناصرية ، وولدت من هذه الخلطة مجموعة جديدة متكونة من اصحاب المال ومن اصحاب مشاريع التدين السياسي ، وظهرت من هذا الخليط مراكز مالية كبرى هي البنوك الاسلامية كما خرجت في نفس الوقت من تحت عباءتهم معظم الحركات الاسلامية المتطرفة ، فتجمع التركز المالي والتطرف الجهادي واصبح الاول في خدمة للثاني ، فقد التقى الفكر الديني السياسي بالمؤسسة السلفية المتمترسة بمال النفط ، وغذى حركة الجهاد ، فانتج قوة بديلة لحركة التحرر الوطني العربي وحركات اليسار المختلفة واكتسح الساحة الشبابية موفرا لهم عملا ومالا ومشاريعا سياسية .
شيد السلفيون من الاخوان مراكزا دينية خاصة بهم للاانفصال عن المراكز الدينية الرسمية كالازهر ، وكونوا بدائلا مرجعية اممية تنافس الازهر وتحل محله ، وهي خطوة مهمة تبيح لهم الفتوى من غير المرور بالازهر وتنافس المراكز الجديدة وتتفوق على فتوى المراكز الرسمية المرتبطة بالسلطة ، وهم يعلمون ما للفتوى من تأثير على المجتمع ، لان الفوز بالساحة الاقتصادية لايكتمل الا بالاستحواذ على الساحة الفكرية والدينية ، فقد بدأ التشكيك بكل الاحكام الصادرة من الازهر ، واصبح الهجوم على ممثليه ورموزه سياسة يومية ، واخترقوا المؤتمرات الاسلامية التي اصبحت قراراتها واحكامها بدائلا عن مرجعية الازهر ، واختطوا طريقا فكريا متطرفا عماده الطائفية الدينية والتزمت الديني والتكفير ، وشنوا حملة شعواء ضد الدول التي لا تدين بالاسلام السلفي ، وكانت احدى مفردات حملتهم الهجوم على البنوك الحكومية والعقارية والزراعية والصناعية باعتبارها بنوكا ربوية يحرم التعامل معها ، وطلبوا من الذين تلوثت ايديهم بالفوائد البنكية الحكومية او ممن لديهم حسابات فيها التوبة وعدم الرجوع لممارسة هذا الاثم .

استخدم شيوخ الفضائيات كل الوسائل الاعلامية في الهجوم على البنوك الحكومية للدعاية لما يسمى بالبنوك الاسلامية التي تزايدت باعداد قل نظيرها حتى بلغت حوالي 500 بنكا ، ويوجد برنامج يسمى (دين ودينار ) في احدى الفضائيات يستضيف رؤساء اللجان الشرعية في البنوك للدعاية للبنوك الاسلامية ، وهي دعاية مركزة ترهب الناس وتجعلهم على شفا جهنم لو لم يضعوا اموالهم في تلك البنوك الاسلامية ، ويخلق هذا البرنامج في نفس الوقت رأيا اجتماعيا مفروضا هدفه ردع الناس عن الدخول الى دائرة ما لا يرضاه شيوخ البنوك ، ويشيع ثقافة الحلال والحرام في كل خطوة وحركة ، فيرتبط المواطن اجتماعيا ونفسيا ودينيا بهؤلاء وينسى ان هدف البنك هو الربح ليس الا .
لقد كان هدف الهجوم على كل البنوك الاهلية والحكومية التي لم تخضع لسلطانهم هو الانتصار دينيا وشرعيا على تلك البنوك من جهة ومن جهة اخرى رفع شأن البنوك الاسلامية لزيادة مدخراتها ورفع عائديتها وارباحها ، وهو الهدف الاساسي ، فاضطرت بعض البنوك لفتح شبابيك اسلامية في فروعها لصد هذا الهجوم وتدارك اوضاعها . وقد افتى فقهاء البنوك الاسلامية بتخصيص جزء من عائداتها لحركة الجهاد ، كما طلبوا من المتأثرين بالتدين السياسي ممن لديهم حسابات ربوية في اوربا وامريكا بالتبرع بفوائدها لحركة الجهاد في تلك الدول . ( انظر علي السالوس الاقتصاد الاسلامي . القضايا الفقهية المعاصرة ص 640) . كما لعبت عوامل خارجية اخرى في شيوع البنوك الاسلامية منها اقدام ضياء الحق على تحويل كل بنوك الباكستان الى بنوك اسلامية ، وحذا السيد الخميني وعمر البشير حذوه ، ورغم مرور اكثر من اربعة عقود على انشاء البنوك الاسلامية مازالت تجربتها متعكزة على البنوك العادية بسبب العوامل التالية
: 1- مازالت البنوك المركزية ( التي تتعامل معها كل البنوك ) تتعامل بالفائدة وتحدد قيم الفائدة العامة ، وتخضع البنوك المحلية لوضع جزء من اموالها كوديعة ربويةعند البنوك المركزية .
2- تتناسب هذه البنوك مع الاقتصاد البسيط غير المعقد ، وتشبه ادارتها الى حد كبير ادارة بيت مال المسلمين .
3- يعين البنك الاسلامي مجلسا شرعيا يراقب توافق المعاملات البنكية مع الشرع الاسلامي ، ولغرض تمرير المعاملات المختلفة لابد من المرور على المجلس الشرعي الذي يقرر خلوها من الحرام فيعتمدها البنك . وهذه العملية ليست سهلة وتحتاج الى توضيح اكثر كما يلي :
يوجد لكل بنك مالك ومساهمون ، ويهدف مالك البنك تحقيق الارباح ، وبعكسه يتحول البنك الى جمعية خيرية لا تهدف للربح ، ويتحقق نجاح البنك بالسيطرة على السوق التجارية والصناعية وذلك بكسب اكبر عدد ممكن من الزبائن ممن يريدون وضع اموالهم في البنك او استثمار اموال البنك في مشاريعهم ، والبنك لا يعمل بمفرده حيث ، تنافسه بنوكا اسلامية او حكومية واهلية اخرى ، لذلك يسعى الى جلب الزبائن باتباع طرق عديدة نذكر منها : -- تحريم العمل والتعامل مع البنوك التي لاتدعي اسلمة معاملاتها وهي البنوك الحكومية والعقارية والزراعية والتجارية وسحب البساط الشرعي من تحتها ، والغرض معروف وهو الضغط الديني الشعبي على المودعين لسحب اموالهم من تلك البنوك وتوظيفها في البنوك الاسلامية ، وقد كرست بعض البنوك الخليجية برامجا تلفزيونية عديدة تخص تحريم التعامل مع البنوك غير الاسلامية ، وهي تستخدم شيوخ الفضائيات في تلك البرامج . -- الاعلان عن تشكيل لجنة اسلامية استشارية من خارج البنك في بعض الاحيان ، وثابته ( موظفين ) في احيان اخرى ، ومن المهم ان تكون صور اعضائها واسمائهم تزين باحة البنك لخلق مسحة من القدسية والشرعية على عمل البنك ، ويستخدم البنك اسماءا لامعة توفر الاطمئنان للمودعين ، ويحبذ ان يكون على راس اللجنة احد شيوخ الفضائيات ، وكان القرضاوي على رأس عشر لجان مرة واحدة ، وهو بهذه المهمات الكثيرة سوف لن يدقق معاملات البنك لان وجوده هو فقط لاعطاء مسحة اعلامية من الحلال والطمأنينة للزبون ، وهي ميزة تتنافس بها البنوك الاسلامية مع بعضها ، وكلما كان اسم المستشار الشرعي معروفا امكن جذب اكبر عدد من الزبائن الى هذا البنك . يختار البنك لجانه الشرعية في الغالب من العناصر اللينة وليست الدينة ( حسب تعبير د. رفيق المصري )، ممن يبصمون على شرعية المعاملات البنكية التي تحقق ارباحا تبرر تعيينهم وتحلل( رزقهم ) ، خاصة وان الرواتب التي تتقاضاها اللجان الشرعية هي من ارباح البنك ، ومتى ما تعارض الشرع مع الربح فان الربح هو الاقوى في تلك المعادلة ، ومن اجله شيد البنك .
وفي مثل هذه الحالة تتحمل اللجنة مسؤولية اقرار عدم حرمة المعاملة البنكية حتى لوتعارضت مع الشرع ، وفي مثل هذه الحالة يجب على المستشار الشرعي اكتشاف حيلة شرعية لتمريرها ، واصبحت البنوك الاسلامية ميدانا للمنافسة بين الحيل الشرعية ، وبذلك يصبح العضو اللين مطلوبا للعمل ، ويستبعد عضو اللجنة الدّين الذي يسبب خسائرا للبنك .
ومن المشاكل التي تعانيها البنوك الاسلامية هي نقص مؤهلات عضو اللجنة ، حيث لا نجد من جملة اعضاءها من تأهل وحصل على شهادة بالادارة والاقتصاد مع شهادة معترف بها بالشريعة الاسلامية ، وهي مشكلة تصبح اللجنة الشرعية معها ديكورا يزين واجهة البنك فقط ، وتكون اراءها غير ملزمة لان مدير البنك هو صاحب القرار وهم تابعون . ان اللجان الاستشارية محددة بين حد الربح الذي من اجله شيد البنك وبين رضى الله عن صحة المعاملة ومطابقتها لاوامره الربانية وخلوها من الحرام . وبينهما مسافة خالية من نصوص وسنة ، وقد توجد نصوص عامة يستحيل معها الاستدلال على ارادة الله في شرعية معاملة تجارية حديثة هدفها الربح . وهذه المشكلة تواجه المستشار الشرعي وتجعله يتحرك بين ارادتين ارادة مدير البنك وارادة الله ، وهو موظف عند مدير البنك ، فيقترح وضع المال المستثمر بصيغة ظاهرها حلال وباطنها الربح ، فيجمع المستشار التخريجات الشرعية التي اجتهد بها الفقهاء وهي اجتهادات يظنون بان الله يرضى بها ، فيتابع حركة المال وشرعية العقد من يوم وضع الزبون وديعته في البنك ، فيختم على العقد بموافقته للشريعة الاسلامية ، وبسبب تكرر شكل الودائع ومعرفة البنك المسبقة بتوافق العقد مع الشريعة الاسلامية اصبحت المعاملة روتينية وليست بحاجة الى رأي المستشار ، لكنه يضع الختم لكي يمنح الزبون صكا شرعيا يبعده عن جهنم ، وسيبقى ختم المستشار الشرعي من الروتين المصاحب لهذه العملية ، كما يكلف المستشار بدور آخر وهو امامة الموظفين وقت الصلاة ووعظهم وتذكيرهم بعذاب جهنم . وفي المقالة القادمة سألقي الضوء على آلية عمل البنوك الاسلامية .
يتبع
حسين سميسم



#حسين_سميسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البنك اللاربوي في الاسلام
- مبررات الانتقال من الحرام الى الحلال
- الربا بين الحرمة والاباحة
- مشكلة الربا
- ملكة هولندا الجديدة
- النسئ
- الأشهر الحرم
- مشكلة التقويم الهجري
- القران الكريم دراسة تاريخية حديثة
- دين السلطة
- دين العنف
- تضخم الدين
- دين الرحمة
- تنقيط القرآن تنزيل أم اجتهاد
- فضائيات الفقراء
- حرائر تونس يحملن مشاعل التنوير
- من يتذكر ابكار السقاف
- جذور التطرف الديني
- رشيد الخيون والتطرف المسالم
- الشخصية المحمدية بين العقل والنقل


المزيد.....




- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين سميسم - بنوك الاخوان