|
القرن الأفريقي ، الصومال نموذج مبكّر ودائم التجدد .
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5424 - 2017 / 2 / 6 - 23:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مروان صباح / قبل هذا التاريخ 1920 م ، كانت بريطانيا وزميلاتها ، قد شنوا حروب متوالية من أجل السيطرة على الصومال والقرن الأفريقي ، وبعد مؤتمر برلين 1884 م ، وإخفاق جيوش أوروبا في إنجاز المهمة ، كررت بريطانيا المحاولة ، لكن آنذاك ، اعتمدت على سلاحها الجوي المتطور ، الذي حسم المعركة وأطاح بالدولة الدرويشية ومؤسسها محمدعبدالله حسان ، وبالفعل ، تمكنت منذ ذاك التاريخ ، وضع الصومال ، الواقع في شرق القرن الأفريقي ، بين أمرين لا ثالث لهما ، الاستعمار أو الحروب الأهلية ، ويمتلك الصومال أطول حدود برية في القارة ، وتُعتبر مقديشو ، مدينة الاسلام سابقاً ، مركز تجاري هام للدول العربية وغيرها ، اشتهرت بتجارة الذهب والتوابل وغيرهما ، لكن ما يثير الاهتمام والقلق معاًً ، ذاك الاجحاف الدولي اتجاه بلد فقير أو كان أفقاره واحد من أهداف الغرب ، وأصبح بفضل تدخلات متنوعة ، يتربع على شفير الهاوية ، وبعد تراجع الهيمنة البريطانية والدول الأوروبية ، لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية ، تولي اهتمام كبير بالصومال ومنطقة القرن الأفريقي ، بل ، اعتبرتها تاريخياً حصة أوروبا مِنْ التقسيم العالمي والفرنسي على الأخص ، لكن ، تبدلت الأمور بعد علمليات القاعدة في نيويورك وواشنطن واحتلال افغانستان وظهور الفكر الشتراوسي من جديد ، اعادت واشنطن ترتيب اهتماماتها وكثفة جهودها في السيطرة على القرن الأفريقي .
يعتبر الصومال بلد منسي ، رغم عروبته الفطرية ، فَهُو عضو في الجامعة العربية وعضو كذلك في الاتحاد الأفريقي ، لكن ، منذ زمن بعيد ، وضعته القوى الاستعمارية تحت المجهر ، وعملت على استخراج منه وتحويله نموذج ، من أجل تعميمه في دولة أخرى ، هي مسجلة على قوائم الاستعمار ، وهنا نجد أن العرب والمسلمين ، لم يتحركوا لنجدة الشعب الصومالي من المجاعة والأمراض أو إيجاد حلول سياسية ينهي الصراع الداخلي أو الحدودي ، التى فتك بالصوماليين ، بل ، لم يستوعبوا الدرس الصومالي ، أبداً ، واستكفوا بالتفرج على تفكيكه واشعال فيه الصراعات ، كأنه من كوكب أخر ، معتقدين بأن الخراب سيقتصر فقط على الصومال ، دون الإكتراث ، بأن الهدف كان ومازال ، هو ، صوملة المنطقة العربية ، وهذا حدث ويحدث تماماً في المنطقة ، ومازال الدرس عصي على الفهم ، أو أن ، الاستدراك غير وارد ، حتى في ذروة الانخراط في صراعات مختلفة ، فالواقع العربي يظهر عن عجز في إمكانية التحرك أو صنع مضادات بديلة ، بهدف التصدى للمشاريع التفتيت ، عبر ، ما يسميها الغرب بالحروب الأهلية ، في المقابل ، بادرت تركيا عام 2006 م ، في عهد اردوغان ، الانتشار في القرن الأفريقي ، وأسست ، لعلاقة مع حكومة شيخ شريف ، رئيس المحاكم 14 عشر ، وكان لها في مدة قصيرة ، أن تزاحم أمريكا وأوروبا في هذا القرن ، الشائك ، وبالفعل ، سياسات احمد اغلو ، راسم السياسة الخارجية التركية من جديد ، دعمت شيخ شريف ، وأبدت نجاح ملحوظ ، كانت تهدف إلى بناء مستقبل سياسي على معظم البلاد ، لكن ، لم يروق لواشنطن كل ذلك ، فدفعت باثيوبيا من أجل أن تتدخل مجدداً في الصومال ، وحرضت أيضاً ، مجموعات داخل الصومال من أجل أن تقاتل حكومة شريف ، وبالتالي ، اسقط التدخل الاثيوبي مشروع النهوض بالصومال من ركام الصراع والحروب .
يُعتبر الصومال خط متقدم في القرن الأفريقي ، بالإضافة طبعاً ، لموقعه التجاري ، وهذا ، سبب رئيسي يجعل القوى الاستعمارية ، حريصة على إبقائه في صراع دائم وغير مستقر ، على الأخص ، بعد اختراع ما يُسمى بالارهاب الدولي ، مصطلح حتى اليوم ، لا يوجد له محددات وهناك تنصل دولي حول ظهوره أو انتشاره ، لكن ، تستخدمه الولايات المتحدة ومربعها كذريعة لتنفيذ عمليات قتالية وتدميرية ، كالتي فقدت فيها 34 جندي داخل مقديشو ، في مقابل ، أدت ذريعة الارهاب ، بدفع الأمريكيون بقتل 10 آلاف من الصوماليين ، إلا أن ، كل هذه الذرائع تندرج في معرفة واشنطن ، بأن الصومال والمنطقة المحيطة به ، جبوتي وإثيوبيا وإرتريا ، تطل على خليج عدن وتشرف على باب المندب وتقابل دول النفط الخليجية وتتاخم مع بحيرات من الماء والمعادن ، وقد كانت سوزان رايس أدخلت على المجلس الأمن القومي فكرة مشروع ، إضافة السودان واليمن للقرن ، بهدف السيطرة على ممراتها المائية وصولاً إلى قناة السويس ، لأن ، الولايات المتحدة وإسرائيل تعلمان بأن القرن الأفريقي هو منبع نهر النيل ، لهذا ، تعمل واشنطن وتل ابيب بهدوء ، على مستويين ، إشعال القرن بحروب أهلية ، في المقابل ، تمول مشاريع تهدف في تقليل وخلق أزمة مائية لمصر والسودان ، التى بدورها تعطل عملياً التنمية القومية .
في السياسة هناك أعمدة ، وقد تكون جميعها اليوم سقَطْت ، لهذا ، العلاقة بين الولايات المحتدة ، على وجه الخصوص ، بعد تسلم ترامب وطاقمه الذي سيُدير الإدارة الأمريكية ، الشتراوسية من جانب والاتحاد الروسي من جانب أخر ، والدول العربية في المقابل ، تبدلت وأصبحت مقتصرة على علاقات أمنية ، استخباراتية ، منقسمة بين مكافحة الارهاب ومحاربته ، أما القضايا السياسية ، تعتبر واشنطن ، الدول العربية ، غير مؤهلة لمناقشتها ، وهذا يؤهل مثل تركيا وإيران وإسرائيل ، الصعود إلى مستوى مناقشة الملفات السياسية العربية وما يجري في سوريا والعراق ليس سوى مثال للقادم ، فمتى يدرك العرب أن خلافاتهم ، اضاعت فلسطين وأضاعوا العراق وسوريا ولبنان والسودان والصومال وافغانستان . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولتين بين الاحتمال والمستحيل ، مخرجات مؤتمر فتح من السادس
...
-
مائة عام من الفشل والافشال ، جغرافيا مسموح استباحتها .
-
استبدال قطرة النفط بحبة الذرة ، انتقال من مرحلة الاستخراج وا
...
-
فرز محور الشر ، بين نوايا الأمريكية الحسنة والنوايا السيئة.
-
لبنان على حاله ، رئيس الجمهورية والحكومة ، خيبة اللبنانيين و
...
-
أمة المال والاقتصاد ، نقص في البشر وفائض في المال
-
عودة بوتين من برلين للثأر من واشنطن
-
مصير الرأسمالية والليبراليين مقابل اشباه الرأسمالية ومصائرهم
...
-
روسيا تقف على عتبة إعادة المشروع النهضوي ، دون بطاقة مرور .
-
ثنائية عرفات ودرويش
-
الدولة الوطنية ، أمام تحديات المشاريع الإقليمية والدولية
-
تحديات الدولة الوطنية أمام مشاريع إقليمية ودولية
-
محمد علي كلاي ، من رياضي القرن إلى تلميذ في المدرسة الأشعرية
...
-
حرب حزيران 1967 م كانت فاصلة وتعتبر بمثابة معركة اجنادين ..
-
الملك عبدالله الثاني يطرق باب البيروقراطية الأردنية ..
-
القاسم المشترك بين المسلمين الموريكسيين واليهود السيفارديم ،
...
-
غزو فكري مكمل للغزو العسكري والانتصار للتكنولوجيا ، مقابل ،
...
-
لم يعد النفط صالح للتهديد ، لكن هناك أسلحة آخرى بديلة
-
احذروا من اتحاد مصالح العرب ...
-
مرحلة تمكين إسرائيل إقليمياً ،، وفلسطين انتقلت من المقدس الي
...
المزيد.....
-
وزارة الصحة في غزة تكشف عن آخر حصيلة للقتلى خلال 295 يوما من
...
-
قتلى وعشرات الجرحى في هجوم صاروخي بالجولان.. وإسرائيل تتهم ح
...
-
الرئيس الإسرائيلي: حزب الله -قتل بوحشية- أطفالا في الهجوم عل
...
-
حزب الله ينفي ضلوعه باستهداف مجدل شمس الذي أدى لمقتل وإصابة
...
-
إيطاليا: إعادة فتح -طريق الحب- في الأراضي الخمس بعد سنوات من
...
-
هل كانت أوكرانيا تخطط لضرب العمق الروسي دون علم أمريكا.. اتص
...
-
إسرائيل تتوعد برد قاس وحزب الله ينفي مسؤوليته عن استهداف مدن
...
-
أردوغان: تركيا تنتظر اعتذارا من محمود عباس
-
وزير الداخلية الإسرائيلي: الرد على قصف مجدل شمس لن يكون أقل
...
-
مجازر غزة..هل يسعى نتنياهو لإطالة الحرب؟
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|