|
آفاق معركة الشعوب مع - الترامبية - الأميركية
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 5424 - 2017 / 2 / 6 - 13:18
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
أثار ظهور " دونالد ترا مب " المليار دير الأميركي ، في أوساط المضاربات العقارية ، والمصرفية ، والسياسية ، ، كمرشح للرئاسة في الانتخابات الأميركية ، أواخر عام 2017 ، أثار ردود فعل جماهيرية أميركية غير مسبوقة ، كشحصية متميزة بالتحدي والاستفزاز للآخر ، ومنذراً العالم .. بعالم رأسمالي غامض غير مألوف للمواطن الأميركي .
وبعد فوزه في الانتخابات ، مقابل السياسية العجوز " هيلاري كلينتون " ، المرحبة ببناء التنظيمات الإرهابية المسلحة " القاعدة " وغيرها ، وانتقال أنشطتها ، إلى بلدان أخرى خارج أفغانستان . بعد وصول " ترامب " للرئاسة ، تضخمت شخصيته ، ، وتضخمت معها الاحتجاجات .. وانتقلت إلى أوربا ، وإلى المناطق المشتعلة ، ذات الاهتمام الأميركي الاقتصادي والعسكري ، والاستراتيجي في العالم ، وفي مقدمها البلدان ، التي كانت ضحية استهداف " الربيع العربي " المعبر عن أسوأ تجليات " الفوضى الخلاقة " الأميركية ، التي جاء بها المحافظون الجدد في الحزب الجمهوري ، إلى الشرق الأوسط . بمعنى أن " ترامب " صار شخصية عالمية مستفزة ، ليس بالتوصيف الشخصي وحسب ، وإنما بالتوصيف السياسي الدولي .
وصار يشكل رمزاً لمرحلة دولية تجاوزت مرحلة ، ما سميت ، ابتداء من أول القرن الحالي " العولمة " وكرس على أطلالها .. وأطلال ما هدمته ، عند وأثناء نشوئها ، من قيم إنسانية ، وأيديولوجيات ، ونظريات اشتراكية ، وطموحات قومية ، ما يمكن اعتبار هذا التجاوز ، سياسة " ما فوق العولمة " بتوصيف " ترامبي " بامتياز . ومنذئذ ، بدأت " الترامبية " تلعب دوراً كاشفاً للصراعات الدولية ، والحروب القائمة ، والتي يستفز الآخرين لتوسيعها .. أو إشعالها . كما يفعل مع سوريا وإيران ، عبر لعبة بناء نظام أميركي عالمي رأسمالي جديد . وذلك على أنقاض إمبراطوريات تمخضت عن انهيار المعسكر الاشتراكي في أواخر القرن الماضي ، وكبرت بالهيمنة التامة على اقتصاد ومصائر الشعوب ، وأبرزها ، الاتحاد الأوربي ، واليابان ، وروسيا ، والصين ، والولايات المتحدة ، وكندا .
ويمكن اعتبار مرحلة " الترامبية " إلى حد ما ، شبية بمرحلة " يلتسين " ، الانقلابية التحويلية في روسيا ، مع اختلاف كبير في الشخصية ، والخيارات والمسارات . كان " يلتسين " أداة مأجورة مرتزقاً ، للرأسمالية الروسية المتحفزة لاستلام السلطة ، فيما " ترامب " قائداً مالكاً لأدوات التغيير ، وثرياً تغنيه ثروته عن الجري وراء الارتزاق ، وتمنحه حرية الخيارات والمسارات ، حول شؤون العالم . وحين تأخذ الأمور أبعادها . وترسم الخرائط السياسية للدول ، والقارات ، والعالم ، ويأخذ العالم وضعه الرأسمالي المطلق الجديد .. ستدفع الشعوب المغلوبة ، المهمشة ، ثمناً غالياً .. من الضغوط .. والعقوبات .. والحروب بذرائع مزيفة .
إن ما انتشر إعلامياً وسياسياً ، في أميكا ، وأوربا ، والعالم ، في توصيف " ترامب ، ومن تعليقات على تصريحاته ومواقفه ، في الحملة الانتخابية ،وبعد فوزه بالرئاسة ، يؤكد ما قلناه آنفاً .. ولعل الأبرز فيه :
- ما يقوم به " ترامب " ، سياسة انقلاب ، وليست سياسة عهد جديد بعد انتخابات . - يشترك " ترامب " في توصيف واحد ، مع نتنياهو ، وداعش . - يمثل " ترامب " الخطر الثالث على " القارة .. مع بوتين .. والبغدادي - " ترامب نسخة أميركية من أدولف هتلر .
عزز هذه التوصيفات ، تهديدات " ترامب " الصدامية لإيران ، حول تجاربها الصاروخية ، وحو إلغاء اتفاقها النووي مع القوى الدولية . وتهديداته الجادة لسوريا ، بإقامة مناطق آمنة فوق أراضيها هي أشبه بالاحتلال . وثالثة الأثافي .. حظر دخول مواطني سبع دول شرق أوسطية إلى أميركا . وتشكل هذه التهديدات لدى ممارستها ، تهديداً للاستقرار والسلام في الشرق الأوسط .. وإسرائيل ترحب .
إن ما تعنيه " الترامبية " الأميركية بإيجاز .. للعالم ، هو إعادة اعتبار وبناء النظام الأميركي والعالمي ، وفق مخططات لا تستبعد استخدام القوة المفرطة ، لتصيانة وترسيخ الرأسمالية ، بحيث تكون قادرة .. في أي زمان .. ومكان .. على سحق الخروقات القومية المحتملة للشعوب المتمردة .. والخروقات والتمردات الاجتماعية للطبقات الاجتماعية المستغلة .. المضطهدة . وما يعنينا نحن العرب بالذات في " الترامبية " ، هو عداؤها لحقوقنا ومصائرنا ووجودنا .. وانحيازها لعدونا الكيان الصهيوني .
والسؤال الآن .. كيف نقاوم " الترامبية " الأميركية .. التي تمثل الفاشية الأكثر خطراً على مصالحنا وقضايانا .. القومية .. والاجتماعية .. والإنسانية ؟ .. سيما ونحن نخوض حرباً شرسة ، فرضها علينا الإرهاب الدولي وعلى رأسه أميركا ، وأضاف إليها ما أسمها حرب " المناطق الآمنة " . ونكابد في آن ، بسبب الحرب خاصة أسوأ مستوى معاشي عرفناه في تاريخنا المعاصر .
وبما أن الهيمنة الرأسمالية لا تقاوم بالمزيد من الخضوع لها والانخراط فيها ، وأن تحرير الوطن ، والقضاء على الظروف المعاشية القاسية ، لا يتحقق بالاستسلام للإرهابيين المعتدين .. وأن التصدي " للترامبية " الأميركية ، لا يتم ، ونحن في هذه الحال من الانقسام ، والخواء الوطني ، والقومي ، والسياسي ، والفكري .. فإن المطلوب .. هو تحقيق الوحدة الأولى .. الوحدة الوطنية . وتحقيق الوحدة الأعلى .. الوحدة القومية .. ضمن إطار علمي ، من الديمقراطية والعدالة الاجتماعية المفتوحة على الاشتراكية . التي تبقى ، رغم " ترامب " وعالمه المتصارع ، على استغلال الطبقات الاجتماعية الفقيرة ، التي لا تعيش إلا من بيع قوة عملها ، وعلى نهب الشعوب المفوتة المهمشة .. تبقى ــ أي الاشتراكية ــ هي الجواب المطابق لسؤال البؤس ، وتبقى المعبر بصدق عن العدالة الاجتماعية التي تصبو إليها الإنسانية كلها .
ورغم جبابرة الإمبريالية ، التي لعبت دوراً كبيراً في انهيار المعسكر الاشتراكي .. تبقى الاشتراكية أيضاً مثالاً حياً يستحق النضال لإعادة بنائه وتكراره . وتكراراً بصيغة أخرى .. أن معركة الشعوب مع " الترامبية " الأميركية .. ليست هي تصليب وتزيين الرأسمالية . وإنما هي معركة استبدالها بنظام مغاير ، هو ليس أقل من الاشتراكية .. التي تقدمت مشهد التاريخ في القرن الماضي .. وينبغي أن تعود .
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشعب السوري هو صانع الدستور
-
أخي السوري ارفع رأسك - إلى الفوعة وكفريا
-
هل تنجح - أستانا - وبعدها إلى جنيف ؟
-
فرصة الشرف
-
ثيران بلفات .. وأشياء أخرى
-
كل عام وأنت بخير يا حلب
-
في التحرير والتسوية والطبقات الشعبية
-
الاستحقاق السياسي المطروح بعد تحرير حلب
-
حلب تنتصر .. وستكمل الطريق
-
العقيدة السياسية ومسؤولية تحرير الوطن وحمايته
-
حلب تتحرر .. وتتوحد ... ( مرة أخرى )
-
بين نداء السلام وقذائف القصف الوحشي
-
كل ما في الأمر
-
الطريق إلى عرش الشيطان
-
الحل السياسي ليس الآن .. سوريا إلى أين
-
المرآة الكاذبة
-
سوريا في غمرة التحولات المصيرية
-
معنى الحرية إلى المهجرين
-
متاهة السياسة الدولية الجديدة وتداعياتها
-
حلب تتحرر .. وتتوحد .. وتجدد
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|