|
المحكمة الاتحادية العليا في ذكراها الثانية عشر(عطاءٌ دائم وإنجازٌ رائع)
القاضي سالم روضان الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 5423 - 2017 / 2 / 5 - 16:49
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
المحكمة الاتحادية العليا في ذكراها الثانية عشر (عطاءٌ دائم وإنجازٌ رائع) تمر هذه الأيام الذكرى الثانية عشر لتأسيس المحكمة الاتحادية العليا حيث ظهرت إلى الوجود بموجب الأمر رقم 30 لسنة 2005 الذي صدر بتاريخ 24/2/2005 وخلال هذه الحقبة الزمنية أصدرت المحكمة قرارات كثيرة منها ما يتعلق بالقضاء الإداري عندما كانت تنظر تمييزا بقرارات محكمة القضاء الاداري ومنها ما يتعلق بالطعن في عدم دستورية القوانين النافذة وأخرى في تفسير المواد الدستورية التي كانت محل لبس لدى من طلب التفسير أو كانت محل خلاف بين الجهات ذات العلاقة وعلى امتداد اثنا عشر عام أرست المحكمة الاتحادية العليا ثوابت دستورية أسهمت في تكوين شكل الدولة العراقية الحديثة بما يتلائم وروح الدستور النافذ، كما أسهمت كثيراً في تشكيل وصياغة النظام الدستوري في العراق وحافظت على مبدأ سيادة القانون من خلال تعطيل النصوص القانونية التي تتعارض مع المبادئ الدستورية الواردة في دستور عام 2005 النافذ، والمتابع للقرارات والأحكام التي أصدرتها سيجد إنها عطلت نصوص قانونية لأسباب تتعلق بالشكل الدستوري لصدورها أو لتعلقها بموضوع الأحكام الواردة فيها، فضلا عن دورها في سد النقص التشريعي في بعض القوانين التي طالها الإغفال التشريعي، وعلى امتداد عمرها القصير نسبياً كان لها اثر كبير في تحقيق منجز فقهي يتعلق بالقضاء الدستوري فاق عمل العديد من المحاكم الدستورية في بعض البلدان المجاورة أو والمماثلة لنظام الحكم في العراق، كما أثنى الكثير من فقهاء القانون الدستوري في الوطن العربي وخارجه بالعطاء الثر لعمل المحكمة، مما يدعو الجميع إلى التفاخر بوجود قضاء دستوري عراقي له سمات خاصة تتناسب وطبيعة نظام الحكم في العراق وينطلق من استقلاله التام وحياده وموضوعيته تجاه القضايا التي نظر فيها ولو لم تكن الكتيبة الفقهية المتمثلة بقضاة المحكمة الاتحادية العليا على قدر عالي من المسؤولية والحكمة والتجربة القضائية الطويلة لما كان لنا هذا المنجز الفقهي الكبير ولابد من الإشارة إلى الرجال الذين أسهموا في هذا الانجاز الفقهي وهم أعضاء المحكمة الاتحادية العليا وعلى رأسهم معالي الرئيس القاضي مدحت المحمود فضلا عن توليه إدارة مجلس القضاء الأعلى منذ تشكيله ولغاية الشهر الماضي وكان لوجوده على رأس السلطة القضائية وإدارتها اثر في بقاء ساحة العدل دون الانحياز أو الميل نحو الأهواء السياسية، إذ تحملت الإدارة ممثلة برئيسها القاضي مدحت المحمود احتواء الصدمة والهجمات التي تعرض لها القضاء، والتي لم تتوقف إلى الآن وكان لشخصيته اثر بالغ ومؤثر في احتواء الأزمات وإدارتها إذ يتمتع شخص القاضي مدحت المحمود بمزايا كان لها دور في تحقيق المنجز واستقبال القادم، وقال فيه البروفيسور شبلي ملاط في مقال نشرته صحيفة القانون والسياسة الألمانية عام 2009 ((إن ما قام به رئيس المحكمة الاتحادية العليا وزملائه كان مذهلا لمن يتتبع مسيرة السلطة القضائية خلال السنوات العصيبة لبناء سيادة القانون بعد 40 عام من الدكتاتورية .. وقدم القضاة العراقيون لبلدهم على مدى السنوات الخمس الماضية تفان لا مثيل له على هذا الكوكب، لا شيء اقل من البطولة، وقلب كلب هذا العمل والتفاني مدحت المحمود)) وفي نطاق القضاء الدستوري فان المحكمة الاتحادية العليا وفي ظل رئاسته كانت المثال الحي على وحدة العراق ففي أروقتها كان كل العراق يقف امتثالا لقول القضاء سواء في المحافظات او في الإقليم، فان المحكمة الاتحادية لها الولاية على الجميع وعلى كل التراب العراقي وحصل ان مثل المتخاصمون من الإقليم وغيره أمامها كما كان لها الأثر في إكمال النقص التشريعي في القوانين وهو إعمال لنظرية في فقه القانون الدستوري تسمى بنظرية الإغفال التشريعي، فكان التشريع يصدر عن السلطة التشريعية (مجلس النواب) ولان هذه التجربة حديثة ولم تصل إلى مرحلة النضج الكامل مع ما يحيطها من ظروف وعند ممارستها لعملها أصدرت عدد من القوانين وكان بعضها لم تراعِ فيه فنون الصياغة التشريعية، مما شاب بعضها النقص والغموض، وبعض هذه القوانين كانت مهمة ومفصلية في بناء العراق الديمقراطي الجديد مما دعا بعض الناشطين في المجتمع المدني إلى الطعن في هذه القوانين أمام المحكمة الاتحادية العليا التي تصدت للفصل في هذه الطعون على وفق المبادئ الحديثة في علم التفسير وفنون القانون وصواب الاجتهاد وكان لها دور كبير في معالجة النقص في هذه التشريعات بإكمالها بأحكام قضائية أصدرتها وكان تطبيقها لنظرية الإغفال التشريعي تطبيقا اتسم بحكمة المجتهد ومعرفة العالم، وأعطت لنا أحكام ذكرتنا بما كان يتسم به القضاء العراقي من رصانة في الأحكام فضلا عن حمايتها للدستور من عبث التأويل وجعلها صمام آمان لحماية الحقوق ، وبهذه المناسبة التي تكون فيها المحكمة الاتحادية قد تجاوزت العقد من السنين في عطائها الثر وانجازها الرائع لا يسعني إلا أن أتقدم بالتهنئة إلى معالي القاضي والمفكر مدحت المحمود والى زملائه أعضاء المحكمة على تحقيق ما سعوا إليه وتلمسوا ثمار عطائهم الذي سقوه بعرق الجبين ودماء الشهداء واسأل الله ان يمن عليهم بوافر الصحة وتمام العافية ودوام نعمة التوفيق لإدامة العطاء والتواصل في خدمة العراق العزيز وشعبه الكريم. القاضي سالم روضان الموسوي
#القاضي_سالم_روضان_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منافع التجربة البرلمانية المصرية الجديدة على التجربة العراقي
...
-
نشر الأحكام القضائية في وسائل الإعلام
المزيد.....
-
الجزائر تستعجل المجموعة الدولية لتنفيذ قرار اعتقال نتنياهو و
...
-
فتح تثمن قرار المحكمة الجنائية الدولية: خطوة نحو تصويب مسار
...
-
نتنياهو: قرار المحكمة الجنائية الدولية إفلاس أخلاقي.. ويوم أ
...
-
السلطة الفلسطينية تُرحب بإصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغا
...
-
رويترز عن وزير الدفاع البريطاني: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو
...
-
رويترز عن وزير الدفاع الايطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو
...
-
الجزائر ترحب بقرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتق
...
-
البيت الأبيض: مذكرات الاعتقال بحق المسؤولين الإسرائيليين مرف
...
-
نتنياهو ردا على قرار المحكمة الجنائية الدولية: لن نستسلم للض
...
-
قادة ورؤساء صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من الجنائية الدولية
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|