أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عباس العنبكي - القضاء الجنائي الدولي كرنفال المنتصر















المزيد.....

القضاء الجنائي الدولي كرنفال المنتصر


عباس العنبكي

الحوار المتمدن-العدد: 1430 - 2006 / 1 / 14 - 10:35
المحور: حقوق الانسان
    


أي كتاب أو مقال يبحث في المحاكم الجنائية الدولية لا يكاد يخلو من تتكرار لازمة كاذبة مفادها ان الحضارة الانسانية الحديثة شهدت تحولات تاريخية كبيرة ونجحت في اقامة المؤسسات القضائية الدولية العادلة والمستقلة لتضع حد لطغيان الدول والافراد في ارتكاب الجرائم بحق الانسانية في السلم والامن والحياة الكريمة كي لايفلت مجرم من عقاب العدالة ولا تتكرر مأساة البشرية المفجوعة. وهذه المقولةهي محاولة ديماغوجية برجماتية لاضفاء صفة العدالة على القوة.فالقضاء الجنائي الدولي لم يكن الا لعبة يكتب قانونها ويطبقه المنتصر وان ورد في ذلك القانون شئ من قواعد عن حقوق للانسان فهو من باب الثرثرة او كما يطلق عليه قانونا حشو تشريعي.
ان المنصف الحاذق ينظر للاشياء من خلال مصاديقها لذا فالعدالة ينظر اليها من خلال تطبيقاتها وليس من خلال نصوصها المعلنة وحسب فالنصوص لاتكاد في الغالب ان تختلف باختلاف النظم السياسية الحالية في حين نرى بونا شاسعا في التطبيق العملي للنصوص باختلاف المكان والزمان فالقانون انما هو محصلة قوى مختلفة والقوة الارجح هي التي تحدد طريقة التطبيق وهذا ما تؤكده المحاكمات الجزائية الدولية التي جرت والتي كانت محكومة بالقاعدة الرومانية ماهو مشروع للمنتصر غير مشروع للمهزوم.
لم يمثل في تلك المحاكمات منتصر بصفة متهم حتى لو ارتكب افضع الجرائم انما دوره فيها ان يكون الشاهد والضحية والقاضي اما المهزوم فلا دور له سوى ان يكون مدانا وليس متهما وعليه يقع عبأ اثبات براءته خلاف قاعدة الاصل البراءة،رغم ان المنتصر هو من يبطش بخصمه في المعارك اكثر ويضرب بكل القيم الانسانية عرض الحائط قربانا للنصر،فالظفر لمن أعد ما استطاع من قوة ورباط الخيل ليرهب به عدوه, ففي محاكمات طوكيو من قذف بالقتابل الذرية على الشعب الياباني صار قاضيها اما من احترق بلهيبها فقد وقف متهما بجرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة الجماعية.
شهد العصر الحديث خمس لجان تحقيقية دولية هي،لجنة تحديد مبتدئي الحرب وتنفيذ العقوبات عام 1919،لجنة الامم المتحدة لجرائم الحرب عام1943،لجنة الشرق الاوسط عام1946،لجنة الخبراء في يوغسلافيا عام 1992 وولجنة راوندا عام 1994واربع محاكمات دولية خاصة هي،المحكمة العسكرية الدولية نورمبرغ عام 1945، المحكمة العسكرية الدولية طوكيو عام 1946،المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة عام 1993والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا عام1994.ووثلاث محاكم دولية رسمية هي،محاكمات لايبزج في المانيا عام 1921 التي اجرتها المحكمة العليا الالمانية،المحاكمات التي اجراها الحلفاء على الساحة الاوربية عام 1946والمحاكمات التي اجرتها القوى المتحالفة في الشرق الاوسط عام 1946.
إن العدالة التي كان يتوق لها الراي العام العالمي قد دفعت الحلفاء للاستجابة لها وقررت معاهدة فرساي عام 1919على انشاء محكمة خاصة لمحاكمة قيصر المانيا ويلهلم الثاني وضباط الجيش الالماني المتهمين ومعاهدة سيفر عام 1920 المتضمنة محاكمة الاتراك المتهمين بجرائم ضد قوانين الانسانية، غير ان الخوف من الثورة البلشفية في روسيا والمد الشيوعي ورغبة اوربا للنوحد ضده والخوف من ان يطال العدل كل من اجرم من طرفي الحرب انتهت معاهدة فرساي الى محاكمات لايبزج عام 1921والتي لم يمثل امامها الامبراطوروالكثير من المتهمين وانتهت معاهدة سيفر بعفو غير معلن عن المسؤولين الاتراك بموجب معاهدة لوزان عام 1923.
وانتهت محاكمات نورمبرغ عام 1945 الى ادانة تسعة عشر متهما المانيا فقط ورفضت الحكومة الايطالية تسليم المجرمين عام 1946 اما محاكم طوكيو الخاصة بمجرمي الحرب في الشرق الاقصى فانتهت الى جهاز يتحكم فيه الحاكم العسكري الامريكي الجنرال ماك ارثر الذي الهم الامبرياطور هيروهيتو باصدار مرسوم عفو عن الذين ارتكبوا مخالفات اثناء الحرب ومن ثم في عام 1952 اعادة الاسرى الذين صدرت ضدهم احكام كمجرمي حرب بموجب معاهدة السلام. في حين دفع الحقد الشخص لماك ارثر الى تشكيل لجنة خاصة للحكم على القائد الياباني في الفلبين ياماشيتا بالاعدام باعتباره مسؤولا عن تابعيه رغم عدم وجود تطبيق سابق لها وحداثة تعينه في الفلبين ولمدة قصيرة قبل انتهاء الحرب وعدم ثبوت صدور اي امر منه والادهى ان المحكمة العليا الامريكية رفضت التماس ياماشيتا.
وجاء تشكيل المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة عام 1993 بناء على تقرير لجنة الخبراء المشكلة في عام 1992والذي اثار الراي العام العالمي على حجم وجسامة الجرائم المرتكبة ورغم ان المحكمة انشأها مجلس الامن بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة الا انه لم يوقع عقوبات لتطبيق قرارات المحكمة ولم يتم القبض الا على خمسة من المتهمين ولم يتم القبض على كبار المسؤولين ولم تكن محاكم رواندا التي شكلت عام 1994احسن حالا من من محاكم يوغسلافيا والتي تواجه صعوبات مالية وادارية ومهنية واخيرا المحكمة الجنائية لروما وهي مرهونة بارادة الدول بالانضمام اليها من عدمه ولم تنضم اليها الولايات المتحدة الامريكية فهي محكمة تعاقدية.
ومن استعراض تاريخ القضاء الجنائي الدولي يتبين انه قضاء سياسي لم يأخذ من العدل الا الالفاظ اما مصاديق العدل فقد غابت عنه،فهو لا يعدوا ان يكون قضاء المنتصر.فهو بالقوة يسقط قيود السيادة وحصانة الحكام والاختصاص رغم ان تلك قيود على العدالة بيد ان اسقاطها يجب ان يتم عبر تدويل القوانين الوطنية او بقانون دولي ملزم وهذا ما ترفضه الدول ذات القوة لكي تمارس الجريمةا بمناى عن المسؤولية الجزائية.كما انه قضاء مؤقت خاص غير مستقل اذ يخضع تشكيله واختيار عناصره وشخوصه لارادة المنتصر.واخطر ما في هذا القضاء اسقاطه لاهم مبدأ وهو شرعية الجريمة والعقاب فهو لا يستند الى قانون عقابي يحدد الجرائم تحديدا نافيا للجهالة وبيان اركانها ويحدد العقوبات كما انه يعتمد القياس وهو امر يتنافى ومبدأ الشرعية وان تنفيذاحكامه مرهون بالارادة السياسية وفي الغلب تسقط بتبادل المصالح.
إن الشعوب تطمح لاقامة قضاء دولي جنائي دائم مستقل له اجهزته التحقيقية مع ادعاء عام مستقل يستند الى قانون عقابي تحدد فيه الجرائم والعقوبات يكون من خلال نصوص دولية ملزمة أو من خلال تدويل القانون الوطني كما هو الحال بجرائم المخدرات والقرصنة. قضاء شامل من حيث المكان والاشخاص لا حصانة فيه لاحد،قضاء دولي لا يفلت مجرم منه ولو كان منتصرا ولا يقع برئ بشباكه وان كان مهزوما،ويكون اللجوء اليه حق لكل انسان.قضاء كأسه يسقي الناس العدل وليس قضاء هو مجرد حفل يحتسي فيه المنتصرون بجماجم البشر خمرة النصر كما هو الحال اليوم.


عباس العنبكي



#عباس_العنبكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدالة حقيقة حال أم سحر مقال
- رحم الله قرقوش
- تحرير أم احتلال نكتة العقل العراقــــي
- المحاكم الخاصة
- انصروا العدالة
- مؤتمر رابطة القضاء العراقي
- إصلاح القضاء وإفساد العدالة -تعليق على مقال الاستاذ زهير كاظ ...


المزيد.....




- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام مواطن -قصاصًا- وتكشف اسمه وجر ...
- خيام غارقة ومعاناة بلا نهاية.. القصف والمطر يلاحقان النازحين ...
- عراقجي يصل لشبونة للمشاركة في منتدى تحالف الامم المتحدة للحض ...
- -رد إسرائيل يجب أن يتوافق مع سلوكيات المحكمة الجنائية الدولي ...
- مياه البحر تجرف خيام النازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس ...
- مصرع عشرات المهاجرين بانقلاب قواربهم قبالة اليونان ومدغشقر
- الجنائية الدولية تطالب الدول الأعضاء بالتعاون لاعتقال نتنياه ...
- رايتس ووتش: تواطؤ أميركي بجريمة حرب إسرائيلية في لبنان
- الشتاء يهدد خيام النازحين في غزة بالغرق بمياه الصرف الصحي
- اعتقالات واسعة بالضفة وكتيبة طولكرم تهاجم تجمعات لقوات الاحت ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عباس العنبكي - القضاء الجنائي الدولي كرنفال المنتصر