أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - على خطى يسوع-5- الابرص














المزيد.....

على خطى يسوع-5- الابرص


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 5422 - 2017 / 2 / 4 - 22:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تكاثر البرص على جسمه كما يتكاثر العشب على الأرض. جعلته القروح أكثر شبها بمسخ آت من الخيال. يعيش وحيدا في البراري والجبال. يشتاق لمن يضمه، لمن يعانقه، لمن يلمسه، لمن يصافحه، لكن الكل يخشاه وكأنه الموت ذاته. يهرب منه الكبار والصغار. يعيش وحيدا، وحيدا، وحيدا لا جليس له سوى المرض الذي يأكل جزأ صغيرا من جسمه كل يوم. يعيش وحيدا مع القروح التي تمزق جلده رويدا رويدا. سائل لزج يتفتق من قروحه ويغطي أجزا جسده ولا حول له ولا قوة. يمشي على الارض حافيا فلا يشعر بالشوك يجتاز رجليه اللتين صارتا كتلة من اللحم لا حياة فيهما. يشعل النار ليدفأ، تحترق أصابعه فلا يشعر بالألم لأن الحياة فارقت يديه. تتساقط أصابعه الواحد تلو الأخر، يراها تقع ولا يستطيع عمل شيء. لم يبق له من صديق سوى الموت، لكن حتى الموت لا يريد أن يرحمه ويريحه من الهلاك البطيء.

سمع أن يسوع آت من الجبل ركض إليه، خر عند رجليه، بصوت يتهدج قال له "يا سيّد، إن أردت تقدر أن تطهرني". ارتد الجميع الى الخلف. لا أحد يريد أن يقترب من الأبرص. لا أحد يريد أن يلمسه بطريقة الخطأ. نظر إليه يسوع ونظر الجمع الى يسوع. منذ دقائق قليلة، كان يعلّم على الجبل الرحمة. أتراه يشفيه؟ أتراه يلمسه كما لمس عين الأعمى؟ أتراه يمد يده إليه وينهضه؟ أيسري البرص في جسم يسوع؟ رعشة سرت في الجموع. كثيرون كانوا ينوون التخلي عن يسوع فيما لو هو لمس الأبرص خوفا على حياتهم. نظر يسوع الى الابرص الذي كان وجهه على الأرض. مرت الدقائق وكأنها ساعات.

رفع الابرص وجهه، ظن أن يسوع يتحاشاه، قال له " لا تلمسني يا سيد، فقط أبرني. فأنا مسخ يموت رويدا رويدا. لو كان للموت أن يتجسد، لاختارني جسدا له. لا تلمسني، فحتى أبي وأمي يخشيان مني. لكن إن أردت تقدر أن تبرأني، وإلا فأنا أبقى الحي الميت، أحيا ميتا وأموت حيا".

مد يسوع يده ووضعها على كتفه. ارتجفت الجموع. ارتد الكل خطوة الى الوراء. رفعه يسوع ونظر في عينيه. قال له " الكل يحيا ليموت وانت ولدت ميتا لتحيا. ان كان الموت نهاية الرحلة، إلا أن الحياة تولد من رحم الموت لتنتصر عليه. وطوبى لمن يموت ويقوم. ملكوت السماوات هو ملكوت الأحياء العائدين من رحلة الموت. هو رحلة الذين حاصرهم الموت بين ذراعيه فكسروه وهزموه. انهض يا بني، أنت لن يكون للموت بعد اليوم سلطان عليك، يضربك فتسحقه، يهاجمك فتدوسه." عانقه يسوع وقال له "أريد فاطهر". وللحال برأ الرجل. قال له يسوع "امض وأر نفسك للكاهن وقدم القربان شهادة".
مضى الأبرص. بقيت الجموع صامتة لا يفهمون ما الذي حصل. نظر إليهم يسوع، قال لهم "أنتم تخشون برص هذا الرجل، وهذا حق، لكن ثمة من فيكم هم أكثر برصا من هذا الرجل. هو أبرص الجسد وهناك بينكم من هم برص القلوب والفكر والنوايا. الحق أقول لكم، هو يحيا وأنتم تموتون برصا، ما لم يلمسكم ابن الانسان أنتم أيضا."

ذعر البعض، أصيب رجال الدين بالذهول. قال له الفريسيون "أو نحن برص أيضا. نحن أبناء ابراهيم. أنت تهيننا. تجعلنا متساويين مع هذا النجس". قال لهم يسوع "كل من ولد من رحم الموت هو ابن المرض والألم وللموت يعود. أما من أخذ الحياة التي يعطيها ابن الانسان لا يغلبه الموت حتى لو كان أبرص الجلد. الحق أقول لكم: ملكوت السماوات هو ملكوت الزناة والقتلة والبرص الذي كانوا أمواتا وعاشوا، فيما ملكوت الموت هو ملكوت الذين كانوا أحياء يظنون أنفسهم أبرارا وماتوا. لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى. لم آت لأدعو أبرارا بل خطاة الى التوبة."

غضب رجال الدين وبعض الشعب. رحلوا. نظر يسوع الى الذين بقوا وراءه وقال "الحق الحق أقول لكم: إن كان أحد يحفظ كلامي فلن يرى الموت إلى الأبد".



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على خطى يسوع-4- أبانا الذي في السماوات
- في التربية والتعليم-1- مقدمة
- على خطى يسوع-3- من هو يسوع؟
- وكما كان في الميلاد الأول كذلك يكون في الميلاد الثاني
- على خطى يسوع 2- موعظة على الجبل
- على خطى يسوع 1- في البدء كان الكلمة
- إنها الحياة-12- شكر في عيد الشكر
- إنها الحياة-11- لا، لا ترحل يا والدي
- إنها الحياة-10- كل عام وانت بخير يا صغيري
- العهد القديم والعهد الجديد-20- الخاتمة
- عهد قديم وعهد جديد-19- لا يكن لك آلهة غيري
- لا لزواج القاصرات
- أترانا شعبا أصيب بالانفصام الثقافي والديني؟
- عهد قديم وعهد جديد-18- أنطق ايها التمثال
- إنها الحياة-9- الجدّ والجدّة والحفيد
- عهد قديم وعهد جديد-17- لماذا العهد القديم؟
- إنها الحياة-8- ومن قال ان الاغتصاب رذيلة؟
- عهد قديم وعهد جديد-16- أنا الدولة والدولة أنا
- أصحاب الفخامة والجلالة والمعالي
- حكاية إيمان


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - على خطى يسوع-5- الابرص