أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد سمير عبد السلام - صدمات سياسية ...قراءة في عرض مجاني للجميع لأحمد الشيخ















المزيد.....

صدمات سياسية ...قراءة في عرض مجاني للجميع لأحمد الشيخ


محمد سمير عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 1429 - 2006 / 1 / 13 - 09:57
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


يرصد أحمد الشيخ – في مجموعته عرض مجاني للجميع عن قصور الثقافة 2004- التأثير اللاواعي للصدمات السياسية و الحروب على شخوصه ، من خلال علاقة الكتابة الحلمية الأوتوماتيكية ، بالظواهر السلوكية في الواقع ، و من ثم إبراز الواقع في وحشيته كأنه خارج للتو من تداعيات اللاوعي و علاماته المنتجة من صدمات الوقائع السياسية ، و تجب الإشارة هنا إلى أن الحادثة التي تم تحويلها إلى كتابة لم تكن معزولة عن الاندفاع الغريزي للتدمير وفق فرويد أو تحولات الصورة عند بودريار و ديريدا .
لقد استثمر أحمد الشيخ هذا الجدل المفتوح بين ما هو سياسي و بدائل الواقع المختلفة في الكتابات الطليعية ، ليحول صدمة الحرب إلى حالة من الدهشة يمارسها أبطاله أمام دخولهم الحتمي في مصائر و سياقات مضادة لهويتهم ، بل قد يفشل بعضهم في معرفتها من أثر التحول و التدمير .
و بهذا الصدد يرى فرويد أن الحروب الطاحنة تؤدي إلى إصابة عدد كبير من الناس بما يسمي بعصاب الصدمة أو عصاب الحرب ومن شدة تعقيده أنه قد يصيب من لم يتعرض لحادثة كبيرة من قبل ( راجع – فرويد – ما فوق مبدأ اللذة – ت – إسحق رمزي – دار المعارف سنة 1980- ص 31 و ما بعدها ) ، فقد ينشطر السارد بفعل الصدمة السياسية إلى أكثر من ذات حضارية في نص ( كوابيس و منامات ) ، فيتعدد صوته تبعا لاختلاف حلول هذه الذوات في شخصه الذي صار مجالا للجوع و الرعب و الاتهامات غير المبررة التي تشبه مستعمرات التعذيب المتخيلة في محاكمات كافكا أو أنها خرجت من مسرح العبث إلى الواقع السياسي ، فمن التخبط و الهروب في المغارات الأفغانية إلى القنابل و الحكم بالإعدام ثم سعي السارد – بوعي – إلى الموت ، كرد فعل لهيمنة الذاكرة الملوثة بدماء القتلى ، كأنه يستعيد أوزوريس و يتمثل نفسه قربانا حضاريا مفككا بفعل الذاكرة .
و في ( عرض مجاني للجميع ) يتلقى البطل و جيرانه دعوة خاصة لحضور عرض افتتاح سينما بمكان راق ، و في هذا العرض يعايش البطل الواقع من خلال حضور الصورة السينمائية و قدرتها على استثارة الصدمة السياسية في لا وعي البطل ، بل صناعتها أحيانا ، فالعرض يبدأ برقص أنيق ثم يتجه إلى العري البدائي ، ليستبدل المدلول الحضاري الإنساني في عالم الصورة ليكشف ازدواجية الفعل / الرقص و عدم معقوليته ، و انفصاله عن الخطاب الكلامي ، فالرقص يجسد اندفاع الغرائز بما تحمله من معان فرويدية على الإيروس و التدمير معا ؛ إنه يعيد تكوين عقول المشاهدين نحو الانسياق في لوحة تجمع بين اللذة و الرعب ، و قد بدأ ذلك من الشخص الأنيق صاحب الدعوة الذي يخفي عالما مدمرا يتصل بصدمة اللاوعي الكامنة ، و مع تقدم العرض تبدأ مشاهد حروب غير متكافئة ، و أصوات قتلى و مظاهرات و عنف غير مبرر يضعنا أمام كتل تصويرية بشرية تشبه الدادا آرت dada art حيث يتجانس الصوت المذبوح شكليا مع الرقص و الموسيقى و ابتسامات الترحيب . النص هنا يبدأ من رصد خطاب القوة لنقده ، و لكنه على نحو غير واع يتجه بالإشارات السردية إلى تحويل لعبي لعمليات السياسة و العنف في علاقتها بالرقص و الغرائز حيث يصير العقل الناقد فضاء لاستقبال تناقضات الصورة المؤولة للصدمة و المنتجة للكتابة المضادة لها في آن من خلال الحلم .
و في ( لعبة الصحو و المنام ) يقيم السارد مونتاجا بين الشطرنج الآلي على الكمبيوتر ، و صوت الدبابات و الطائرات المهدد للبطل كأنه دائما في وضع المتهم ، فالشطرنج يقهر الماضي المجيد للبطل في ممارسة اللعبة على المقهى و انتصاراته التي يأبى الكمبيوتر أن يعترف بها . لقد تحول البطل إلى ضحية أسطورية للذكاء الاصطناعي ، مثلما وجد نفسه متضائلا أمام هجوم الدبابات ، فلجأ إلى الفرار من العملاق الأسطوري المتقن للحرب فينتهي الأمر بأسره . ونلاحظ تواتر تضخم الآلة بين الخطين السرديين حيث تقهر الوعي و تطلب التقديس المباشر من داخل منطق اللعبة . ويحتمل النص حركة مضادة وسيطة بين المشهدين الرئيسيين ، و هي احتلال عناصر الشطرنج لأنماط واقعية من الناس فالملك ليس قويا في ذاته لأنه يتحرك خطوة واحدة في المرة . أما الحصان فيؤول الشخص الانتهازي حيث يقفز فوق الآخرين . ما الذي يمثل مرجعية السارد هنا ليرى من خلاله العالم ؟ إنها اللعبة التي تغير من نسق الإشارات الواقعية و تحولها إلى واقع فائق أكثر قوة وحضورا مثل الآلة .
و يمتد الواقع الحلمي مثل كائن خرافي يعاين لحظة التكوين من داخل واقع البطل في نص( المنام المعكوس ) ، فالنص يبدأ بانهيار واضح لحدود زمان ومكان الصلاة التي يؤديها البطل ثم يرصد السارد برهافة هوسا رهيبا يستولي على البطل بصدد حركات الجسد و تبلدها المفاجئ في السجود إذ يقع في دائرة التجمد ثم يفاجأ بأن القبلة كانت خلفه فينتفض من الهوس الشيطاني ، ويذكر المروي له بأنه كان في حلم ، وعند تلك النقطة يناهض السارد عزلة الحلم ، إذ يستمر الجمود في قدميه ليكمل الكتابة الآلية في الواقع ، ويضعنا في تساؤل جذري حول ماهية الواقع نفسه . و مدى تجسد الآثار الحركية اللاواعية للصدمة فيه .
و في انكسار الخواطر يتوجه السارد بالحديث إلى مروي عليه صديق ، ثم يواجهه بمجموعة من المصائر الدائرية التي تستلب هويته ، و تذبح خيالات اليقظة لديه ، فقد وجد نفسه ضمن دائرة سوق المواشي ، كأن رقبته هو وضعت على المذبح ، حيث يرتكز الضوء أغلب الوقت على رؤوس العجول و حركتها الصاخبة . لقد تحول مسار الابن / البطل من الخروج من سلاح الطيران بالكلية الجوية لأسباب سياسية بسيطة إلى الوقوف كبديل للأب في سوق العجول ، و ينقاد البطل إلى حلبة السوق ذليلا كعجل تهاوى من شاعرية الهواء و خيالاته المتعالية و عواصفه بفعل صدمة سياسية حولته إلى سياق التشيؤ . إن البطل مازال يجرب الطيران ، ليستعيد الصدمة ، و يستعد لأن يكون مباعا . هل خفت صوت الهواء داخله ؟ أم تحول إلى عاصفة تدمر السوق ؟
و بوعي طفولي يرصد السارد لحظة ميلاده ، كأنه يعايشها من جديد في زمن السرد ، في نص ( احتمالات بداية ) ، فهو يقتفي أثر الأم الغائبة عن طريق عملية تمثيل سحري للمادة التي خرج منها ، و هي الرحم في علاقته بالمواد الكونية كالرماد و الأرض و الهواء ، عندئذ تتحول الأم إلى أنثى كونية تجمع بين الحب و بعثرة أجزاء الطفل على الرماد أو الرمال ، إن السارد يجمع الماضي مع المستقبل إذ يسافر في لحظتي التكوين و غياب الأم المبكر كأنها سوف تلملم أجزاءه – لو حضرت – في المستقبل . إنه يعايش طيفها من خلال حكايات جدته و أسئلته الوجودية لها حول أصله الضائع المقترن بصورة الأم ، و هنا تتسع تلك الصورة لتحل كروح مقدسة في لا وعي البطل في المكان و هو كفر عسكر ، فيندفع البطل إلى اللعب و الطيران كقرد في الفراغ ، يحاول الخروج من مصيدة العدم .



#محمد_سمير_عبد_السلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضايا النشر و اليسار في الحوار المتمدن
- موسيقى السرد .... قراءة في البغدادية لسعيد الكفراوي
- تجليات التداخل و التجاور- قراءة في نثار المحو لجمال الغيطاني
- الذاكرة و استشراف الحياة قراءة في عصافير النيل لإبراهيم أصلا ...
- سيمفونية الروائح و الأمكنة - قراءة في مجموعة أوتار الماء لمح ...
- الإنتاجية الإبداعية أهم شروط الإصلاح
- من الذات إلى أنوثة النص
- اندماج الثقافات في كولاج إدوار الخراط
- أحلام نجيب محفوظ مضامين متجددة للتجربة الإنسانية
- جماليات الإبداع تواكب طفرات البيولوجيا
- فرجينيا وولف صوت إبداعي متفرد
- حضور ديريدا
- حول العالم في ثمانين يوما الوجه الجمالي للحقيقة الروائية
- فوكوياما بين تحديات و مخاطر الديمقراطية الجديدة


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد سمير عبد السلام - صدمات سياسية ...قراءة في عرض مجاني للجميع لأحمد الشيخ