أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - هل غادر الشعراء من متردم














المزيد.....


هل غادر الشعراء من متردم


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5419 - 2017 / 2 / 1 - 21:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كلما حاول عربي أن يغادر منازل الأجداد الذهنية تصدى له شيخ القبيلة بوثيقة حلف الفضول.
وكلما هم أن يرفع عينه للسماء ليرى سيجد المدى مفتوح بلا نهاية دون علامة أو آية.
وإذا أسر لزوجته أو أمه أنه سيعبر هذا الخط الموهوم حول مضارب الأباء والأجداد بادرت لتبخره بالحرمل والملح خوفا من أن الجن أصابه من حيث لا يعلم.
وإذا أسر نفسه أنه سيحاول من الفجر القادم الهروب من دار عليا إلى دار جديدة أشتغلت النفس بوساوسها وأحضرت له ألف مثال ومثال عن صور لكلاب سائبة في شوارع الغربة يقتلها الجوع والظمأ.
لم يعد يطيق شيئا من هذا ولا من ذاك وتوجه صوب الجامع الكبير أكبر من كل بيوت القرية ومدرستها المتهالكة وبيت الزعيم ليسأل، الجواب من عاشر قوما أربعين يوما صار منهم وأنت يا ولدي مؤمن لا تبيع ربك لأجل عيون الكفار فيمسخك الله قردا أو خنزير.
لا شيء البتة..... لا شيء يوحي أن مشكلتي ستكون سهلة وقد أضنى السهر عيوني وأنا أتلفت يمينا ويسارا أبحث عن شكل الدرهم والدينار التي تملأ خزائن شيخي المعمم وشيخي المعقل وشيخي الذي يسكن في حلمي، بحث في كتب الأباء والأجداد عن سر الثروة وخزائن قارون ونعيم هارون وحسناوات المخادع الحمراء في قصص ألف ليلة وليلة، كان هنا حلمي في شمس الشموس وأنيس النفوس ومفاتيح الجنان وأدعية رمضان وصلاة الحاجة وأحراز سليمان وطلاسم شمهورش، فأنتقيت الأكثر قدرة على الفعل وما رست كل الصلوات والخلوات وكتبت كل المخمسات والمعشرات والدوائر الطلسمية، وأطلت اللحى وقصرت المدى وأمتنعت عن كل ذي روح أنتظر القمقم أن يمنحني ماردا لا يتكبر ولا يتردد، وأفنيت على هذا الحال عمرا ومددا.
وفي ختام رحلة الأربعين لم أجد من مال الكنوز المخفية شيئا، ولا من أوهام الكياء والسيمياء وقوة الحرف ونورانية الأرقام الهندية والسندية نورا، حتى بلغت ديوني إني لو عمرت زمن نوح قد لا أقضي وأنقضي ومن دون ذلك لا فتح وفرج، توجهت بروحي إلى خالق الوجود في عتاب وسجود وخضوع وأضطراب أيها المعبود متى ترد لي ديني وقد أذعنت لك أذعان من هو في العز يغشاه الخلود، كررت أسمك مئات الألاف وعددت صفات وأوصافك عدد قطرات الغيث في رحلة البحث عن مغيث وها أنا أحصد الخيبة وأجتر أوهامي السابقات وفد أخبري من هم أصدق الثقات أنك قلت وقولك الحق، يا عبادي أدعوني أستجب لكم وأفنيت عمري داعيا وعليك وعلى أما رزقك حانيا، فلم أجد غير سجادتي ورث ثيابي وعبيدك الأخرون الذين لا يظنون أنهم منك طالبين، ناعمون مترفون غارقون بالعز دون أن يذكروك أو يتذكرون أنك تملك الخزائن وعلات الأمور.
لم يردني جواب إلا ما هو مكتوب في لوحة صغيرة في غرفة صلاة ونسكي، إصبر أن وعد الله حق وما منع عنك هو خير لك لعلمه بعاقبة الأمور، وأبقى أدور وأدور وأبحث عن معنى لما يجري من حولي ويدور، وهل أن ربي سادي يحب تعذيبي أو أنني لم أفهم من المشكلة إلا القشور، وإن الخطيئة الكبرى ليس في الله أو في نفسي بل بالجذور، وسألت شيخي الثقة الذي منحني بركات المسير يوم كنت جاهلا لا أفرق بين الناقة والبعير وحذرني من أكون لوحدي في تدابير الأمور ومن تشيخ بغير شيخ كان الشيطان شيخه وسعيه سيبور، وقررت في لحظتها أن أحرق كل أوراقي وأحرازي وأحجبتي وكسرت التمائم والسحور، وطلبت من صغيري أن يشخ على لحية دجال القرية وشيخ عشيرتها ومن في حزبه حزب البول والبعرور.
يا نفسي ويلك تبحثين عن أوهام الغنى والعمل سر من لا يملك سرا وبه يرشد الطريق.
لو كان الذين كتبوا المكاتيب تلك من أصحاب القصور والحبور ومئات المشاريع الكبرى وألاف من الناس يعملون في مصانعهم ومعاملهم ومزارعهم كان لك أن تقنعي بما يقولون، وكيف وقد رأيت بعينك التي لا تخطي فقهرهم وعوزهم وضنك عيشهم وأقوالهم التي لا تغني عن جوع ولا ترد وله عطشان، أما الكافرون المرزوقون فقد عملوا وعلموا وأستعلوا وكانو هم الغالبين لأنهم فعل ما يعقل ودفنوا ما لا يعقل، عندهم الرقم أداة حساب للأرباح والترقيم وسر اللوغارتيمات التي فيها غزوا البلاد والعباد، ونحن نقدس الخمسة لأنها تشير لمشير والسبعة عدد الكواكب والأيام والتسعة منتهى القوة وتمام الأمر، قدسنا الأبجد هوز وشكلنا الأحلام على هيئة الحروف الألف لله وحده والباء وما تحت الباء وما فوق القاف من قوة، لم نعط الحرف قدسية أنتشال العقل من دائرة الوهم والمخيال المريض العاجز لنتسيد به عالما أخر ونتجاوز واقع مخجل أكثر منه ميت في ألطف تعبير.
هل غادر الشعراء من متردم أم هل أقول نعرف ونحرف، نخاف ونعجز، حدودنا حدود ما قال وما قيل وما يقولون، أفتونا أهل الحل والحرام والصولة على وكر الشيطان ونصرة الرحمن، علومكم هي هذه أم لديكم خزين غير مشهور ولا مستبين، فأني أشك أنني صرت كافر وأبحث عن خيط نجاة ولي معكم مقالة أخرى في قادم الأيام.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالتي إلى السيدة الأولى
- المفيد
- العراق ... وتخاريف الصغار
- سوق المربد حيث تباع الكلمة بخسة ونخاسة
- الشذوذ في عالمي السياسة والدين ح1
- مشهد من فلم لم ترونه كاملا..............
- المصير خلق التجربة وإثبات لدور المعرفة
- حين يتكلم الفاسدون عن العفاف والطهارة والوطنية
- نظرات أولية في نتائج تحرير الجانب الأيسر من الموصل
- أنشودة الدم المسفوح في روح القصيدة
- أمريكا وأحتمالات العمل العسكري في العراق
- الدين وإنسانية القيم الأخلاقية
- أمريكا وسياسة التوجه للداخل
- تجريف التربة الصالحة للزاعة وتلويث المياه ... حرب بأيقاع أخر ...
- ثورة الفقير ومشكلة السيد الأمير
- هاجس الأمن بين حاجة المجتمع وتقاطعات حماية حقوق الإنسان ح2
- هاجس الأمن بين حاجة المجتمع وتقاطعات حماية حقوق الإنسان
- كتابات طائشة
- هل كان الإنسان الأول عاقلا كاملا؟ ح3
- وظيفة الكتابة في زمن اللا قراءة


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - هل غادر الشعراء من متردم