|
عين الحسود فيها عود
حسن أحمد عمر
(Hassan Ahmed Omar)
الحوار المتمدن-العدد: 1429 - 2006 / 1 / 13 - 09:50
المحور:
حقوق الانسان
عنوان المقال هو أحد الأمثال العربية الشهيرة التى تعكس ثقافة الخوف من الحسد وهى ثقافة منتشرة إنتشارأ واسعأ فى العالم العربى عامة وفى مصر خاصة حيث تسمع قصصأ وأساطير يرويها العامة والخاصة عن امور ومواضيع لها صلة مباشرة وغير مباشرة بموضوع الحسد وكأنه حقيقة واقعة ونظرية ثابتة يجب ان نحتاط لها ونوسع مداركنا تجاهها حتى لا يجرفنا طوفانها ولا نسقط صرعى فى بئرها ولم يقف الحد فى الخوف من الحسد عند الأمثال الشعبية والروايات التراثية التى منها ما يؤكد أن عين الحاسد خرقت الحجر ولست أدرى هل كانت تلك العين الحاسدة تتمتع بأقوى أنواع أشعة الليزر أم ماذا ؟؟ ..بل ذهب شعراء الاغانى العامية للإهتمام بأمر الحسد فجعلوه موضوعأ هامأ فى كتاباتهم التى غناها اشهر المطربين ورددها الناس من بعدهم بأصواتهم مثل ذلك القائل يا حاسدين الناس مالكم ومال الناس أو تلك التى غنت قائلة لما رمتنا العين شوف انت فين وأنا فين واللى شافونا ليه يحسدونا ويفرقوا القلبين لما رمتنا العين وهذه مغنية شعبية تغنى لبنتها ليلة الزفاف فتقول يا صغيرة يا أحلى بنات الحارة خوفى عليكى م الحسد والجارة ومما لا شك فيه هو وجود ملايين من البشر يؤمنون بالحسد ويعملون له ألف مليون حساب بل ويفسرون ما يلحق بهم من خسائر ومصائب وأمراض طبقأ لهذا الحسد ولتلك العين الحسودة , والأعجب هو إعتقاد الناس وخصوصأ العامة منهم فى كل حى وحارة فى أى مدينة وفى كل زقاق وفى كل قرية وعزبة ونجع ---يعتقدون فى وجود شخص معين أو عدة أشخاص متهمين دائمأ بالحسد ويقع على كاهلهم عبأ الأمراض والأوبئة والخسائر التى تصيب المنطقة أو أحد أفرادها ويسمونه بالحسود أو الحساد أو أبو عين صفراء علمأ بأن عيناه قد تكون سوداء أو زرقاء أو خضراء أو حتى بنية ولكننى لست أفهم سبب إتهام المجتمع لبعض افراده من الفقراء والمساكين وخصوصأ من ذوى العاهات كالعرج والعور والبرص وغيرهم بالحسد ؟ والغريب أنهم يؤمنون من عميق قلوبهم بمقدرة هؤلاء الأشخاص على إصابة الهدف بما يريد الحاسد من مرض أو وباء أو خسارة مادية أو تلف فى ممتلكات الضحية فتسمع التاجر الذى خسر فى السوق يقول ( ياترى أنا تصبحت بوجه مين النهاردة؟) وهو يسأل السؤال بصدق ويبحث عن إجابة ويريد أن يتذكر صاحب الوجه العتم الأسود الذى قابله فى الطريق اثناء ذهابه للسوق فتسبب له فى تلك الخسارة وأتعجب كثيرا من بعض الحاصلين على درجات علمية ولا أسميهم مثقفين فالفرق شاسع –أتعجب من قناعتهم التامة بمفهوم العامة للحسد ومشاركتهم لهم فيه بل وارى الكثير من الفنانين يتحدثون بجدية مبالغ فيها عن تعرضهم لذلك الحسد وكيف أنهم تأثروا به وكاد يعرقل نجاحهم لولا قوة إيمانهم التى أنقذتهم من غول العين الحاسدة وأرثى لحالهم ولجهلهم وفراغ عقولهم من أى فكر أو ثقافة تمكنهم من فهم حقيقة الأشياء ومعانيها ولكن لا ضير فالمال والشهرة أهم من الكتب والثقافة والعلم وهم رغم أنف الدنيا أهل علم وثقافة مهما بلغت درجات جهلهم كانت أمى –رحمها الله--- تحذرنى بشدة من فلان وفلانة لكى لا أمر أمامهم وعندما أسألها عن السبب –وقد كنت طفلأ صغيرأ – تقول إنه حساد وأن العين قد خرقت الحجر عندما أراد رجل كافر أن يحسد الرسول (ص) ولكن العين لم تصب الهدف فخرقت الحجر وكنت أعجب من هذا الكلام حتى سمعته من بعض المشايخ بعد أن كبرت وأكد لى أنها حقيقة وأثناء تعليمى الجامعى وكنت أعيش فى قرية ريفية نائية – وطبعأ المدينة لا تختلف عن القرية فى هذه المعتقدات--- كنت أسمع أن بقرة جارنا ماتت فى الحقل وأن السبب هو أن فلان الحساد قد نظر إليها بعينيه فحسدها فماتت وكذلك الزرع لو خاب الزرع ولم يحصد الفلاح ما كان يطمح له من محصول ألقى بالعبأ كله على فلانة الحسادة التى كانت طوال الموسم تمر على الحقل وتنظر بعينيها للزرع فتحسده لم يعلق صاحب الزرعة الخائبة فشل زراعته على إهماله فى القيام بواجباته تجاه أرضه وإنما وجد شماعة الحسد والعين الصفراء حتى يلقى عليها همومه ويعتبر ذلك الحساد هو السبب ثم ينام قرير العين مقتنعأ تمامأ بما فعل ويما حصد وبما اعتقد وكذلك صاحب البقرة الميتة لم يسأل نفسه هل كانت مريضة ؟ ولماذا لم يعالجها ؟ وهل تتبعها بالرعاية البدنية والطبية؟ ولكنه رمى بهمومه وحموله على الحسد والحسادين والعين الصفراء ونام قرير العين راضيأ عن نفسه وسلوكه ومعتقده وكنت فى طفولتى كلما مرضت بإلتهاب فى اللوز أو نزلة شعبية سمعت النساء حول أمى يقلن لها أنه محسود وأكيد فلانة الفلانية طسته عين جابته الأرض أى خرافات وخزعبلات عشنا فيها ونشأنا فى أحضانها ؟ ومن الذى أرضعنا هذا التخلف فى عقولنا ؟ لو كان هناك حسد بالمعنى العامى الدارج والذى يؤمن به الغالبية العظمى من الناس بكل أطيافهم وأديانهم ومعتقداتهم لو كان صحيحأ ألم يكن الأجدر أن نجمع هؤلاء الحسادين من ذوى العيون الصفراء ونأمرهم بأن يوجهوا عيونهم ناحية الأعداء فيقتلوا جيوشهم ورؤسائهم الذين دوخونا السبع دوخات وأكلوا حقوقنا ونهبوا أرضنا؟؟؟ وكان الأولى توجيه أحد الحاسدين نحو شارون وكأنه صاروخ عابر للقارات فيطسه عينأ يجيبه الأرض ويبدو أن هناك من قام بذلك فقد سقط شارون صريع الجلطة الدماغية فيجب أن يتقدم ذلك الحساد للحصول على جائزة نوبل فى الحسد!!! الشيخ الذى سمعته يتحدث عن العين التى خرقت الحجر قلت له ما هذا الهراء الذى تنشرونه بين الناس ؟ قال الحسد مذكور فى القرآن وتلا قول الله تعالى : ( قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق 000000ومن شر حاسد إذا حسد) قلت له وهل ترى بفكرك أن المقصود هنا هو قدرة عين الحاسد على القتل وإصابة الهدف فى مقتل بأمراض أو خسائر مادية أو تلف فى ممتلكاته ؟ أم أن المقصود هنا هو الحقد والضغينة الذى يصيب القلوب والنفوس تجاه إنسان معين بسبب نجاحه وتفوقه وذكائه أو غناه ثم ما يلبث هذا الحقد أن يتحول إلى فعل مؤثر عن طريق التأليب عليه وشحن القلوب ضده وإفساد الناس من حوله ونشر الإشاعات الباطلة عنه وتشويه سمعته وقتله معنويأ أو حتى جسديأ؟ أليس هذا هو المفهوم الحقيقى للحسد والأقرب للمنطق والعقل السليمين والتفكر العلمى قال صاحبى لم أسمع ذلك الرأى من قبل والحسد هو ما شرحت ولا أستطيع تغيير مفهومى عنه لمجرد أن سمعت رأيك قلت له تعالى نبحث فى كتاب الله تعالى عن الحسد سوف أذكر لك كل الآيات التى بها كلمة حسد ومشتقاتها :--
(وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) البقرة{109} (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً ) النساء{54} (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً) الفتح {15} ثم نذكر قول الله تعالى فى سورة القلم عن حقد الكافرين على رسول الله من شدة ما شعروا به من روعة القرآن العظيم وإعجازه وعجزهم أمام آياته الكريمات (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) القلم {51} فالآية الأولى (البقرة 109 ) تتحدث عن رغبة الكثيرين --وليس الكل-- من أهل الكتاب فى رد المسلمين عن دينهم حسدأ منهم بسبب تأكدهم الشديد من صدق هذا الدين وقوته وكماله كما تتحدث الآية الثانية (النساء54 )عن الحقد الذى أصاب الكفار والمنافقين عندما اختار الله تعالى رسوله الكريم نبيأ ورسولأ للعالمين فحقدوا عليه وقالوا:-- لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم؟؟ فرد عليهم ملك الملك:-- اهم يقسمون رحمة ربك ؟ نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا أما الآية الثالثة (الفتح15 ) فيتهم المنافقون المؤمنين بحسدهم لكثرة مالهم حيث أنهم تراخوا عن الجهاد فى سبيل الله مع الرسول والمؤمنين ضد المعتدين الذين يتربصون بهم الدوائر ويؤلبون عليهم القبائل ويريدون إستئصالهم من الوجود ومن المؤكد طبعأ فساد رأى المنافقين وعطب معتقدهم بسبب كفرهم وفسوقهم عن أمر الله تعالى ورسوله أما الآية الرابعة القلم 51 فتتحدث عن بلوغ حقد الكافرين على الرسول الكريم ذروته لدرجة أنهم يريدون إسقاطه أرضأ بنظرة حقد من عيونهم ولكن هيهات أرجو أن يكون تغيير فكرة الحسد المنتشرة بقوة بين مئات الملايين من المواطنين فى العالم العربى مما يصيبهم بمزيد من التخلف والجهل وفساد العقيدة لأن الوحيد الذى يصيب ويمرض ويشفى ويميت ويحيى هوالله وحده مالك الملك فكيف يعتقد هؤلاء أن شخصأ معينأ يستطيع أن يصيب الآخرين بالمرض والداء والوباء والتلف والخسارة وهو مسكين ضعيف لا يملك لنفسه ولا لغيره ضرأ ولا نفعأ ولا موتأ ولا حياة ولا نشورأ لمجرد انه فقير معدم أو ذو عاهة مخيفة أو شكله مختلف بسبب مرض معين يتهمه الجهلاء بأنه حاسد وتلاحقه هذه اللعنة فى حياته وبعد موته ويرث أبناؤه وذووه تلك اللعنة وقد يهرب الواحد منهم من بلده حتى لا تلاحقه تلك اللعنة القبيحة التى لفقها له مجموعة من الجهلة المتخلفين من ذوى الفكر الضحل , المحدود المعلومات, المتطفل على النقل والتقليد بكل بلاهة وبلادة , الكاره لكل جديد كما يكره الخفاش النور0
#حسن_أحمد_عمر (هاشتاغ)
Hassan_Ahmed_Omar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من ينقذ المضطرين من مخالب المرتشين؟؟
-
أنا علمانى من حيث لا أدرى
-
حرية التفكير بين التسيير والتخيير
-
تفتيش القلوب للبحث عن ذنوب
-
نموذج حزين للمرأة
-
ألإنسان العربى متهم حتى يؤكد براءته
-
ألمواطن العراقى المعذب وضمير الأمة المغيب
-
يا أعداء الحب والسلام00زولوا
-
نصف أصدقائى أقباط
-
قطط عربية ونمور آسيوية
-
قول يا صاحبى مش تخبى
-
ألعجوز المسكينة
-
ثم غضب الشيخ وترك القاعة!!!
-
ديمقراطية الحكم الشمولى
-
ديمقراطية الطغاة
-
ديموقراطية الأتقياء
-
ألبخلاء
-
الإنسداد الفكرى
-
ألأسد يعظ على المنبر
-
إستنساخ الأشياخ
المزيد.....
-
مخاوف للكيان المحتل من أوامر اعتقال سرية دولية ضد قادته
-
مقررة أممية لحقوق الانسان:ستضغط واشنطن لمنع تنفيذ قرار المحك
...
-
اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر
...
-
ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا
...
-
بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
-
مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا
...
-
إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
-
مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى
...
-
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
-
مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|