أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعادة أبو عراق - نحن محكومون بالتغيير















المزيد.....

نحن محكومون بالتغيير


سعادة أبو عراق

الحوار المتمدن-العدد: 5419 - 2017 / 2 / 1 - 03:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- نحن محكومون بالتغيير
نتكلم كثيرا عن التغيير، ,خاصة حينما نكون حيال التفكير بالتخلف الحضاري والتخطيط للمستقبل، وتغيير الأوضاع السائدة السيئة للمجتمع، وربما هناك طبقة في المجتمع يقلقها التغيير، فترفع شعار الحفاظ على التقاليد والأعراف والهوية القومية أو الطائفية أو غير ذلك، وبعضهم يرى في التغيير مؤامرة استعمارية غربية تسعى لاقتلاعنا من جذورنا، ويرون الداعين إلى التغيير عملاء مأجورين للغرب.
في الحقيقة أننا محكومون بالتغيير، شئنا ذاك أم أبينا، ذلك أن كل ما في الطبيعة مخلوق، ومكون من مواد طبيعية قلقة، هي في ذاتها تتغير، لذلك فإنها في صيرورتها يتغير الجسم المكون منها، فالحديد لا يبقى حديدا، بل يتحول مع الزمن إلى صدأ، أي هو ثاني أكسيد الحديد، وبالتالي سيغير الآلات المصنوعة من الحديد، والماء يتحول إلى بخار أو جليد، ولن نحصي التحولات الكيماوية وغيرها التي تجري فيما نلمسه في حياتنا البيئة، ومالم نستطع الكشف عنه، وعلى الكائنات الحية وغير الحية، مما هو على الأرض وغيرها من الكواكب الأقمار والنجوم والمجرات.
والتغيير في الطبيعة لا دخل للإنسان فيه، لكنه بالتالي محكوم لهذا التغيير، وعلى مدى الحياة كانت التغيرات البيئية تؤثر على الكائنات الحية، فمن استطاع أن يتكيف مع هذا التغيير استمر بالحياة، ومن لم يستطع آل إلى الفناء، وهذا القانون عبر عنه دارون بالبقاء للأصلح.
أما التغيرات التي يجريها الإنسان بإرادة منه ووعي أو من غير إرادة أو وعي، أوجدت منظمات تحذر دوما من الإخلال بالنظام البيئي في مجال درجة حرارة وطبقة الأوزون وثلوج القطبين ، وانقراض بعض الحيوانات، والغابات المطيرة التي تنتج الأكسجين وانبعاث غازات ثاني أكسيد الكربون، كل هذه التغيرات نحن صنعناها، ونحن محكومون بها، وعلينا أن نفعل شيئا نمنع تداعياتها السيئة.
أما التغيير الواعي الذي يمارسه الإنسان فهو نابع من رؤيته المستقبلية أو الرفاهية، فاختراع الآلات التي تساعد الإنسان في حياته وتجعله يبذل جهدا اقل ليكسب عملا أجود وراحة اكثر، كالمواصلات والاتصالات والأدوية والعلاجات والتعليم وبناء المدن الكبيرة كلها تحمل الإنسان على التغيير عنوة.
وبما أننا مجبرون على التغيير، علينا أن نكون واعين بما يجب أن نفعله لكي نواكب التغيير كما يلي:
1-لا بد أن نؤمن أن التغيير هو قدرنا، وانه لا يستأذننا، ولا يمهلنا، وليس لديه مشاعر كي يعطف علينا، وان الزمن الذي قال عنه أينشتاين، أنه البُعدٌ الرابعٌ في المادة، فإنه يفعل بالمواد تغيرا وتحويلا بلا هوادة، وأنه يجرها منذ مليارات السنين إلى الفناء، ولا نعتقد أن الكون كما هو منذ أن خلقه الله.
2-أن نوقن أن لا ثبات موجود إلا في ذهن الأغبياء، وان الجماعات التي تريد أن تعيد الناس لأف سنة مضت وتثبيتنا هناك، هو أمر ضد سنن الطبيعة.
3-إن المجتمعات في صيرورتها بحاجة في كل مرحلة إلى أفكار جديد تجعل من التكيف مع المتغيرات ممكنا، وعدم وجود مثل هذه الأفكار يعني فناء الإنسانية، ولا ينفع معها استعمال الأفكار القديمة.
4-أن نعلم أن هناك تغييرا يفرض نفسه علينا كالتغيرات البيئية، أو الأحداث القدرية، أو الصدفة المحضة، وعلينا أن نجعل منها حافزا فكريا لننجو من النتائج الكارثية أو المحتملة ونتابع مسير الحياة.
5-أما التغيير الإرادي الذي يقود إلى تغيير مستقبلي، فعلينا أن نقوم به بكل قوانا العقلية، ونحسب حسابا للاحتمالات المفاجئة ونتوخاها، وبعكس ذلك نكون مع حثالة الأمم، ونزيح من الأذهان وجود شياطين بشرية أو أشرار يريدون تدمير الأخلاق والدين ويفككون المجتمعات وينشرون التحلل والفساد، الشرير ليس مفكرا، الشرير يخطئ في تفكيره.
6-لا بد في حالة إيماننا بالتغيير أن تترك بعضا مما تعودنا عليه، وبعضا من أفكارنا ومعتقداتنا، ونمارس مرونة لا تقسو على أجسادنا، كما لو أننا نمارس التدليك والعلاج الطبيعي، ونهيئ انفسنا لتقبل الجديد وتغيير القديم، وننبذ كل ما لا يتفق مع التغيير، كما لو أنك تنتقل من منزلك القديم إلى منزل حديث، يختلف مساحة وهندسة وموقعا، لذلك تكون مضطرا إلى تغيير كثير من قطع الأثاث وشراء أخرى، وتستغني عن قطع أثيرة على نفسك يثمن بخس، وسوف تترك جيرانك الذين تعودت عليهم، وتصبح لك عادات حياتية جديدة، أنها طبيعة التغيير التي لا بد منها، فلا يمكن لك أن تنعم بالتغيير إلا إذا استغنيت عن كثير من عاداتك وممتلكاتك وأفكارك وسلوكك القديمة التي لا تصلح مع التجديد.
7-إن عواطفنا التي نسبغها على أشيائنا التي تعودنا عليها طويلا يجب أن لا تمنعنا من قبول التغيير، ونعتبرها افضل من الجديد، ونتمنى العودة إليها، وإن هذا تشويش على التفكير السليم، والسير في ركاب التغيير، لأنها لو كانت افضل لظلت مستعملة، فما كان ضروريا لحياتنا في الصحراء والقرى، من ملبس ومأكل ومشرب وعادات وسلوك وعلاقات اجتماعية، يجب أن تتغير، لتوافق التغيير الذي حصل في الانتقال من السكن في الخيام والبيوت الطينية وشظف العيش وقلة الموارد وافتقاد للحكومة التي من واجبها والتعليم والأمن والرعاية الصحية وتطبيق القانون وتقليل البطالة، ولا نتمسك بالقوانين العشائرية والمعيشة القبلية، لأنها ستحد من اندفاعنا نحو التغيير ومفهومنا للوطن والعيش الحضري.
8-قد تضطر إلى تغيير أفكارك ومعتقداتك تماشيا لظروف تملي عليك تركها أو تغييرها، وهذا هو التغيير الأشد صعوبة على النفس في الأفراد والمجتمعات، ويعتبر المعيق الأكبر للتغيير، ولعل الصعوبة ليس متساوية في جميع مجالات التغيير ولا في كل المجتمعات وهي كما يلي:
أ‌-المعتقدات الدينية : وهي معتقدات وجدت لتبقى عبر العصور والأزمان، أو هكذا فهمنا بأن الدين صالح في كل زمان ومكان، لذلك فإن تغييرها سيكون مصحوبا بمقاومة عنيفة، المشكلة أن التغيير لا يكون في المعتقدات الدينية الأساسية، بل بالأفكار التي وضعها فقهاء بناء على فهمهم لأركان الدين، وأن وجود كثير من المذاهب لهو على دليل تعدد وجهات النظر، بمعنى لا يوجد صدقا مطلقا، بل وجهات نظر مرحلية نابعة من الظروف الزمانية والمكانية.
ب‌-المعتقدات القائمة على التمايز العرقي أو الطائفي أو الديني أو القومي أو الطبقي، فهي مفاهيم ليس من السهل التبرؤ منها واستبدالها، لأنها وقرت في نفوس الأفراد قبل نمو العقل لديهم.
ت‌-العادات والتقاليد والأعراف والموروثات في أنماط السلوك التي تشكل خطوطا مرسومة لحركة المجتمع، وان محوها بسرعة يجعل من المجتمع لا ناظم له، لذا يكون التمسك بها مرتبطا بتماسك المجتمع والحفاظ على استقلاله وهويته.
ث‌- التغيير نحو الأسوأ، أي الانحدار نحو بدائية الماضي، وهو امر مؤلم جدا، وتقبل ما لم يكن مقبولا مسبقا، وهو دليل على التراجع والخذلان وفقدان القدرة والقوة على التقدم والسيطرة على الظروف القاهرة، لذلك يكون التغيير إلى الخلف عنوة لا منعة ولا متعة ترتجى منه.



#سعادة_أبو_عراق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أثر الإسلام السياسي في الثقافة المجتمعية
- هل لدينا وقت للحلم؟
- مشروعية الحلم بدولة إسلامية
- متلازمة التفكير والتغيير
- الإسلام حضارة أم دولة؟
- جدلية الفكرة ونقيضها
- الدين والفكر الديني 3
- الدين والفكر الديني ( 2 )
- الدين والفكر الديني ( 1 )
- مفاهيم خاطئة في تلاوة القرآن وقراءته
- تقارب
- سيناريوهات عذاب القبر
- هل أقر الله بالسحر أم نفاه
- هل قوة الدولة من قوة دينها؟
- سكيولوجيا الحروب
- قصة قصيرة - وقفة
- مصطلح الأنتصار( 2 ) تبعات الاعتقاد بان النصر من عند الله
- مصطلح النصر في العقيدة الإسلامية( 1)l
- قصة قصيرة / خذوني معكم
- ذكرى


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعادة أبو عراق - نحن محكومون بالتغيير