أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محمد جمال باروت - إعادة تنظيم الشرق الأوسط قد تفضي إلى إعادة تعريف أوروبا















المزيد.....

إعادة تنظيم الشرق الأوسط قد تفضي إلى إعادة تعريف أوروبا


محمد جمال باروت

الحوار المتمدن-العدد: 397 - 2003 / 2 / 14 - 01:49
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


أخبار الشرق - 13 شباط 2003

يبدو أن تلويح صقور الإدارة الأمريكية بإعادة تعريف أوروبا خارج المحور الفرنسي - الألماني الذي يدين بناء الاتحاد الأوروبي الراهن إلى دوره الديناميكي الدافع، يتجاوز حدود الهفوة "النزقة" إلى حدود التوجهات الاستراتيجية الامبراطورية الأمريكية المحتملة، التي لا تكتفي بطرح مهمة إعادة البناء الجذري على منطقة الشرق الأوسط وحسب، بل تلوّح باحتمال إعادة بناء أوروبا نفسها. ومن المنطقي أن يؤخذ هذا التلويح على محمل الجد، في إطار طرح واشنطن لإعادة تنظيم منطقة الشرق الأوسط التي يشكّل الوطن العربي مركزها الحيوي، والذي يعتبره الاتحاد الأوروبي أساس التكامل مابين ضفتي المتوسط في إطار شراكةٍ اقتصادية - سياسية - اجتماعية تطمح إلى أن تكون متكاملة.

لقد برزت أولى معالم هذه التوجهات بوصف رونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي المحور الفرنسي - الألماني، الذي يضع العصي في عجلات الحرب الأمريكية ضد العراق، بأنه يمثل "أوروبا القديمة"، وأن المركز الأوروبي قد انتقل من هذا المحور "العجوز" إلى "الشرق" الذي يعني به رامسفيلد دول أوروبا الشرقية والوسطى، التي بنى المحور الفرنسي - الألماني استراتيجيته منذ استقطابات الحرب الباردة، على استيعابها في إطار الاتحاد الأوروبي، ضمن مفهومه لإعادة بناء أوروبا الجديدة الموسعة، الممتدة من الأطلسي إلى الأورال.

لقد أولى الاتحاد الأوروبي منطقة ما يسمى أوروبياً، أي ما يسمى في مصطلحاته، بالديمقراطيات الأوروبية الشرقية والوسطى ودول البلطيق، اهتماماً خاصاً بتركيزالمساعدات الأوروبية الأساسية، التي بلغت وفق معطيات وزارة الشئون الخارجية الفرنسية، أكثر من 60 في المائة من المساعدات داخل مجموعة البلدان الصناعية الأربع والعشرين. غير أن دول هذه المنطقة لم تتفاعل في وقت الأزمة الجارية مع القلب الفرنسي - الألماني لأوروبا الموسعة بقدر ما تفاعلت إيجابياً في نوعٍ من تظاهرة "كاسر الإضراب" الفرنسي - الألماني، المدعوم من قبل بلجيكا ولوكسمبورغ، مع تصريح رامسفيلد الذي يدعو إلى تحجيم ذلك المحوروإرضاخه إلى "أهم تحالف في التاريخ" على حد تعبير رامسفيلد أوعزله أوروبياً، في إطار رؤيته لانتقال مركز أوروبا إلى الشرق، والتوقيع بالتالي في إطار ما بات يعرف على حد وصف المستشار الألماني شرودر، بـ "عصبة الثمانية" الأوروبيين، على بيان "إننا نقف متحدين" مع الولايات المتحدة الأمريكية في مشروع حربها ضد العراق.

لقد كان ذلك البيان موجّهاً بصورةٍ استراتيجيةٍ، ضد المحور الفرنسي - الألماني، ومن هنا كان نوعاً من رسالةٍ أمريكيةٍ بلغةٍ أوروبية، تقول في مختصرها الدلالي على مستوى البنيتين الظاهرية والعميقة على حدٍ سواء، إن الولايات المتحدة هي الوارث الوصي على القيم الأوروبية التي عبرت الأطلسي، وأن "العروة ما بين جانبيْ الأطلسي ضمانة لحريتنا" وأن مكانة أوروبا الراهنة تدين "إلى شجاعة الأمريكان وسخائهم وتبصرهم"، وبالتالي "يجب أن لا تصبح العلاقة ما بين جانبيْ الأطلسي ضحيةً لمحاولات النظام العراقي الدؤوبة لتهديد الأمن العالمي". ويعني البيان هنا بشكلٍ غير مباشر الموقف الفرنسي - الألماني الذي سيتهم بهز العلاقات ما بين ضفتي الأطلسي، وشق الموقف الأوروبي بالتالي حسب منطق "عصبة الثمانية". مع أن هذا البيان قد تبنى بشكلٍ نقيضٍ موقف وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذي صدر قبله بيومين فقط، ما يعطي بيان "عصبة الثمانية" صفة المفاجأة التكتيكية الأمريكية للمحور الفرنسي - الألماني الذي يتصدر الموقف الأوروبي المعارض للحرب، سواء صدر بها قرار جديد من مجلس الأمن الدولي كما هو الموقف الألماني أو الذي يعتبرها الحل الأسوأ الأخير كما هو الموقف الفرنسي.

شكل هذا البيان أقوى رسالةٍ أمريكية تحذيريةٍٍ للمحور الفرنسي - الألماني بمدى الاستعداد والقدرة على عزله أوروبياً بواسطة أوروبا نفسها. وحين لم "يستوعب" المحور هذه الرسالة فإن واشنطن أتبعتها قبيل عرض كولن باول الماراثوني أمام مجلس الأمن الدولي لـ "أدلته" المرتبكة، برسالةٍ أكثر حزماً وهي رسالة مجموعة العشرة التي تضم دول البلطيق الثلاثة، وليتوانيا واستونيا وبلغاريا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وألبانيا وكرواتيا ومقدونيا. وبالتالي بات واضحاً أن أوروبا الجديدة الموسعة هي أوروبا الأطلسية الأمريكية وليست أوروبا الأوروبية "القديمة" التي تمثل في التوجه الأمريكي "الأقلية الأوروبية". غير أن إعادة تعريف فرنسا وألمانيا بوصفهما محوراً "أقلوياً" لا يعكس موقف القارة الأوروبية، لم يكن ليكتسب بعض الملامح الجدية، لولا الدعوة التي أطلقها ريتشارد بيرل رئيس هيئة مجلس سياسة الدفاع في البنتاغون، المختصة بالمعلومات والتخطيط السياسي، إلى ضرورة تبني حلف شمال الأطلسي "تطوير استراتيجية احتواء" ما سماه بيرل بالحليفة السابقة فرنسا، بل ذهب بيرل إلى حدّ أنه لن يكون هناك معنى للحلف خارج تطوير هذه الاستراتيجية.

كان ذلك تصريحاً "غليظاً" لكن آري فليشر الناطق باسم البيت الأبيض الذي حاول التخفيف من "غلاظته"، والقول إنه يعكس تصريح من صرّح به وليس قناعة الرئيس بوش، لم يتردد بوصف موقف فرنسا وألمانيا بأنه يمثل "الأقلية الأوروبية". إن أوروبا الأوروبية لم تعد مقبولة في التوجهات الاستراتيجية الامبراطورية الأمريكية، فالأطلسية هي إطار الأوروبية التي تتحقق أوروبيتها بقدر تطابقها مع الولايات المتحدة الأمريكية. ومن هنا استطاعت أمريكا أن تحول وحدة السياسة الخارجية الأوروبية إلى شيءٍ دون معنى إزاء الموقف من العراق، كأن سياسة واشنطن قد قامت هنا على مبدأ "دعٍ الأوروبيين يردون على الأوروبيين".

إن المحور الفرنسي - الألماني يدرك أن إعادة التنظيم الأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط ما بعد صدّام حسين، سيتم حكماً على حساب المصالح الأوروبية الحيوية في القلب العربي من هذه المنطقة، ما يعني تلقائياً إضعاف أوروبا، ووضع مصالحها الشرق الأوسطية تحت رحمة واشنطن. ومن هنا فإن هذا المحور لم يتوقف عن طرح البدائل التي تضع مجلس الأمن الدولي في قلبها، بما يرغم واشنطن على الاعتراف بمصالح أوروبا الأوروبية في المنطقة، والحد من تفردها بها، وهو ما يشكل جوهر الموقف الفرنسي، ذلك أن إعادة تعريف الولايات المتحدة لمنطقة الشرق الأوسط تحتمل أو يمكنها أن تفضي إلى إعادة تعريف أوروبا نفسها، التي لا تعني في أي حالٍ من الأحوال نهاية الاتحاد الأوروبي، بل إعادة ترتيبه على أساس تحويل مركزه من الغرب إلى الشرق، حيث مجموعة الثمانية عشر التي أفصحت واشنطن عن استعدادها لنقل مركز الثقل إليها.

قد لا تتعدى عملية التلويح الأمريكية بإعادة تعريف أوروبا خارج محورها الفرنسي - الألماني، والدعوة إلى احتوائه "أطلسياً" حدود "المبارزة" التي تستهدف الضغط على هذا المحور للتخلي عن البدائل التي يطرحها، لكنها تنطوي على توجهاتٍ استراتيجيةٍ امبراطورية أمريكية جديدة، سيكون إعادة التنظيم الأمريكي الجذرية لمنطقة الشرق الأوسط، بعد صدام حسين، أحد المرتكزات الممكنة لإعادة التعريف تلك. وتعرف فرنسا أن ذلك يتوقف على مدى قدرتها في تصدر الموقف الدولي المعارض للتفرد الأمريكي، إذ أن الإطار الدولي هو الذي يمثل الغطاء الأساسي لحماية مصالحها والمصالح الأوروبية عموماً في المنطقة، التي توجد العديد من الفجوات بينها وبين المصالح الأمريكية، وفي هذا الإطار لن تكون أوروبا بعيدة في أي حال عن الأحوال عن مضاعفات الاهتزاز الجيو - سياسي العميق الذي تقف منطقة الشرق الأوسط على شفيره، في لحظاتٍ تبدو من أكثر اللحظات الفاصلة في التاريخ.

__________

* كاتب وباحث سوري - حلب

 



#محمد_جمال_باروت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محنة الاتجاه "الليبرالي" في جماعة الإخوان السورية
- حول -أزمة المعارضة السياسية في الوطن العربي-


المزيد.....




- -لن تفلتوا منا أنتم ميتون-.. عائلة تتعرض لهجوم -مرعب- من قبل ...
- هذه الجزيرة البكر تسمح بدخول 400 سائح فقط في الزيارة الواحدة ...
- اقتلعته الرياح من مكانه.. سيدة تتفاجأ بقذف عاصفة عاتية لسقف ...
- تحديات تطبيع العلاقات المحتمل بين تركيا وسوريا.. محللان يعلق ...
- رئيس الأركان الروسي يتفقد مقر قيادة إحدى مجموعات القوات في م ...
- روسيا.. تعدد الأقطاب أساس أمن العالم
- أنا ميشرفنيش إني أقدمك-.. بلوغر مصرية تهين طالبة في حفل تخرج ...
- -نسخة طبق الأصل عن ترامب-.. من هو دي فانس الذي اختاره المرشح ...
- مقتل 57 أفغانيا وإصابة المئات جلّهم من الفيضانات والأمطار ال ...
- الحكومة المصرية تنفي شائعة أثارت جدلا كبيرا بالبلاد


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محمد جمال باروت - إعادة تنظيم الشرق الأوسط قد تفضي إلى إعادة تعريف أوروبا