تعتري السلطة عند ظهور بوادر زوال الحكم ظواهر عديدة منها أن يجوع الرعية وتنتشر الأمراض ويكثر الوباء ، ويثب الناس على مؤسسات السلطة ويقتلوا ممثليها ، وتقطع العصابات الطرق فتتحكم بأرواح وأموال الناس وتحكم الطريق العام في الليل وتستعيده السلطة أحياناً في النهار ، ويظهر التذمر بين أفراد الجيش والشرطة ، ويعم الفساد وتنتشر الرشوة والمحسوبية ويعم البلاء وتنتشر الرشوة في أجهزة الدولة ويدخل وباء الرشوة الى منصات القضاة فيلطخ قرارتهم ، فيظهر الحق باطلاً وتضيع حقوق الناس ، ويبدو الضعيف أكثر ضعفاً والقوي أكثر قوة ، وتنقلب القيم فيبدو الشريف عاجزاً وذليلاً والوضيع هو الآمر الناهي والمحترم بين الناس ، وينفلت زمام الأمن فيخشى الناس على أرواحهم وشرفهم وممتلكاتهم فيحرس كل واحد بيته وعائلته ، وتكثر الضرائب والأتاوات ، وتكثر الحيل والشركات الوهمية والتجارة الكاذبة ، وتنتشر البضاعة الرديئة والفاسدة والأدوية التالفة وترتفع الأسعار وتختفي البضائع الضرورية عن الأسواق وتتوفر في الخفاء ويكثر القتل وتشتد الحروب وتكثر المقابر بين المدن حتى تلتصق المدينتين بمقبرة واحدة ، وتنقطع معونة الناس ويتردى الوضع المعاشي والأقتصادي للمواطن البسيط وتستورد السلطة بضائع لايعرف أحـــد منشأها وطريقة استيرادها وليس لها مثيل في العالم .
وعند ظهور بوادر زوال السلطة وتغيرها تعجز السلطة عن السيطرة على الشارع ليلاً وتستقوي على الشارع والناس في النهار ، كما تكثر النكات السياسية التي يطلقها الناس على قيادة السلطة فتكركر عليها ويزول الخوف من الناس رغم نفخ السلطة لبطنها وأوداجها ويكثر البلاء وتكثر السجون وتمتليء بأعداد السجناء والسلطة عاجزة عن تغذيتهم وإيجاد سبل لتقويمهم وأعادتهم للطريق ، ويترك الطلاب الأطفال دراستهم ومقاعدهم الدراسية ويمتهنوا صبغ الأحذية وبيع السجاير عند تقاطع الطرق ومسح زجاج السيارات على الأرصفة ، وتنتشر الدعارة والانحلال والتفسخ الخلقي ، وينتشر وباء المخدرات بين الناس ، وتباع الكتب بالكيلوات وبالمزاد العلني .
وعند ظهور بوادر رحيل السلطة وحلول بديل عنها يهرب الناس من الانخراط في سلك الجندية أو الشرطة وتبيع الناس أثاث منازلها في الشوارع وتبيع الملابس القديمة البالية ، ويعمل علمائها ومثقفيها في أعمال لا تتناسب مع اختصاصاتهم ، ويرتفع الغبي ويضعف العالم ويحترم الأمي ويستهان بالعالم المثقف ويبيع المعلم السجاير للطلاب .
و حين تبيح السلطة لكل من هب ودب أن يفتش جيوبها وأسرارها وسجلاتها وتهب الأجنبي أسماء أولادها وعلمائها وبناتها وتعرض لمخابرات الأعداء أن يحضروا لمصاحبة التفتيش على الرحب والسعة وتمنع طيرانها من التحليق فوق أجواء مناطق من وطنها تكون يقيناً قد لملمت أغراضها تبحث عن منفذ ترحل منه دون أن يخدش سماعها كلام أحد أو أن تطمئن بأن لن يحاسبها أحد مثلما رحل مروان الحمار عن ملك الأمويين وأترك أمر تحديد مثل هذه السلطة ومكانها الى القاريء النبيه .