|
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟ (19) وطنية مابعد ايديلوجية .. عراق بلا دولة !!!!
عبدالامير الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 5409 - 2017 / 1 / 22 - 15:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟ (19) ـ وطنية مابعد ايديلوجية: عراق بلادولة!!!
هل بعرف العراق حالة تمخض جديدة، لاحقة على الفترة الحداثية الايديلوجية الأولى الثلاثينية، ماهي وأين تجلياتها، ماهي محركاتها ويواعثها، وكيف تتبدى فكريا ومسلكيا؟ لعل الجواب على الأسئلة السالفة من اصعب مايمكن تصوره، لسبب بسيط، لكنه جوهري وفاصل، هو كون الحقبة المعنية برغم طول فترة تبلورها، ماتزال ضمن الطور الحسي، وانها بالكاد بدات تعبر عن كنهها منتقلة ببطء الى فترة التجريد المنطقي، في حين هي ماتزال من الناحية العملية تفتقر الى التدامج بين المنظور المتكامل، وان بالحد الأدنى، وبين الأطر واشكال التنظيم الضروري. قليلا ماتوفرت في التاريخ فرصة مؤاتية لتبلور تيارات فاعله في حياة شعب من الشعوب مثلما حدث في الثلاثينات العراقية مع التيارات الحزبية الايديلوجية، فلقد تظافرت حينها عوامل عالمية ووطنية مؤاتية للغاية، أسهمت في سرعة تبلور تلك الأحزاب كاطر منظمة، وكحضور وامتداد شعبي، على العكس من ذلك تماما،لم تتهيا للطور الثاني او الرابع مابعد الايديلوجي، بعد القبلي، والديني التجديدي، الظروف الملائمة حتى يحتل مكانه في الحياة، فظل كعلامات على الطريق، وبدايات ومعالم متفرقة مبعثرة،عرضة لمحاولة الطمس والاسبعاد والتشويه على يد القوى المنتهية الصلاحية تاريخيا، بحيت غدا الوضع العراقي خلال العقود الأربعة المنصرمة، متميزا بإلحاح الحاجة لتنامي تبلورات الرؤية الوطنية النهائية، واستمرار وجود قوى فقدت فعاليتها، وأثبتت عجزها، مع انها ماتزال تصر على التصرف وكانها حية وفعالة ومقبولة من لدن الحياة والتاريخ. وتصر قوى الايديلوجيا على الإيحاء بانها لاتنتمي كلها لنفس العالم، ونفس الشروط والدوافع والأفكار، فيعمد ممثلوها مع تناقص دائرة تاثيرهم لتسييد منظورهم الايديلوجي، وسرديتهم الاستعمارية، عامدين لتحويل التاريخ الى لغة بيانات وشعارات، بتجاهل كلي لقوانين عمل البنية الوطن كونية العراقية "الامبراكونية" لجهلهم بها، وتدني وعيهم بالقياس لمتطلباتها. ومن اهم مايتم تزويره والايغال في طمس تناقضاته، الميل السافر لدمج حقبتين متمايزتين من التاريخ الحديث، الاولى المستمرة من الثلاثينات حتى ثورة 14 تموز1958 والثانية اللاحقة على ذلك التاريخ، حين بدات عملية تحوير في الطبيعة والتمثيل، انتقلت الأحزاب الايديلوجية بموجبها من قوى خاضعة ومتاثرة بالدرجة الأولى بموقف ودفق عالم اللادولة الوطني المتشكل الصاعد، الى تيارات مضادة للحركة الوطنية، مثلها مثل الدولة الأولى التي أقيمت من قبل الإنكليز لأغراض القضاء على مجتمع اللادولة، بعدما صودرت الأحزاب المذكورة ( بالذات الشيوعي والبعث، لان هذا الترتيب لم يشمل التيار الليبرالي الشعبوي لهامشية دوره) لتصبح قوى سلطوية، أكملت المهمة الاستعمارية الإنكليزية الأولى، أي الاجهاز النهائي على مجتمع اللادولة. ليس هنالك في الجوهر أي فرق بين دولة 1921/1958 ودولة 1968/2003 فضمن تجليات كيان "امبراكوني" ونوعية رده الاستثنائية على الحضور الغربي، كما هو حال الكيان العراقي، لعبت الحداثة الغربية كدولة" حديثة" وكقوى ايديلوجية نفس الدور المناقض للطابع والبنية اللادولوية، وعملت على تصفيته، مستعينة بفعل البنية التقليدية الاصلية وبالارتكاز لها، فالبعث سرق ليصبح أداة بيد جماعة سلطوية، بنيتها ونواتها غير حداثية ومضادة للتحديث، اهم مواطن قوتها، الريع النفطي، والشيوعي لعب دورا ثانويا الى جانب الحكم الجديد بداية كحليف، "الحزب الشيوعي العراقي لصاحبه حزب البعث العربي الاشتراكي" حسب الحكمة الشعبية الثاقبة، وكقوة قومية كردية "بعثيوا الجبال"، نفذت مهمة تصفية الحزب، فاقصت آخر ماتبقى من بقايا تذكر بتاريخه العائد الى النصف الأول من حياته، حين كان متناغما مع الحركة الشعبية، وزخمها المنبعث من فعل نواتها "مجتمع اللادولة". وبهذا وعن طريق الوسائل الحديثة، مثل الدولة المركبة من خارج النصاب الاجتماعي أولا 1921 /1958، والحزب العقائدي المنظم ( البعث والشيوعي)، وهي كلها وسائل مستحدثة، نفذت عملية الاجهاز على مجتمع اللادولة في العراق خلال 82 عاما، انتهت بهذا البلد الى الكارثة الكبرى الحالية التي هي بالدرجة الأولى نتاج فعل القوى الايديلوجية الحداثية، وصنعها المجافي والمضاد للحقائق الوطنية، ولواقع العراق وبنيته التاريخية والياته. هذه القوى تجهد اليوم من ناحية لكي تعتبر ماحصل في العراق عام 2003 عدوانا اجنبيا استعماريا على حكم "وطني"، كما يردد المتبقون من البعث "ومقاومته"، او على انه من الطرف الاخرنتيجة طبيعية لتغول الدكتاتورية والتسلط الصدامي، والحقيقة ان البعث المستخدم من قبل صدام حسين وعائلته، يتحمل المسؤولية الأساسية أولا عن تدمير البنى الحيوية الوطنية لصالح الغرب، وثم وحسب الوقائع والتفاصيل المتعلقة بالفصل الثاني من تاريخ هذا الحكم، بالاخص مابين 1990/ 2003 حيث غزارة الشواهد والأدلة على استهانة النظام بالمصلحة الوطنية، وحتى بمصلحته هو، انطلاقه أولا وأخيرا من ضيق افقه كنظام وكجماعة وعشيرة حاكمة، ناهيك عن بدائية وعيه، وقلة درايته السياسية، وضيق افقه، وخلو استجاباته من روح المسؤولية الوطنية التاريخية، ماجعل وجوده كله من بداية صعوده للحكم، عملا كارثيا على المستويين، الوطني العام، وبماخص المحركات التاريخية الأساسية كما هي ممثلة في مجتمع اللادولة. وليس للحزب الشيوعي أي منظور او رؤية، او إمكانية تحقق، او مقترح ممكن لنظام او وجهة أخرى، تشذ عن مشروع البعث في الحكم، او تملك آفاقا قابله لان تؤسس لبديل عنه، وفي الإطار العام، ليس لهذا الحزب مكان أصلا خارج الحصيلة التي امكن ترتيبها للقضاء على يقايا فعالية مجتمع اللادولة كما تبدت بعد ثورة 14 تموز، بما يجعل البعث ونظامه هو الممثل الفعلي لسلطة الحزبية الايديلوجية المتنامية في تاريخ العراق بعد الثلاثينات، أي ان نظام البعث وصدام حسين، هو نظام القوى العلمانية الحداثية المنظمة بصيغتها الحزبية المستعارة الايديلوجية في العراق، وهو ممكنها العملي الوحيد، في ظل، وبناء على عمل قوانين الامبراكونيا الفاعل الأساس، ومحرك التاريخ الحديث في العراق. بما يعني ان مجال او جبهة الحركة الوطنية في العراق، افرغت، ولم تعد حاضرة الا على المستوى المادي المتاتي من بقايا مجتمع اللادولة، الموضوع في حالة مقاومة سلبية،امام اشرس عملية تصفية عرفها منذ أيام الاحتلال الساساني، في حين تحولت الأحزاب الايديلوجية الى قوى معادية للوطنية، وقوى مضادة لمصالح المجتمع والشعب والمستقبل، وفي حين كانت الأحزاب المذكورة تمارس سياساتها الإرهابية القمعية الشرسة، سواء باغتيال السمعة، او بالقتل المباشر، صار على القوى الحية ان تبحث عن الوسائل والابتكارات غير المجربة، وتسعى الى الالتقاء مع الحس المحال الى النبض التاريخي، في مغامرة من مغامرات التاريخ، قل نظيرها، تنتمي لعالم الملاحم الكبرى، والبحث المستحيل، بناء على الحس الكامن في قلب التاريخ كما فعل "كلكامش"،او " إبراهيم"، ممثل الوطنية الامبراكونية الأول. وهو يطلق الإشارة الى "الوعد خارج الأرض"، مستندا لايقاع التاريخ الخفي، ضد وخارج عالم السيطرة القاهرة للدول المتسلطة الماحقة للوجود الحر وخارج سطوة النموذج الغربي المهيمن. لكل بنية تاريخية ايقاعها الذي يطلق همسها الذاتي، ويعلم أهلها القابلين لتلقي الصوت الخفي، وتاريخ العراق كما هو مبني بطابعة الدراماتيكي الدينامي الكوني والامبراطوري المزدوج، لايتوقف ايقاعه الحي المتعدي للتلقي البسيط وللاستعارة، بما فيها الاستعارة الحديثة الغربية، فهل من "مابعد غرب" يمكن التثبت منه هنا، او يجوز ان نعقد الامل على انبثاقه باتجاه عالم اخر، ومستقبل لايخضع لهيمنة النموذج الغربي والمقاييس الغربية؟ هذا مايجري في غماره اليوم وكتتويج لمسار تاملي وعملي دام لعقود تمتد الى الستينات، بقصد انجاز المهمة النظرية الكبرى وقد ابتدات من عام 2008 بصدور كتابنا "ارضوتوبيا العراق وانقلاب التاريخ" عن دار الانتشار العربي في بيروت، ب 460 ص، و" تجديد النبوة والثورة الكبرى الآتية من جهة العراق"، الصادر في بغداد عام 2011 ، و القسم النظري الهام من كتبانا "انتفاضة الاهوار المسلحة في جنوب العراق 1967/1968 " الصادر في بغداد عن دار ميزوبوتاميا، قبل سنتين، والذي جهد مايسمى "الحزب الشيوعي" بكل طاقته لمحاربته ومنع انتشاره، وصولا لعملنا القادم "البيان الامبراكوني"، كخطوة استكمالية ضرورية، قبل الانتقال النهائي الى الحقبة العملية على قاعدة ومقترح "المؤتمر التاسيسي الوطني العراقي" الذي هو مقترحنا منذ 2003 ،كخيار مضاد مقابل لخيار "العملية السياسية الطائفية المحاصصاتية" المفروضة من اعلى مثل دولة 1921 من خارج النصاب الاجتماعي، من قبل الاحتلال الأمريكي بدل الإنكليزي هذه المرة. ـ يتبع ـ
#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين؟(18) الذين يدخلون الوعي ل-م
...
-
كيف ولماذا هزمتا امام صدام حسين ؟ (17) -مجتمع اللادولة المس
...
-
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين؟ (16) حزب يموت فيجنب قاتلية
...
-
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين؟ (14) ومن قتل - الحزب الشيوع
...
-
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين؟(13) شيوعية مضادة للشيوعية و
...
-
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين؟ (12) السردية الوطنية الامبر
...
-
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين؟ (11) قوانين الامبراكونيا وض
...
-
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟ (10) تعاظم معضلة الحزب كهد
...
-
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين؟ ( 9) تمرينات في الوطنية ماب
...
-
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين؟ (8) نهاية الشيوعية الحزبية
...
-
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟( 6) 1980/ 1988 مجزرة البعث
...
-
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين؟ الانشطار- الامبراكوني- وشيو
...
-
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟ (4) متحالفون -ضد شيوعيين-م
...
-
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين؟ (3) حزب شيوعي ..... لا -حزب
...
-
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين ؟(2) .....نحو دورة نهوض فكري
...
-
كيف ولماذا هزمنا امام صدام حسين؟(1) ...... نحو دورة نهوض فكر
...
-
1258 .... 1958 ... همس التاريخ الخفي
-
الوعي - النهضوي- الكاذب .. واسلام الانهيار( 1/2)
-
لماذا قتلتم ناهض؟ لماذا نزعتم روح الاردن؟ (2/2)
-
(حقيقة دور-فهد- التاريخي(!!!! لاحزب شيوعي..ولا إشتراكية ديمو
...
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|